|
الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة يلتقي سماحة السيِّد عمّار الحكيم رئيس المجلس الإسلاميِّ الأعلى بحُضُور لجنة العلاقات الخارجيّة في مجلس النواب، وسفراء العراق
الاخبار | 03-04-2015
التقى الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة رئيس المجلس الإسلاميِّ الأعلى سماحة السيِّد عمّار الحكيم بحُضُور لجنة العلاقات الخارجيّة في مجلس النواب، وسفراء العراق، وجرى خلال اللقاء مُناقـَشة مُجمَل الأوضاع السياسيّة، وتطوُّراتها، علاوة على مُناقـَشة الملفِّ الأمنيِّ، والحرب التي تخوضها القوّات المُسلـَّحة، وقوّات الحشد الشعبيّ ضدَّ عصابات داعش الإرهابيّة. وأشاد الجانبان بالانتصارات التي حقـَّقتها قوّاتنا البطلة، والهزائم، والانكسارات التي تعرَّض لها تنظيم داعش الإرهابيّ، وتحرير عدد من مُدُن العراق التي كان قد سيطرت عليها العصابات الإجراميّة. وخلال اللقاء ألقى الدكتور إبراهيم الجعفريّ كلمة إليكم نصَّها:
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.. شكراً جزيلاً لأخينا العزيز الحاجّ أبي فائقة، وشكراً لسماحة السيِّد الحكيم على هذه الدعوة الكريمة.. إنَّ محفلاً كهذا ليس بمعزل عن سلسلة المحافل التي شهدتها السياسة العراقيّة إبّان النظام المقبور بنمطيّة المُعارَضة، وهي اليوم بنمطيّة الحكم.. ليس هذا بمعزل عن هذا، وهكذا تغذي وتتغذى فكراً، وقِيَماً، وشخصيّات من النساء والرجال مثلما قدَّموا في مرحلة المُعارَضة أطواداً شامخة خرّوا صرعى على مذبح الحُرّيّة، وفقدنا العدد الكبير، والنوع المُتميِّز على مذبح الحُرّيّة.. ها هي جُهُودهم، وتلك الدماء المُبارَكة تتكلـَّل بنجاح التجربة، ويقطع أبناؤنا، وبناتنا طريق بناء العراق شوطاً بعد آخر، ويبنون الكيان العراقيَّ المُستقِلَّ مِكماداً بعد مِكماد. نعيش وإياكم اليوم مُواجَهة جديدة في العراق ضدَّ أصابع السوء التي امتدَّت من الخارج العراقيِّ، وليس فقط من الخارج الجغرافيِّ، بل من الخارج الوطنيِّ، والخارج الوجدانيِّ. تضافرت هذه العناصر السيِّئة؛ من أجل أن تـُعيق حركة بناء العراق. إذا كان العالم سادراً في سُبات عميق لفترة طويلة من الزمن فإنـَّه اليوم صحا من غفلته، وشعر أنَّ الذي عادى العراق عادى العُمق الإنسانيَّ في كلِّ مكان، وعادى القِيَم، وعادى المبادئ، وعادى الحضارة؛ لِمَ لا والعراق -ولا فخر- مثـَّل هذه الأطواد الشامخة مرّة واحدة في فكره، وفي تاريخه، وفي حضارته.. هذا المكان شهد على مدار سنوات ما بعد السُقوط نشاطات إخواننا، وأعزّائنا، والشهداء من آل الحكيم.. نشاطات رائعة منذ زمن بعيد، وعلينا أن نـُواصِل هذه المسيرة.. علينا أن نبني العراق، ونـُحارب الفساد، ونـُقيم صرح العراق الشامخ على أساس القِيَم المُشترَكة، والمصالح المُشترَكة، وتاريخنا المُشترَك.. ثنائيّاتنا في العراق ثنائيّات تكامُل حاوَلَ البعث أن يعبث بها، ويُحوِّلها من ثنائيّات تكامُل إلى ثنائيّات تقاتـُل بين السُنـَّة والشيعة، وبين العرب والكرد والتركمان، وبين الرجال والنساء، وبين المُسلِمين وغير المُسلِمين، وبين أبناء الأحزاب المُشترَكة. نفخر أنَّ لنا تنوُّعات مُتعدِّدة، بل تنوُّعات نوعيّة مُمتازة. رُبّما يكون مصطلح المُجتمَع المَدَنيّ، وما أفرزته العقليّة الغربيّة لم تتجاوز مائتي سنة سواء كان على نظريّة لوك، أو هوبز، أو كرامشي، لكنَّ حقيقة الأمر أنَّ تجسيد المُجتمَعات المَدَنيّة، والمُؤسَّسات المَدَنيّة يتجلـَّى، ويتلألأ في سماء العراق بشكل يبهر الأنظار. رُبَّما الذي يعيش الداخل العراقيَّ لا يرى هذا إلا أن ينسلخ من الذات، وينظر إليها من الخارج العراقيِّ. أنا أشعر -اللهم اشهد لا تشفـِّياً ببلد أبداً مهما كان بعيداً عنا فكراً وجغرافيةً- عندما أنظر إلى العراق بعين من الداخل، وبعين أخرى من الخارج أجد أنَّ المسيرة تمضي بشكل مُظفـَّر، وجيِّد، ومُناسِب.. هبَّت عواصف طائفيّة كثيرة كادت أن تـُودي بالعراق، وتـُؤدِّي به إلى السوء، وعواصف أخرى من هنا وهناك، لكنَّ الحكمة التي تحلـَّت بها إرادات الخير -وما أكثرها!- والمرجعيّة الدينيّة على رأسها، والحركات، والأحزاب جميعاً، والبرلمان، والسلطات العراقيّة تضافرت جُهُودها من أجل إيقاف العراق على قاعدة الاستقرار. كنا وإيّاكم قبل قليل في رحاب سورة آل عمران: ((واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا)) كلما يستمع الإنسان يستوحي، وينتزع منها معاني جديدة، ولم يترك الله -تبارك وتعالى- هذه الآية إلا وشفعها بالآية 103 و 104: ((ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، وأولئك هم المُفلِحون)). ما ترك هذه الأمّة لمُجرَّد أنـَّها سارت على سِكّة التوحيد، إنـّما يجب أن تـُواصِل، وتـُوفـِّر لنفسها صمامات أمان، وهو: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. المعروف والمنكر قبل أن يكون مُصطلحاً دينيّاً وإسلاميّاً هو مصطلح عُرفيٌّ، وهو ما تعارَفَ عليه الناس جميعاً. نحن نتحمَّل مسؤوليّة حفظ لحمة العراق، ووحدة العراق، والذين قـُتِلوا من أبنائنا ومن بناتنا في المحافظات التي سُلِبت آلمتنا كثيراً، واليوم -الحمد لله- عدَّاد النصر بدأ يُعطي مُؤشِّراته، ويُعطي أجلى صُوَره بالتراجُع الكبير، وتقدُّم القوات المُسلـَّحة، وقوات الحشد الشعبيِّ. ولابدَّ لي أن أثبِّت أنه في الوقت الذي أرادت إرادة الشرِّ أن تفتك بالعراق، واستغفلت، واستغلـَّت ما استغلـَّت انبرت المرجعيّة، وأكـَّدت على ضرورة النـُهُوض بالجهاد الكفائيِّ، ووضعت مُرتكـَزين مُهـِمّين من جملة ما وضعت، أوّلاً: أن تكون هذه القوات جميعاً تحت خيمة القوّات المُسلـَّحة العراقيّة؛ حتى لا تتحوَّل إلى ظاهرة تمزُّق، وتجمُّعات جانبيّة ثانياً: ثبَّتت الابتعاد عن أيِّ عناوين جانبيّة، وإنـَّما يكون الدفاع عن العراق، والعراق وحده.. وها نحن نرى العراق يصمد الآن، ونتمنـَّى لكلِّ منطقة الخير، ووجدتم الآن عواصف الإرهاب تحاول أن تلتهم كلَّ المناطق سواء كانت المُحيطة بالعراق، أم عُمُوم الشرق الأوسط، بل كلّ دول العالم؛ لذا سُمِّيت هذه الحرب حرباً عالميّة فعلاً، وليست الحرب العالميّة الأولى والثانية حربين عالميّتين؛ الحرب العالميّة هذه؛ لأنَّ العالم كلـَّه مُهدَّد. العراق اليوم -بكلِّ فخر- يرفع قامته، ويُثبِّت أنـَّه يُقاتِل أصالة عن نفسه، ونيابة، ووكالة عن العالم كلـِّه.. شرف للعراق أن يخوض معركة ذات بُعد استراتيجيّ مُمتدّ أفقيّاً إلى كلِّ القارّات، وشرف للعراقيِّين أنَّ أعداءهم يُحرِقون الأبرياء وهم أحياء. لا نحتاج إلى مزيد من المؤونة حتى نـُثبـِّت شرفنا، وعِزّنا، وكرامتنا، وشرعيّة مُقاوَمتنا لهؤلاء الأوباش. باسمكم جميعاً، وأصالة عن نفسي أتقدَّم لسماحة السيِّد أبي أحمد عمّار الحكيم بالشكر على هذه الدعوة الكريمة، وقد عوَّدنا بين أوان وآخر أن يحتضن مثل هذه المُبادَرات. شكراً له، وشكراً لكم جميعاً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وعقب اللقاء أدلى الدكتور إبراهيم الجعفريّ والسيِّد عمّار الحكيم بتصريحات جاء فيها:
السيِّد عمار الحكيم: بسم الله الرحمن الرحيم كانت فرصة سعيدة، وثمينة اللقاء بمعالي الوزير الأستاذ الدكتور السيِّد الجعفريِّ، وهذه الثـُلَّة الطيِّبة من القيادة الدبلوماسيّة العراقيّة، والسادة الوكلاء، والمُديرين، والمُستشارين، وسفراء العراق في مُختلِف بلدان العالم، وكذا لجنة العلاقات الخارجيّة في مجلس النواب. جلسة لطيفة، واستمعنا إلى المُلاحَظات القيِّمة التي أبداها معالي السيِّد الجعفريّ، والسادة، والسيِّدات الحُضُور، وتحدَّثنا بالهمِّ السياسيِّ العامِّ، والأدوار الكبيرة المطلوبة من الدبلوماسيّة العراقيّة في الدفاع عن العراق، وعن العمليّة السياسيّة. اليوم نشهد الانتصارات الكبرى، وأبناؤنا في القوات المُسلـَّحة في الحشد الشعبيِّ، والعشائر الكريمة، والبيشمركة جميعهم يتكاتفون، ويتعاونون، ويُحقـِّقون هذه الانتصارات الكبيرة بفضل من الله -سبحانه وتعالى- في ساحات المعارك. والقادة الدبلوماسيّون، ومُمثـِّلو العراق يُمارسون حرباً سياسيّة للدفاع عن هذا الوطن، وتصحيح الصورة المُشوَّهة، والمُشوَّشة التي يُراد إيصالها إلى العالم بطريقة منقوصة وخاطئة؛ لذا أشدنا كثيراً بالمُؤتمَر المُهـِمِّ الذي عُقِدَ للسادة السفراء برعاية معالي الوزير، وكذلك الورشات، واللقاءات، والجُهد الكبير الذي بُذِلَ. شكرناهم على ذلك، وكانت فرصة طيِّبة للتواصُل، وتبادُل الأفكار.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بسم الله الرحمن الرحيم ابتداءً أتقدَّم بوافر الشكر، وعظيم الامتنان، وموصول التقدير إلى سماحة السيِّد الحكيم على هذه الدعوة الكريمة. كنتُ مُبتهـِجاً جدّاً وأنا أنظر إلى وُجُوه الحاضرين، وأظنُّ أنـَّهم يُشاركونني الابتهاج نفسه، والسُرُور نفسه بالكلمة القيِّمة التي تفضَّل بها سماحة السيِّد الحكيم التي تناولت مجموعة مُفرَدات ونحن بحاجة أن نضعها أمامنا، وهي مُهـِمّة جدّاً. أمّا فيما يخصُّ الدبلوماسيّة العراقيّة فهي تلعب اليوم دوراً ليس قليلاً، أي: رُبَّما استطاعت أن تتجاوز الأزمة السابقة حين كانت بعض دول العالم مُنقطِعة عنا، وبعضها مُقاطِعة لنا سواء كان الذين انقطعوا عنا وضعناها على سِكّة المُبادَرة، وانتهت المُشكِلة، أم الذين قاطعونا، وحاولنا أن ندرس ملفات وأسباب هذه المُقاطـَعة، إذ بدأت تتوالى الدَعَوات، والزيارات إلى العراق باتجاه أن ينسجموا مع مُجمَل حركة العراق الجديدة. الدبلوماسيّة العراقيّة مُهـِمّة جدّاً، ولا أبالغ إذا قلتُ: إنـَّها عِدْل الهمِّ الأمنيِّ؛ لأنَّ هذه الدول بعضها مُتورِّط بالتدخـُّل في الشأن العراقيِّ الداخليِّ بشكل مُباشِر وغير مُباشِر، ويُمكِن أن يُساعِدونا، وساعدونا سواء كان بالأسلحة، والدعم الأمنيِّ أم بالجانب السياسيِّ، أم الجانب الخدميِّ، أم الإنسانيِّ، أم الماليّ. على كلِّ حال كنا نحمل همَّ العراق، ونـُكمِل إخواننا في جبهات القتال بالدبلوماسيّة العراقيّة، ووجدتُ اليوم في هذه الجلسة من خلال مجموع المُتحدِّثين حالة من التكامُل -وإن لم يكُن بيننا اتفاق بالحديث، وتقاسم أدوار الحديث- إلا أنَّ الهمَّ العراقيَّ يفرض نفسه على الخطاب العراقيِّ.. والخطيب العراقيِّ يفرض خطابه على واقع العراق الجديد، فخطيب يصنع واقعاً، وواقع يصنع خطاباً. كنتُ مسروراً جدّاً اليوم بهذا الحديث، وأحلى شيء أنـَّهم سمعوا أهمّيّة الدبلوماسيّة، والتكامُل الدبلوماسية وبين كيفية تعامُلهم وكما أشرتُ في الكلمة التعقيبيّة على كلام السيِّد الحكيم أنـَّهم لم يسمعوا شيئاً ذاتيّاً خاصاً بكيان أو غيره، بل يسمعون العراق. همُّ العراق يجب أن يتقدَّم.. نشاطات الوزارة -في تقديري- كانت مُهـِمّة، وهذه اللقاءات لا تقلُّ أهمّيّته عن نشاطات الوزارة، وأن يسمعوا من منبر واحد صوتاً واحداً، وهو: يجب أن تعلو كلمة العراق على كلِّ الكلمات. العودة إلى صفحة الأخبار |
|