|
الجعفري: بعد عام على استشهاد البطلين سليماني والمهندس فمن الميّت ومن الحيّ ومن المُمتدّ إلى خارج أسوار شعبه فيتفاعل معه الكبير والصغير والقريب والبعيد والمرأة والرجل ومَن عزل بلده وحجمه شعبه بصفقات شخصيّة سيلعنها التاريخ وسيُذَلُّ من تمسَّك وعمل بها؟..
الاخبار | 03-01-2021
بسم الله الرحمن الرحيم ((وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)) } آل عمران/169{.. عام مضى على حادث الاستشهاد الذي أودى بحياة البطلين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، ولم تهدأ الساحة عن التفاعل معهما على أكثر من صعيد؛ لما تمتّعا به من مبدئيّة خالصة، وشجاعة مُنقطِعة النظير، وحبٍّ للشهادة، وصدق خطاب، ومصداقيّة سُلُوك شرحت صُدُور الأخلاء، وأذهلت الأعداء.. ومثلما غطّت التظاهرات بمُختلِف البلدان في يوم الاستشهاد بسُيُول بشريّة من المُشيِّعين من مُختلِف الشرائح الاجتماعيّة يجمعهم الحُبُّ لهما، والألم لفراقهما، والتأكيد على التأسِّي بهما لتتحوَّل تلك الدماء إلى وقود حركة لن تتوقف، وعزيمة مُواجَهة لن تُهادِن؛ وليتحوَّل الشهيدان إلى ظاهرة اجتماعيّة تُؤذِن بولادة جديدة لا تُهادِن فيها أيَّ ظالم، ولا تتأخَّر عن نصرة مظلوم؛ لتُؤكّد حقيقة انتصارها لقضايا الأمة في عمق محنتها وبأغلى صورة.. إنّها ولادة جديدة، وجرس إنذار يقرع في عالم خيَّم عليه النسيان، وتكالبت عليه قوى الشرِّ من كلِّ حدب وصوب؛ ليُؤكّد أنّ الشهيد لن يموت ليس فقط عند ربِّه، بل في وجدان شعبه وهو يُطِلُّ بقامته على الساحة الإنسانيّة، ويُحرِّك فيها الخير الكامن.. وإذا كان من سوابق القتل والتضحية لدى بعض أمم العالم معروفة فإنّ حادث القتل الإجراميّ التي امتدَّت به يد الغدر الآثمة بتلك الصورة لم تعتد عليها تلك الأمم؛ ممّا يعكس حياتها، وشِدَّة تمسُّكها بحبل كرامتها، والذود عنها، وتقديم كلِّ غالٍ من دون تردُّد.. إنَّ أمّة لها مثل هذا الرصيد المعنويّ يمنحها جدِّية التضحية في سبيل تحقيق أهدافها جديرة بالحياة، وتكون عصيّةً على الموت.. شهيدٌ يُولَد في بلد، ويجوبُ مُتحرِّكاً في بلدانٍ عِدَّة، ويُقتَل في خارج بلده مدعاة للتأمُّل، بل التزوّد من ثقافته، ولو لم يكن له مثل تلك التربية التي جعلته يلهج بالشهادة، ويُكرِّر طلبها على لسانه بكلِّ مناسبة حتى حازها جدير بالاحترام، والتأمُّل.. والآن وبعد مُرُور عام على الحادث الجلل فمن الميّت، ومن الحيّ، ومن المُمتدّ إلى خارج أسوار شعبه، فيتفاعل معه الكبير والصغير والقريب والبعيد والمرأة والرجل، ومَن عزل بلده وحجمه شعبه بصفقات شخصيّة سيلعنها التاريخ، وسيُذَلُّ من تمسَّك وعمل بها؟.. شهداؤنا ما كان لهم أن يُحققوا ما تحقق لولا صدق نيتهم، وشِدُّة عزيمتهم؛ ليُعيدوا إلى ذاكرة المُعاصِرين صور أولئك الأفذاذ الذين صنعوا التاريخ، ومهّدوا للمستقبل، والذين عرفوهم من كثب لم يُفاجَأوا بما انتهوا إليه..
الدكتور إبراهيم الأشيقر الجعفريّ
|
|