|
من دروس التحدي
قراءات | 15-06-2017
مِنْ دُرُوْسِ التَّحَدِّي عَدِيْدَةٌ تِلْكَ الدُّرُوْسُ الَّتِي تُسْتَوْحَى مِنْ أَجْوَاءِ التَّحَدِّي أَوَّلُهَا التَثَبُّتُ مِنْ مَدَى إِيْمَانِ الْمَرْءِ بِعَقِيْدَتِهِ، وَرُسُوْخِهِ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ مِنْ دُوْنِ أَنْ يَتَزَعْزَع.. كَثِيْراً مَا تَكْشُفُ أَجْوَاءُ الْفِتَنِ، وَالابْتِلاءَاتِ عَنْ نِقَاطِ ضَعْفٍ فِي الشَّخْصِيَّةِ، وَحَتَّى فِي الْمُجْتَمَعِ وَالَّتِيْ لَمْ تَكُنْ وَاضِحَةً فِي أَجْوَاءِ الاسْتِرْخَاء.. أَوَّلُ مَا يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ هُوَ مَعْرِفَةُ الْحَقَائِقِ الْمَسْتُوْرَةِ فِي البِيْئَاتِ الاعْتِيَادِيَّةِ الَّتِيْ تَخْتَفِي فِيْهَا الْعُيُوْبُ، وَلا تَبْدُو لِلْعَيَانِ إِلا بِأَجْوَاءِ الشِّدَّة.. تَمَاماً كَمَا تَكُوْنُ بَعْضُ أَمْرَاضِ الْقَلْبِ الَّتِيْ لا تَظْهَرُ عَلامَاتُهَا فِي جُهْدِ الْجِسْمِ الْعَادِيِّ إِلا إِذَا تَعَرَّضَ لِجُهْدٍ اسْتِثْنَائِيٍّ كَتَسَلُّقِ جَبَلٍ، أَوِ الرَّكْضِ لِمَسَافَاتٍ طَوِيْلَة.. وَهُوَ مَا يُعْتَمَدُ الْيَوْمَ فِي الاخْتِبَارَاتِ الطِّبيَّةِ بِعُنْوَانِ "اخْتِبَارُ الإِجْهَاد".. وَعْيُ الذَّاتِ يَسْتَدْعِي أَنْ يَقِفَ أَصْحَابُ الْمَوَاقِعِ عَلَى نِقَاطِ الْخَلَلِ فِي شَخْصِيَّاتِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ إِلاَّ أَن يُعَالِجُوا مَا يُمْكِنُ مُعَالَجَتُهُ، أَوْ يَتَخَلَّوْا عَنْ مَوَاقِعِهِمْ لِمَنْ هُمْ أَكْفَأُ مِنْهُمْ مِنْ دُوْنِ مُكَابَرَة.. "الاصْطِفَافُ الْمَجْمُوْعِيُّ" فِيْ خَطِّ التَّصَدِّي يَنْتَظِمُ فِيْ أَجْوَاءِ الرَّاحَةِ، وَالْعَمَلِ الرَّتِيْبِ بِمَا لا يَكْشُفُ عَنْ نِقَاطِ الضَّعْفِ الَّتِيْ تَتَعَارَضُ مَعَ الْمَهَامِّ الَّتِي تُوْكَلُ لِلْكَثِيْرِ مِنْ أَصْحَابِ الطُّمُوْحَات.. وَمَعَ افْتِرَاضِ حُسْنِ النِّيَّةِ بِجَهْلِ أَصْحَابِهَا بِمَا وَقَعُوْا بِهِ فَإِنَّ أَجْوَاءَ الأَزَمَاتِ تَكْشُفُ لِمَنْ يَنْظُرُ بِبَصِيْرَةٍ عَنْ ضَعْفِهِم.. مِثْلَمَا تَكْشُفُ نَفْسُ الأَجْوَاءِ عَنْ قُدْرَاتٍ كَامِنَةٍ لَدَى الْكَثِيْرِ غَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ الْكَفَاءَاتِ الَّتِيْ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُسَاهِمَ فِيْ بِنَاءِ الْبَلَدِ فِيْ أَكْثَرَ مِنْ مَجَالٍ، وَتَضَعَهُ عَلَى مَشَارِفِ الاسْتِقْرَارِ، بَلْ الارْتِقَاء.. قَدْ يَكُوْنُ عَدَدٌ غَيْرُ قَلِيْلٍ مِمَّنْ شَغَلَ مَوَاقِعَ حُكُوْمِيَّةً مُعَيَّنَةً هُوَ نَفْسُهُ لا يَعْرِفُ عَنْ عَجْزِهِ عَنْ أَدَاءِ الْمَهَمَّةِ الَّتِيْ كُلِّفَ بِهَا بِالشَّكْلِ الْمَطْلُوْبِ، بَلْ لَيْسَ لَهُ الْحَدُّ الأَدْنَى مِنَ الإِمْكَانِيَّةِ قَبْلَ أَنْ يَتَصَدَّى لَهَا خُصُوْصاً أَنَّ عُرْفاً خَاطِئاً، بَلْ سِيِّئاً قَدِ اسْتَشْرَى فِيْ دَوَائِرِ الدَّوْلَةِ، وَسَاهَمَتْ بِهِ عَوَامِلُ عَدِيْدَةٌ، وَهُوَ عُرْفُ "التَّعْيِيْنِ الْعَشْوَائِيّ"! لَكِنَّ التَّمْيِيْزَ بَيْنَ الْفَسَادِ الأَخْلاقِيِّ الْكَاشِفِ عَنْ تَعَمُّدِ الْمَعْنِيِّ بِارْتِكَابِ الْخَطَأِ شَيْءٌ وَالَّذِيْ قَدْ يَكُوْنُ مَحْفُوْفاً بِقَرَائِنَ سُلُوْكِيَّةٍ مُشِيْنَةٍ مِنْ أَمْثَالِ تَزْوِيْرِ الشَّهَادَةِ، أَوِ الالْتِفَافِ عَلَى سِيَاقَاتِ التَّعْيِيْنِ، أَوْ تَسْخِيْرِ الأَمْوَال، وَبَيْنَ ضَعْفٍ قَدْ يَكُوْنُ الشَّخْصُ الْمَعْنِيُّ بِهِ يِجْهَلُهُ ابْتِدَاءً وَلَوْ أَنْ ذَلِكَ لا يُبَرِّرُ لَهُ تَمَسُّكَهُ بِالْمَوْقِعِ رُغْمَ مَعْرِفَتِهِ بِضَعْفِه.. لَكِنَّ اسْتِشْرَاءَ ظَاهِرَةِ التَّفْكِيْرِ "بِالْعَقْلِ الْجَمْعِيِّ"، وَمُحَاوَلَةِ الاتِّهَامِ لِكُلِّ الْمُتَصَدِّيْنَ عَلَى أَنَّهُمْ فَاسِدُوْنَ مُفَارَقَةٌ لا تَزِيْدُ بِظَاهِرَةِ الْفَسَادِ إِلا خُطُوْرَةً.. وَالْعَمَلُ عَلَى إِفْشَاءِ الْيَأْسِ مِنْ جَمِيْعِهِمْ مِنْ دُوْنِ اسْتِثْنَاءٍ لا تَخْدُمُ إِلا أَعْدَاءَ الْعِرَاق.. دَرْجُ عُمُوْمِ الأَبْرِيَاءِ مَعَ الْفَاسِدِيْنَ قَدْ يَزِيْدُ مِنْ تَفَاقُمِ الْفَسَادِ، وَيُشَكِّلُ غِطَاءً يَتَسَتَّرُ بِهِ الْفَاسِدُوْنَ أَنْفُسُهُمْ وَهُوَ "سِتَارُ التَّعْمِيْمِ".. عُمْقُ الْوَعْيِ الْكَاشِفِ عَنْ شَتَّى أَنْوَاعِ الْخَلَلِ سَوَاءٌ فِيْ نَقْصِ الْكَفَاءَةِ، أَمْ غِيَابِ الأَمَانَةِ، أَمْ عَمَى الْبَصِيْرَةِ بِمَعْرِفَةِ عَنَاصِرِ التَّحْرِيْكِ بِإِرَادَاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ إِقْلِيْمِيَّةٍ أَوْ دَوْلِيَّةٍ، وَنَقْصِ الشَّجَاعَةِ فِي التَّصَدِّي لَهَا، وَالْحَدِّ مِنْ آثَارِهَا، وَتَدَاعِيَاتِهَا سَيَدْفَعُ بِالْبَلَدِ إِلَى مَهَاوِي الانْحِدَارِ لا سَمَحَ اللهُ.. الإِصْلاحُ ثَوْرَةٌ، وَلَيْسَ عَمَلاً رُوْتِيْنِيّاً قَدْ يَبْدَأُ بِالْكَلِمَةِ، وَيَمُرُّ بِتَعْبِئَةِ الْجُمْهُوْرِ عَلَى ضَوْءِ حَقَائِقِ مَا يَجْرِي مِنْ دُوْنِ خَلْطٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا يَضُرُّ بِالْبَلَدِ؛ لِيَنْتَهِيَ إِلَى "التَّغْيِيْرِ بِالْقُوَّةِ"، وَيَمْنَعَ الْفَاسِدِيْنَ مِنَ "الانْتِفَاعِ اللامَشْرُوْعِ"، أَوِ "الْفَاسِدِيْنَ مِنَ التَّحْرِيْضِ الْهَدَّامِ" لِيَحُوْلَ دُوْنَ تَحِقْيِقِ مَآرِبِهِمْ الذَّاتِيَّة.. ثَوْرَةُ الإِصْلاحِ بِكَلِمَتَيْنِ وَرَدَتْ عَلَى لِسَانِ الإِمَامِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) الثَّائِرِ الْفَذِّ حِيْنَ أَطْلَقَهَا "تَثْبِيْتُ مَعْرُوْفٍ، وَإِزَالَةُ مُنْكَر".. وَهُمَا سِرُّ الثَّوْرَةِ، وَسِرُّ الإِصْلاحِ، وَهُوِيَّةُ الثَّائِر..
الجمعة 28/رجب/1437 الموافق 2016/5/6 |
|