|
لقاء قناة (بي بي سي) (BBC) الفضائيّة بالدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة 27/3/2015
الاخبار | 28-03-2015
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الاستراتيجيّة التي يعتمدها العراق أننا لسنا مع أيِّ تدخـُّل خارجيٍّ في أيِّ بلد من البلدان العربيّة من دون استثناء، وحين يكون التدخُّل عسكرياً فموقفنا يكون أكثر جدّيّة بأننا لا نقبل هذا التدخـُّل. نحن مع الحُلـُول السياسيّة العربيّة التي ترعى كلَّ الدول العربيّة، وكلَّ أطرافها، وتـُقلـِّص الفجوات بين المُكوِّنات السياسيّة، وبين الحكومات، نحن لا نـُقِرُّ التدخـُّل ابتداءً، كما لا نـُقِرُّ التدخـُّل العسكريّ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا.. نحن مُنسجمون في موقفنا؛ العراق يختلف تماماً عن اليمن؛ فنحن لسنا أمام جمهور عراقيّ يُشكِل على حكومة عراقيّة، إنما نحن أمام حشد دوليّ عَبَرَ من 62 دولة من مُختلِف دول العالم إلى العراق تحت لواء داعش. نحن أمام حرب إرهابيّة مُعولمة؛ لذا سمحنا للتدخـُّل الدوليّ؛ لأنه قد سبقه حشد دوليّ إرهابيّ، وما كنا أمام مُواطِنين عراقيِّين، ولا أمام مشاكل محليّة، ولا يُعبِّرون عن جمهور عراقيٍّ إنما يُعبِّرون عن تدخـُّل أجنبيّ، وما من دولة من دول العالم إلا وفيها بعض الأفراد انضووا تحت لواء داعش، فمن الطبيعيّ أن يقف هؤلاء ليُعبِّروا عن أنفسهم بأنهم لا يُمثـِّلهم هؤلاء الإرهابيّون.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا.. هناك فرق بين تدخـُّل وآخر. الفرق: أنك لست أمام جمهور عراقيّ يُريد منك شيئاً، وأنت تستعين بقوة أجنبيّة، بل أمام جمهور جاء من 62 دولة، جاؤوا من الخارج، وانضووا تحت لواء داعش، ويُمارسون عملاً إرهابيّاً. هؤلاء لا يُمثـِّلون الشعب العراقيَّ، ويُقاتِلون ويقتلون، ويرتكبون مُختلف أنواع الانتهاكات. أمّا الحوثيون فهم من تربة يمانيّة بغضِّ النظر عن كلِّ الاعتبارات.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا.. هذه المُلاحَظة أيضاً -نحن بتقديرنا- كان يجب أن يكون هناك تشاور على أعلى المُستويات، وكان يجب أن تـُبذل جُهُود، وحركة مكوكيّة مع عاصمة اليمن، والالتماس من كلِّ الأطراف أن تـُحكـِّم العقل، والمنطق، وتقلـِّص الفجوة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لم يتناهَ إلى سمعي ذلك، وكان من الضروريِّ أن تتحمَّل جامعة الدول العربيّة مسؤوليّتها في أيِّ منطقة تلتهب فيها القضايا السياسيّة، وتمسُّ الشارع، وتقلـِّص الفجوة بينهم؛ نحن دول أشقاء.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هذا تجنٍّ على العراق، وجناية أخرى حين يُبرَّر الخطأ بخطيئة، حين يـُبرَّر خطأ عدم الاستشارة العراقيّة بخطيئة أنَّ إيران لهذا نفوذ في العراق، نحن دولة عربيّة، بل نحن معدن العُرُوبة للدول العربيّة كلها.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: مَن يعتقد هذا المُعتقـَد عليه أن يُراجـِع حساباته؛ لأنه مُخطِئ قطعاً. العراق دولة عربيّة لها سيادتها، ولها شعبها، ولها دستورها أمّا أن نبرم علاقة طيِّبة مع هذه الدولة أو تلك فلا يعني أننا صرنا تبعاً لها، فهل نصبح أتراكاً إذا أبرمنا علاقة مع تركيا؟!
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: علاقة جوار جغرافيّ تتفاعل مع استحقاقات التاريخ، والجغرافية، والمصادر الحيويّة. إيران تـُشكِّل منابع المياه لدجلة مثلما تـُوجَد لدينا مع تركيا مصادر حيويّة مُتبادَلة، وتاريخ طويل مُشترَك. أمّا أن نـُبرِم علاقة مع دولة جوار جغرافيّ نكون جزءاً منها، أو صارت جزءاً منا فنعوذ بالله. العراق يعتزُّ بسيادته، يعتزّ بقانونه، ولن يسمح لأيِّ تجاوز من أيِّ دولة، يُبرِم العلاقات بثقة، ويحذر أن يكون تابعاً لأيِّ دولة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الشخصيّة لا تعني قطعاً عسكريّة، أو جيشاً، أو قواعد. لماذا يأتي مُستشارون من أميركا، ومن بريطانيا، ومن عِدّة دول إلى العراق ولا يُعاب علينا أننا تحوّلنا إلى بريطانيّين، أو أميركان، أو أستراليِّين، أو كنديِّين، ولكن إذا أتى مُستشار من إيران صارت القوات المُسلـَّحة إيرانيّة، وصار العراق إيرانيّاً؟! دول التحالف الدوليِّ استفاقت، وجاءت إلى العراق بعد أنَّ تمَّ احتلال الموصل، بينما استجابت إيران بسرعة عندما تعرَّض البلد إلى السلب، ووقفوا إلى جانب العراقيِّين يُؤدّون خدمة حتى لا نعطي مجالاً لأن تسقط المحافظات الواحدة تلو الأخرى.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: المفروض من القِمّة العربية؛ حتى تكون قِمّة عربيّة على رأس الهرم، وتـُطِلَّ بهامتها على الدول كافة أن تمسّ مناطق الالتهاب المُختلِفة؛ عندنا مناطق التهاب في اليمن، وفي سورية، وفي ليبيا يجب أن تمسَّها، وتتعاطى معها بطريقة إيجابيّة بنـّاءة، وتمدّ لها يد المُساعَدة. حسب حاجة الدولة من دعم أمنيٍّ من دون تدخـُّل، ودعم إنسانيّ، وخدميّ، وسياسيّ، واقتصاديّ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لم يُحمِّلني أحد رسالة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نعم.. أعتقد أنه يجب أن يُعاد النظر في طريقة التعامُل مع الملفِّ السوريّ. في سورية تـُوجَد مُشكِلة حقيقيّة ومُتجذرة، جرَّبَ البعض من قادة العرب حين أصرَّ على الحلِّ العسكريِّ، وقد مضت أربع سنوات، وكانت النتيجة المزيد من الدم. مَن الخاسر؟ الشعب السوريّ بين مطرقة النظام، وسندان المُعارَضة المُسلـَّحة، وهذا قد يتكرَّر في مكان آخر. النهج العقلانيّ يقضي عندما تكون هناك مُشكِلة في مكان ما تضع أولويّاتك، لا أن تقول يبقى النظام، أو لا يبقى. هذا شأن الشعب السوريّ. نحن الآن أمام عدوٍّ امتدَّ من سورية إلى العراق، وقد يمتدُّ غداً أو بعد غد إلى مناطق أخرى، وقد قرع طبوله في أكثر دول العالم، بل تجاوز آسيا إلى أوروبا. لا تـُوجَد دولة تحترم نفسها تسمح بالتدخـُّل من خارج الحُدُود؛ الشعب هو الذي يكتفـَّل، لا يُوجَد شعب جبان في العالم، نعم.. قد يسكت، ولكنه لا يجبن.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الأوضاع تـُؤثـِّر وتتأثـّر بما يحدث في سورية. الإرهاب انتقل من سورية، وكنا نقول ابتداءً: إذا تـُرِكَ الحبل على الغارب سيمتدُّ الإرهاب من سورية إلى العراق، وقد امتدَّ، وقد يمتدُّ إلى مناطق أخرى. مَن الذي قتل الكساسبة حرقاً وهو حيّ، ومَن الذي عمل ما عمل في فرنسا، وكندا، وكثير من مناطق العالم؟ اليوم نحن أمام حرب مُعولـَمة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: من حيث المبدأ المُبادَرة صحيحة، وتنمُّ عن قراءة خطر مُشترَك يدهم العالم العربيَّ، ومسؤولية مُشترَكة أن يكون الردُّ ردّاً عربيّاً، ولكن يعوزه التداول في المُستلزَمات، والتشاور مع أطراف الدول العربيّة خـُصُوصاً أمراً كهذا، ومشروعاً بهذا الحجم. والعراق يقع في المُقدّمة فلديه تجربة، ومُؤسَّسة عسكريّة نيَّفت على المائة عام من العمر، وتشهد سماء مصر، وفلسطين، والأردن، وسورية تحليق النسور العراقيّة في الحرب ضدّ إسرائيل.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بالضبط، وإلا فإنَّ المُبادَرة من حيث المبدأ صحيحة، وهكذا بدأت أوروبا. العودة إلى صفحة الأخبار |
|