|
لـقــاء صـحـيـفـة الـشـرق الأوسـط بالدكـتـور إبـراهـيـم الجـعـفـريّ وزيـــر الخــارجـيّة العـراقـيّة 27/3/2015
الاخبار | 27-03-2015
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: العلاقات بين العراق وسورية خاضعة للحقائق الجغرافيّة، والمُجتمَع المُتداخِل، والمصالح المُشترَكة، وأخيراً الأخطار المُشترَكة وفي مُقدّمتها الإرهاب، وكان من الطبيعيِّ أن تحظى مسألة الإرهاب بحِصّة كبيرة منه، فتحدَّثنا عن الإرهاب، وكيف تطوَّر، وكيف انتقل من الشام إلى العراق، ويُمكِن أن ينتقل إلى مناطق أخرى في العالم. هذا بالنسبة إلينا مُهـِمٌّ، إضافة إلى ذلك تهمُّنا أن تكون سورية دولة مُستقِرّة، وتصل إلى تسوية مع فصائل المُعارَضة، وتـُعيد أمنها، وكذلك تحدَّثنا عن الهُمُوم المُشترَكة، وملفِّ الإرهاب بالذات حظي بالجزء الأكبر. والآن لم تعُد الدول بمنأى عن الخلل الأمنيِّ في سورية، فانتقل إلى العراق، وانتقل إلى دول أخرى من العالم؛ لذلك تحدَّثنا عن الامتدادات المُحتمَلة للإرهاب في كلِّ مناطق العالم. ولأنَّ هناك ارتباطاً وثيقاً بين الجانب السياسيِّ وبين الجانب الأمنيِّ فمن الطبيعيِّ أنَّ تقوية الجانب السياسيِّ تنعكس على الأمن، والعكس صحيح. كانت لنا رؤية ضروريّة حول تسوية الخلافات بطريقة سلميّة، وبالحوار السياسيِّ مع فصائل المُعارَضة السوريّة، والإفادة من التجربة العراقيّة التي جنت ثماراً طيِّبة، وأخمدت فتن الإرهاب، وإن كان مُستعِراً في مدينة الموصل.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هناك تداخُل بين ما يحصل في سورية وبين ما يحصل في العراق، وليس تدخـُّل وإنما تداخـُل يُؤدِّي إلى نوع من أنواع التمويج. كنا نتوقع منذ زمن أنَّ ما يحصل في سورية سينتقل إلى العراق، وقد انتقل فعلاً؛ لوُجُود بُنى اجتماعيّة مُتشابهة إلى حدٍّ كبير، ووجود اختلالات استطاعت أن تستغلها الجماعات الإرهابيّة، نعم.. لم يثبت لدينا أنَّ سورية سرَّبت عمداً عناصر إرهابيّة إلى العراق، ولكن من موقع التمرُّد على النظام السوريِّ، والفوضى الموجودة، والاختلال بسبب الحرب التي مضى عليها مُدّة طويلة من الزمن استفاد الإرهابيُّون منه.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الوضع الأمنيّ الآن أفضل من السابق. في بداية عام 2014 كانت المرحلة الأولى امتداد الإرهاب على المُدُن العراقيّة، وعقبتها مرحلة ثانية هي إيقاف الامتداد، والآن مرحلة تقهقـُر الإرهاب، وتراجُعه إلى الخلف.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ليست وقائيّة والإرهاب لايزال. طبيعة الحرب كرٌّ وفرّ. مرّة يمتدُّ الإرهاب قليلاً وأخرى تمتدُّ القوات المُسلّحة العراقيّة عليه، لكنَّ قوات الإرهاب تقهقرت فقد كانت على مشارف الحلّة وكربلاء في منطقة جرف الصخر، وفي مناطق ديالى، ومنطقة سامراء، وبيجي، وتكريت، والأنبار. الآن تراجَعَ في هذه المناطق نحو الموصل التي ماتزال البُؤرَة المُتوتـِّرة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هناك خُطط تُعَدُّ لتحرير الموصل، لكنَّ حرص العراق على أن لا يتضرَّر المَدَنيّون من سكنة هذه المناطق؛ لأنَّ داعش تستخدم استراتيجيّات ذات طابع وحشيّ، فتستبقي بعض المُواطِنين في بُيُوت مُعيَّنة وبمُجرَّد أن تتقدَّم القوات عليها تـُفجِّرها بما فيها الساكنون؛ وهذه قضيّة خطرة جدّاً. هذا جانب، وجانب آخر استخدمت أسلوباً جديداً هو الشاحنات الكبيرة المُلغـَّمة التي تدخل في مواقع مُعيَّنة؛ وهذا يتطلّب حَمَلات جوّيّة عسكريّة ناجحة.. وهكذا تتطوَّر سجلات المعركة حسب أسلوب الطرف الإرهابيّ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: على الأرض في الميدان القوة عراقية محضة بكلِّ مُكوِّناتها، ولا يُوجَد شيء غير العراقيِّين، ولكن بعض الأحيان الغطاء الجوّيّ من قِبَل قوات التحالف من دون أن تتجاوز ذلك إلى الأرض.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: يبقى الترابُط في العراق وسورية، بل في كلِّ منطقة من مناطق العالم بالسياسة والأمن، وعلى كلِّ الدول، ومنها اليمن أن تضع هذا درسنا في الأمام. لابدَّ من حلِّ المشاكل بطـُرُق سلميّة، وسياسيّة؛ حتى تـُفوِّت الفرصة على المتربِّصين، وحتى لا تـُستبدَل البندقيّة بالقلم، والطلقة بالكلمة. ضروريّ جدّاً أن نعي هذا الدرس من التاريخ بأنَّ الشُعُوب التي لا تأخذ حقها قد تميل إلى التعبير بطـُرُق عنفيّة، وعندما تكون هناك نمطيّات عسكريّة تخلق رُدُود فعل شعبيّة مُضادّة. نحن مع الحلِّ السلميِّ أوَّلاً، وعدم التدخـُّل في شُؤُون كلِّ دولة بما فيها اليمن. نحن نتكلم على مسألة الشُعُوب، وهل هو أكثر حاجة من العراق مع ذلك كنا لا نـُريد من أحد أن يتدخـَّل في شُؤُوننا.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الحوثيّون قوة سياسيّة على الأرض كما هي بقيّة القوى الموجودة على الارض. نحن دُعاة الحلِّ السلميِّ والسياسيِّ في اليمن، كما هو في ليبيا، وأيّ منطقة من مناطق العالم التي تلتهب فيها الأوضاع الاجتماعيّة والسياسيّة. أعتقد أنَّ الحلَّ الأمثل هو الحلُّ السياسيُّ، وأمّا الإصرار على الحُلول العسكريّة فمن شأنه أن يُعطي مردودات مُعاكِسة بنفس الحال.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: عندما تـُصِرُّ الحكومة على الحلِّ السياسيِّ فعلاً لا أعتقد أنَّ هناك شيئاً عصيّاً عليها. ينبغي استقطاب القوى السياسيّة المُختلِفة للحلِّ السلميِّ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الحوثيّون لم ينزلوا من السماء!
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الحوثيّون يتحرَّكون بقاعدة جماهيريّة من ذات اليمن، وما نراه، ونسمعه هو جماهير حوثيّة، وإذا كانوا مكروهين فدع الشعب يبتعد عنهم، ويعزلهم. هذا هي الطريقة الصحيحة. لا ينبغي أن نتبنـّى حُلـُولاً سياسيّة وإنسانيّة في بلد، ونرفضها في بلد آخر. الشُعُوب التي تستوعب حركتها.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: مُجتمَعاتنا مُتنوِّعة؛ وفي المُجتمَعات المُتنوِّعة لا يليق بنا أن نحلم بأن نختزلها بنوع واحد. يجب أن نـُوسِّع إطار الحاكم، ونقول له: استوعب كلَّ هؤلاء، إنك لا تستطيع أن تختزل أيَّ شعب بقوة واحدة، وتستطيع أن تتسع لهم. في كلِّ بلد من بلدان العالم يُوجَد تنوُّع، ولا يسعنا إلا أن نتسع لكلِّ هذه التنوُّعات وإلا ستضطرّ هذه المُجتمَعات إلى التسرُّع، وستتعسكر؛ وهذا خطِر جدّاً ندفع ضريبة العسكرة والسلاح والشدة والقسوة، كما يجب أن نـُؤمِّن لهذه الشعوب حُقوقها الطبيعيّة في التعبير عن رأيها، وحقها بالتمثيل الدبلوماسيّ، وتشقّ طريقها إلى الحكومة. هذا عملنا به في العراق فلا تـُوجَد شريحة اجتماعيّة ليس لها وجود في البرلمان، أو الحكومة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كان هناك سابقاً اتفاقيّة دفاع مُشترَك، والآن قوة عربيّة مُشترَكة مطروحة على بساط البحث. هذه المُبادرَة تنمُّ عن وجود وعي أمنيٍّ لما تتعرَّض له المنطقة العربيّة من إرهاب، وهذه بادرة جيِّدة وصحيحة، وتنمُّ عن ضرورة وُجُود ردٍّ بحجم عربيٍّ وليس بحجم إقليميٍّ من الأقاليم. أصل المشروع -بكلِّ تأكيد- لا ينبغي أن يكون مُرتجَلاً، ويجب أن يأخذ حقه من الدراسة، والتمحيص، والتداول، ولا يُوجَد لقاء ومُؤتمَر يبدأ بالاطلاع على وُرَيقة. يجب أن يكون هناك تداول خُصُوصاً مع الدول المُصابة الآن بتحدِّيات الإرهاب هي أولى بغيرها أن تعطي رأيها، وتنقل تجربتها ولاسيَّما القوات المسلحة العراقيّة التي قاربت المائة عام على تأسيسها، وخاضت حُرُوباً، ودفاعاً، ونسور العراق هنا حلّقوا في سماء مصر دفاعاً عن فلسطين ومصر عام 1967، والآن هم مُبتلون بمُواجَهة الإرهاب.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هي لم تُعطـَ ما تستحقُّ من الوقت، والجهد، والتداول؛ المُقدّمات الصحيحة تـُؤدِّي إلى نتائج صحيح، وسريعة، ولا يُناقـَش مثل هكذا مشروع مُفصَّلاً على طاولة مُشترَكة، وإنما يُطرَح ثنائيّاً، من صاحب المُبادَرة -ولتكُن مصر أهلاً وسهلاً، وهي الأكبر العربيّ- لتُناقِش مصر العراق، ومصر مع أيِّ دولة من الدول العربيّة الأخرى. مشروع بهذا الحجم تترتـَّب عليه نتائج خطيرة آنية ومُتوسِّطة وبعيدة الأمد، ويحتاج هذا المشروع وقتاً أكثر، وجهداً أكثر، ويحتاج إلى تنضيج؛ فلا تستطيع المُؤتمَرات واللقاءات أن تُولـِّد مشروعاً إنما تُقِرُّ مشروعاً مُعَدّاً أخذ حِصّة كافية من الحوار والمناقشات خصوصاً أصحاب الخبرة الميدانيّة من أركان القوات المُسلّحة في كلِّ الدول. يجب أن تـُعقـَد لقاءات، وتـُقدَّر طبيعة الحُرُوب، والتطوُّرات الموجودة.. مشروع الدفاع العربيّ يجب أن يدرس الفعل الإرهابيَّ، والفعل الأمنيَّ المُضادَّ دراسة مُتأنية وميدانيّة، وبعد ذلك يضع مُعادلاته. أنا أشعر أنَّ هذا يحتاج إلى وقت وجهد وهذا ليس تثبيطاً للعزيمة إنما هو تنضيج لكلِّ مشروع حتى لا يُولـَد كسيحاً.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: منذ زمان ونحن نعمل على إعادة العلاقات العراقيّة-السعوديّة معاً. مرحلة الملك الراحل خادم الحرمين الملك عبد العزيز تواصلنا بهذا الكلام، ومُباشَرة على مُستوى الوزراء، وكذلك مع الملك عندما التقيناه قبل وفاته بشهر، وكان آخر لقاء، وجرى هذا الحديث، وهناك إصرار، وقرار سعوديّ بفتح سفارة سعوديّة في بغداد، وجرت ترتيبات، وأوفدت وزارة الخارجيّة السعوديّة إلى بغداد، واطلعوا على المكان المُخصَّص لها في دار الضيافة، ووافقت عليه، وهي الآن تُجري مسألة الأثاث والترميم للبناية؛ لاستئناف العلاقة. العلاقة لم تكُن فيها حالة من القطيعة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: رُبّما تهيئة الأجواء، ومُؤتمَر القِمّة العربيّ كان على وشك أن يُعقـَد. على كلِّ حال الاتصالات بادرة جيِّدة وطيِّبة، وتتحرَّك كمُفرَدات في إطار الاستراتيجيّة العربيّة المُشترَكة هو إنَّ العراق على طريق بناء استراتيجيّة جديدة، والانفتاح على كلِّ الدول، وتثبيت المُشترَكات، وعدم تجاوزها حتى إذا كانت ثمة خلافات استعصت على الحلِّ تـُجمَّد، ونـُقدِّم المُتفق على المُختلـَف عليه.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نعم.. حُدِّد موعد لزيارة واشنطن في هذا الشهر، وأنا اعتذرت لأنَّ لدي إلتزام، والأخ رئيس الوزراء سيقوم بالزيارة. جرت العادة بين فترة وأخرى أن يقوم رئيس الوزراء بزيارة؛ فهناك مصالح مُشترَكة بيننا وبين الولايات المُتحِدة الأميركيّة، وجرى لقاء مع الرئيس باراك أوباما في نيويورك، ولقاء في الشهر التاسع، وأنا كنتُ حاضراً فيه. العراق الآن يعيش حالة انفتاح على كلِّ دول العالم، فيسمع منهم، ويُسمِعهم ما يعتقد أنـَّه يدخل في دائرة المصالح المُشترَكة. |
|