الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

الجعفريّ: ستراتيجيّة العلاقة للدبلوماسيّة العراقـيَّة مع دول العالم أسست على فلسفة إقامة العلاقة بين العراق ودول العالم بناءً على المصالح المُشترَكة، والمخاطر المُشترَكة، ولا نسأل أنفسنا: لماذا تـُوجَد لدينا علاقة، بل لماذا لا تـُوجَد لدينا علاقة؟
الاخبار | 20-07-2016

الجعفريّ: العراق يُمثــِّل خط التماسِّ الأوَّل، والجبهة الأولى، لكنه لا يُدافِع عن نفسه فقط، وإنما يُدافِع عن كلِّ دول، وسيادات العالم.

الجعفريّ: العراق يواجه ثلاثة تحدِّيات، هي: التحدِّي الأمنيّ المُتمثــِّل بالإرهاب، والتحدِّي الاقتصاديّ، والتحدِّي الإداريّ، وهو تركة ثقيلة منذ المرحلة الماضية. نعم.. إنَّ التركة ثقيلة، لكنَّ الإرادة القويّة للحكومة الوطنيّة عملت عملها، وجاءت بنتائج جيِّدة.

الجعفريّ: المُواجَهة مع الإرهاب مُستمِرّة، ولن تتوقـَّف، وترون بين فترة وأخرى نواجه معركة هنا، ومعركة هناك، ولكن ليس بمعزل عن المعارك التي تحصل في العالم، في فرنسا، وفي مصر، ومناطق مُتعدِّدة من الشرق الأوسط تعاني من مُواجَهة الإرهاب.

الجعفريّ: الإرهاب كليّ لا يتجزَّأ، وهو بمُرُور الأيام يُحاول أن يمتدَّ إلى مساحات جديدة؛ لذا ينبغي الوقوف إلى جانب العراق، كما أنَّ النجاحات التي حققها العراق عبَّرت عن نجاح ليس فقط للشعب العراقيِّ، بل لشعوب العالم أجمع.

الجعفريّ: الشعب العراقيّ هو الموجود في ميدان المعركة، وأهمُّ شيء هو الدم، والشعب العراقيّ يُعطي، ويدفع أبناءه إلى المعركة؛ من أجل أن يحقق الفوز، وقد حقق هذا الفوز.

الجعفريّ: يحقّ لكلّ بلدان العالم أن تفرح لفرح العراقيين مادام العراقيون أبطالاً في الساحة، وحققوا هذا الإنجاز الضخم.

الجعفريّ: الموصل ستكون بعد الفلوجة بعدما تحقق بالفلوجة، وكاد الإرهاب أن يتجذر في مُجتمَع الفلوجة، لكنَّ إرادة الشعب العراقيِّ أبناء أهلنا، وشعبنا في الفلوجة، وأبناء المدن الأخرى تضافرت جهودهم من أجل أن يُلحقوا الهزيمة بداعش، وقد ألحقوا الهزيمة فعلاً، وجاءت في مُدَّة زمنيّة قصيرة، وبجُهُود أقلَّ من المُتوقـَّع، وبضحايا أقلَّ حجماً من الحجم الذي كان موضوعاً في الحسبان، وهذا يدلُّ على وحدة إرادة الشعب العراقيِّ لتحرير هذه المُدُن من داعش.

الجعفريّ: الموصل بكلِّ تأكيد تحتاج جهداً استمراراً للجهود التي كنا نحتاجها في منطقة الفلوجة؛ لأنَّ الموصل مدينة كبيرة، وهي ثاني أكبر مدينة بعد العاصمة بغداد، ومُدَّة سيطرة داعش عليها لعلها تجاوزت السنتين، بل قاربت الثلاث سنوات، وتحتاج إلى جهد، وخطط، لكنَّ أهل الموصل أبطال، ويُدافِعون عن مُدُنهم، ولطالما تعرَّضوا في التاريخ للكثير من الاحتلالات، والاختراقات لكنهم أبوا إلا أن يُحرِّروا مدينتهم، وحرَّروها منذ زمن بعيد في التاريخ حدث ذلك عِدَّة مرات.

الجعفريّ: الموصل الآن الخندق الأخير الذي نتطلع أن نحقق فيه الهزيمة لداعش. ومرة أخرى أقول: الفوز للشعب العراقيِّ في دحر داعش ليس فوزاً عراقياً فقط، بل فوزاً عالميّاً؛ بما أنَّ داعش تـُشكـِّل تحدِّياً حقيقيّاً لمختلف دول العالم فمن الطبيعيِّ أن تعمَّ الفرحة، وتغمر كلَّ دول العالم عندما تدحر داعش؛ لأنها تدافع عن نفسها، وتدافع عن هذه الدول.

الجعفريّ: الحكومة العراقية مُصِرّة، وتمضي بشجاعة للقضاء على داعش، وتطارده خندقاً بعد خندق، ومنطقة بعد أخرى، ولكن في الوقت الذي أعلنت في عام 2014 الشهر التاسع بأننا لا نريد أن يُقاتِل أحد من أبناء التحالف الدوليِّ في بلدننا بدلاً عنا، ولا نريد لدمائكم أن تسيل بدلاً عن دماء أبنائنا.

الجعفريّ: نحتاج للمساعدة على ثلاثة مديات، المدى الأوَّل: رعاية النازحين، وقد أوفت دول العالم، والعراقيون لا يُريدون أن يُهاجروا من العراق، أو ينزحوا من مدينة إلى أخرى لولا الظرف الاستثنائيّ، وأنا أشكر كلَّ الدول التي قدَّمت المُساعَدات، واحتضنت أبناءنا، وأتطلع لذلك اليوم الذي يعودون فيه إلى العراق بمحض إرادتهم؛ ليساهموا في بناء العراق.. المدى الثاني: هو مدى تقديم الخدمات الإنسانيّة المُتعدِّدة، والسلاح، والخدمات العسكريّة، وإيجاد الغطاء الجوّي، وماشاكل ذلك.. المدى الثالث: وهو دعم العراق في إعادة بناء البنية التحتيّة، ولعله ضربتُ في وقتها مثلاً على مشروع مارشال الذي حصل تجاه ألمانيا بعدما انتهت من الحرب ساعدتها الدول عامة وأميركا بصورة خاصّة.

الجعفريّ: الحكومة العراقـيَّة تعاني من الوضع الاقتصاديِّ، والعراق بلد غنيّ، لكنه الآن يمرُّ بظرف استثنائيّ ليس سِرّاً عليكم أنَّ العراق مُتعدِّد الموارد، فهو بلد النفط، والزرع، والنهرين، وبلد العتبات المُقدَّسة، والتاريخ، والحضارة فهو أوَّل بلد في العالم انبثقت منه الحضارة العالميّة منذ 6000 سنة لكنـّه الآن يمرّ بظرف استثنائيّ، وعلى المُجتمَع الدوليِّ أن يتحمَّل مسؤوليَّـته خُصُوصاً أنَّ العراق يُحارب داعش نيابة عن العالم أجمع، فينبغي أن يقف إلى جانب العراق.

الجعفريّ: أسجِّل شكري لكلِّ الدول التي وقفت إلى جانب العراق، وأمدَّته بالمساعدات المختلفة سواء رعاية أبنائنا المُواطِنين في كلِّ بلد من البلدان، وقدَّمت بعض المُساعَدات الإنسانيَّة، والماليَّة، وبعض المُستلزَمات العسكريَّة من تدريب، ومُستشارين.. أسجِّل لهم شكري، وتقديري لهذا الموقف المُشرِّف.

الجعفريّ: العراق يتطلع إلى ضرورة إعادة بناء المُدُن التي دمَّرها الإرهاب؛ فسياسة داعش أنـَّها عندما تنسحب من أيِّ مدينة تعمل على تدميرها بالكامل، بل إنـَّها زرعت في أغلب البُيُوت ألغاماً عندما يأتي أبناء الجيش العراقيّ لكلِّ بيت من البيوت يُفاجَأون بتفجير هذا البيت؛ لذا ما كان سهلاً، بل هذا كلـَّف القوات المسلحة العراقـيَّة في الفلوجة أن تأخذ وقتاً إضافيّاً، مع تجنب الدُرُوع البشريَّة إذ أخذ داعش بعض العوائل دُرُوعاً يحتمي بها.

الجعفريّ: العراق يتمسَّك بالحفاظ على هويّـته الديمقراطيّة، ويُريد أن يكون نظاماً ديمقراطيّاً ضمن كونه يحفظ الإطار الديمقراطيَّ يُتيح الفرصة لكلِّ القوى السياسيّة أن تأخذ حقها بحُرّية والتعبير عن الرأي؛ لذلك تجدون التظاهرات تخرج في الشارع، وتـُعبِّر عن رأيها بغضِّ النظر عن أن تكون بعض الآراء صحيحة أو خطأ، لكنَّ هذا حقّ طبيعيّ، وإلا لا يُمكِن أن نـُسمِّي البلد بلداً ديمقراطيّاً ما لم يكن الشعب والقوى السياسية تمارس دورها بكلِّ حُرّية.. هذا يُصِرُّ عليه النظام العراقيُّ الجديد؛ لذلك لم تـُرسَل شرطة، أو قوات أمن لقمع التظاهرات، وإنما أرسلت لحفظ سلامة المتظاهرين، وتأمين الغطاء الأمنيِّ لهم، وفي الوقت نفسه ضمن الاحترام، وحفظ القانون هذا الذي كادت بعض الجهات أن تسيء فهمه.

الجعفريّ: تعاملنا على مُستوى علاقتنا التي رسمناها في ستراتيجيّة العلاقة للدبلوماسيّة العراقـيَّة مع دول المنطقة في الشرق الأوسط، ودول العالم على فلسفة إقامة العلاقة بين العراق وأيّ دولة من دول العالم بناءً على المصالح المُشترَكة، والمخاطر المُشترَكة، والأصل هو إنَّ عندنا علاقة، ولا نسأل أنفسنا: لماذا تـُوجَد لدينا علاقة، بل لماذا لا تـُوجَد لدينا علاقة؟.

الجعفريّ: العلاقة أصل في هذا العالم عالم الاتصالات، عالم الانسجام، عالم تبادل المصالح، عالم الخطر المُشترَك، والإرهاب المُشترَك، وداعش الذي قـُرِعت طبوله في كلِّ بلد من بلدان العالم، فلا نسأل: لماذا لدينا علاقة، بل لماذا ليس لدينا علاقة؟.

الجعفريّ: نتعامل مع دول العالم بمحبّة، وثقة، ويُبادلنا العالم نفس المحبّة، ونفس الثقة. لقد أمَّت بغدادَ كلُّ دول العالم، وزارت بغداد، وزرناها في عواصمها في مُختلِف مناطق العالم سواء كانت أوروبا، أم أميركا، أم أفريقيا، أم كلّ دول العالم.

الجعفريّ: العراق موجود في منطقة مُهمَّة من العالم، وحولها عِدَّة دول: تركيا، وإيران، وسورية، والكويت، والسعوديّة، والأردن. كلُّ واحدة من هذه الدول لها نظامها السياسيّ: يُوجَد نظام ليبراليّ إسلاميّ، ونظام إسلاميّ ولاية الفقيه، ونظام ملكيّ، ونظام أميريّ، ونظام جمهوريّ.. على العراق أن يتعامل مع كلِّ هذه الدول من دون أن يتنازل عن هويَّـته، ومن دون أن يتدخـَّل في الشُؤُون الداخليَّة لهذه الدول، كما نتعامل بأكثر من هذا. فبعض هذه رُبَّما تكون بينها تقاطعات حادّة، كما هو موجود على سبيل المثال: بين تركيا وسورية، ولكن لدينا علاقة مع سورية، وكذلك مع تركيا، وهناك تباعد بين السعوديّة وإيران، ولدينا علاقة مع كلتيهما.

الجعفريّ: نظريَّـتنا في العلاقة على مدِّ الجُسُور، وعدم التدخـُّل في الشُؤُون الداخليّة، والابتعاد عن سياسة المحاور.

الجعفريّ: المعركة ليست معركة العراق مع دولة أخرى، بل معركة إنسانية واسعة تتسع لكلِّ الفرقاء الدوليِّين، والإقليميِّين، والوطنيِّين المحليِّين.

الجعفريّ: نحن انتقلنا من المصالحة الوطنيّة إلى المُشارَكة الوطنيَّة، وأقصد بالمُشارَكة الوطنيّة أنَّ مُؤسَّسات الدولة سواء كانت المُؤسَّسة التشريعيّة، أم التنفيذيّة، أم القضائيّة، وحتى السلطة الرابعة الإعلاميّة تجد فيها تنوُّعاً واضحاً بين أبناء الشعب العراقيِّ بمختلف دياناتهم، ومذاهبهم.

الجعفريّ: مُؤسَّسات الدولة تعكس وجه المصالحة الحقيقـيَّة، وفي كلِّ مُدُن العراق تجد تنوُّعاً دينيّاً، ومذهبيّاً، وقوميّاً، ولا يُوجَد شيء اسمه اقتتال بين المُجتمَعيَّات.. قد تكون هناك حالات فرديّة شخصيّة تحصل هنا وهناك، لكنها لا تـُعبِّر عن حالة مُجتمَعيَّة. نحن نعتقد أنَّ المصالحة الوطنيّة مسألة تبدأ، ولا تنتهي، بل تستمرُّ لأنَّ سلامة العراق مُتوقـِّفة عليها.

الجعفريّ: المصالحة الوطنيّة ثقافة، وعندما لا يكون الشعب مُثقفاً على مصالحة وطنيّة لا تستطيع أيُّ جهة حكوميَّة، أو برلمانيَّة، أو مُؤسَّسة مُجتمَع مدنيّ أن تفرض المصالحة الوطنيّة على ذلك الشعب.

الجعفريّ: الشعب العراقيّ مُتصالِح، ولا يتقبَّل أن يتقاتل أبناؤه في كلِّ مدينة، وفي كلِّ شارع، وفي كلِّ مكان؛ لذا تسمع السياسيِّين العراقـيِّين يختلفون في أمور، لكنهم لا يختلفون على ضرورة حفظ وحدة الشعب، وتماسكه.

الجعفريّ: مُؤسَّسات المُجتمَع المدنيِّ عليها أن تجدَّ، وتجتهد، وتـُبرهِن أنـَّها تنسجم مع إرادة الشعب العراقيِّ، وتعمل على تحقيق مزيد من التلاحم بين أبناء الشعب؛ لأنَّ هذا هو البصمة الوطنيّة الحقيقـيّة التي تـُمسِك الشعب من جانب، وتقطع الطريق على أعداء الشعب، والدواعش في مُقدَّمتهم.

الجعفريّ: لا يختلف العراقـيُّون فيما بينهم على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنيَّة، وتماسك الصفِّ الوطنيِّ. هذا يكاد يكون من مُفرَدات في الخطاب الوطنيِّ العراقيِّ المُشترَك مع الكلّ.

الجعفريّ: الكرد كجزء من الشعب العراقي عانى مثلما عانى الشعب العراقيُّ بأجزائه الأخرى من الدكتاتوريّة السابقة، ضُرِبوا في الأنفال، وفي حلبجة، وأقصُوا من الحكم، وعانوا، وكانوا يرزحون، ويعيشون تحت أنواع التمييز العنصريّ بينهم وبين البقـيَّة مثلما كان يُعاني الشيعة، والسُنـَّة.

الجعفريّ: حينما وجَّه صدّام الهجمة على الكرد ليس لأنـَّه عربيّ، فقد ضرب العرب قبل أن يضرب الكرد، مثلما ضرب الشيعة ليس لأنه سُنيّ، فقد ضرب السُنـَّة قبل أن يضرب الشيعة.

الجعفريّ: ما كان يُعانيه الإخوة الكرد نفسه كان يُعانيه السُنـَّة، ويُعانيه الشيعة.. مُشكِلة حقيقـيَّة مثلما الآن نعاني من الإرهاب الذي يُوجِّه نيرانه ضدَّ الجميع. فالآن العراق الجديد يقف فيه الكرديّ إلى جانب العربيِّ في البرلمان، وفي الحكومة، وفي الهياكل الرئاسيّة.. أوَّل رئيس جمهوريّة بعد السقوط كان الأخ جلال الطالباني، والآن الأخ فؤاد معصوم، وكلاهما من إخواننا الأكراد، كما يُوجَد وزراء من الإخوة الكرد في وزارات سياديّة.

الجعفريّ: بصمات الانسجام، واحترام الحقوق موجود الآن, قد تكون هناك خلافات بسيطة، ولكن لا يُنكِر أحد أنَّ احترام حقوق الكرد من الأولويّات؛ لأنـَّهم إخواننا وأعزاؤنا، ونحن معهم يجمعنا شيء اسمه (العراق)، وكذا الحال بالنسبة للسُنـَّة، والشيعة.. العراق اليوم بتوليفته المُتنوِّعة يعكس هذا الانسجام المُمتزِج، والمُنسجِم في كلِّ مُؤسَّسات الدولة.

الجعفريّ: تـُوجَد ثقافة مُستمِرَّة، والجميع يتكلـَّمون بها، وتسمع خطاباتنا في داخل البرلمان، أو في الإعلام، أو في المُنتدَيات السياسيَّة، والحوارات السياسيَّة على ضرورة تأكيد، والحفاظ على الوحدة الوطنيَّة العراقـيَّة. فنحن لسنا قلقين على مُستقبَل الوحدة الوطنية العراقـيَّة مادام الكرد والعرب السُنـَّة منهم والشيعة يتفهَّمون ذلك.

الجعفريّ: القوى الوطنيّة المختلفة التي فرزت آليَّات للدفاع عن العراق لم تأتِ نتيجة رغبة، بل جاءت نتيجة حاجة حقيقـيّة ماسَّة على الأرض، وإنما نشأ الحشد الشعبيّ على سبيل المثال، وقبله البيشمركة بناءً على الانتهاكات التي حصلت للمُدُن العراقـيَّة، وللمُواطِن العراقيِّ، وللثروة العراقـيَّة، وساهمت فيه نداءات أقدس، وأفضل الشخصيّات في البلد، وهو المرجعيّة الدينيّة التي تحتلُّ موقعاً خاصّاً في العراق، والعراقـيُّون يحترمون المرجعيَّة؛ لأنها تحافظ على وحدة العراقيّين، وتدفعهم باتجاه الانسجام، وطالبت أن يُدافِعوا عن بلدهم عندما سقطت الموصل.

الجعفريّ: أبناء الحشد الشعبيّ يُقدِّمون خدمة كبيرة جدّاً، وأؤكد لك هذه التجمُّعات التي هي الحشد الشعبيّ، وكذلك بقيَّة القوى الوطنيّة الأخرى ساهمت مُساهمة كبيرة وفعّالة في حفظ الأمن في المحافظات، علاوة على ذلك تخضع، وتتحرَّك في إطار القوات المسلحة العراقـَّية، وترتبط مباشرة برئيس الوزراء باعتباره القائد العامّ للقوات المسلحة، والدستور يُعطي رئيس الوزراء وظيفتين: رئيس الحكومة، والقائد العامّ للقوات المسلحة.

الجعفريّ: كلّ مسلح عراقيّ يشتغل في خندق من خنادق العمل العسكريّ يرتبط تلقائياً برئيس الوزراء مثل النظام الأميركيّ الآن (باراك أوباما) رئيس جمهوريّة أميركا، والقائد العامّ للقوات المسلحة بنصِّ الدستور الأميركيِّ، فنحن لدينا في العراق هذا النصُّ يُشبه النصَّ الذي لديكم في الدستور.

فإذا كانت هناك حاجة لهم لابُدَّ أن نستفيد منهم، وإذا استغنينا عنهم يجب أن نفكر ماذا بعد ذلك، ونستفيد من تجارب الدول التي سبقتنا عندما دخلت الحروب، وانتصرت، وانتهت، وكيف فكرت قبل أن تفكك هذه التشكيلات، وكيف تستفيد منهم في مجالات أخرى.

الجعفريّ: الموضوع الذي يجب أن نعطيه الأهمّية الكبرى هو إنَّ مدينة الموصل مدينة مُنوَّعة التكوين، فيها أكثر من دين، وأكثر من مذهب، وأكثر من قوميَّة، وأكثر من قبيلة، والحالة العراقية لا يُوجَد شيء اسمه الخلفيّة القبليّة إزاء هذه الخريطة، ولابُدَّ أن نتصرَّف بحكمة، ونمنع استغلال هذا التنوُّع؛ حتى يكون تنوُّعاً مُتكامِلاً، وليس تنوُّعاً مُتقاتِلاً. هذه مسألة مُهمَّة جدّاً خُصُوصاً أنه في تاريخ الموصل حدثت هناك محاولات لإشعال فتيل الفتن بين أبناء الشعب الموصليِّ في تاريخه؛ ومع ذلك انتصر عليها.

الجعفريّ: عندنا علاقة مع دول الجوار الجغرافيِّ ثابتة، ويشتبه مَن يتصوَّر أنه يستطيع أن ينفصل عن علاقة الجوار. أخذت أميركا تجربة عندما رفضت كوبا.. الآن ما العلاقة بين أميركا وكوبا، وكذا المكسيك؟

الجعفريّ: تركيا ليس بقرار منا وضعناها شمال العراق، بل هي واقع جغرافيّ على الأرض، ولدينا علاقة جيِّدة معها، وقد نختلف مع الحكومة، ونختلف مع الحاكم، لكننا لا نختلف مع الشعب؛ لذا فأيُّ العلاقة بين دولتين يجب أن تكون ثابتة ومُستقِرَّة، ولكن لدينا عتب عندما دخلت إلى بعشيقة، وفي الوقت الذي رفضنا دخولها إلى بعشيقة تمسَّكنا بأن تبقى العلاقة طيِّبة وجيِّدة، ولا نعتقد أنَّ في هذا تناقضاً.

الجعفريّ: العلاقة يجب أن تكون مُستجيبة لحقائق الجغرافية، والتاريخ، والمصالح المُشترَكة.

الجعفريّ: أجرينا اتصالاً هاتفيّاً مع الأخ وزير الخارجيّة التركيّ من ديترويت، وفي الوقت نفسه أملتُ منه أن تقف تركيا إلى جانب العراق في مسألة الأهوار، والمُدُن الأثريَّة، وجاءت الموافقة، وحصل العراق على فوز كاسح، وانضمَّت إلى منظمة اليونسكو، وكانت إحدى الدول الداعمة الأساسيّة هي تركيا؛ إذن نستطيع أن نحقق أهدافاً من خلال الدبلوماسيّة الناجحة، ومن خلال لغة القلم، ولا نلوذ بلغة السيف، أو الطلقة؛ فتبقى تركيا صديقتنا.

الجعفريّ: السعوديّة دولة مجاورة للعراق، ونحن بذلنا جهوداً حتى ندفع بالعلاقات العراقية-السعوديّة لأنه تحقق شيئاً اسمه تبادل دبلوماسيّ، وصدرت بعض التصريحات، وبعض التصرُّفات كانت بالنسبة لنا مُفاجئة، وفيها خيبة أمل، وصبرنا كثيراً، ثم أعطينا إشارات، وابتعدنا عن الإعلام؛ حتى نحقق فعلاً، ونتجنب رُدُود الفعل الكثيرة، ولا نقطع الطريق، وحتى الآن مازلنا مغمورين بالأمل بأن نحقق هذا الشيء، ونمنع التدخل، والتصريحات المُستفِزَّة، ونحافظ على العلاقة بيننا وبين السعوديّة.. تربطنا بالسعودية علاقات طويلة، وعريضة، وقويّة.

الجعفريّ: العرب في العراق هم الغالبية، فالحفاظ على العلاقة مع السعوديّة مسألة مُهمَّة، وفي الوقت نفسه هي بلد الحرمين، وهذه قضيّة دينيّة يحج العراقيون كجزء من حُجَّاج العالم كلَّ سنة يذهبون إلى هناك، فيجب أن نحافظ على علاقتنا بهم؛ لذا نعتقد أنه يجب أن نحفظ العلاقة، وعندما يكون خلاف، وقد يكون خلاف لسنا مُتردِّدين من أن نقول للطرف الآخر: نحن نختلف معك في هذه المسألة؛ لأنَّ مصلحة بلدنا مُقدَّمة على كلِّ شيء.

 

 

كلمة الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقـيَّة في معهد السلام الأميركيّ بواشنطن

 

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته..

كنا قد التقينا قبل عام في هذا المكان، ومع هذه المُؤسَّسة، وقد أدار الندوة السيِّد جون نغروبونتي في حينها، واليوم نعاود الكرّة مرّة أخرى، ونحن نحتاج بين فترة وأخرى أن نلتقي، ونتواصل لتبادل أخبار مُهمَّة جدّاً حول الإرهاب في أيِّ منطقة من مناطق العالم.

العراق يُمثــِّل خط التماسِّ الأوَّل، والجبهة الأولى، لكنه لا يُدافِع عن نفسه فقط، وإنما يُدافِع عن كلِّ دول، وسيادات العالم.

العراق يواجه ثلاثة تحدِّيات، هي: التحدِّي الأمنيّ المُتمثــِّل بالإرهاب، والتحدِّي الاقتصاديّ، والتحدِّي الإداريّ، وهو تركة ثقيلة منذ المرحلة الماضية.

رغم كلِّ هذه التحدِّيات فإنَّ العراق مُصمِّم على الاستمرار، وتحقيق النجاحات، وكنا في العام الماضي أمام وضع أمنيٍّ سيِّئ مُقارَنة بهذه السنة، وقد وضع الدكتور العباديّ رئيس الوزراء خطته سواء كان على الجانب الأمنيِّ، أم على مُستوى الإصلاحات الاقتصاديّة، أم اتخاذ خطوات إداريّة جيِّدة أخذت طريقها إلى مُؤسَّسات الدولة، نعم.. إنَّ التركة ثقيلة، لكنَّ الإرادة القويّة للحكومة الوطنيّة عملت عملها، وجاءت بنتائج جيِّدة، فتشكـَّلت الحكومة، وشملت أكبر عدد مُمكِن من الطيوف العراقـيَّة المُختلِفة، فضمَّت في تكوينتها كلَّ مُكوِّنات الشعب العراقيِّ.

واليوم التجربة السياسيَّة تتقدَّم نحو الأمام، نعم.. تواجه بعض الصُعُوبات، لكنها مُصِرَّة على أن تتمسَّك بهدفها الأساسيِّ، وهو إقامة نظام ديمقراطيّ، وكونها مُتمسِّكة بإقامة نظام ديمقراطيّ فهذا يعني ضمناً أنها يجب أن تـُراعِي حقوق وإرادات كلِّ القوى السياسيّة، وتأخذ مداها، وحريتها في التعبير عن رأيها؛ لذا نحن عازمون على قيام هذا النظام الديمقراطيِّ، وفي الوقت نفسه إتاحة الحُرّية، والفرصة لكلِّ أبناء شعبنا بأن يُدلوا، ويُعطوا آراءهم بكلِّ صراحة.

المُواجَهة مع الإرهاب مُستمِرّة، ولن تتوقـَّف، وترون بين فترة وأخرى نواجه معركة هنا، ومعركة هناك، ولكن ليس بمعزل عن المعارك التي تحصل في العالم، في فرنسا، وفي مصر، ومناطق مُتعدِّدة من الشرق الأوسط تعاني من مُواجَهة الإرهاب.

الإرهاب كليّ لا يتجزَّأ، وهو بمُرُور الأيام يُحاول أن يمتدَّ إلى مساحات جديدة؛ لذا ينبغي الوقوف إلى جانب العراق، كما أنَّ النجاحات التي حققها العراق عبَّرت عن نجاح ليس فقط للشعب العراقيِّ، بل لشعوب العالم أجمع، وإن كان بالدرجة الأساسيّة الشعب العراقيّ هو الموجود في ميدان المعركة، وأهمُّ شيء هو الدم، والشعب العراقيّ يُعطي، ويدفع أبناءه إلى المعركة؛ من أجل أن يحقق الفوز، وقد حقق هذا الفوز؛ لذا يحقّ لكلّ بلدان العالم أن تفرح لفرح العراقيين مادام العراقيون أبطالاً في الساحة، وحققوا هذا الإنجاز الضخم، وفي الوقت نفسه هناك مآسٍ تحصل في العراق، وآخرها ما حصل في منطقة الكرادة. أنا أعزِّي كلَّ العالم، وأعزِّي كلَّ دول المنطقة، والشعب العراقيَّ كلـَّه بتلك المأساة؛ لأنَّ هذه المأساة لا تـُعبِّر عن خسارة عراقـيَّة فقط، فكلّ واحد منكم لديه أطفال، وأمهات، وآباء، وإخوة، وأخوات، وكانت الحرب الجديدة التي جاء بها الإرهاب تعبيراً عن حرب الأسواق.. إذ يبحثون عن سوق، ويُفجِّرونه، ويختارون الوقت المهم، إذ كان الناس على موعد لشراء الهدايا من السوق في كبرى الأعياد الإسلاميَّة المعروفة لأبنائهم، وبناتهم، وأطفالهم وإذا بهم يلتقون مع تفجير بأبشع صورة، فيخطف منهم 300 شخص.. أؤكد لكم أنَّ هذه الموجة التي امتدَّت من المشاعر الطيِّبة التي انعكست على شكل رؤساء الدول، وزراء الخارجيّة، وكثير من المنظمات الدولية، والقوى السياسيّة تعبير إنسانيّ جيِّد بمقدار ما كانوا يفرحون لانتصارات القوات المسلحة العراقية البطلة عندما تدحر داعش، كانوا يُعبِّرون عن مشاعرهم الإنسانية الجيِّدة عندما يواجهون مثل هذه المأساة التي انقضَّت، وقتلت هذا العدد الكبير من المُواطِنين العراقيِّين.

الموصل ستكون بعد الفلوجة بعدما تحقق بالفلوجة، وكاد الإرهاب أن يتجذر في مُجتمَع الفلوجة، لكنَّ إرادة الشعب العراقيِّ أبناء أهلنا، وشعبنا في الفلوجة، وأبناء المدن الأخرى تضافرت جهودهم من أجل أن يُلحقوا الهزيمة بداعش، وقد ألحقوا الهزيمة فعلاً، وجاءت في مُدَّة زمنيّة قصيرة، وبجُهُود أقلَّ من المُتوقـَّع، وبضحايا أقلَّ حجماً من الحجم الذي كان موضوعاً في الحسبان، وهذا يدلُّ على وحدة إرادة الشعب العراقيِّ لتحرير هذه المُدُن من داعش.

الموصل بكلِّ تأكيد تحتاج جهداً استمراراً للجهود التي كنا نحتاجها في منطقة الفلوجة؛ لأنَّ الموصل مدينة كبيرة، وهي ثاني أكبر مدينة بعد العاصمة بغداد، ومُدَّة سيطرة داعش عليها لعلها تجاوزت السنتين، بل قاربت الثلاث سنوات، وتحتاج إلى جهد، وخطط، لكنَّ أهل الموصل أبطال، ويُدافِعون عن مُدُنهم، ولطالما تعرَّضوا في التاريخ للكثير من الاحتلالات، والاختراقات لكنهم أبوا إلا أن يُحرِّروا مدينتهم، وحرَّروها منذ زمن بعيد في التاريخ حدث ذلك عِدَّة مرات.

الموصل الآن الخندق الأخير الذي نتطلع أن نحقق فيه الهزيمة لداعش. ومرة أخرى أقول: الفوز للشعب العراقيِّ في دحر داعش ليس فوزاً عراقياً فقط، بل فوزاً عالميّاً؛ بما أنَّ داعش تـُشكـِّل تحدِّياً حقيقيّاً لمختلف دول العالم فمن الطبيعيِّ أن تعمَّ الفرحة، وتغمر كلَّ دول العالم عندما تدحر داعش؛ لأنها تدافع عن نفسها، وتدافع عن هذه الدول.

الحكومة العراقية مُصِرّة، وتمضي بشجاعة للقضاء على داعش، وتطارده خندقاً بعد خندق، ومنطقة بعد أخرى، ولكن في الوقت الذي أعلنت في عام 2014 الشهر التاسع بأننا لا نريد أن يُقاتِل أحد من أبناء التحالف الدوليِّ في بلدننا بدلاً عنا، ولا نريد لدمائكم أن تسيل بدلاً عن دماء أبنائنا قد قسَّمت أننا نحتاج ثلاثة مديات، المدى الأوَّل: رعاية النازحين، وقد أوفت دول العالم، والعراقيون لا يُريدون أن يُهاجروا من العراق، أو ينزحوا من مدينة إلى أخرى لولا الظرف الاستثنائيّ، وأنا أشكر كلَّ الدول التي قدَّمت المُساعَدات، واحتضنت أبناءنا، وأتطلع لذلك اليوم الذي يعودون فيه إلى العراق بمحض إرادتهم؛ ليساهموا في بناء العراق.

المدى الثاني: هو مدى تقديم الخدمات الإنسانيّة المُتعدِّدة، والسلاح، والخدمات العسكريّة، وإيجاد الغطاء الجوّي، وماشاكل ذلك.

المدى الثالث: وهو دعم العراق في إعادة بناء البنية التحتيّة، ولعله ضربتُ في وقتها مثلاً على مشروع مارشال الذي حصل تجاه ألمانيا بعدما انتهت من الحرب ساعدتها الدول عامة وأميركا بصورة خاصّة، وبدأت ألمانيا صفحة جديدة، واستطاعت أن تبني نفسها كدولة، وانتمت إلى البيت الغربيِّ، وقد كان الشعب مُتفاعِلاً مع الحكومة. الحكومة العراقـيَّة تعاني من الوضع الاقتصاديِّ، والعراق بلد غنيّ، لكنه الآن يمرُّ بظرف استثنائيّ ليس سِرّاً عليكم أنَّ العراق مُتعدِّد الموارد، فهو بلد النفط، والزرع، والنهرين، وبلد العتبات المُقدَّسة، والتاريخ، والحضارة فهو أوَّل بلد في العالم انبثقت منه الحضارة العالميّة منذ 6000 سنة لكنـّه الآن يمرّ بظرف استثنائيّ، وعلى المُجتمَع الدوليِّ أن يتحمَّل مسؤوليَّـته خُصُوصاً أنَّ العراق يُحارب داعش نيابة عن العالم أجمع، فينبغي أن يقف إلى جانب العراق.. أنا أسجِّل شكري لكلِّ الدول التي وقفت إلى جانب العراق، وأمدَّته بالمساعدات المختلفة سواء رعاية أبنائنا المُواطِنين في كلِّ بلد من البلدان، وقدَّمت بعض المُساعَدات الإنسانيَّة، والماليَّة، وبعض المُستلزَمات العسكريَّة من تدريب، ومُستشارين.. أسجِّل لهم شكري، وتقديري لهذا الموقف المُشرِّف.

العراق يتطلع إلى ضرورة إعادة بناء المُدُن التي دمَّرها الإرهاب؛ فسياسة داعش أنـَّها عندما تنسحب من أيِّ مدينة تعمل على تدميرها بالكامل، بل إنـَّها زرعت في أغلب البُيُوت ألغاماً عندما يأتي أبناء الجيش العراقيّ لكلِّ بيت من البيوت يُفاجَأون بتفجير هذا البيت؛ لذا ما كان سهلاً، بل هذا كلـَّف القوات المسلحة العراقـيَّة في الفلوجة أن تأخذ وقتاً إضافيّاً، مع تجنب الدُرُوع البشريَّة إذ أخذ داعش بعض العوائل دُرُوعاً يحتمي بها.

فمُراعاةً لهاتين الحقيقتين، وهما: مُواجَهة داعش، ومُراعاة المواطنين من أهل الفلوجة لئلا يقفوا ضحيّة؛ بسبب الوحشيَّة التي تتمتع بها داعش كلفت الكثير، ومع ذلك سجَّلت القوات المسلحة العراقـيَّة انتصاراً، وتحرَّكت في إطار التعامل الإنسانيِّ وهي في ساحة المعركة. قد يكون هذا شيئاً سهلاً عندما نصفه، لكنه ليس سهلاً في ساحة المعركة، وقد تحقق، وستكون الخطة في تحرير الموصل ضمن نفس السياسة.

العراق يتمسَّك بالحفاظ على هويّـته الديمقراطيّة، ويُريد أن يكون نظاماً ديمقراطيّاً ضمن كونه يحفظ الإطار الديمقراطيَّ يُتيح الفرصة لكلِّ القوى السياسيّة أن تأخذ حقها بحُرّية والتعبير عن الرأي؛ لذلك تجدون التظاهرات تخرج في الشارع، وتـُعبِّر عن رأيها بغضِّ النظر عن أن تكون بعض الآراء صحيحة أو خطأ، لكنَّ هذا حقّ طبيعيّ، وإلا لا يُمكِن أن نـُسمِّي البلد بلداً ديمقراطيّاً ما لم يكن الشعب والقوى السياسية تمارس دورها بكلِّ حُرّية.. هذا يُصِرُّ عليه النظام العراقيُّ الجديد؛ لذلك لم تـُرسَل شرطة، أو قوات أمن لقمع التظاهرات، وإنما أرسلت لحفظ سلامة المتظاهرين، وتأمين الغطاء الأمنيِّ لهم، وفي الوقت نفسه ضمن الاحترام، وحفظ القانون هذا الذي كادت بعض الجهات أن تسيء فهمه.

تعاملنا على مُستوى علاقتنا التي رسمناها في ستراتيجيّة العلاقة للدبلوماسيّة العراقـيَّة مع دول المنطقة في الشرق الأوسط، ودول العالم على فلسفة إقامة العلاقة بين العراق وأيّ دولة من دول العالم بناءً على المصالح المُشترَكة، والمخاطر المُشترَكة، والأصل هو إنَّ عندنا علاقة، ولا نسأل أنفسنا: لماذا تـُوجَد لدينا علاقة، بل لماذا لا تـُوجَد لدينا علاقة؟

العلاقة أصل في هذا العالم عالم الاتصالات، عالم الانسجام، عالم تبادل المصالح، عالم الخطر المُشترَك، والإرهاب المُشترَك، وداعش الذي قـُرِعت طبوله في كلِّ بلد من بلدان العالم، فلا نسأل: لماذا لدينا علاقة، بل لماذا ليس لدينا علاقة؟

نحن نتعامل مع دول العالم بمحبّة، وثقة، ويُبادلنا العالم نفس المحبّة، ونفس الثقة. لقد أمَّت بغدادَ كلُّ دول العالم، وزارت بغداد، وزرناها في عواصمها في مُختلِف مناطق العالم سواء كانت أوروبا، أم أميركا، أم أفريقيا، أم كلّ دول العالم.

العراق موجود في منطقة مُهمَّة من العالم، وحولها عِدَّة دول: تركيا، وإيران، وسورية، والكويت، والسعوديّة، والأردن. كلُّ واحدة من هذه الدول لها نظامها السياسيّ: يُوجَد نظام ليبراليّ إسلاميّ، ونظام إسلاميّ ولاية الفقيه، ونظام ملكيّ، ونظام أميريّ، ونظام جمهوريّ.. على العراق أن يتعامل مع كلِّ هذه الدول من دون أن يتنازل عن هويَّـته، ومن دون أن يتدخـَّل في الشُؤُون الداخليَّة لهذه الدول، كما نتعامل بأكثر من هذا. فبعض هذه رُبَّما تكون بينها تقاطعات حادّة، كما هو موجود على سبيل المثال: بين تركيا وسورية، ولكن لدينا علاقة مع سورية، وكذلك مع تركيا، وهناك تباعد بين السعوديّة وإيران، ولدينا علاقة مع كلتيهما.

نظريَّـتنا في العلاقة على مدِّ الجُسُور، وعدم التدخـُّل في الشُؤُون الداخليّة، والابتعاد عن سياسة المحاور.

مرّة أخرى أوجِّه شكري، وتقديري إليكم، وكلِّ الدول التي وقفت إلى جانبنا في هذه المعركة خصوصاً أنَّ المعركة ليست معركة عراق مع دولة أخرى، بل معركة إنسانية واسعة تتسع لكلِّ الفرقاء الدوليِّين، والإقليميِّين، والوطنيِّين المحليِّين، وأتمنى لكم الموفقـيَّة.

 

الندوة الحواريّة التي استـُضِيفَ فيها الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة في معهد السلام بواشنطن

 

  • هل هناك خطة للمصالحة الوطنيّة بعد انتهاء العمليّات العسكريّة، وهل يمكنكم أن تشرحوا كيف يُمكِن تحقيق المصالحة الوطنيّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: منذ زمن بعيد ونحن قد انتقلنا من المصالحة الوطنيّة إلى المُشارَكة الوطنيَّة، وأقصد بالمُشارَكة الوطنيّة أنَّ مُؤسَّسات الدولة سواء كانت المُؤسَّسة التشريعيّة، أم التنفيذيّة، أم القضائيّة، وحتى السلطة الرابعة الإعلاميّة تجد فيها تنوُّعاً واضحاً بين أبناء الشعب العراقيِّ بمختلف دياناتهم، ومذاهبهم.

مُؤسَّسات الدولة تعكس وجه المصالحة الحقيقـيَّة، وفي كلِّ مُدُن العراق تجد تنوُّعاً دينيّاً، ومذهبيّاً، وقوميّاً، ولا يُوجَد شيء اسمه اقتتال بين المُجتمَعيَّات.. قد تكون هناك حالات فرديّة شخصيّة تحصل هنا وهناك، لكنها لا تـُعبِّر عن حالة مُجتمَعيَّة. نحن نعتقد أنَّ المصالحة الوطنيّة مسألة تبدأ، ولا تنتهي، بل تستمرُّ لأنَّ سلامة العراق مُتوقـِّفة عليها.

 

  • لجنة المصالحة الوطنيّة هل ستكون هي مركز هذه النقاشات، وكذا منظمات المُجتمَع المدنيِّ التي يُمكِن أن تـُساهِم في هذه المصالحة، وتعمل في المُجتمَعات المُتعدِّدة.. هل يُمكِن أن تشرح دور مُفوَّضيَّة حقوق الإنسان، ومنظمات المُجتمَع المدنيِّ في المصالحة الوطنيّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أحبُّ أن أقول لك: المصالحة الوطنيّة ثقافة، وعندما لا يكون الشعب مُثقفاً على مصالحة وطنيّة لا تستطيع أيُّ جهة حكوميَّة، أو برلمانيَّة، أو مُؤسَّسة مُجتمَع مدنيّ أن تفرض المصالحة الوطنيّة على ذلك الشعب.

الشعب العراقيّ مُتصالِح، ولا يتقبَّل أن يتقاتل أبناؤه في كلِّ مدينة، وفي كلِّ شارع، وفي كلِّ مكان؛ لذا تسمع السياسيِّين العراقـيِّين يختلفون في أمور، لكنهم لا يختلفون على ضرورة حفظ وحدة الشعب، وتماسكه.

مُؤسَّسات المُجتمَع المدنيِّ عليها أن تجدَّ، وتجتهد، وتـُبرهِن أنـَّها تنسجم مع إرادة الشعب العراقيِّ، وتعمل على تحقيق مزيد من التلاحم بين أبناء الشعب؛ لأنَّ هذا هو البصمة الوطنيّة الحقيقـيّة التي تـُمسِك الشعب من جانب، وتقطع الطريق على أعداء الشعب، والدواعش في مُقدَّمتهم.

لا يختلف العراقـيُّون فيما بينهم على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنيَّة، وتماسك الصفِّ الوطنيِّ. هذا يكاد يكون من مُفرَدات في الخطاب الوطنيِّ العراقيِّ المُشترَك مع الكلّ.

 

  • مُشارَكة المُجتمَع الكرديِّ في مُؤتمَر المانحين يوم غد، وقوات البيشمركة تؤدي دوراً مُهمّاً في قتال داعش في العراق وسورية، وقد وُجِّهت الدعوة لإقليم كردستان لحضور المُؤتمَر.. كيف يُقيِّم العراق هذه الدعوة، وهل استجبتم لها؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الكرد كجزء من الشعب العراقي عانى مثلما عانى الشعب العراقيُّ بأجزائه الأخرى من الدكتاتوريّة السابقة، ضُرِبوا في الأنفال، وفي حلبجة، وأقصُوا من الحكم، وعانوا، وكانوا يرزحون، ويعيشون تحت أنواع التمييز العنصريّ بينهم وبين البقـيَّة مثلما كان يُعاني الشيعة، والسُنـَّة.

حينما وجَّه صدّام هذه الهجمة إلى الكرد ليس لأنـَّه عربيّ، فقد ضرب العرب قبل أن يضرب الكرد، مثلما ضرب الشيعة ليس لأنه سُنيّ، فقد ضرب السُنـَّة قبل أن يضرب الشيعة.

ما كان يُعانيه الإخوة الكرد نفسه كان يُعانيه السُنـَّة، ويُعانيه الشيعة.. مُشكِلة حقيقـيَّة مثلما الآن نعاني من الإرهاب الذي يُوجِّه نيرانه ضدَّ الجميع. فالآن العراق الجديد يقف فيه الكرديّ إلى جانب العربيِّ في البرلمان، وفي الحكومة، وفي الهياكل الرئاسيّة.. أوَّل رئيس جمهوريّة بعد السقوط كان الأخ جلال الطالباني، والآن الأخ فؤاد معصوم، وكلاهما من إخواننا الأكراد، كما يُوجَد وزراء من الإخوة الكرد في وزارات سياديّة.

بصمات الانسجام، واحترام الحقوق موجود الآن, قد تكون هناك خلافات بسيطة، ولكن لا يُنكِر أحد أنَّ احترام حقوق الكرد من الأولويّات؛ لأنـَّهم إخواننا وأعزاؤنا، ونحن معهم يجمعنا شيء اسمه (العراق)، وكذا الحال بالنسبة للسُنـَّة، والشيعة.. العراق اليوم بتوليفته المُتنوِّعة يعكس هذا الانسجام المُمتزِج، والمُنسجِم في كلِّ مُؤسَّسات الدولة.

تـُوجَد ثقافة مُستمِرَّة، والجميع يتكلـَّمون بها، وتسمع خطاباتنا في داخل البرلمان، أو في الإعلام، أو في المُنتدَيات السياسيَّة، والحوارات السياسيَّة على ضرورة تأكيد، والحفاظ على الوحدة الوطنيَّة العراقـيَّة. فنحن لسنا قلقين على مُستقبَل الوحدة الوطنية العراقـيَّة مادام الكرد والعرب السُنـَّة منهم والشيعة يتفهَّمون ذلك.

بالمناسبة سبق الحكومة الحاليَّة عقد اتفاق الذي هو عهد شرف يتضمَّن 20 نقطة يُطالِب أن تكون الحكومة في أوَّل بند له تـُمثـِّل في مُكوِّناتها مُكوِّنات الشعب العراقيِّ، وتحققَ ذلك، والانتقال يكون بطريقة سلميَّة.

نحن ماضون على هذا العهد، ومُلتزمون به.

 

  • بعد تحرير الموصل ما الذي ستفعله الحكومة العراقية بالمليشيات الشيعيّة المسلحة.. هل ستقوم بحلـِّها، أو تقوم بضمِّها إلى الجيش العراقيّ. وما الإجراءات الأمنيّة التي ستقوم بها القوات العراقية لضمان عدم حُدُوث موجة انتقام من قبل الإرهاب، وداعش؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: القوى الوطنيّة المختلفة التي فرزت آليَّات للدفاع عن العراق لم تأتِ نتيجة رغبة، بل جاءت نتيجة حاجة حقيقـيّة ماسَّة على الأرض، وإنما نشأ الحشد الشعبيّ على سبيل المثال، وقبله البيشمركة بناءً على الانتهاكات التي حصلت للمُدُن العراقـيَّة، وللمُواطِن العراقيِّ، وللثروة العراقـيَّة، وساهمت فيه نداءات أقدس، وأفضل الشخصيّات في البلد، وهو المرجعيّة الدينيّة التي تحتلُّ موقعاً خاصّاً في العراق، والعراقـيُّون يحترمون المرجعيَّة؛ لأنها تحافظ على وحدة العراقيّين، وتدفعهم باتجاه الانسجام، وطالبت أن يُدافِعوا عن بلدهم عندما سقطت الموصل، كما أننا استفدنا من تجارب التاريخ، حينما نشأت في بلدانكم تجمُّعات مُسلـَّحة ليس كلها كانت جُيُوشاً نظاميّة، وكانت تـُسمَّى الجيش الرديف، والجيش الوطنيّ، وما شاكل ذلك، وكلها ساهمت في الحفاظ على الحالة الوطنيّة في بلدانكم.

نحن استفدنا من هذه الحالة، وهؤلاء (الحشد الشعبيّ) يُقدِّمون خدمة كبيرة جدّاً، وأؤكد لك هذه التجمُّعات التي هي الحشد الشعبيّ، وكذلك بقيَّة القوى الوطنيّة الأخرى ساهمت مُساهمة كبيرة وفعّالة في حفظ الأمن في المحافظات، علاوة على ذلك تخضع، وتتحرَّك في إطار القوات المسلحة العراقـَّية، وترتبط مباشرة برئيس الوزراء باعتباره القائد العامّ للقوات المسلحة، والدستور يُعطي رئيس الوزراء وظيفتين: رئيس الحكومة، والقائد العامّ للقوات المسلحة.

كلّ مسلح عراقيّ يشتغل في خندق من خنادق العمل العسكريّ يرتبط تلقائياً برئيس الوزراء مثل النظام الأميركيّ الآن (باراك أوباما) رئيس جمهوريّة أميركا، والقائد العامّ للقوات المسلحة بنصِّ الدستور الأميركيِّ، فنحن لدينا في العراق هذا النصُّ يُشبه النصَّ الذي لديكم في الدستور.

فإذا كانت هناك حاجة لهم لابُدَّ أن نستفيد منهم، وإذا استغنينا عنهم يجب أن نفكر ماذا بعد ذلك، ونستفيد من تجارب الدول التي سبقتنا عندما دخلت الحروب، وانتصرت، وانتهت، وكيف فكرت قبل أن تفكك هذه التشكيلات، وكيف تستفيد منهم في مجالات أخرى.

 

  • ما الإجراءات غير الأمنية التي ستقوم بها الحكومة العراقيّة لضمان عدم تكرار عمليّات إرهابيّة، وانتقاميّة في الموصل بعد التحرير؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الموضوع الذي يجب أن نعطيه الأهمّية الكبرى هو إنَّ مدينة الموصل مدينة مُنوَّعة التكوين، فيها أكثر من دين، وأكثر من مذهب، وأكثر من قوميَّة، وأكثر من قبيلة، والحالة العراقية لا يُوجَد شيء اسمه الخلفيّة القبليّة إزاء هذه الخريطة، ولابُدَّ أن نتصرَّف بحكمة، ونمنع استغلال هذا التنوُّع؛ حتى يكون تنوُّعاً مُتكامِلاً، وليس تنوُّعاً مُتقاتِلاً. هذه مسألة مُهمَّة جدّاً خُصُوصاً أنه في تاريخ الموصل حدثت هناك محاولات لإشعال فتيل الفتن بين أبناء الشعب الموصليِّ في تاريخه؛ ومع ذلك انتصر عليها.

تحدَّثتُ مع الجنرال (جون ألن) كان قد زار العراق قبل فترة عن أنه يجب أن تـُوضَع خطط.. نحن عراقيّاً نضع خطة، وفي الوقت نفسه نحتاج إلى دعم لاستقطاب أبناء الموصل الذين هاجروا خارج الموصل، أو الذين ذهبوا خارج العراق.

ذهب عدد كبير منهم إلى دهوك في منطقة كردستان، وهذه مُشكِلة؛ لأنهم تركوا مدينتهم، وهي ترزح تحت داعش، وتسبَّبوا بمُشكِلة في كردستان إذ يسكنون في تلك المناطق، وأجزاء من كركوك، وكربلاء المقدسة، ومناطق أخرى؛ فارتبكت الخارطة الديمغرافية؛ بسبب هذا الانتهاك الذي حصل؛ لذا يجب أن تـُوضَع خطة كاملة لإعادة إعمار المناطق المُتضرِّرة، وإيجاد فرص عمل لهؤلاء، وحفظ ممتلكاتهم، وإشعارهم أنكم إنما تعودون إلى مدنكم سواء كان من مُدُن أخرى إلى هذه المدينة، أم من الخارج العراقيّ إلى الداخل العراقيِّ، وستجدون المدارس التي تتطلبها طلابكم، والمستشفيات لمرضاكم.

هل تعلم أنَّ خطة داعش عندما تنسحب من مكان تـُفجِّر كلَّ شيء فيه. عندما خرجت من الفلوجة فجَّرت أكبر مستشفيات الفلوجة.. هذه هي أخلاقـيَّة داعش.. نحن لدينا تركة ثقيلة من جانب، ونريد أن نحقق انتصاراً لأبناء المدينة في الموصل، وفي الفلوجة من جانب آخر يجب أن نـُعوِّضهم عن الخسائر التي تعرَّضوا لها، وهذه ليست مسؤوليَّـتنا وحدنا، بل مسؤولـيَّة العالم كلـِّه من حولنا، ويجب أن نتعاون سويّة، وكلّ دول العالم يجب أن تقف إلى جانب العراق من أجل اختصار زمن إعادة البناء، وقد كنتُ أحسب لهذا اليوم منذ عام 2014، فقلتُ: عندما نبدأ تحرير المُدُن المحتلة يجب أن نفكر بإعادة البناء، فليس من المعقول أن نطلب من المواطن الذي هاجر: ارجع، ولكن لا يُوجَد مستشفى للمريض، ولا مدرسة لطالبك، ولا سوق تتسوَّق منه، ولا خدمات، ولا ماء، ولا كهرباء.. هذا لا يُعقـَل، وأعتقد أنها موادّ ضروريّة يفهمها العالم كلـُّه.

 

  • هناك عِدّة أسئلة على الصعيد الإقليميّ والدوليّ أحدها، جيرانكم في الشمال تمكـَّن من قمع مُحاوَلة انقلاب.. السؤال عن علاقتكم مع تركيا بعد مُحاوَلة الانقلاب هذه؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: عندنا علاقة مع دول الجوار الجغرافيِّ ثابتة، ويشتبه مَن يتصوَّر أنه يستطيع أن ينفصل عن علاقة الجوار. أخذت أميركا تجربة عندما رفضت كوبا.. الآن ما العلاقة بين أميركا وكوبا، وكذا المكسيك؟

تركيا ليس بقرار منا وضعناها شمال العراق، بل هي واقع جغرافيّ على الأرض، ولدينا علاقة جيِّدة معها، وقد نختلف مع الحكومة، ونختلف مع الحاكم، لكننا لا نختلف مع الشعب؛ لذا فأيُّ العلاقة بين دولتين يجب أن تكون ثابتة ومُستقِرَّة، ولكن لدينا عتب عندما دخلت إلى بعشيقة، وفي الوقت الذي رفضنا دخولها إلى بعشيقة تمسَّكنا بأن تبقى العلاقة طيِّبة وجيِّدة، ولا نعتقد أنَّ في هذا تناقضاً.

العلاقة يجب أن تكون مُستجيبة لحقائق الجغرافية، والتاريخ، والمصالح المُشترَكة؛ نحن أجرينا اتصالاً هاتفيّاً مع الأخ وزير الخارجيّة من ديترويت، وفي الوقت نفسه أملتُ منه أن تقف تركيا إلى جانب العراق في مسألة الأهوار، والمُدُن الأثريَّة، وجاءت الموافقة، وحصل العراق على فوز كاسح، وانضمَّت إلى منظمة اليونسكو، وكانت إحدى الدول الداعمة الأساسيّة هي تركيا؛ إذن نستطيع أن نحقق أهدافاً من خلال الدبلوماسيّة الناجحة، ومن خلال لغة القلم، ولا نلوذ بلغة السيف، أو الطلقة؛ فتبقى تركيا صديقتنا.

 

  • هل أعطاكم نظيركم التركيّ استجابة إيجابيّة بعد مكالمتكم الهاتفيّة، ولديكم في بغداد سفارة سعوديّة هل يُمكِن أن تـُوسِّع قليلاً العلاقات العراقـيّة- السعوديّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: السعوديّة دولة مجاورة للعراق، ونحن بذلنا جهوداً حتى ندفع بالعلاقات العراقية-السعوديّة لأنه تحقق شيئاً اسمه تبادل دبلوماسيّ، وصدرت بعض التصريحات، وبعض التصرُّفات كانت بالنسبة لنا مُفاجئة، وفيها خيبة أمل، وصبرنا كثيراً، ثم أعطينا إشارات، وابتعدنا عن الإعلام؛ حتى نحقق فعلاً، ونتجنب رُدُود الفعل الكثيرة، ولا نقطع الطريق، وحتى الآن مازلنا مغمورين بالأمل بأن نحقق هذا الشيء، ونمنع التدخل، والتصريحات المُستفِزَّة، ونحافظ على العلاقة بيننا وبين السعوديّة.

تربطنا بالسعودية علاقات طويلة، وعريضة، وقويّة.

العرب في العراق هم الغالبية، فالحفاظ على العلاقة مع السعوديّة مسألة مُهمَّة، وفي الوقت نفسه هي بلد الحرمين، وهذه قضيّة دينيّة يحج العراقيون كجزء من حُجَّاج العالم كلَّ سنة يذهبون إلى هناك، فيجب أن نحافظ على علاقتنا بهم؛ لذا نعتقد أنه يجب أن نحفظ العلاقة، وعندما يكون خلاف، وقد يكون خلاف لسنا مُتردِّدين من أن نقول للطرف الآخر: نحن نختلف معك في هذه المسألة؛ لأنَّ مصلحة بلدنا مُقدَّمة على كلِّ شيء.


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy