|
لقاء قناة العراقيّة بالدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة
الاخبار | 13-05-2015
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: المُؤتمَر كان تحت عنوان (مُؤتمَر تحالف الحضارات ومُقاوَمة الإرهاب) فيه مادّة مُهمّة جدّاً؛ ومن خلال عنوانه نـُسِج الخطاب العراقيّ على منبر الأمم المُتحِدة. أمّا عن تحالف الحضارات فالعراق حاضن الحضارات، ومهد الحضارات، فتحدَّثنا عن خُصُوصيّات العراق، وموقعه الحضاريِّ، وأهمّيّة، وضرورة إيجاد حالة من التحالف بين الحضارات تتجاوز صِدَام الحضارات كما قال عنه صموئيل هنتغتن، وتتجنـَّب عمليّة التباعُد الحضاريِّ، وما يتعرَّض له العالم الآن من مُحاوَلة تفتيت الحضارات، ومُحاوَلة شرذمتها، وتفجيرها من داخلها. أوضحنا شيئاً مُختصَراً كمدخل للشقِّ الثاني وهو مُحارَبة الإرهاب. العراق في خط التماسِّ الأوَّل في مُواجَهة الإرهاب، ولديه مادّة كتجربة، وخبرة اكتسبها، وفي الوقت نفسه ناشدنا العالم أن يقف إلى جانبنا من خلال منبر الأمم المُتحِدة. ناشدنا أننا لا نـُريد منكم جُنودكم، أو أبناءكم أن يُقاتِلوا بدلاً عن أبنائنا، ولكن نـُريد دعماً حقيقيّاً على المُستويات كافة ماعدا ذلك. وجّهنا الخطاب بهذا الاتجاه، وكان التجاوب بشكل جيِّد مع بقيّة الإخوة الحُضُور الأعضاء في الأمم المُتحِدة حسبما عكسوه عليَّ في رواق الأمم المُتحِدة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: العلاقات العراقيّة-الأميركيّة الآن تقطع أشواطاً جيِّدة، وإيجابيّة، ونتلمَّس مساحة مُشترَكة بيننا وبين الولايات المُتحِدة الأميركيّة بشكل جيِّد، نعم.. نحن الآن نتعاطى مع الملفِّ الأمنيِّ من زاوية الحشد الدوليِّ الذي يضمُّ عدداً كبيراً من دول العالم بما فيها الولايات المُتحِدة الأميركيّة. من دون شكّ كانت أميركا لاعباً أساسيّاً فيها، ومُبادِراً فيها، ولكننا نتعاطى مع الدول كافة التي تشترك في الحشد الدوليِّ؛ وفي ظلِّ هذا التعامُل الآنيِّ المحكوم بالضرورات الأمنيّة تتطوَّر العلاقات العراقيّة-الأميركيّة. نحن نبني استراتيجيّتنا على أساس حفظ العلاقات الثنائيّة مع كلِّ دول العالم، ونتجنـَّب الدخول في المحاور؛ لئلا ندخل في تقاطعات مع دول أخرى.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: استثمرنا هذه الفرصة، ونأمل من الدول العربيّة أن تـُقدِّر موقف العراق، وهو موقف رائد، ولم يتردَّد في أن يبحث عن مساحة مُشترَكة بيننا وبين هذه الدول. هذا من جانب، والجانب الآخر عدم التدخُّل في الشُؤُون الداخليّة للبلدان الأخرى بخاصّةٍ إذا كان التدخُّل عسكريّاً. هذا الموقف صدحنا به في القِمّة العربيّة، وأكَّدنا في أكثر من مُناسَبة بأننا نرفض التدخُّل في شُؤُون اليمن؛ لأنـَّنا نعتقد أنَّ هذا سيُورِّث الدولتين السعوديّة واليمن وبقيّة الدول العربيّة أموراً لا طائلَ من ورائها، ولم يكن في هذا الموقف حساسيّة، أو رفض لموقف السعوديّة، أو رفض لموقف الحكومة اليمنيّة، بل هو موقف مبدئيّ ننتزعه من استراتيجيّة ثابتة. نحن لا نـُؤيِّد، بل نرفض التدخُّل العسكريَّ من أيّة دولة عربيّة في شأن دولة عربيّة أخرى. هذا كان واضحاً بالنسبة لنا في التعامُل مع البقيّة. يشهد التعاطي بيننا وبين الدول العربيّة فيما يتعلـَّق بالملفِّ الأمنيِّ تقدُّماً لابأس به وإن كان بطيئاً؛ ممّا يعني أنَّ الدول العربيّة تشعر أنَّ طبول الخطر وداعش تقرع أبوابها اليوم. وللأسف حصلت في المملكة العربيّة السعوديّة عمليّة تسبَّبت بمجموعة من الضحايا. قلنا من أوَّل الطريق: إنَّ الإرهاب لا يُهادِن أحداً، ولا يُجامِل أحداً. والآن تبيَّنت صِحّة هذه المقولة، أي: عزَّ علينا أنـَّنا نبَّهنا الوضع العالميَّ، وحدث ما حدث في كندا، وفرنسا، والسويد، وقلنا للدول العربيّة: الإرهاب المُعاصِر لا يُؤمَن شرُّه اليوم. أعتقد أنَّ الخطاب العراقيَّ يحظى بانتباه العالم خُصُوصاً الدول العربيّة، ويُدركون أنَّ وراء هذه قراءة تـُوجَد قراءة مُستوحاة من تجربة حصلت في العراق، ولاتزال التجربة لمّا تنتهِ بعد، نعم.. انتهت في مناطق، لكنها بقيت في مناطق أخرى. هم يُقدِّرون أنَّ قراءة العراق للوضع الإرهابيّ يُعار لها أهمّيّة، ولها وزن؛ لأنها تتحدَّث ليس من موقع الترف الفكريِّ، أو التحليل الإعلاميّ إنما تتحدَّث من موقع تجربة اكتوت فيها من نار الإرهاب في الداخل العراقيّ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن محكومون بشيء اسمه التماثـُل بين الأهداف وأساليب تحقيقها، وفي الوقت نفسه المخاطر ومُواجَهتها؛ ولأنَّ الخطر خطر فكريّ فلابدَّ من وضع مُعادِل فكريٍّ لهذا الخطر، أي: إنَّ داعش ليست مُنظـَّمة مرتزقة؛ لأنـَّها تـُقاتِل، وتـُضحِّي بنفسها قبل أن تبلغ الهدف؛ إذن تنطوي على فكر. مثل هكذا بُنية فكريّة يجب أن يكون هناك مُعادِل فكريّ مُضادّ، ولا يكفي أن نرفض فكرة داعش، ونشتم داعش؛ لأنَّ هذا لا يحلُّ المُشكِلة. الآن جيل يُستقطـَب من قِبَل داعش؛ بناءً على وجود فكر، نعم.. هو فكر مُنحرِف، وخاطئ، ولكن يجب أن نضع المُعادِل الفكريَّ له. في تصوُّرنا يجب أن نغوص في العمق؛ لنعرف ما الذي يدفع هؤلاء الشباب لأن يتمتـَّعوا بهذه الروح، والاستعداد لأن يقتلوا أنفسهم. نتصوَّر أنَّ هناك مجموعة عوامل استفزّت هذا الجيل الجديد، وجعلته في حالة من الاستياء، والتذمُّر، ثم اقتنصته في المرحلة الثانية، وأوجدت لديه ثقافة الانتقام، والقتل، وما شاكل ذلك. فعوامل الاستفزاز لجيل المرحلة هو هذا التفاوت الكبير، والتناقض بين ضخامة الثروة والمُستوى المُتدنـِّي الذي يعيشه المُواطِن. يُوجَد تناقض بين أرض غنيّة يعيش عليها، وحكومة غنيّة وبين شعب فقير؛ هذا يُولـِّد حالة من الاستياء لدى الشباب بصورة خاصّة، إضافة إلى ذلك هناك تجاوز على عواطف المُسلِمين، وسبّ، وشتم لرسول الله -صلى الله عليه وآله- رسول الحُبِّ والطمأنينة يُسَبُّ، ويُشتـَم في كتب، وأفلام. هذه تصدِّع حالة التوازن عند الشاب، وتجعله مُتذمِّراً، ويفقد توازُنه. هذه العوامل مُؤثـِّرة جدّاً، فتأتي دوائر السوء لتـُوظـِّف هذا الاستياء بطريقتها الخاصّة. فالمُعادِل الفكريُّ يُوجـِد نوعاً من التضاهي بين المُتحاربين. هذا عنده فكر أن يجب أن تأتي مُقابله بفكر، نعم.. السلاح، ومُقاوَمة السلاح، والتفجيرات هي البُنى الفوقيّة في المعركة. يجب أن نـُدرِك ما يحمل الطرف المُقابل من فكر. كيف يُعبِّئ هؤلاء الشباب.. كيف يجعلهم يعكفون، ويتركون حياتهم وهم يعيشون في أرقى ديمقراطيّات العالم فبعضهم جاؤوا من كندا، ومن أستراليا، ومن أميركا، ومن بريطانيا. السؤال هنا: ما الذي يجعل الشابَّ الذي يعيش في مكان مُترَف، ومُستقِرّ ويأتي إلى هنا. يُوجَد تثقيف باتجاه أحاديّ.. تثقيف باتجاه النقمة، واستخدام بعض المُفرَدات المُثيرة حتى تؤلـِّب الشابَّ، ويكون مُستعِدّاً لأن يتقبَّل الدورة الثانية من العمليّة وهي القتل، والانتقام، واستباحة كلِّ شيء؛ بهذا المعنى لابدَّ من وجود مُعادِل فكريّ. يجب أن نعرف الفكر الإرهابيَّ، وما هي قناعته، لماذا هذا الإقدام على مثل هذه النمطيّة التي تـُؤدِّي إلى قتله؛ حتى نضع بالمقابل الفكر المُعادِل له. نحن نعتقد أنَّ الإرهاب مُركَّب، ولابدَّ أن تكون مُعالجة الإرهاب عمليّة مُركَّبة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الخارجيّة العراقيّة ليست بعيدة عن هذه الأجواء الفكريّة بصورة عامّة، وفي الوقت نفسه محكومة بنمطيّة حكوميّة؛ إذ إنـّها مُؤسَّسة تـُمثـِّل الوجه الدبلوماسيَّ، والسياسيَّ للحكومة العراقيّة خُصُوصاً في خارج العراق، ولا نجد تناقـُضاً بين ما نحمل من نظريّة، ونـُجسِّد من تطبيق، وهي: الفكر الإسلاميّ الذي تحمله الدوائر الإسلاميّة في الواقع العراقيّ. أعتقد أنـَّه لا يُوجَد تناقـُض اليوم.. الإرهاب أعان الآخرين على نفسه، الجميع يتجهون باتجاه واحد، أي: إنَّ الناس أمام حالة تستبيح الكرامة.. تستبيح الدم.. تستبيح المال، والسيادة؛ فمن الطبيعيِّ أن تكون رُدُود الفعل مُتقابلة بالاتجاه نفسه، ونعتقد أنَّ المرجعيّات الدينيّة، والمراكز الدينيّة عون جيِّد، ومُعبِّئ للصالح الوطنيِّ ضدَّ الإرهاب. ولعلَّ أقرب مـَثـَل هو مرجعيّة السيِّد السيستانيّ -حفظه الله- عندما اتخذ في مسألة تعبئة الشباب تحت خيمة القوات المُسلـَّحة العراقيّة، والوقوف بوجه المُغتصِبين من داعش، وأمثالهم. فلا نعتقد أنَّ هناك تناقضاً بين السياسة الخارجيّة وبين المراكز الدينيّة بصورة عامّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ثوابت السياسة العراقيّة استراتيجيّاً أنـَّنا نـُبرِم العلاقة على قاعدة الشُعُوب. يُوجَد شعب، وتـُوجَد أحزاب، وحركات، وشخصيّات.. الشخصيّات عادة يتبدَّل وضعها بين ظرف وآخر، ومداها تظهر بدورة، وتختفي بدورة أخرى.. تـُوجَد حركات، وأحزاب أبعد مدى، ولكنها ليست بالبُعد الذي يسير به الجمهور. الدبلوماسيّة العراقيّة تتطلـَّع لإقامة علاقة تنطلق من مصالح الشُعُوب؛ لأنَّ الشُعُوب لا تتغيَّر بسُهُولة. حتى نحفظ للدبلوماسيّة استقرارها لابدَّ أن نـُشيِّد هذه العلاقة على قاعدة الشعب في كلِّ مكان. عندما تكون العلاقة مبنيّة على استراتيجيّة الشعب، ومُراعاة خُصُوصيّاته لا تتصدَّع بتصدُّع العلاقة بين الحُكّام، أو الحُكومات.. هذا نـُطبِّقه على أميركا، وعلى روسيا، وعلى كلِّ بلدان العالم. نحن نـُقيم علاقتنا من خلال فهمنا لخصائص الديمغرافيّة والسكانيّة لكلِّ بلد، والمصالح التي تربطنا بهم، فعندما نـُصِرُّ على علاقة نعتقد أنَّ القاعدة عريضة جماهيريّاً هذا صمام أمان بأنها لا تتغيَّر بمزاج الحاكم، أو بتغيير مواقف الحكومة، وهذه مسبوقة بنقطة أخرى استراتيجيّة هو إنه لابدَّ أن نـُقيم العلاقة، نعم.. قد تأخذ حجماً صغيراً، أو مُتوسِّطاً، أو حجماً كبيراً، ولكن لابدَّ من إقامة العلاقة مع الجميع؛ ومن ثم عندما نتحرَّك على دولة ما نتحرَّك بحجم عراقيٍّ مُضافاً إلى ذلك رصيد من العلاقات مع دول أخرى. هذا يُعطي الدبلوماسيّة العراقيّة، ويُعطي الخطاب الدبلوماسيَّ العراقيَّ، ويُعطي قوة، وحجماً يتجاوز ذاته إلى ذوات الآخرين. نحن نعتقد أنَّ العلاقة هدف، ولكن تـُوجَد أهداف تفصيليّة، ومنها: المصالح المُشترَكة.. ما الذي يربطنا مع تركيا وإيران مثلاً، وما الذي يربطنا مع سورية، والسعودية، والأردن، وما الذي يربطنا مع الكويت؟ عندما نلتقي نـُحرِّك مكامن المصالح على جادّة البحث دائماً. نذكِّر ما تطمح له تركيا في العراق، وما نطمح نحن له في تركيا، وكذلك في إيران، وبقيّة الدول. هذه دائرة المصالح، والآن قفزت إلى دائرة الاستراتيجيّات مُفرَدة جديدة شغلت بالَ العالم، وهو الإرهاب. الإرهاب الآن خطر مُعولـَم يُهدِّد كلَّ دول العالم.. هذا هو الآخر أضاف إلى استراتيجيّة العلاقة بين الدول.. هو الخطر المُشترَك؛ إذن العراق ليس في أزمة علاقات، وعليه أن يستثمرها. حتى إذا انتهت -إن شاء الله- فصول المُعاناة الإرهابيّة، واستتبَّ الأمن لا تنتهي العلاقة السياسيّة بانتهاء هذه، نعم.. رُبّما كانت بدايتها من الأزمات التي نتعرَّض لها، وما نتطلـَّع من دول العالم أن تقف إلى جانبنا، ولكن لا يمنع من أن نـُغيِّرها على أسس استراتيجيّة سياسيّة واقتصاديّة ثابتة؛ حتى لا تنتهي العلاقة بانتهاء الأزمة، وتبقى مُستمِرّة.. هذه هي الاستراتيجيّة التي نعمل عليها.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا.. لستُ راضياً، لكني أعتقد أنـّها خطوة على الطريق الصحيح يُمكِن أن تكون أفضل من ذي قبل، ويُمكِن أن يكون بيننا تنسيق، وتعاون أكثر من هذا كبقيّة دول العالم، ويُمكِن للعراق أن يخطو خطوات حثيثة أفضل من هذه. العلاقات مع أميركا علاقة إيجابيّة، ولكنها ليست بالمُستوى المطلوب بما يدرُّ على الدولتين بالمصلحة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: إذا عقدنا مُقارَنة بين واقع العلاقة الآن بين الجماهير المُهاجرة في الخارج وبين السفارات العراقيّة مع ما كانت عليه فهناك بون شاسع كالفرق بين السماء والأرض. كانت السفارات العراقيّة إلى الأمس القريب أوكاراً لعمل المُخابَرات، وفيها أسلحة. إلى قبل ثلاثة إلى أربعة أشهُر اكتشفنا في إحدى سفاراتنا في بعض الدول وعواصم العالم وُجـِد أسلحة آر.بي.جي، ومُتفجِّرات، وقنابل هذه كانت سابقاً وبالفعل مارست نشاطات تخريبيّة كان الأخ دكتور إياد حبش أحدهم عندما كان في إيطاليا، وكان الشيخ طالب السهيل في لبنان، ومحمد هادي استشهد أيضاً في الأردن، وعبد المنعم الشوكي في الكويت.. في كلِّ الدول العربيّة يُوجَد وكر بمقرِّ السفارة العراقيّة يُمارِس عمله، ويتصيَّد بالمُواطِنين العراقيِّين. أمّا الآن فهُدِمت الثغرة بين السفارة وبين الجمهور. الجمهور لا ينظر إلى أنَّ في السفارة وكراً للمُخابَرات بقدر ما ينظر إلى أنه دائرة ومدرسة، وفرصة للحوار والتلاقي وما شابه ذلك فالعلاقات الآن بين السفراء وبين عُمُوم جماهيرنا تسير بشكل جيِّد، ومُمتاز. هذا على المُستوى العراقيّ-العراقيّ، أمّا على المُستوى العراقيِّ مع الدول الأخرى مثلا مع الكويت ومع الحكومات المختلفة هناك نظريّةّ وكيف نتعامل وكيف نحقق مصالح ونتجنب مفاسد.. بناءا على هذا يتوقع للدبلوماسية العراقية أن تشهد فصولا من التطور سريعا إن شاء الله جيدة من شأنها أن تحكم العلاقة بين العراق وبين دول العالم.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن اليوم كنا في ندوة مع جمهور عراقيٍّ من أكثر من ولاية جاؤوا إلى لوس أنجلس، وكان الحديث يدور حول هذه القضيّة، وتوضيح سياستنا الجديدة في التعامُل، ودور المُواطِن العراقيِّ مادامت العلاقة تقوم على ثوابت مُجتمَعيّة، وليست صفقات مع الحكومة؛ إذن نحن نستهدف المُواطِن الأميركيَّ من جانب، ومن جانب آخر نعتمد آليّة الجمهور العراقيّ إلى جانب السفارة. خاطبتهم بأنَّ كلَّ واحد منكم هو سفير عراقيّ، والسفير يعكس وجه العراق الدبلوماسيِّ والسياسيِّ الآخر إلى دول العالم، وهذا مُمكِن لأيِّ مُواطِن عراقيٍّ ينهض بهذه المَهمّة. أعتقد أنَّ الكفاءات الموجودة في الخارج عُمُوماً، وفي أميركا بصورة خاصّة تتميَّز بأنـَّها ذات شهادات علميّة مُمتازة، ولديها أشغال، ولا تعيش عيالاً على شيء، ولديها قدرة شرائيّة، نعم.. المُواطِن العراقيّ لا يبتعد عن محلِّ اهتمامنا، ولدينا علاقات معهم نسمع منهم، ونقرأ بعض ما يبعثون من كُتُب؛ فالتعامُل وطيد بيننا وبين العراقيِّين في المهجر.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: مُشكِلة الإعلام المُضادِّ أنـَّه تقف وراءه حكومات كرَّست له أموالاً، ومُوازَنة ضخمة، ولعبت فيه دور النزاعات الطائفيّة؛ لذا حين نتحدَّث عن الإعلام إنـَّما نتحدَّث عن المأساة في عُمقها. قد تحتاج مزيداً من الوقت فليس الأمر سهلاً، ومع ذلك أبدت بعض الحكومات استعدادها لتذليل العقبات، وتغطية مساحة قد يتعذر على البقيّة أن يُغطوها؛ لذا أشعر أنـَّنا أمام انعطافة جديدة من شأنها أن تجعل العلاقات العراقيّة مع دول العالم الإقليميّة خاصّة ودول العالم الأخرى أمام انعطافة نوعيّة في هذه المِحنة التي نمرُّ بها. بدأ المُواطِن العراقيّ يتعبّأ بثقافة كونه يُنتِج في العراق والعالم لا يعلم عن إنتاجه شيئاً.. بدأ يُحِسُّ، ويعي بأنـَّه يُواجه معركة ضدَّ الإرهاب أصالة عن نفسه، ونيابة عن دول العالم والعالم لا يدري بهذه الحالة؛ لذا حرَّك هذا الوعي في مكامنه ضرورة أن يكون مُحامِياً ناجحاً لقضيّة عادلة؛ ومن ثم لا يألو جهداً، ويستثمر أيّة مُناسَبة فيتكلم بلغة مُتوازنة. مثلاً يُتهَم الشعب العراقيّ بأنـَّه يخوض حرباً طائفية بين السُنـّة والشيعة. هذا الشيء العالق في ذهن الكثيرين لا وجود له على الأرض العراقيّة؛ إذن ستـُولـَد هكذا إسقاطات، وستـُولـَد تلقـِّيات مُضادّة للطائفيّة، وبدأ الخطاب يتعقلن بشكل جميل جدّاً باتجاه نفي الطائفيّة، ونفي الارتهان لإرادة إقليميّة، أو إرادة دوليّة، ولسنا نقمع هذه المُدُن، ولا يُقاوِم بعضنا البعض، بل نحمي المُدُن من خلال مُواجَهة الإرهاب الذي اغتصب هذه المُدُن. هذه الابتلاءات، والمشاكل التي صُبَّت على العراق ولـَّدت مُضادّات مُتوازَنة للصالح العراقيِّ، وأشعر أنـَّها خرجت من الداخل العراقيِّ إلى الخارج العراقيِّ؛ إذ إنَّ دول العالم على الصعيدين الإقليميِّ والدوليِّ أكثر من أيِّ وقت آخر تلتقي إن لم تتعاطف مع الحالة العراقيّة. لم يعُد خطر داعش في العراق فقط؛ لأنـَّه دكَّ باريس، ودكَّ كندا، ودولاً أخرى؛ فجعلهم يُحِسّون أنَّ هذا الخطر هو اليوم في العراق، وغداً في أيِّ بلد من بلداننا؛ إذن تـُوجَد آفاق فـُتِحت كانت مغلقة سابقاً، نعم.. إذا نظرنا من زاوية الضحايا، والتفجيرات فهي صورة مُعتمة، ولكن تـُوجَد زوايا أخرى جيِّدة، منها: انضمام العالم إلى جانب العراق في مُواجَهة داعش.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: تـُوجَد قواسم مُشترَكة بيننا وبين دول العالم. دول الحوض الجغرافيّ تربطنا معها حقائق التاريخ، والجغرافية، والمصالح اللصيقة بالحُدُود، ومنابع دجلة والفرات. نهر الفرات ينبع من ثلاث دول (تركيا، وسورية)، وهناك استحقاقات جغرافيّة أخرى بيننا وبين هذه الدول؛ لذا علينا أن نـُعمِّق العلاقة. ودول ما بعد الحوض الجغرافيّ تـُوجَد مصالح تجاريّة، وسياسيّة، وكذلك أمنيّة فهذه قابلة لأن تتحرَّك. عندما دخلت قضيّة داعش فتحت لنا آفاقاً جديدة مع دول العالم المُختلِفة؛ ومادام خطر داعش يُهدِّد الجميع فالجميع مُستعِدّون لأن يصطفوا معاً، ويرسموا ردَّ فعل مُناسِباً يُكافِئ هذا الفعل السيّئ؛ إذن يُوجَد في الأفق صُوَر إيجابيّة يُمكِن استثمارها لتطوير تجربة العراق في مُواجَهة داعش.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أقول للعالم كلـِّه من دون تهويل، أو مُبالـَغة، ومن دون غرور: إنَّ العراق يُدافِع عنكم، نعم.. هو يُواجـِه داعش على الأرض العراقيّة، لكنَّ الذين أتوا إلى الأرض العراقيّة من دولكم، وأنتم تنتمون إلى أرقى دول العالم ديمقراطية ً؛ هذا يعني أنَّ هناك غفلة عن الشباب، ويُوجَد توجيه خاطئ لشبابكم، وأنَّ هؤلاء يحملون استعدادات التمرُّد عليكم عندما يعودون، ويُمارسون عمليّات إجرام، وتفجير، وما شاكل ذلك؛ لذا على العالم أن يصحوَ من هذه الحالة، وأن يُساهِم مع العراق لمُواجَهة داعش، وردِّ غائلة الخطر. هذا أوَّلاً، والشيء الثاني لابدَّ لمُجتمَعات العالم أن تشعر بأنَّ الرسول -صلى الله عليه وآله- هو رسول الحُبِّ، والطمأنينة، والوحدة، وهو رسول الإنسانيّة ليس فقط الإسلام، ويُخاطِب كلَّ الناس بالمَحبّة، والتواصُل فليكفوا عن مسألة استفزاز المُسلِمين بالإساءة إلى شخص رسول الله -صلى الله عليه وآله-. العودة إلى صفحة الأخبار |
|