الجعفريّ باستشهاد السيد حسن نصر الله: كانت مواجهتك حسينية بامتياز كما هي مسيرة القادة الأبطال على مر التاريخ: عزم على تحقيق الأهداف، وصدق في طلب الشهادة، وإصرار على العهد، وتحشيد للمواجهة.. الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب

لقاء قناة العربيّة بالدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة
الاخبار | 28-04-2015
  • انتهت الآن عمليّات عاصفة الحزم في اليمن بعد تحقيق أهدافها.. كيف ينظر العراق إلى التطوُّرات الأخيرة في اليمن حاليّاً بعد بدء العمليّات؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: في البداية لم يكـُن موقفنا مُؤيِّداً لما حصل من تدخـُّل عسكريٍّ في اليمن، وقلناها بالحرف الواحد من على منبر جامعة الدول العربيّة: نحن نرفض هذا التدخـُّل؛ وهذا الرفض لم يتأتَّ من خلال هذه فقط إنما عكس استراتيجيّة ثابتة.

 

  • حتى لو كان بطلب الرئيس المشروع ووفقاً للقوانين الدوليّة، والمادّة 51 من الميثاق؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هذه مسألة مطاطيّة، لكنَّ أصل مبدأ التدخـُّل في شُؤُون الدول الأخرى، ولاسيَّما التدخـُّل العسكريّ من شأنه أن يفتح باباً يصعب إغلاقه.

 

  • لكنه يتماشى مع الشرعيّة الدوليّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الشرعيّة الدوليّة بما هي مشروعيّة دوليّة يجب أن تـُركِّز على السلم، والطرق السياسيّة للحلِّ، وليس الحلّ العسكريّ. الآن نحن أمام ماضٍ. دعنا ننتقل إلى الحاضر: أثبت الواقع أنَّ هذه الرؤية كانت صحيحة. كل الدول أو بعضها وقفت معنا، وبعضها وقفت حياديّة إزاء الموقف، ولكنَّ رأينا ثابت جدّاً.

نحن نتمسّك بمبدأ ضرورة حفظ العلاقات العربيّة فيما بينها، وننأى بها عن التدخـُّل العسكريِّ. الآن هذه الخطوة (إيقاف العمليّات العسكريّة) خطوة صحيحة على طريق الحلِّ، ولكن يجب أن تكون خطوة على الأرض بأنها ستقف فعلاً.

مرة أخرى أؤكِّد أنَّ البلد عندما يُواجه مُشكِلة مع أيِّ فريق، أو أيِّ مجموعة فالخيارت السياسيّة هي الخيار الأنجع.

 

 

  • لكنّ المجموعات المُسلـَّحة المليشيات الحوثيّة، وقوات علي عبد الله صالح، وأنصاره استخدموا القوة.. كيف يكون هناك حوار وهم ذهبوا إلى عدن، واحتلوا صنعاء.

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أنا أتكلـَّم على التدخـُّل، ولا أتكلـَّم على ردِّ فعل الحكومة.

عندما يكون لها فعل لأيِّ فصيل يحمل سلاحاً هذا له سياق آخر. يهمُّني أن يكون السياق سياقاً يمنيّ-يمنيّ مثلما أريده للعراق أن يكون السياق عراقيّ-عراقيّ.

 

  • لكن الحكومة كانت عاجزة، وغير قادرة، وهذا كان واضحاً للعيان، واستنجدت بدولة، أو أكثر، وهذا أمر مشروع؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا.. الأمر نسبيّ. لا أعتقد أنَّ مَن نصح السعوديّة، وارتكبت هل كان مُخلِصاً لها. نحن بكلِّ إخلاص، وبكلِّ مَحبّة في الوقت الذي ثبّتنا رفضنا التدخـُّل العسكريَّ ثبَّتنا علاقتنا الحميمة، وحرصنا على الطرفين اليمن والمملكة العربيّة السعوديّة وهي دولة شقيقة، وعلى حُدُود الجوار الجغرافيّ، ولا تـُوجَد لدينا أيُّ مُشكِلة، لكننا نملك رؤية استراتيجيّة نعتقد أنَّ هذا الشيء غير صحيح.

كان لابدَّ أن يتحاشوا التدخـُّل العسكريَّ، ويتركوا القضيّة تـُحَلُّ داخل البيت اليمنيّ، وإذا أرادوا منا إسناداً فنحن حاضرون، وتتحرَّك الدول العربيّة، وتشغل مُفاعِلاتها، وعلاقاتها مع هذه الدولة وتلك الدولة بأيِّ طريقة؛ حتى تـُسلـِّط ضغوطاً سياسيّة من أجل تسوية الحال. هذا مُرحَّب به.

عندما يكون أحد الجانبين وهو يمنيّ يستخدم القوة نمنعه بقوة يمنيّة، لا بقوة من خارج اليمن.

 

  • أين هذه هي القوة اليمنيّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا أعرف من أين، ولستُ عاملاً في بورصات الأسلحة. نحن ابتـُلِينا بها في العراق، وأتمنـَّى، وأتطلـَّع إلى ذلك اليوم الذي تـُغلـَق فيه بوّابات دخول الأسلحة، وتـُؤذي الناس.

 

  • أعتقد أنـَّه لو كان لدى الرئيس عبد ربه منصور هادي حلّ عسكريّ لمُواجَهة القوة اليمنيّة الموجودة لاستخدمها، وأعتقد أنَّ لجوءه، ومُناشَدة السعوديّة والدول الحليفة يُمكِن هو الحلُّ الأخير اليائس لمنع التقدُّم العسكريِّ الحوثيّ؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أرجو أن لا يُورِث التدخـُّل الذي حصل الأطراف اليمنيّة -لا سمح الله- كراهة، وما شاكل ذلك على المدى المُتوسِّط والبعيد، كما أتمنـّى صادقاً أن لا تجرُّ هذه إلى رُدُود فعل بين البلدين الشقيقين اليمن والسعوديّة.

الحرب، واستخدام الأسلحة، والقصف الجوّيّ من شأنه أن يُورِّث مشاكل كثيرة جدّاً من قتل، وحرق مناطق، وتخريب بُيُوت؛ هذه تـُورث أحقاداً نتمنـّى أن يُلملِم الجراح بسرعة، ثم يتجاوزوا هذه الحالة.

 

  • لنتكلم على فتح السفارة السعوديّة في العراق. تحدَّثت إليَّ في سبتمبر/أيلول في هذا الاستوديو أنك تتوقع خلال فترة بسيطة أن تـُفتتـَح هذه السفارة، وإلى الآن بعد مرور حوالى سبعة أشهُر لم تـُفتتـَح.. إلى أين وصلنا في هذا المجال؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: المكان تحدَّد خلال هذه السبعة أشهُر، وجاء فريق من وزارة الخارجيّة السعوديّة، وفي آخر حديث استمعت إلى الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز قبل حوالى شهر من وفاته، وعبَّر عن إصرارهم على فتحها، والبارحة بُلـِّغت بتسمية أحد الشخصيّات في السعودية كمُقترَح، ونحن الآن ننظر به، ونـُرحِّب بأيِّ سفير سعوديٍّ إلى العراق.

 

  • ما احتمالات مُشارَكة العراق في أيِّ قوات عربيّة مُشترَكة، وفي اجتماعات شرم الشيخ قلتم: لا. إلى أين وصلنا في هذا؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لم نقـُل: لا، بل قلنا لا للتدخـُّل في شأن اليمن، وقلنا نتحفـَّظ بالنسبة إلى تكوين قوة عربيّة مُشترَكة.

هناك فرق بين التحفـُّظ والرفض. التحفـُّظ دلالة على أنَّ المبدأ صحيح، ولكنه مُورِس بطريقة خاطئة، فلا ينبغي أن يأتي العراق إلى القِمّة العربيّة، ويُصوِّت على شيء غير مسبوق به علماً.

 

  • وُجِّهَ إليكم اعتذار؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نعم.. قلبنا الاعتذار.

بالمُناسَبة.. اتصل بي أحد كبار المسؤولين من جامعة الدول العربيّة، وقبل البارحة وأنا في السفر قال: نـُريد أن تـُسمّوا لنا مُمثـِّلكم الآن، وبعد غد سيجتمعون.

مُبادَرة بهذه السعة تحتاج إلى استشارات من الأركان، والقيادات الأمنيّة، وزارة الدفاع، وكلّ المعنيِّين وعلى رأسهم القوات المُسلـَّحة العراقيّة؛ حتى يُعطوا رأيهم بشكل رصين، ومع ذلك جاءت مُتأخِّرة، وحصل الاجتماع، ونحن بانتظار النتائج المترتبة عليه، لكن -كمبدأ- قوات دفاع عربيّة مُشترَكة لا أرى فيه خطأً بشرط أن تتوافر مُقدّماته بطريقة صحيحة، وتتحكّم فيه معايير دقيقة جدّاً؛ حتى تكون هذه القوات قوات دفاع عن كلِّ الدول العربيّة.

 

  • إن لم تشاركوا عاجلاً ستشاركون آجلاً؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن مع أيِّ صواب، ولا نتأخَّر عن الصواب أبداً، ونحاول أن نكون سبَّاقين، ونكون مُبادِرين، لكنَّـنا نقول كلمتنا -وعلى المثل العراقي- عدوُّك يقول أردتُ أن أقول لك، وصديقك يقول: قلتُ لك. نحن نقول كلمتنا من وقت مُبكِّر.

 

  • بالنسبة إلى ما يحصل في العراق.. ألم تنتهك مليشيات الحشد الشعبيِّ انتهاكات بحقِّ الشعب العراقيّ في تكريت؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لم ترتكب قوات الحشد الشعبيّ انتهاكات ضدَّ الشعب العراقيّ، ولماذا يرتكبون جرائم وهم جاؤوا لتحرير تكريت؟!

ما الذي حدث في تكريت؟

الذي حدث في تكريت أنَّ قوات الحشد الشعبيِّ ساهمت في تحرير تكريت، وقدَّمت خيرة أبنائها ضحيّة لأجل تكريت يدفعهم بذلك حُبُّهم للوطن، وحُبُّهم للمُواطِنين، وارتباطهم بأبنائهم.

هل تسطيع أن تخبرني ما الأخطاء؟

مبدأ الحشد الشعبيّ عمل مشروع، وصحيح، وأثبت أنه هو مَن أنقذ العراق في الوقت الذي كانت دول العالم سادرة في سُبات عميق، ونائمة.

 

  • والجيش العراقيّ؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الجيش العراقيّ كان فيه خلل -كما تعلم- بسبب ما أصابه في الموصل، وليس سِرّاً على أحد.

الحشد الشعبيّ تشكل بناءً على توجيهات المرجعيّة الدينيّة، وهي ذات علاقة وجدانيّة، تربويّة، دينيّة، ولم تـُوجِّه الخطاب إلى الشيعة دون السُنـّة، بل لكلِّ العراقيِّين بالواجب الكفائيّ، أي: يجب أن ترتقوا إلى مُستوى بحيث تلبّون الحاجة بشكل كافٍ دون نقص. عليكم جميعاً أن تصلوا إلى حدِّ الكفاية. هذه كانت المُبادَرة بالأصل، وتجنـَّدوا جميعاً؛ دفاعاً عن الوطن، وما كان هناك قوات تحالف دوليّ، ولا أيّ قوة أخرى كانوا يُقاتِلون وحدهم، وهم الذين حفظوا العراق، وحفظوا المحافظات، وأعطوا دماءهم بشكل رخيص من أجل عِزّة العراق، وكرامة العراق، والآن تـُعبِّر بعض الفضائيّات بأنَّ الحشد شيعيّ، لا.. هو حشد شعبيّ؛ إذ إنَّ فيهم أبناء عشائر من أهل ديالى سُنـّة وشيعة، وفيهم من أهالي الأنبار سُنـّة وشيعة، ولا يُوجَد عمل من دون خطأ، ولكن يُوجَد فرق بين أن يُعبِّر عن ظاهرة كبيرة، وبين خطأ فرديّ.

إذا كانت هذه الأخطاء تـُعبِّر عن سياسة تجاوز، وانتهاك لحُرُمات الآخرين فنحن قبل غيرنا نشجبها بصوت عالٍ، ونرفضها، ولا نقف مكتوفي الأيدي، لكنَّ الحقيقة التي نقولها على الأرض: إنَّ الذي حفظ العراق، وحفظ محافظات العراق من أن يُصيبها ما أصاب شقيقتها الموصل هو الحشد الشعبيّ في وقت مُبكـِّر.

المطلوب من كلِّ مناطق العراق أن يُشمِّروا عن ساعد الجدِّ، ويُدافِعوا عن حياض العراق، وليس مطلوباً منهم -لا سمح الله- أن ينهبوا، أو يسرقوا، أو يُخرِّبوا البُيُوت، وحتى في ألفاظهم، وشعارتهم يجب أن لا يستفزوا أحداً. هذه توصية المرجعيّة لكلِّ الناس.

أمّا أن تقول لي: تـُوجَد مُفارَقة حصلت هنا وهناك. المُفارَقة حصلت في زمن رسول الله -صلى الله عليه وآله-، وكان رافضاً لها، ولا يقبل بها.

أحد الأشخاص ارتكب مُفارَقة شجبه، وأعطى ديّة على الضحيّة من بيت مال المُسلِمين.

 

  • ماذا تقول لمَن يقول: إنَّ الإيرانيِّين، ومُن يُوالِيهم من داخل العراق يُشكِّلون عقبة في طريق فرض الدولة لسلطتها؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هذا غير صحيح. أثبتت إيران خلال الثلاث سنوات التي مضت، وحتى بعد السقوط في عام 2003 أنها تقف إلى جانب العراق من دون أن تتدخـّل.

هي دولة جوار جغرافيّ.. وأنت اليوم في بيتك، وجارك تكون لديه مُشكِلة أنت تتنهَّد، وتحاول أن تـُساعِده؛ لحقِّ الجار، وحتى لا تنتقل المُشكِلة إليك.

من يُريد الاستقرار يُحقـِّق مقابله استقراراً، ومن يُريد منفعة اقتصاديّة عليه في المقابل أن يُحقـِّق منفعة اقتصاديّة، أعني أنَّ العوامل تتداخل، ونرفض بضرس قاطع التدخـُّل في شُؤُوننا من أيِّ دولة كانت. أنا لا أقول هم يُريدون، ولكن لنفترض جدلاً أيّ دولة من دول الجوار تـُريد نفوذاً، وتـُريد أن تحكم، وتحوِّل التداخُل في المصالح إلى تدخـُّل في شُؤُوننا ستجد أننا نرفض بضرس قاطع، ولا نستحي من ذلك.

 

  • أنت تتفهَّم قلق الجالية السُنـّيّة من هذا الوضع في العراق؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أتفهّم قلق كلِّ واحد، ولكن يجب أن أطمئنه بأننا حين قبلنا المُساعَدة من المملكة العربيّة السعوديّة، وقبلنا مُساعَدة من تركيا، ومن الكويت، ولكن هل هذا يعني أنَّ هذه الدول وهي غالبيّتها من الإخوة السُنـّة لديها طموحات طائفيّة ضدّ الشيعة.

الذي يُقدِّم لنا مُساعَدة لا يعني أنـّه طامع في أرض، أو طامع في ثروة..

 

  • ماذا تـُريد من تركيا من مُساعَدات؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: دولة جوار يدفعها نفس الشعور الذي يدفع الكويت، والذي يدفع السعوديّة، ويدفع إيران، ويدفع سورية، ويدفع الأردن. وحتى من المصالح نحن لا نضيق ذرعاً بالمصالح بشرط أن لا تتحوَّل عمليّة تبادل المصالح إلى تدخـُّل في شُؤُوننا السياديّة. هذا هو الخط الأحمر.

 

  • قمتم بزيارة إلى الرئيس الأسد قـُبَيل اجتماع القِمّة في شرم الشيخ.. كيف تـُوفــِّقون بين تعاونكم الأمنيِّ مع الحكومة السوريّة ضدّ داعش، وما علاقاتكم مع إخوانكم العرب؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هناك علاقة وطيدة، وقديمة، ومُشعِّبة.

ما يتعلق بسورية.. يُوجَد خطر جاءنا من سورية. داعش شاميّة الولادة من الرحم السوريّ، ثم استقرَّت في العراق، وانتقلت إلى بلدان أخرى في العالم. يهمُّنا كثيراً أن تكون العلاقة على أعلى مُستوى.

زيارتي كانت لرئيس الجمهوريّة الدكتور بشار الأسد كانت مُثمِرة، وسمعنا وجهة نظره، وقلنا له إنَّ نظريّتنا بالحلِّ أن يكون هناك تعدُّد سياسيّ، ويجب أن يكون الحلُّ مع الأطراف السوريّة المُتعدِّدة المُختلِفة، ويجب أن تـُدير الحكومة هذه العلاقة بينهم؛ حتى ينتقلوا من الداخل السوريِّ لحلِّ المُعضِلة إلى الخارج السوريِّ. وجدته مُستجيباً، ويتكلم بثقة، وضربتُ له أمثلة بأنه يُمكِن استيعاب أطراف سمَّيتها له.

 

  • إن قِبَل بتعدُّد الأحزاب؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أنا قلتُ له: لم يعُد عالم الحزب الواحد موجوداً، فقال: هذه قد تجاوزناها.

 

  • ماذا تقول لمَن يقول: إنَّ الإرهاب وداعش وُلِد من الأزمة السوريّة، ولم تكـُن هي المُسبِّب في الأزمة السوريّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: جدلية مَن المَسبِّب، ومَن النتيجة. على قول الشاعر:

مسألة الدور جرت    بيني وبين من أحب

لولا مشيبي ما جفا    لولا جفاه لم أشب

أو: البيضة من الدجاجة أم الدجاجة من البيضة، ولكن على العُمُوم.. الشعب السوريّ -وهذا قلته للدكتور بشار الأسد- مُنقسِم قسم مع، وقسم ضدّ، نحن في مثل هذه الحالة لا يُمكِن أن نُغلـِّب قسماً على آخر، علينا أن ننفتح على الاثنين؛ لذا نـُوصي بضرورة أن تمارس الحكومة دوراً أبويّاً، وتحتضن الجميع.

وهذه الجُهود التي تشتـَّت أعطت فرصة لداعش أن تنمو، وتترعرع، وتمتدَّ إلى مناطق أخرى.

هناك طرف اسمه دعش يقتل، ويحرق، ويُفجِّر، ويمتدُّ إلى كلِّ مناطق العالم، فليس من الصواب فتح حرب مع أنظمة. تستطيع أن تـُؤجِّلها، وفيها حسابات. الآن هناك معركة شديدة، وشرسة، وقابلة للعولمة، وقد أصبحت مُعولـَمة..

ليس صحيحاً تشتيت الجُهُود بين حرب على النظام وهو نظام واضح، وحرب على إرهابيّين غير واضحين يتحرَّكون كالفئران في مخابئ.. هكذا يقضي منطق الحُرُوب. منطق الحُرُوب جمع بين روزفلت الأميركيّ، وتشرشل البريطانيّ، وستالين السوفيتيّ ضدّ هتلر.

 

  • هناك جرائم ارتـُكِبت في سورية من قِبَل جميع الأطراف بما فيهم الحكومة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أنا مع إنزال القصاص العادل على كلِّ مَن يرتكب جريمة.

 

  • هل رأيت تقرير سيزر التي خرجت به المنظمات السوريّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أنا أشجب، وأرفض أيَّ انتهاك للمرأة، وأعتبرها عرضي، وأيُّ ولد يُقتـَل أعتبره ابني، وأيّ بريء أنا أعتبره أخي.

نحن ضحايا الإرهاب، ولا يُوجَد أحد يُزايدنا في العراق سواء في المُعارَضة، أم في الحكم فلقد اكتوينا بنار الإرهاب. أنا جالس أمامك أعدم صدّام خمسة من عائلتي، وأمّا بقيّة العوائل العراقيّة فحدِّث ولا حرج. نحن اكتوينا بنار الإرهاب، وعندنا ثقافة ليست من الكُتُب، بل ثقافة مُمارَسة؛ فلسنا مع الإرهاب حكومات أو أنظمة. بالمُناسَبة.. اتصلت بي الأمم المُتحِدة قبل ثلاثة أيام؛ حتى أتوسّط بمُخيَّم اليرموك، وفوراً اتصلت بالأخ وليد المعلم، وأخبرته بأنه يُوجَد كذا أمر، فقال لي: نحن كقوات عسكريّة سوريّة لا نتدخـَّل، نعم.. تـُوجَد فصائل فلسطينيّة مُسلـّحة هي تتدخـَّل، ومع ذلك قلتُ له: يجب أن نـُفرِّق بين وجود بُؤَر إرهابيّة مُا وبين أن تطال العمليّات العسكريّة المُسلـَّحة الناس الأبرياء والنساء، والأطفال، والشباب، والشُيُوخ.

 

  • هناك حصار من قِبَل القوات السوريّة على كثير من المناطق في سورية؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا فرق بين القتل بالآلة وبين أن يُقتـَل الإنسان بالجوع. إلى درجة أنه يُفضِّل أن يُقتـَل ليتخلص من الجوع.

السوريّون يُعانون من حصار، والعالم يُكثـِّف جُهُوده لتجميد هذه الأشياء المرحليّة، والعُبُور إلى مرحلة أخرى، وفتح حوار؛ لأنـَّه قد مضت أربع أو خمس سنوات من القتال ولم تـُسفِر عن شيء سوى أن انتقل الإرهاب إلى العراق.

 

  • هل تضع الحكومة الآن خُطـَطاً لتأهيل، وإعادة الإعمار بعد تحرير المناطق التي كانت تـُسيطِر عليها داعش في العراق؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بالتأكيد يجب أن نـُفكِّر بنظرة استشرافيّة بالنسبة إلى المُدُن عندما يتمُّ تحريرها -بإذن الله تعالى- وكيف ستـُدار بالنتيجة. خُصُوصاً أني عشتُ في الموصل، وأفهم مُركَّباتها، وبعض البُؤَر، وبعض الخلافات التي يُمكِن استغلالها -لا سمح الله- فتجعل الموصل على أبواب شيء اسمه الاحتراب، والقتل المُتبادَل.. يجب أن نـُفكـِّر بملء الفراغ الأمنيِّ بحيث لا تحصل هذه الكارثة، وفي الوقت نفسه المدينة تضرَّرت في بُنيتها التحتيّة، وطلبنا مُساعَدة من الأمم المُتحِدة، ومن مُختلِف دول العالم، وليس فقط مُساعَدات طارئة على مُستوى الأمن الجوّيِّ، وإنما طلبنا مُساعَدات إنسانيّة لأنَّ عندنا 2600000 مُواطِن عراقيّ نزح من هذه المناطق إلى مناطق أخرى، وخرج مليون مُهاجـِر من داخل العراق إلى خارج العراق، والمدى الثالث هو إعادة بناء البُنية التحتيّة فعصابات داعش تـُخرِّب، وتـُفجِّر المناطق التي تـُسيطر عليها.

 

  • وفقاً للأمم المُتحِدة يُوجَد 2900000 ألف نازح عراقيّ منذ يناير 2014 من الأنبار وغيرها، وأخيراً سمعنا عن آلاف الفارّين تقطـَّعت بهم السُبُل على مشارف بغداد بسبب إجراءات تتطلب كفيلاً.. هل لك أن توضح؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا يُوجَد عندنا كفيل، ولكن كسياسة عامّة فتحت مُدُن العراق قلبها قبل بُيُوتها؛ لاستقبال المُتضرِّرين في كردستان، وفي كربلاء، ومناطق أخرى فتحت أبوابها للهاربين من هذه الحالة السيِّئة. الحكومة -بدورها- قدَّمت مُساعَدات مع الظروف الاستثنائيّة التي ألمَّت بنا، وأنت تعرف جيِّداً أنـَّه مثل هذه الأجواء تتطلـَّب التفتيش فقد تختلط بهم بعض العناصر المشبوهة.

 

  • في خطابك تقول: إنَّ العراق يقود حربين في آن واحد: حرباً عن نفسه، وكرامته، وإنسانيّته، وحرباً بالوكالة عنا جميعاً.. هل لك أن تشرح هذا؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أثبت الواقع أنَّ عناصر داعش المتواجدين في العراق هم من أكثر من 62 دولة. أتوا من أقصى العالم إلى أقصى العالم، ومن كبرى الدول الديمقراطيّة من كندا، ومن أميركا، وغيرهما؛ إذن العراق يُدافِع عن نفسه وعن كرامته، ويُدافِع عن بلدان العالم كلـِّها.

 

  • بالنسبة إلى المشروع الذي تـُخطـِّطون لاستصداره من جنيف بالاشتراك مع ألمانيا حول التراث والآثار؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: التراث يعني البُعد الحيويَّ، والتاريخيَّ. ومن لا تاريخ له لا حاضر له، ومن لا حاضر له لا مُستقبَل له، والآن حصلت استجابة مُمتازة في طريقها أن تـُعمَّم، وكنتُ في حديث مع الأطراف المعنيّة، ومع السيّد بان كي مون، وكانت الاستجابة جيِّدة، ونأمل أن تشقَّ طريقها، وتـُحوَّل إلى قرار في الأمم المُتحِدة.

التراث في العراق ليس مُلك العراقيِّين فقط، بل مُلك البشريّة كلـِّها. هو سجلّ يُؤرِّخ مسيرة البشريّة، وكيف بدأت.

الأمم الحيّة تحترم تاريخها، ونحن أمّة حيّة، ونحترم تاريخنا من دون أن نـُحوِّل التاريخ إلى معبود -أعوذ بالله- إنما نعتزُّ به، وهو رمز لأصالتنا، وهويتنا.


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy