الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

لقاء قناة الحُرّة الفضائيّة بالدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة 15/12/2014
الاخبار | 15-12-2014

-الوضع الآن شائك، ومُربـِك، وتداخل الإرهاب مع السياسة، وصار التعويل، ولايزال كبيراً على وزارة الخارجيّة أن تقطع على الأقلِّ منابع الإرهاب التي هي منابع سياسيّة، ودينيّة، واقتصاديّة..

ماذا في جُعبة الوزير لإقناع دول الجوار خاصّة التي يُفترَض أنـَّها داعمة، أو ساكتة عن هذا؟

الدكتور الجعفريّ: الأزمة اليوم نشرت ظلـَّها ليس على العراق فحسب، بل على عموم المنطقة، والعالم كلـِّه؛ وهذا يستدعي أن ترتقي الخارجيّة العراقيّة إلى مُستوى التحدِّيات الموجودة، واستغلال الفرص، ومُعالـَجة التركة الثقيلة السابقة؛ لذا كنتُ قد بدأتُ عمل الخارجيّة، وأن أباشر في مبنى الوزارة.

تأخَّر حضوري في المبنى رُبَّما قرابة عشرين يوماً؛ بسبب التجوال الذي حصل في جدّة، وباريس، ونيويورك.

الرأي العامُّ العالميُّ يحتاج إلى حركة، وإلى توضيح، وإلقاء الضوء على حقيقة ما يجري، ومن حُسن الصُدَف أنَّ طبول الإرهاب التي قـُرِعت في العراق بعد الشام قد قرعت أبواب دول أخرى؛ ممَّا جعلها تستنفر خصوصاً أنَّ مُواطِني داعش الذي يُقاتِلون ليسوا عراقيِّين إنـَّما هم من مُختلِف قارّات العالم، أعني أن الدول الغربيّة تنتمي إلى النادي الديمقراطيِّ في العالم، لكنَّ مُواطِنيها موجودون في الموصل؛ فكان لابدَّ لنا أن نستثمر هذه الفرصة، ونـُذكـِّرهم بهذا الخطر.

 هذا يعني أنَّ كلَّ ما في جُعبة الوزير هو إقناع الدول بخطر الإرهاب؟

الدكتور الجعفريّ: إذا تسألني عن أسباب الزيارات ففي مُقدِّمتها تعميق وتجذير العلاقات العراقيّة مع دول العالم كافة على أساس ثنائيٍّ ثابت، أي: الثابت العراق وأيّ دولة من دول العالم وحدها نحن نتعامل معها باستراتيجيّة ثابتة، نـُريد إقامة علاقات ثابتة بين العراق، وبين أيِّ دولة من دول العالم.

-العراق الآن يبدو عليه الضعف، ولا يستطيع أن يُمارِس أيَّ ضغط شأنه شأن الدول القويّة، فوزير الخارجيّة يبدو لي عندما يذهب إلى السعوديّة لا تـُوجَد لديه أدوات ضغط، وعندما يذهب إلى تركيا لا يستطيع أن يُملي. ما الذي يملكه الوزير حتى يضغط؟

 الدكتور الجعفريّ: لدينا عناصر قوّة كثيرة، لكنها تحتاج إلى توظيف بشكل صحيح، ويُراد هندستها، نحن لدينا ثابت وطنيّ عراقيّ إذ نتكلم على موقع العراق، وثروات العراق، والأصالة العراقيّة، والنظام الجديد، وإصرار العراق على فتح صفحة جديدة في العلاقات مع كلِّ دولة.

دول العالم تحترم ذلك؛ لأنـَّها ليست مُدَّعيات إنـَّما هي حقيقة العراق الذي يُريد أن يُطِلَّ على الوضع الإقليميِّ العربيِّ وغير العربيِّ، وعلى الوضع الدوليِّ، وهو مُصِرٌّ على ذلك، ولديه مادّة يتحدَّث بها، ولديه مُمارَسات ديمقراطيّة، ولا أقول: إنـَّنا أصبحنا بلداً ديمقراطيّاً 100%، لكن لدينا مُمارَسات ديمقراطيّة، وتعدُّديّة، وحُرّيّة رأي، وانتخابات، وتداول السلطة بشكل سلميٍّ، فالعالم يتجاوب معنا في سياق تجذير، وتعميق العلاقات بيننا وبين الدول الأخرى فهناك مَصالح مُشترَكة بيننا وبين دول العالم قد تختلف، وتتباين من دولة إلى أخرى، لكنَّ عنوان المصالح العامّة موجود خصوصاً أنـَّنا نعيش اليوم عصر العولمة في التجارة، والإعمار، والبناء.

والآن أصبحت كلمة العراق مسموعة لدى الدول، ولا أبالغ عندما أقول: إنَّ لقاء نيويورك، ومجلس الأمن، وما حصل في الشهرين الماضيين كان الملفُّ العراقيُّ هو الأول، بل الوحيد، وكانت دول العالم تتسابق، وتتبارى فيما بينها؛ للتعريف بالوضع العراقيِّ، وتـُعرب عن موقفها مع الشعب العراقيِّ، وتبدأ بأنَّ داعش لا تمِتُّ إلى الإسلام بصلة، ولا يجوز أن نترك الشعب العراقيَّ وحده، وأثبت أنـَّه صاحب قضيّة مشروعة يُدافِع عنها.

 -هذا بالنسبة إلى الزيارات المُتعلـِّقة بداعش، والإرهاب، والآن يُوجَد إجماع دوليٌّ، لكن هل يستطيع وزير الخارجيّة أن يُقنِع السعوديّة وتركيا؟

الدكتور الجعفريّ: أنا ذهبتُ إلى الكويت، ومن ثم إلى تركيا، ومنها إلى السعوديّة، صحيح دعني أعرِّفك بما ذهبنا إليه، أولاً: المُرتكـَز الثابت هو إنَّ بالكويت علاقة جوار جغرافيّ، وسبق أن نالهم، وطالهم العدوان الصدّاميّ، وقد جئنا اليوم لنبدأ صفحة جديدة، ولا يُوجَد فتور في العلاقة، وعرَّفنا بالسياسة الجديدة حين التقينا مع أمير الكويت، ومع رئيس الوزراء، ورئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية، وتحدَّثنا بأشياء مُختلِفة، وانتقلنا من مسألة تصعيد العلاقات وإرسائها على قاعدة إلى توظيف العلاقة للصالح العراقيِّ والكويتيّ، مثلاً: نحن الآن نمرُّ في أزمة ماليّة عندنا تضخـُّم في المُوازَنة، ولدى الكويت استحقاق على العراق يجب أن ندفع له عبر الأمم المُتحِدة الأقساط المُترتـِّبة، وهذا القسط الأخير حوالى خمسة مليارات دولار، وتكلـَّمت مع السيِّد أمير الكويت، واستجابوا بأن نـُؤجِّل دفعها، ويُمكِن احتجنا إلى مُساعَدة عسكريّة، وبوادر الاستجابة بدأت.

 -هل الاستجابة رسميّة بالنسبة إلى تأجيل دفع الديون؟

الدكتور الجعفريّ: نعم.. أنا تكلـَّمت مع أمير الكويت في لقاء ثنائيٍّ بيني وبينة، وأطلعته بأنَّ هذه المسألة ستضغط على العراق، وقال: أنا سأسعى، وأعطيك الجواب، وبالفعل أنا في تركيا اتصل بي وزير الخارجيّة، وقال ما دار بينك وبين الأمير وافق عليه أمير الكويت، وليس هذه النقطة فقط، بل هناك نقاط أخرى منها بعض الدعم العسكريّ الذي نحتاجه؛ إذن تـُوجَد استجابة، وانتقلنا من مسألة مُعالـَجة رُدود الفعل، إلى الاستجابات على مُستوى الفعل، والمُبادَرات، وتوظيف هذه العلاقة.

 -ما مُستوى الدعم العسكريِّ الكويتيّ؟

الدكتور الجعفريّ: نحن لم نطلب طائرات، أو أسلحة ثقيلة ليس كمّاً، ولا نوعاً، لكنَّ بعض الأسلحة التي تـُفيدنا، والتي نـُعاني من نقص فيها، ووعدني الرجل، واستجاب، وأنا أطمح إلى أكثر، وهناك بعض الشيء تسلـَّمناه.

 -السعوديّة؟

الدكتور الجعفريّ: قبل أن أذهب إلى السعوديّة ذهبتُ إلى تركيا، وفي تركيا وضعنا في بالنا أنه يُوجَد فتور في العلاقة، إن لم تكن مُحاذية إلى شفا الأزمة بين العراق وتركيا، فنـُريد أن نـُعمِّق العلاقة، وننكأ هذه الجروح، ونـُعالِج الملفات العالقة.

التقيت وزير الخارجيّة، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، ورئيس الجمهوريّة لقاءات على صعيدين مجموعيٍّ، ولقاءات فرديّة.

تركيا والعراق وإن كانتا تتفاوتان باللغة، لكنـّهما دولتان مُتحابَّتان، ومُتجاوِرتان، ولا يُمكِن أن نغضَّ النظر عنها، وتحدَّثنا مع السيِّد أردوغان بشكل مُباشِر عن بعض الأمور، وشبهات داعش التي تتردَّد في الإعلام أنَّ دولة تركيا هذا وضعها، ونحن أبدينا تفهُّمنا في البداية لأنهم كان عندهم 49 مُواطِناً تركيّاً في القنصليّة العراقيّة بالموصل في قبضة داعش، ووزير الخارجيّة السيِّد مولود قال لي: وضعنا الآن استثنائيّ فأنا قدَّرت هذا الشيء؛ لذا لم يبرزوا في مؤتمر جدّة بشكل واضح جدّاً.

 -في جدّة حضرتك قلت: نكأنا هذه الجراح أي: تكلمتَ بصراحة، ما هي الملفات التي تكلمتم بها بصراحة، وهل تضمَّنت أنَّ تركيا مثلما يقولون ممرٌّ للإرهابيِّين، وأنـَّها تشتري منها النفط؟

 الدكتور الجعفريّ: إنَّ بُطء التفاعل التركيِّ تجاه ملفِّ داعش في العراق جعل كثيرين يقولون: إنَّ تركيا مع داعش، وقد أكـَّد السيِّد أردوغان أنـَّنا مُتضرِّرون من داعش، ونحن نستنكر عمل داعش، ونحارب  داعش، وضرب أمثلة كثيرة، وجاء بأدلة هذا كان جراحاً.

أمّا فتور العلاقات العراقيّة-التركيّة أثناء الفترة السابقة، وانخفاض مُستوى الشركات التركيّة فهي دولة مُصدِّرة، والمنتوج التركيّ مقبول عراقيّاً من حيث السعر، ومن حيث النوعيّة، ومن حيث سرعة التمثيل، يُضاف إليها عامل معنويّ؛ لأنَّ أكثر من 200 إلى 300 عامل في الشركات التركيّة قـُتِلوا في العراق؛ هذا أوجد حالة من التعاطف؛ فانخفض عندنا؛ ورأس المال جبان، وعندما يتهدَّد في مكان ما لا يتحرَّك فيه، وكذا الفساد، والروتين الإداريّ البطيء في التعامُل بالدوائر.

نحن فكـَّرنا كيف نزيد لأنـَّها نقصت 40% من المنتوج التركيِّ في حجم التجارة الخارجيّة التركيّة في العراق بدلاً من أكثر 14 إلى 15 ملياراً في السنة انخفض إلى 8 مليارات، وهي تطمح لذلك، ونحن نـُريد، وفي الوقت نفسه أردنا أن ننعطف بالعلاقات التركيّة-العراقيّة إلى مُنعطـَف استراتيجيّ مُهـِمّ، وثابت.

وتحدَّثنا عن الوضع الإقليميِّ، وأنَّ سياستنا تقوم على أساس ترسيخ علاقة عراقيّة استراتيجيّة ثابتة مع أيِّ دولة من دول العالم على أساس الثنائيِّ الثابت الذي يقوم على أساس المصالح والمخاطر المُشترَكة بحيث لا تتأثـَّر بالأمور الأخرى، ثم ندخل إلى الأفقين الإقليميِّ، والأفق الدوليِّ، ونتحدَّث بكلِّ ثقة، والعراق دولة حاضرة ومُؤسِّسة في كلِّ المُنظـَّمات.

-ما هو الوضع الإقليميّ الذي تحدَّثتم عنه مع تركيا. هل هو إيران؟

 الدكتور الجعفريّ: تحدَّثنا عن إيران، وعن سورية.

أنا مُؤمِن أنَّ استراتيجيّة التأثير في كلِّ طرف تقوم على أساس التراكم الكمّيّ فلرُبَّما يبدأ قليلاً، وينتهي إلى أكثر؛ لأنَّ العراق كان يُعاني من أزمة انغلاق هذه الدول، فأوّل الأمر فتح هذه العلاقة، وحوَّلها من صفر إلى شيء على الأرض، وبعد ذلك تبدأ تتراكم.

 -ومحور العراق-إيران-لبنان-سورية المُتهَم بها العراق؟

الدكتور الجعفريّ: نحن نبتعد عن سياسة المحاور، وتكلمنا مع كلِّ الدول من دون استثناء بأنَّ العراق لا يدخل في المحاور، ولكن يُساعِد في وجود علاقات مع أيِّ طرف، وليس عيباً، ولا نقصاً أمَّا أن ندخل في محور بحيث إذا أكون مع تركيا يجب أن أكون ضدَّ سورية، وإذا أكون مع سورية أكون ضدَّ تركيا، مع ايران يعني اتأثر بشي قليل بالعلاقة وبفتور العلاقة مع السعودية .

هذا نرفضه. نحن نـُريد علاقة مع السعوديّة تتأثـَّر بإيجابيّاتها لمصلحة الطرفين، ولا تأخذ من سلبيّاتها.

 -قلتَ: الانتقال من مرحلة الانغلاق، لكن بدأت من الانغلاق إذن ما هو عمل وزارة الخارجيّة في الحكومة السابقة؟

 الدكتور الجعفريّ: لا نستطيع أن ننحو باللائمة على الحكومة السابقة بقدر ما كانت الآفاق مُغلقة.

ليس لي الحقُّ أن أتهم وزير الخارجيّة السابق الأخ هوشيار، أو أحمِّل الحكومة السابقة مسؤوليّة عدم انفتاح العلاقة، فقد يكون عدد غير قليل من العوامل مُرتبـِط بالموقف الدوليِّ، والموقف الإقليميِّ الذي كان مُنغلِقاً.

  -قبل أحداث داعش هل كان العلاقات التركيّة جيِّدة مع السعوديّة؟

الدكتور الجعفريّ: لا

- إذن لا تـُوجَد عوامل إقليميّة في ذلك الوقت؟

الدكتور الجعفريّ: هناك عوامل إقليميّة فقد كان هناك موقف مُتراكِم ليس فقط في وزارة الخارجيّة، بل أكبر من وزارة الخارجيّة، وتـُوجَد عوامل أخرى.

أيّاً ما تكن الأسباب لابدَّ أن نعزم على بناء علاقات، ونستفيد من الإيجابيّات السابقة، ولا نحفر في الذاكرة.

 -العراق تفاوض مع تركيا على موضوع المياه، وبعدها أصبحنا نتفاوض معها على أن لا تتدخـَّل في شؤوننا، وتصريحاتهم الناريّة، وبعدها أصبحنا نتفاوض على أن لا تدعم داعش، ولا تشتري النفط منهم، فنحن في تراجُع؟

 الدكتور الجعفريّ: يجب أن نقول: من أين بدأنا، وإلى أين وصلنا؟

أنا لا أقول: انتهينا، إنـَّما إلى أين وصلنا، ونحن بدأنا بالانغلاق، وصارت زيارات مُتبادَلة على مُستوى رئيس وزراء، وذهبنا إلى تركيا، ولدينا سفرة قريبة إلى تركيا، وحرَّكنا بعض المُذكـَّرات، وانفتحت أمامنا مجالات سياسيّة ورسميّة، وزُرتُ معهد الدراسات الاستراتيجيّة، وألقيتُ مُحاضَرة في الجامعة حضرها كبار السياسيِّين، وخمسة وعشرون سفيراً، وعرَّفنا بالقضيّة العراقيّة، فقد كانت هناك اتهامات، واستفهامات كبيرة، والإعلام العالميّ لم يكن صحيحاً 100% إنما يغلب عليه الجانب السلبيُّ المُنحاز، وكانت فرصة أن نُحلـِّق في هذه المجالات، وقد أبدوا تفهُّماً جيِّداً، واستجابوا للدعوة التي وجَّهها الأخ السيِّد رئيس الوزراء الدكتور العباديّ، وجاء الأخ أوغلوا إلى العراق، فنطوي المسافة، ولاتزال أمامنا أشواط من الطريق يجب أن نقطعها بالاتجاه الإيجابيِّ، ولدينا اتفاقيّات، ومُذكـَّرات تفاهُم يجب أن نـُطوِّرها.

 -صرَّحتم من داخل الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في مُؤتمَر صَحَفيٍّ مع مسؤولين إيرانيِّين كأنك تعِدُهم بأنَّ هناك ملفات عالقة سوف أطفئها لكم قبل نهاية أو خلال عام 2014. يفهم المُتلقي أنَّ هناك ضغوطاً مُورِسَت على وزارة الخارجيّة العراقيّة، وأخذت عليها تعهُّدات؟

الدكتور الجعفريّ: لا تـُوجَد ضغوط في عُرفي أبداً، وكلُّ مَن يقول لك إني خضعتُ لابتزاز، وضغـْطِ أيّاً كان قلْ له: أنت مُشتبـِه؛ المسؤوليّة في عُرفي تسير ببوصلة وطنيّة عراقيّة من حيث الاتجاه، وبجدولة عراقيّة في التنفيذ على وفق مصالح وطنيّة عراقيّة محضة، نعم.. أراعي الدول الأخرى، ولكني  لا أتخذها أساس تحرُّكي في الخارجيّة.

مُجرَّد أن ينتهي عام 2014 لأنَّ لديَّ أشياءَ يجب أن تحصل، ومنها: الاهتمام بشؤون الوزارة، وتفاصيل البريد الذي فيها، وكذلك السفرات، واستقبال الوفود التي تأتي من مُختلِف المُستويات، والفساد الموجود في الخارجيّة؛ هذه كلـُّها تتطلـَّب أن أعطيها الأولويّة، ونحن الآن لدينا إلمام بها، وبصدد اتخاذ خطوات بنـَّاءة، وليست كيديّة، وبطريقة تـُؤدِّي إلى نتائج إيجابيّة، وتحمي المُوظـَّف في الوزارة، لكن في الوقت نفسه أدقُّ ناقوس الخطر على المُصِرِّ، والمُتمرِّس في الفساد.

 -كيف يُمكِن أن يُحسَم موضوع شط العرب؟

الدكتور الجعفريّ: شط العرب ظاهرة دوليّة، وكان في وقت ما مصبَّاً للنهرين، فكان شأناً إقليميّاً، والآن هو شأن دوليّ؛ لأنَّ العراق لم يعُد جزءاً من الدولة العثمانيّة؛ وبذلك قفز نهرا دجلة والفرات من نهرين إقليميّين إلى نهرين دوليِّين؛ لأنـَّه ينبع من دولة، ويجتاز دولة ثانية، ويذهب إلى مكان ثالث، فكلُّ ملفاته مُعَدَّة من السابق، وناقشنا فيه خبرات من وزارة الخارجيّة، وطـُرِح أكثر من مرّة، وأجِّل لأسباب مُتأثـِّرة بطبيعة العلاقات بيننا وبين دول الجوار الجغرافيِّ.

أعتقد أنَّ الأجواء إيجابيّة اليوم، ويُمكِن أن يُحسَم ملف شط العرب بطريقة لا يتضرَّر بها العراق.

 -دخول الإيرانيِّين في الزيارة الأربعينيّة من دون فيزا أثار لغطاً كثيراً، وهذا فيه مُشكِلة أمنيّة، وسياسيّة، واقتصاديّة. لنقف عند المُشكِلة الأمنيّة: مجموعة يُقال عنها هائلة من الزوار يدخلون من دون تأشيرة، ولا نعرف مَن دخل لنا، وكم دخلوا، وأين يذهبون، وكيف نـُخرِجهم؟

الدكتور الجعفريّ: إذا كان هذا فهو غير قانونيّ.

الذي حصل هو إعفاء أثناء موسم الأربعينيّة فقط من رسوم الفيزا، وتـُوجَد في الأمر خطوتان، الأولى: قيام وزارة الداخليّة برفع الرسوم عن الزوار، والثانية: بدلاً من أن يأتوا إلى طهران، ويُرتـِّبوا سفرهم يكون إجراء آخر على الحدود من أجل تسهيله علينا وعليهم، ونـُخفـِّف الضغط عن السفارة في طهران، فالمُواطِنون يأتون من مناطقهم مُباشَرة، ويدخلون، قلنا لهم: لا يُوجَد مانع أمّا أن يكون هناك تسلـُّل، أو ذهاب فحتى لو لم يكـُن فيه مشاكل أمنيّة هو -بحدِّ ذاته- مُفارَقة إداريّة لا نسمح بها.

لا تـُوجَد دولة تفتح حدودها ليدخل مُواطِنون لأيِّ سبب، الآن بلد الحَرَمين (مكة، والمدينة المُنوَّرة) تفتح حدودها للقادمين حُجَّاجاً ومُعتمِرين، لكن أن يأتي بدوافع خيِّرة شيء، وأن يسلك سلوكاً غير صحيح شيء آخر.

 -نشرت مواقع التواصُل الاجتماعيِّ صُوَراً عن أنَّ الزوار الإيرانيِّين كسروا أشياء داخل المعبر، ألا يُفترَض أن يكون المعبر مُهيَّأً قبل وقت لأنَّ هذه زيارة مليونيّة؟

 الدكتور الجعفريّ: لا أكتمك سِرّاً. سنضع لهذه الأخطاء آليّات الحلِّ المُعادِلة لها في المُناسَبات القادمة، وهذا غير مسموح به حتى في قضيّة الفيزا، فكلـُّها يجب أن تخضع لسياسة، ولا تكون مُرتجَلة، وبعيدة عن كلِّ الاعتبارات.

 -محافظة كربلاء بدأت تـُطالِب بميزانيّة خاصّة للزوار؟

الدكتور الجعفريّ: من حقـِّها، وكلُّ مُعتمِر مثلما كلُّ حاجّ، وكلّ مَن يأتي إلى العراق، ويزور أخذ بنظر الاعتبار أنَّ عنده طريقاً، وإنفاقاً، بل ينتقل من الأشياء الضروريّة إلى الأشياء الترفيّة، فيشتري هدايا لذويه، فما الذي يمنع أن تـُضاف بعض المبالغ، وتغطى بها النفقة.

كربلاء تتعرَّض لضغط هائل، وليس لها إلا استقباله، والتفاعُل معه بكلِّ مَحبَّة، وفي الوقت نفسه يجب أن تـُغطى من الميزانيّة، ولكن هذا لا يكفي الآن فلدينا شيء من العجز في المُوازَنة، وهذا العجز يُعادِله فِيَز، ونوع من أنواع الإنتاج. السعودية تستقبل 32 مليون حاجّ ومُعتمِر في السنة، وهذا يدرُّ عليها باقتصاد ضخم، ونحن لدينا الآن ملايين من الزوار تدخل العراق على مدار السنة.

 -هناك أكثر من زيارة لأكثر من مسؤول إلى السعوديّة هل أثمرت عن شيء؟

الدكتور الجعفريّ: كيف نـُقيِّم الزيارة أنـَّها أثمرت أم لم تـُثمِر.

إذا كنتَ تعني موضوع السفارة فمنذ أوَّل لقاء مع سعود الفيصل قال: أوَّل قرار اتخذناه هو قبل رجوعك إلى بغداد سنفتح السفارة، وفي السفرة الثانية أكَّدها، والملك قالها أيضاً، والآن أصبحت الكرة في ملعبنا.

إلا أنـَّهم يُريدون مكاناً جيِّداً من الناحية الأمنيّة، وحدث اتفاق بيني وبين السيِّد رئيس الوزراء بأن نـُهيِّئ مكاناً، والمسألة أصبحت قيد التطبيق، أمّا  إذا كنتَ تتكلم على العُرف السعوديّ فكلـُّه مُتفاعِل بصُحُفهم وغيرها.

وهناك أشياء أخرى كسبناها، ومنها: لم تكن تصريحات السعوديّة مُباشِرة جدّاً، واليوم شجبت داعش، وشجبت الإرهاب، وقد تكلـَّم الملك بصراحة، قال: إنَّ داعش يعتبرونني عدوَّهم الأساسيَّ، ويستهدفونني شخصيّاً. قالها بحضور السيِّد رئيس الجمهوريّة ومجموعة من الإخوة الوزراء.

-المُشكِلة التي بيننا وبين السعودية ليست داعش فقط، فلرُبَّما هي التي سهَّلت للحكومة العراقيّة أن تجد ممرَّاً بينها وبين السعودية، هناك  مُشاكِل كثيرة عالقة، وهناك ارتياب شديد من قبل المملكة إزاء ما يجري في العراق فإلى الآن يتكلمون على أنَّ الحكومة العراقية ماتزال تسلك نفس سلوك الحكومة السابقة، ولايزال الملفُّ السُنـّيُّ عالقاً؟

الدكتور الجعفريّ: كنا صريحين جدّاً؛ أوّلاً: لا نسمح بأن يتمَّ تداول العراق من زاوية طائفيّة شيعية ًكانت أم سُنـّيّة. العراق مُتكامِل في أجزائه، العراق في حالة تآخٍ، وعلى كلِّ دول العالم خصوصاً الدول الإسلاميّة والعربيّة أن تتعلـَّم من العراق كيف تـُوجـِد أجواء المَحبّة، والتآخي فلا تـُوجَد محافظة من محافظات العراق بلا ثنائيّة مُتكامِلة بين السُنـّة والشيعة، وغير هذا الكلام فهو إعلام مُغرِض لا أساس له من الصِحّة.

أنا لا أنفي بعض النعرات الطائفيّة عند بعض الأفراد، وهذه لا تسلم منها كلُّ المُجتمَعات، ونحن لسنا مُجتمَعاً ملائكيّاً، لكنّي أقول بكلِّ قوّة: إنَّ كلَّ مُدُن العراق تعبق بحالة من الانسجام، علاوة على ذلك أنَّ الحكومة العراقيّة أقدمت على خطوات عمليّة، وليست بالونات إعلاميّة في الفضاء إذ إنَّ وزير الدفاع من الإخوة السُنـَّة، ومن مدينة الموصل، وهي اليوم مدينة منكوبة، ولكنـَّها فيها واحد وعشرون ألف ضابط؛ فهذه كان فيها رسالة جيِّدة، وهم الآن يبلون بلاءً حسناً، وعرَّفنا العالم أنَّ حقيقة ما يجري في العراق ليس طائفيّاً فقط، بل أبعد ما يكون عن الطائفيّة.

 -ما طبيعة الرسالة التي نقلها رئيس الجمهوريّة من سماحة السيّد السيستاني إلى ملك السعوديّة؟

الدكتور الجعفريّ: أخبره بذهابنا إلى السعوديّة، وكان مُرتاحاً لذلك، وهذه لا تـُمثـِّل وجهة نظر رسميّة بقدر ما تـُمثـِّل وجهة نظر مذهبيّة اجتماعيّة واسعة، بل حتى إسلاميّة عامّة.

-المُشكِلة أنها تكرَّرت من قبل أكثر من مسؤول يمرُّ على سماحة السيِّد السيستانيّ.. أريد مغزى وعمق هذا الموضوع، وخلفيّاته.. يبدو الأمر غير طبيعيٍّ. هل تـُوجَد رسائل مُتبادَلة؟

 الدكتور الجعفريّ: ليس الغريب أن يتردَّدوا على السيِّد السيستاني -حفظه الله- إنـَّما الغريب أن لا يتردَّدوا على السيِّد السيستانيّ الذي وقف أمام الموجة الأخيرة التي استقطبت أنظار العالم، وظهور داعش بهذا الشكل الفاقع في العراق.

دعنا نقترب من هذه الصورة، ونتهجَّى العناصر التي لعبت دوراً فيها: أقدم على خطوة مُزدوَجة أولاً التحشيد الجماهيريّ تحت غطاء الجهاد الكفائيّ، وهذا في لغة الفقه يجب على كلِّ مَن يستطيع، لكن بدرجة كفائيّة، وبدأ هذا المصطلح يتحوَّل الآن من منظومتنا الفقهيّة الخاصّة إلى المنظومة المعرفيّة العامّة في كلِّ العالم.

-ماذا تعني هذه الفتوى، وهذه الحشود؟

الدكتور الجعفريّ: تعني أنسنة القضيّة، وإبعادها عن أن تكون طائفيّة، ولا تكون لمجاميع، ويُبعِد خطر المليشيات؛ وليردَّ عنها الشبهة قال: على أن تعمل تحت خيمة القوات المُسلـَّحة العراقيّة، وهذا سجَّل سبقاً، ووجد تلقياتها في الخارج.

 -كانت زيارات المسوؤلين لحمل تفسير للسعوديّة لهذه الفتوى؟

الدكتور الجعفريّ: هذا واحد، ويُريد أن يرى العراق مُنفتِحاً، ويُريد أن يرى دول العالم تزور العراق، ويُريد حلاً للمشاكل.

قد تتوقـَّف هذه الحُلول على إيجاد علاقة، واستثمارات، وتحسين الوضع الاقتصاديِّ؛ بالنتيجة عندما يجلسون إلى جانبه وأنا أعتبرها بادرة خيِّرة وجيِّدة أنـَّهم قبل أن يُسافِروا يُريدون أن يروا المرجعيّة.

 -ما يراه بعض المُراقِبين من تكرار الزيارة قبل الذهاب إلى السعوديّة تعني إمّا أنَّ السعودية تـُطالِب بموقف، أو إيضاح موقف، أو إنَّ السياسيَّ العراقيَّ أصبح مُرتهَناً بالمرجعيّة، أي: صار لدينا وليّ فقيه؟

 الدكتور الجعفريّ: كيف تقول له السعوديّة، وهو لم يذهب إليها بعدُ، أنا أطمئنك وأنا كنتُ معه بأنَّ هذا الكلام غير وارد أبداً، وإنـَّما المرجعيّة فاتحة صدرها تستقبل الكرديَّ، والسُنيَّ، والشيعيَّ، وأيَّ شخص عراقيّ، وأنا اتفقتُ معه أن نذهب بنفس الطائرة، لكنه ذهب قبلنا إلى النجف.

 -إذن السياسيُّ العراقيُّ مُرتهَن؟

 الدكتور الجعفريّ: لا. غير مُرتهَن، إنما إنسان مُنسِّق يُريد أن يتعامل مع الفضاء العراقيِّ بكلِّ مُكوِّناته، ويُخاطِب المفاصل الأساسيّة خصوصاً المرجعيّة.

الارتهان يعني أصبحت إرادتك مُستفرَغة، ويُوجَد شخص آخر يتحكـَّم بك، مثل العلاقات الإقليميّة.

المرجعيّة الدينيّة أثبتت أنـَّها تتعاطى مع الوضع العراقيِّ بصورة عامّة، وفي الظروف الاستثنائيّة بشكل خاصّ، وحين تكون لديها رؤية، بل تحوَّلت من رؤية إلى موقف.

التحشيد الجماهيريّ في مُواجَهة خطر داعش لم يكن مُجرَّد رؤية، ولا مُجرَّد عاطفة بل تحمُّل مسؤوليّة، ومَن يُقدِم على هذه الخطوة، ويحسب حسابها، ويقول: على أبناء الشعب كذا وكذا، ويحثـُّهم، والشعب يستجيب له. هذا ليس ارتهاناً إنما هو أعلى درجات التنسيق.

 -هناك فتاوى خطيرة صدرت من السعوديّة في السنوات الماضية ساعدت على تفاقم الأزمة في العراق.. هل ناقشتم هذا الموضوع؟

 الدكتور الجعفريّ: تحدَّث ملك المملكة العربيّة السعوديّة بصراحة عن الفتاوى التي صدرت، والموقف داخل السعوديّة، وإخماد بعض النيران ضدَّ الشيعة في المملكة العربيّة السعوديّة، وأقدمت عليها السعودية، وكان هذا موقفاً لا يُنسى لهم، موقف لطيف ومُشرِّف، ونحن عندما جئنا وجدنا هناك تركة لا يكفي أن نبكي على المصائب والمشاكل والماضي وعلينا أن نفتح آفاقاً جديدة، ونفتح صفحة جديدة ليس فقط مع السعوديّة إنـَّما مع دول المنطقة، ودول العالم كلـِّها.

 -هل يُوجَد سفراء شهاداتهم مُزوَّرة؟

 الدكتور الجعفريّ: يُوجَد فساد، وأنا لا أخاف إلا من حساب الله، وأخاف من نفسي، ولا أخاف من أحد، ولا أطمع بأحد.

أنا جئتُ في ظروف يعرفها الشعب، وأصبحت وزير الخارجيّة وأنا غير مُحتاج لها، لكني جئتُ خدمة ًلبلدي، ومتى أشعر بأنَّ الحاجة انتفت سأسلـِّمها بكلِّ بساطة، وبكلِّ محبّة، وبالدعاء، وأتمنـَّى أن يكون ذلك اليوم قريباً، وأسلـِّم وزارة الخارجيّة لمَن يُؤدِّي دوري.

أمّا أنا فلا أحد يستطيع أن يُهدِّدني، والفساد موجود ليس في وزارة الخارجيّة فقط، بل في كلِّ الوزارات، ولن يُفلِت من طائلة الحساب أحد إذا كان فاسداً.

 -حتى السفراء؟

الدكتور الجعفريّ: أنا لا أستحي من أن أناقش، وليس لديَّ ما أمارسه في الخفاء، وأستحي منه في العلن، إلا إذا كانت أسرار الوزارة الممنوعة قانوناً وعقلاً فهذا موضع آخر.

يُوجَد فساد في الوزارة، ويُوجَد فساد في كلِّ الوزارات، وليأتِ وزير، ويقول لا يُوجَد فساد في وزارته، وقد قلتُ في مُؤتمَر السِلم الاجتماعيِّ: إنَّ الفساد تحوَّل إلى ثقافة، وأخطر شيء في الفساد أن يتحوَّل إلى ثقافة.

هل تعرف ما الذي يعني عند مَن يُريد أن يتعيَّن؟ إنه لا يُفكـِّر بمؤهِّلاته، إنـَّما يُفكـِّر كيف يشتري هذا الموضع، والمسؤول؛ حتى يُوصِله إلى ما لا يستحقه لا إلى ما يستحقه.

الفساد يعني الخروج عن الطريق الصحيح، ووزارة الخارجيّة فيها فساد مُتعدِّد المصاديق.

الثلاثة أشهُر أردتها لاستيعاب وضع الوزارة، ومُعالـَجة البريد المُتراكِم، فالبريد مُتراكِم لخمسة أشهُر قبل أن أتسلـَّم، ومُتابَعة البعثات في الخارج، واستقبال الوزراء، والعلاقات الخارجيّة.

هذا كلـُّه يأخذ وقتاً، والآن أحطنا ببعض الشيء، ولا أقول كلَّ شيء.

أمّا من كانت شهادتة مُزوَّرة، أو لديه سلوك فاسد، أو مُرتِكب فساد ماليّ، أو أخلاقيّ، ولم يخرج من طائلة القانون سأتصدَّى له بنفسي.

 -هل يُوجَد سفير ولو واحد شهادته مُزوَّرة؟

الدكتور الجعفريّ: سمعتُ، ولكني لم أفتح تحقيقاً، وتـُوجَد قضيّة فـُتِح بها تحقيق، لكنـَّها لم تكـُن بالشهادة، بل بالمُمارَسات السلوكيّة.

التحقيق هو السبيل الوحيد للوصول إلى الحقيقة، وإنـَّما سُمِّي التحقيق تحقيقاً لأنـَّه يُعطي لكلِّ ذي حقٍّ حقـَّه، لا نتسرَّع وهذه وصيّة الرسول -صلى الله عليه وآله- في الأحكام السلطانيّة لأمير المُؤمِنين يقول له: (لا تحكم على غائب أبداً).

 -بعد عودتك من الإمارات أصدرتِ الإمارات لائحة بتجريم مليشيات شيعيّة مُشترِكة في الحشد الشعبيِّ، وهذا مُؤشِّر ليس طبيعيّاً كأنـَّه استفزاز؟

الدكتور الجعفريّ: أعتقد أنـِّي أجبتهم من منبرهم في الإمارات، وتحدَّثت مع المسؤولين، وتحدَّثت في البحرين، وفي إيران، وفي كلِّ مُنتدى، وصرختُ بأعلى صوتي بأنَّ هذه مُفارَقة لا نسمح بها؛ لأنَّ هؤلاء حركات لها عمق اجتماعيّ، ولها تاريخ مُشرِق، ولم تـُمارِس الإجرام، إنـَّما مارَست النضال ضدَّ الحكم الدكتاتوريِّ، ومن الظلم أن نتهمها بالإرهاب، وهي ضحيّة الإرهاب.

هذه أولاً، أمّا ثانياً: هي التي مسكت الأرض في الوقت الذي لم يكـُن لدينا تعاون إقليميٌّ، ولا تعاون دوليٌّ، ولا تحالف دوليّ، وقدَّمت شهداء من خيرة أبنائها، وثالثاً: أنا أعرفهم كما أعرف راحة كفي منذ زمن أفراداً وجماعات، ولديهم رصيد اجتماعيّ، وعبََروا بالرصيد الاجتماعيِّ إلى البرلمان، ومن البرلمان إلى الحكومة، وقد تحدَّثتُ مع الحكومة المعنيّة في الإمارات، كيف تـُريدون أن نـُقوِّي العلاقات العراقيّة-الإماراتيّة، وأنتم تـُصنـِّفون شخصيّات تنتمي إلى هذه الحركات ومُشارِكة في الحكومة، ولها دور مُشرِّف.

بهذا الشكل قطعنا معهم أشواطاً، وفي البداية تحدَّثنا معهم في التليفون، وطمأنوني بأنَّ القضيّة قابلة للمُراجَعة، وعندما جاؤوا تحدَّثنا معهم، وعندنا الآن سفرة قريبة إلى الإمارات، وستكون في أولويّاتنا هذه القضيّة.

قالوا: نحن مُستعِدّون لأن نجلس جلسة مع لجنة وزاريّة من طرفكم؛ حتى نعمل في هذا الموضوع. بالنسبة لنا نـُفرِّق بين من ضحَّى من أجل البلد وبين مَن جنى على البلد، ولا يُمكِن أن نـُفرِّط بأيِّ مُكوِّن عراقيٍّ له تاريخ مُشرِق، ويحمل روحه على راحة كفه، ويُناضِل من أجل العراق.


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy