الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

لقاء قناة روسيا اليوم بالدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة
الاخبار | 17-10-2014

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كان لنا فرصة سياسيّة لأن يدخل العراق من هذه البوّابات (بوَّابة جدّة، وبوَّابة باريس، وبوَّابة نيويورك)، ويُفصِح عن خطابه، ويُوجِّه رسالة إلى كلِّ الأطراف المعنيّة، ويُشعِرهم بأنَّ طبول الخطر في العراق تـُعبِّر عن احتمال أن يتسع هذا الخطر ليعمَّ المنطقة، بل يعمّ العالم..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لم تكن قضيّة المؤتمرات الدوليّة صناعة إعلاميّة بقدر ما كانت قضيّة إنسانيّة سياسيّة مُهـِمّة جدّاً استثمرها العراق كأحسن ما يُمكِن خصوصاً أنَّ الموسم كان عراقيّاً..

كان الهمُّ الأول، والعنوان الكبير إن لم يكن الوحيد هو ما يحصل من قبل داعش على الأرض العراقيّة، فاستثمرناه، وحصلت لقاءات مُتعدِّدة، وحصلنا على رُدود فعل طيِّبة من الدول المشاركة كافة..

مُحصِّلة اللقاءات كانت إيجابيّة، وتـُفصِح عن دعم العراق، والاستعداد للوقوف إلى جانبه، وعدم تركه وحده..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: يُؤسِفني أن أقول: نحن نعيش على المُستويات العراقيّة، والإقليميّة، والدوليّة في عالم رُدود الفعل تلقى تجاوباً أكثر من الأفعال والمُبادَرات، لكننا نستثمر الآفاق، ونتمنى أن تنتقل من الاستجابة إلى المُبادَرة، ومن رُدود الفعل إلى الفعل، فمادامت رُدود الفعل فتحت لنا آفاقاً فما الضير في أن نستثمرها على أحسن ما يكون..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نعم.. الأرض أرض عراقيّة، والمُواجَهة مع القوات العراقيّة، وقوات الحشد الشعبيّ، والضحيّة هو الإنسان العراقيّ غير أنَّ مُواطِني داعش من كلِّ أقطار العالم من أميركا، ومن أوروبا، ومن أفريقيا، ومُختلِف مناطق العالم كانوا يتقاطرون على العراق، ويحملون هويات مُتعدِّدة، فمَن يمنع هذا الذي يأتي إلى أرض العراق، ويُنفـِّذ بنفسه عملاً إجراميّاً من أن يُمارس عملاً إجراميّاً في البلد الذي جاء منه..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الجميع أمام المسؤوليّة، فمثلما قدَّم مُواطِنوهم رسالة وصورة بأنـَّهم يُقاتِلون في صفوف داعش ضدَّ الشعب العراقيِّ فكان على هذه الدول أن تـُوجِّه رسالة إنسانيّة بأنَّ الحكومات المُنتخـَبة في النادي الديمقراطيِّ هي التي تقف إلى جانب الشعب العراقيِّ، وتـُسانِده، وتمدّ يد المُساعَدة، لا تجار الحرب الذين يُعبِّرون عن هذه البلدان..

 

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن الآن أمام واقع انفتاح الآفاق، وما اشتركنا فيه هذه المُؤتمَرات، وما التقيناهم من السادة الوزراء الخارجيّة من مُختلِف دول العالم، والمُكالـَمات الهاتفيّة التي حصلت بيني وبين بعض وزراء الخارجيّة بعد العودة كلـّها تـُؤكـِّد أنَّ الدول جادّة في استئناف علاقات قويّة وجيِّدة بغضِّ النظر عن الدوافع التي حالت دون ذلك في المرحلة السابقة.. نحن أمام صُنع حاضر جديد جيِّد، ومُستقبَل أجود، وأفضل للعراق، ولعموم المنطقة..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن لا نـُعاني من قصور في التنظير للعلاقة بيننا وبين بقيّة دول العالم سواء كانت دول الحوض الجغرافيِّ المُتاخِم للعراق، أم وضع بلدان الشرق الأوسط، أم الدائرة الأوروبيّة، أم دائرة دول العالم الأخرى، ولدينا نظريّة سياسيّة ترسم شكل التعامل ضمن مسارات العلاقات مع الدول كافة من دون ازدواج، أو الدخول في المحاور المُتحارِبة والمُتشنـِّجة، ونفتح علاقات ثنائيّة مع كلِّ دولة، وفي الوقت نفسه لا ندخل في الاستقطابات الحادّة بين هذه الدول، وحين يكون لنا شرف التقريب بين هذه الدول سنـُمارِس دورنا كوسيط يحبُّ السِلم، ويحبُّ العدالة، ويحبُّ التجانس والتعايش..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: سنـُمارس دورنا بكلِّ وضوح من دون أن يرهن الحلف مع هذه الدولة أو تلك الإرادة الوطنيّة العراقيّة..

نحن واثقون بأنفسنا بأنـَّنا نتعامل على رؤية واضحة..

العراق لديه مصالح مع هذه الدول، ولديه قِيَم، ومفاهيم يتعامل على ضوئها، ولا تعوزه الثقة بنفسه، وفي الوقت نفسه يتعامل مع كلِّ دولة بما تستحقّ..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: العراق أيضاً تربطه الحقائق الجغرافيّة، وحقائق التاريخ، وحقائق المصادر الحيويّة، والموارد الحيويّة؛ لذا فالعلاقات بيننا وبين دول العالم أمر لابدَّ منه..

لسنا في أزمة نظريّة، كما لا نتمنى أن نكون في أزمة تطبيق في أن نكون مُنفتِحين، وعلى بيِّنة من أمرنا، ونعرف كيف نتعامل مع الآخرين، ونأخذ بالعلاقات إلى ما فيه خير العراق، والطرف الآخر..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: العراق لا يقع تحت نفوذ أيِّ دولة، ونحن الآن في عمق الأزمة التي حصلت بسبب تداعي الوضع الأمنيِّ، واحتلال محافظات من العراق كنا صريحين جدّاً في أنـَّنا نـُطالِب دول العالم بأن تـُساعِدنا من دون أن يكون هنالك ارتهان..

نحن نـُفرِّق بين العلاقة والارتهان، فالعلاقة مع هذه الدولة أو تلك أمر لابدَّ منه. هذا حُسن الجوار، فما من بيت من البيوت العاديّة إلا ولديه حُسن جوار مع جاره، وإلا تنقلب الحياة إلى جحيم، فكيف بدولة لها حدود فإيران لها حدود تقريباً 1200كيلومتر، وكذلك تركيا..

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ما نقوله بحقِّ تركيا، وسورية، والأردن، والمملكة العربيّة السعوديّة، والكويت هو نفسه ما نقوله بحقِّ إيران. هذه الدول لم تجاور العراق بقرار إنـَّما هذه حقائق الجغرافية، فنحن نشأنا في بلد تقع تركيا شمالنا، والكويت جنوبناً فلابدَّ لنا أن لا نـُفكـِّر في أن نـُغيِّر الجغرافية، وإنـَّما نـُفكـِّر في أن نـُطوِّع الديمغرافيّة، والسياسة لأن تتكيَّف مع هؤلاء، وهي أنظمة مُتعدِّدة الاتجاهات، فليس لنا إلا أن نتعامل مع هذا التعدُّد الجغرافيِّ بنظريّة سياسيّة صحيحة..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لدينا علاقة مع إيران، وعلاقة مع تركيا، وكذلك السعوديّة، والأردن، والكويت، وستبقى هذه العلاقة، ولا مفرَّ منها؛ لأنـَّها حقائق جغرافيّة، والحقيقة لا تـُبدِّل من نفسها شيئاً، لكنَّ هذه العلاقة لا تعني بشكل أو بآخر الارتهان، والسماح بالتدخـُّل..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هناك عوامل اجتماعيّة واقتصاديّة تتداخل بيننا وبين هذه الدول، لكنَّ التداخُل الاجتماعيَّ غير التدخـُّل السياسيِّ، أو التدخـُّل في شؤوننا، كما يُوجَد تنافذ اجتماعيّ فهناك قبائل كبيرة مُشترَكة بيننا وبين السعوديّة ومنها قبائل شُمَّر التي بعضها سعوديّة، وبعضها عراقيّة، وكذلك بيننا وبين الكويت تداخل اجتماعيّ..

هذا لابأس به..

لم، ولن نسمح بالتدخـُّل لا من قريب، ولا من بعيد، كما لا نسمح لأنفسنا بأن نتدخـَّل في شؤون الآخرين..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: المناخ السياسيَّ، والعلاقات الجيِّدة تقوم على أساس الثقة بين البلدان وهي غير موجودة بالدرجة الكافية..

كلُّ مُشكِلة تتفاقم في غياب الثقة، ولا يُتوقـَّع لها أن تتقلـَّص، بل تكبر، وتأخذ حجوماً وهميّة أكثر من اللازم..

نحن مُصِرُّون على إعادة بناء جسور العلاقة بيننا وبين دول الجوار باعتبارها الأقرب جغرافيّاً إلينا، وفي الوقت نفسه نفتح كلَّ الملفات من دون استثناء، ولا تبقى إلى زمن مفتوح..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هناك إصرار على أن تتولـّى وزارة الخارجيّة عمليّة هندسة التطبيق، وفتح هذه الملفات، والوصول إلى نتائج إيجابيّة تدرُّ على بلدان المنطقة بالخير..

لسنا في مجال تغالـُب، وليِّ الأذرع، إنـَّما في مجال إنصاف العراق، وإنصاف الآخر، ولا نتجاوز على حقوق الآخرين..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: حين يستعيد العراق رصيده سوف لا يتعامل كعراق فقط إنـَّما يتعامل بواقعيّة بوزن إقليميٍّ، ووزن دوليٍّ؛ لأنـَّه استعاد رصيده، واستعاد شخصيَّته المُمتدَة إلى كلِّ مُحبِّيه..

رُبَّما لم تكن هذه الأجواء موجودة سابقاً؛ فقد فـُرِضت على العراق شبه عُزلة امتدَّت إلى زمن ليس بالقصير..

حان الوقت الآن لأن نستعيد هذا الشيء، ونتحرَّك، ونمتدَّ إلى هذه الآفاق، وفي الوقت نفسه نتناول ملفاتنا كاملة؛ حتى نأخذ حقوق العراق، ونـُنصِف الآخرين في حقوقهم..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كُنا صريحين جدّاً، وصرَّحنا بضرس قاطع أنـَّه لا مجال لوجود القوات البرّيّة في العراق، ولا مجال لإعادة الهاجس والمخاوف المشروعة إلى العراقيِّين..

لا مجال للقواعد، ولا مجال للقوات البرّيّة، نعم.. طلبنا مُساعَدة مشروطة، وهي: الغطاء الجويّ المطلوب حتى يُعطي الفرصة بالشكل المُتكافِئ، فالعراقيُّون ليسوا في أزمة مُقاتِلين، ولا في أزمة تضحية، إنـّما كانوا بحاجة إلى غطاء جويٍّ يدعمهم خصوصاً أنَّ البلد يمرُّ بظرف استثنائيٍّ..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الحشود الآن بعد أن وجَّهت المرجعيّة الدينيّة خطابها توافد الناس وهم يتطوَّعون لغرض المُواجَهة، والعالم كلـُّه شهد بأمّه عينه، نعم.. نحن نـُريد سلاحاً، ونـُريد معلومات سِرّيّة مُخابَراتيّة، ونـُريد أجهزة اكتشاف؛ هذه تـُفيدنا على الصعيد المَدَنيٍّ، وعلى الصعيد الإنسانيِّ..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: طلبنا أن يُسنـَد العراق إنسانيّاً خصوصاً أنَّ لدينا مليوناً وثمانمائة ألف مُواطِن هاجروا من الموصل، وبعضهم من الأنبار، وصلاح الدين إلى مناطق مُختلِفة بعضهم ذهبوا إلى دهوك، أو إلى المحافظات الأخرى.

هذه مأساة..

نحن أمام أزمة فيها جانب إنسانيّ، فيتطلـَّب -بالضرورة- أن يكون هناك دعم خدميّ، وإنسانيّ، وقد سجَّلناه في الأمم المُتحِدة..

وبما أنَّ داعش مشروع تخريب فقد طلبنا على المدى المُتوسِّط والبعيد إعادة بناء المناطق المُتضرِّرة خصوصاً أنـَّها تعرَّضت للتخريب..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا يُفهَم من الحرس الوطنيّ أنـَّه حَرَس محافظات.. كلمة حَرَس وطنيّ تمتدُّ إلى حجم الوطنيّة العراقيّة، لا هو عشائريّ، ولا مناطقيّ، ولا مُمذهَب طائفيّاً، ولا مُعنصَر، ولا قوميّ، إنـّما حَرَس وطنيّ عراقيّ يمتدُّ إلى حيث تمتدّ الوطنيّة العراقيّة؛ حتى نتجنـَّب هذه المآسي، ونتجنـَّب المجاميع، ويكون ضمن القوات المُسلـَّحة العراقيّة، ويخضع لتراتبيّة القوات المُسلـَّحة الوطنيّة العراقيّة، وسياسة الدولة، ويتوافر له ما يتوافر للدولة..

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كلُّ دول العالم بلا استثناء عندما تتعرَّض لما يتعرَّض له العراق تفتح أبواب الحشد الشعبيّ، ويُسمُّون الحرس (الحرس الوطنيّ)، وليس حرساً مناطقيّاً؛ هذا يُعزِّز الوحدة الوطنيّة، ولا يُشعِر ابن الناصريّة أنـّه ضدّ ابن الأنبار، وضدّ دهوك، ولا يُشعِر ابن كربلاء أنه ضدّ ديالى، أو أنـَّه يتقلـَّص في حجمه.

نعم.. غاية ما في الأمر أنـّه استجابة للخطر الداهم؛ فهو حَرَس للجميع ضمن هيمنة، وإدارة القوات المُسلـَّحة..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: التقادُم بالزمن لا يُسقِط الحقوق، فعندما يكون لدى المُواطِن من أيِّ محافظة من المحافظات حقوق مشروعة، ومظالم لم تـُحَلَّ فتقادم الزمن لا يُعفي عنها..

الموصل أم الربيعين، الحدباء كانت عصيّة على كلِّ الحصارات في التاريخ، كانت عصيَّة على الحجّاح بن يوسف الثقفيّ، ونادر شاه، وعصيّة على كلِّ التحدِّيات، فكيف استسلمت بهذه السرعة لمجاميع داعش؟..

بالتأكيد كانت هناك أرضيّة سمحت بأن تتقبَّل ببساطة، ولا تـُقاوم؛ إذن المُشكِلات المحليّة في الموصل، وحتى الاتحاديّة بصورة عامّة في العراق بشكل أو بآخر تسبَّبت بضعف إرادة الموصليِّين في مُقاوَمة هؤلاء، ولو أنـَّنا رأينا أنـَّه ما إن بدأ الاحتلال إلا وردُّ الفعل بدأ يتصاعد، وقد رأينا أبناء الموصل الغيارى يثورون، ويدخلون في معارك مع داعش، لكنَّ هذه الحقوق لن تذهب سُدى، والذي له حقٌّ فلا يضيع حقه، وإنَّ تقادم الزمن سواء كانت في المجال القضائيِّ أم في المجال الخدميِّ، أم المجالات السياسية المُتعيَّنة، أم في تطبيق مبدأ التوازن والتكافؤ في مُؤسَّسات الدولة..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: القوى السياسيّة المُختلِفة، وأكبر هذه القوى هو التحالف الوطنيُّ بكلِّ زخمه، وكلِّ مُكوِّناته يقف إلى جانب الحكومة، ونستفيد من أخطاء الماضي، ونستفيد أيضاً من إيجابيّاته؛ لذا الحكومة مُصِرّة على أن تمضي في هذا الاتجاه، نعم.. بعض القضايا تأخـَّرت، ومنها حقيبتا الداخليّة والدفاع، وقد تمَّ اختيار اثنين من المُرشَّحين لم يُوافِق عليهما البرلمان، ومع ذلك جرى بسرعة الآن تداول أسماء بديلة، وستشقُّ طريقها إلى النور قريباً، وحتى إذا رُفِض أحدهما سيُستبدَل بوزير آخر..

هذه هي الديمقراطيّة في كلِّ العالم..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: مبدأ المُحاصَصة السيِّئ الصيت في الوزارات، والسفارات، وبعض مُؤسَّسات الدولة مرض زرعه مَن زرعه..

نحن لسنا مسؤولين كيف زُرِع، لكنـَّنا مسؤولون عن كيفيّة مُواجَهته.. في الحكومة الثانية التي شكـَّلتـُها عام 2005 اشترطت على الأطراف أن يُقدِّموا ثلاثة مُرشَّحين، وأنا أختار الأفضل؛ بناءً على معايير حرفيّة، وأتذكـَّر أنَّ إحدى الوزارات قـُدِّم لها ثلاثة، وقد رفضتهم كلـَّهم، فاضطرّوا لأن يُقدِّموا رابعاً..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: في وزارة الخارجيّة أنا لا أعتقد بالمُحاصَصة ولكلِّ حزب سفارة وقنصليّة، لكني أقرُّ أنَّ هؤلاء لديهم طاقة، وطاقات مُتميِّزة وليُقدِّموا ما لديهم، ونحن سننظر بهؤلاء المُرشَّحين مَن يكون منهم مُناسِباً لأن يكون لهذه الدولة، أو تلك الدولة..

سنـُعمِل المعايير الحرفيّة.. سنعتمد مبدأ الكفاءة أولاً، والنزاهة ثانياً، والتضحية ثالثاً، وتقديم الوطنيّة العراقيّة على الانتماءات الأخرى..

لا نـُريد منهم أن ينسلخوا عن انتماءاتهم القوميّة، والدينيّة، والمذهبيّة، والسياسيّة لكنـَّنا نـُريد أن نـُقدِّم الانتماء الوطنيَّ، ويكون شعارنا في كلِّ مُؤسَّسة: (أنت عراقيٌّ أولاً، وبعد ذلك اعتزَّ بانتمائك المذهبيِّ، وانتمائك القوميّ).. هذا كلـُّه شرف..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: السفارة عنوان الوطنيّة العراقيّة، وبوّابة العراق..

معنى السفير أنـَّه وزير خارجيّة العراق، ورئيس جمهوريّة العراق في الخارج؛ لذا لا نـُريد للسفير أن يختزل نفسه في خلفيّته، إنـَّما نـُريد عملاً وطنيّاً يتسع للوطنيّة العراقيّة، ولكلِّ المُواطِنين؛ حتى نـُعيد إلى السفارات مهمَّتها الوطنيّة والإنسانيّة، وتكون ديوانيّة عراقيّة من حيث المَحبّة، والثقة، وخدمة المُواطِنين ضمن الضوابط القانونيّة، ولا نـُريدها أن تكون أوكاراً للاغتيالات كما كانت في عصر المقبور صدّام عندما اغتال في بيروت الشيخ السهيل، وفي السودان السيِّد مهديّ الحكيم، وفي إيطاليا الدكتور إياد حبش، وفي الأردن هادي السبيتي..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: سأعمل على التنسيق بيننا وبين وزارة الداخليّة؛ لتذليل العقبات أمام المغتربيّن، ويأخذ المُواطِن العراقيُّ حقـّه بالكامل سواء كان في الجنسيّة، أم في أيِّ شيء آخر خصوصاً أنـَّنا في عصر التكنولوجيا المُتطوِّرة، وسنـُذلـِّل للمُواطِنين العقبات التي أمامهم، ونمنحهم حقوقهم في أيِّ بلد يتواجدون فيه..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بالنسبة لنا لا نـُميِّز بين مُواطِنينا في كردستان، أو في مناطق غرب العراق، أو في وسط العراق، أو جنوبه..

كلـُّهم عراقيون، ومحط احترامنا، وتقديرنا، وتفانينا منذ كنا في المُعارَضة إلى أن أتينا إلى الحكم.. لا نـُميِّز بينهم؛ كلُّ منطقة نتعامل معها بما تستحقُّ من المعونة ضمن الدستور العراقيِّ سواء كانت مُساعَدات عسكريّة أم غيرها، لكن عندما تتفاوت المناطق في النكبات تتفاوت في المُساعَدة، وهذا ردُّ فعل طبيعيٍّ، فيجب أن تتناسب المُساعَدة مع حجم المِحنة..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لدينا مليون وثمانمائة ألف مُواطِن بين موصليّ، ومن الأنبار، ومن صلاح الدين شُرِّدوا، ونزحوا إلى شمال العراق فحصّة دهوك كبيرة جدّاً فمن الطبيعيِّ أن نـُقدِّم مُساعَدة تتناسب وهذا الحال؛ وفاءً للمُواطِنين الذين هاجروا إلى هناك، والمُواطِنين الذين احتضنوهم، وفي الوقت نفسه لدينا مناطق في الوسط والجنوب تحتاج إلى دعم..

على وفق هذه السياسة نسير بشكل مُتجانِس، ومُتكافِئ؛ بقدر ما يتضرَّر المُواطِن يجب أن يجد الرعاية، ويجد المُساعَدة؛ فالتمييز ليس وهميّاً إنـَّما تمييز موضوعيّ..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كلُّ المُساعَدات تخضع للأصل، والأصل فيها أن تخضع لبغداد، ومن خلال بغداد تـُقدَّر القضيّة إلا طائرتين تحملان مُساعَدات إنسانيّة واتصل بي وزيرا خارجيّة دولتين أوروبّيتين كلاً على انفراد، فرأيتها من صلاحيّتي، فأعطيتُ الإذن لهما بذهاب المُساعَدات مباشرة من دون المرور ببغداد؛ حتى لا نقف عائقاً أمامها؛ لأنَّ الوقت ضاق، وعرفتُ أنَّ تأخيرهما قد يُلغيهما..

لا أريد أن أتسبَّب بأذى، وألتزم بالقانون، لكني لا أريد أن يكون التزامي بالقانون على حساب حقِّ مُواطِني بلدي الذي أتشرَّف بتمثيله؛ لذا وافقتُ عليه..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن نتعامل بمنهجيّة عمليّة، ودول العالم إنـَّما تحشَّدت لغرض المُساعَدة؛ لأنـَّهم يشعرون أنَّ طبول الخطر بدأت تـُقرَع في بلدانهم، وأنَّ الإرهاب مُعولـَم، فمُحتمَل أن يعودوا إلى بلدانهم بسياسة إرهابيّة..

هم يعرفون هذا جيِّداً؛ لذا تسابقوا لتدارُك هذه الحالة، فوقفوا إلى جانب العراق..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: سورية فيها ثلاثة أطراف: طرف الحكومة النظام السوريّ، وطرف الشعب بصورة عامّة، والطرف الثالث هو المُعارَضة السوريّة الموجودة، والطرف الأخير ينقسم على قسمين: قسم ذو منحى إرهابيّ، وآخر منحاه غير إرهابيّ..

بسياسة عدم التدخـُّل في دول الجوار نـُريد مُواجَهة ظاهرة الإرهاب (داعش) من دون تصفية الحسابات مع الأنظمة..

ليس هذا اختصاصنا، ولا نـُريد أن نتدخَّل فيه، إنـَّما نـُريد أن نـُحسِّن العلاقات مع دول الجوار..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن نتعامل بمبدأ العلاقات الثنائيّة مع كلِّ دول العالم خصوصاً دول الجوار، ولا ندخل في محور، ونعي جيِّداً ما يجمعنا.. وإذا كنا مُختلِفين مع هذه الدولة أو تلك نتعامل معها على هذا الأساس، ونتمنـَّى أن نقارب بينها؛ لأنَّ خطر داعش لا يقف عند حدود دولة من الدول..

إضعاف داعش مسؤوليَّتنا جميعاً، مسؤولية العالم كلـِّه عبر القارّات، فكيف بدول الجوار الجغرافيِّ؟..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ركـَّزنا كثيراً على ضرورة الاقتصار على استهداف قواعد داعش، وتحاشي أيِّ منطقة آهلة بالسكان، وتحاشي الأهداف المَدَنيّة..

قد تحصل اشتباهات غير مقصودة عسكريّاً وميدانيّاً، لكنَّ النتيجة واحدة وهي مآسٍ إنسانيّة؛ فنحن نـُشدِّد على عدم التسامح في استهداف أيِّ مُواطِن مهما كان، ونـُؤكـِّد عليه بضرس قاطع، ولسنا خجولين في ذلك، ونـُبلِغه إلى كلِّ أطراف التحالف المعنيّة بمُساعَدة العراق أن يقتصروا على استهداف قواعد داعش من دون تجاوز ذلك إلى الأهداف المَدَنيّة، والاقتصاديّة، والخدميّة..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ما حدث من مأساة سبايكر شيء يُدمي القلب، ويعتصر له ألماً، وفي الوقت نفسه لابدَّ من الوقوف بحزم أمام أيِّ عنصر من عناصر الخيانة، أو التهاون الذي تسبَّبَ بهذه المأساة..

مَن رأى ذلك الفلم يُشارِكني هذا الشعور، لا أقول: يتأرَّق فقط بل يدمى قلبه من المأساة، كيف يحصل لشباب أبطال يذهبون بنيَّة القتال، والدفاع، ويستعدون لأن يضحّوا من أجل الدفاع عن أرض العراق يُنصَب لهم كمين بهذه الطريقة، وعلى يد أسوأ خلق الله، ونكرات، وفاسدون من سلالة فاسدة، وقد عُرِفت بعض أسمائهم..

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا يُمكِن التفكيك بين ما يحصل في سورية، وبين ما يحصل في العراق، وحذرنا كثيراً من أنَّ تصاعد وتيرة الأمور في العراق كان استجابة لزيادة فاعليّة داعش في الأرض السوريّة..

داعش لا تحتاج إلى فيزا حتى تدخل إلى العراق..

عندما تشتدُّ الأزمة، ويُحقـِّقون نجاحات في سورية سيرتفع منسوب الإرهاب في العراق؛ لذا فلا نستطيع أن نـُفكـِّك بين الأمرين..

نحن الآن أمام معركة مُشترَكة، والحدود الجغرافيّة لا تحول دون التعامل، والتعاطي معها على أنـَّها حقيقة إرهابيّة واحدة حتى وإن تمظهرت في هذه الدولة أو تلك؛ لذا سيُؤثـِّر سلباً، ومسؤوليّتنا، ومَن يُسانِدنا أن يُواجـِه داعش في كلِّ الأرض..

 

 

وإلى حضراتكم النص الكامل للقاء قناة روسيا اليوم بالدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة

 

 

-         من خلال النشاط الواسع والمُكثـَّف الذي مارستموه على هامش الدوره التاسعة والستين للجمعيّة العامّة للأمم المُتحِدة، ومن خلالها التقيتم بعدد كبير من وزراء الخارجيّة، ورؤساء الدول.. هل هذه اللقاءات كانت للظهور الإعلاميِّ، أم إنـَّها كانت مُثمِرة، ونقلت العلاقات العراقيّة بدول الجوار والعالم إلى مرحلة جديدة؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لم يكن الهدف إعلاميّاً، بل العكس.

ما طفا على السطح الإعلاميِّ إذا ما قـُورِن بالجزء الغاطس الذي اتسع للقاءات مع عدد كبير لا يقلُّ عددهم عن 40 و41 وزير خارجيّة، علاوة على رؤساء الجمهوريّات، ورؤساء الوزراء، وما كان بتخطيط عراقيٍّ، وإنـَّما الوضع الدوليُّ تحرَّك بشكل مُفاجـِئ استجابة إلى التطوُّرات التي حصلت في الشرق الأوسط عموماً، وبصورة خاصّة في العراق.

لم يكن الهدف إعلاميّاً بقدر ما كان فرصة سياسيّة لأن يدخل العراق من هذه البوّابات (بوَّابة جدّة، وبوَّابة باريس، وبوَّابة نيويورك)، ويُفصِح عن خطابه، ويُوجِّه رسالة إلى كلِّ الأطراف المعنيّة، ويُشعِرهم بأنَّ طبول الخطر في العراق تـُعبِّر عن احتمال أن يتسع هذا الخطر ليعمَّ المنطقة، بل يعمّ العالم.

الخُطـَب التي ألقِيَت من قبل الجميع على مُستوى رؤساء الجمهوريّات، ورؤساء الوزراء، ووزراء الخارجيّة كانت قواسمها المُشترَكة تـُركـِّز على بعض الثوابت، وكأنـَّهم مُتفِقون على الخطر المُشترَك، وعلى المفاهيم المُشترَكة، وتـُركـِّز على الحوار؛ فلم تكن القضيّة صناعة إعلاميّة بقدر ما كانت قضيّة إنسانيّة سياسيّة مُهـِمّة جدّاً استثمرها العراق كأحسن ما يُمكِن خصوصاً أنَّ الموسم كان عراقيّاً.

كان الهمُّ الأول، والعنوان الكبير إن لم يكن الوحيد هو ما يحصل من قبل داعش على الأرض العراقيّة، فاستثمرناه، وحصلت لقاءات مُتعدِّدة، وحصلنا على رُدود فعل طيِّبة من الدول المشاركة كافة.

مُحصِّلة اللقاءات كانت إيجابيّة، وتـُفصِح عن دعم العراق، والاستعداد للوقوف إلى جانبه، وعدم تركه وحده.

 

-         لو لم تكن هذه المُصيبة التي حلـَّت بالعراق هل كان المُجتمَع الدوليُّ، والجوار العربيُّ يلتفت إلى العراق، أم إنَّ هذا لأنـَّهم يشعرون بالمخاطر المُتأتـِّية من هذا التنظيم؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: رُدود الفعل لعبت دوراً، ويُؤسِفني أن أقول: نحن نعيش في عالم على المُستويات العراقيّة، والإقليميّة، والدوليّة رُدود الفعل فيه تلقى تجاوباً أكثر من الأفعال والمُبادَرات، لكننا نستثمر الآفاق، ونتمنى أن تنتقل من الاستجابة إلى المُبادَرة، ومن رُدود الفعل إلى الفعل، فمادامت رُدود الفعل فتحت لنا آفاقاً فما الضير في أن نستثمرها على أحسن ما يكون.

أعتقد أنَّ التجاوب الذي جاء بروح ردِّ الفعل يدلُّ على أنَّ العالم كان سادراً في سُبات نوم عميق، وبدأ يستفيق، وأحسَّ بأنَّ الخطر بدأ يدهم كلَّ المناطق، وكلَّ مُواطِني القارّات، نعم.. الأرض أرض عراقيّة، والمُواجَهة مع القوات العراقيّة، وقوات الحشد الشعبيّ، والضحيّة هو الإنسان العراقيّ غير أنَّ مُواطِني داعش من كلِّ أقطار العالم من أميركا، ومن أوروبا، ومن أفريقيا، ومُختلِف مناطق العالم كانوا يتقاطرون على العراق، ويحملون هويات مُتعدِّدة، فمَن يمنع هذا الذي يأتي إلى أرض العراق، ويُنفـِّذ بنفسه عملاً إجراميّاً من أن يُمارس عملاً إجراميّاً في البلد الذي جاء منه.

هم يُحِسّون أنـَّهم أمام مسؤوليّة، فمثلما قدَّم مُواطِنوهم رسالة وصورة بأنـَّهم يُقاتِلون في صفوف داعش ضدَّ الشعب العراقيِّ فكان على هذه الدول أن تـُوجِّه رسالة إنسانيّة بأنَّ الحكومات المُنتخـَبة في النادي الديمقراطيِّ هي التي تقف إلى جانب الشعب العراقيِّ، وتـُسانِده، وتمدّ يد المُساعَدة، لا تجار الحرب الذين يُعبِّرون عن هذه البلدان.

 

 

-         في ضوء اللقاءات التي أجريتموها على هامش الدورة التاسعة والستين للأمم المُتحِدة بما في ذلك اللقاءات مع وزراء الخارجيّة العرب.. هل نتوقــَّع عودة السفارات، وما هي السفارات التي ستـُفتـَح قريباً في بغداد، أو يُعاد فتحها؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كانت المُبادَرة الأولى لوزير خارجيّة المملكة العربيّة السعوديّة السيِّد سعود الفيصل في أول يوم التقينا في جدّة قـُبيلَ اجتماع وزراء الخارجيّة، جرى بيني وبينه لقاء شخصيّ استغرق قرابة النصف ساعة، أكـَّد لي بضرس قاطع بأنـَّهم غير مُتردِّدين في فتح السفارة، وأن أعتبر أنَّ السفارة فـُتِحت، وأعاد الكلام أمام السادة وزراء الخارجيّة في الاجتماع المُوسَّع، كما سمعتُ من أكثر من وزير خارجيّة بأنـَّهم سيفتحون سفارات في بغداد.

تلمَّستُ لهجة جادّة، وواضحة، وصريحة أمام الجميع بأنـَّهم ينوون بشكل فعليٍّ فتح سفاراتهم في بغداد.

 

 

-         هل تـُوجَد مواعيد مُحدَّدة في سقف زمنيٍّ، أم إنَّ التوقيتات مفتوحة؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: عندما سألته (سعود الفيصل وزير الخارجيّة السعوديّة) السؤال نفسه أجابني بشكل واضح: أمَّا القرار فقبلَ رجوعك إلى بغداد، اعتبر أنَّ الأمر انتهى. أمّا مسألة مُقدّماته ومنها ترميم السفارة فهذا أمر فنيّ، بالنسبة لنا لا تردُّد لدينا في ذلك، وأنَّ السفارة فـُتِحت كقرار في بغداد، وبعض الوزراء العرب أكـَّدوا أيضاً بالطريقة نفسها.

 

-         البحرين ليس لديها سفارة ودول عربيّة أخرى بذريعة أنَّ الوضع الأمنيَّ في بغداد غير مُستقِرّ، ولكنَّ ما يقرأه المُراقِبون ممّا بين السطور أنَّ هذا كان موقفاً سياسيّاً من السلطة التي مارَست الحكم خلال هذه الفترة.. هل تجدون التغيير الذي حصل، والذي رُبَّما لعبتم دوراً كبيراً فيه باعتباركم رئيساً للتحالف الوطنيِّ سيفتح علاقات نوعيّة مع دول الجوار العربيِّ، إم إنَّ الذرائع ستبقى.

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بل فـُتِحَت الآفاق، ونحن الآن أمام واقع انفتاح الآفاق، وما اشتركنا فيه هذه المُؤتمَرات، وما التقيناهم من السادة الوزراء الخارجيّة من مُختلِف دول العالم، والمُكالـَمات الهاتفيّة التي حصلت بيني وبين بعض وزراء الخارجيّة بعد العودة كلـّها تـُؤكـِّد أنَّ الدول جادّة في استئناف علاقات قويّة وجيِّدة بغضِّ النظر عن الدوافع التي حالت دون ذلك في المرحلة السابقة. نحن أمام صُنع حاضر جديد جيِّد، ومُستقبَل أجود، وأفضل للعراق، ولعموم المنطقة.

نحن لا نـُعاني من قصور في التنظير للعلاقة بيننا وبين بقيّة دول العالم سواء كانت دول الحوض الجغرافيِّ المُتاخِم للعراق، أم وضع بلدان الشرق الأوسط، أم الدائرة الأوروبيّة، أم دائرة دول العالم الأخرى، ولدينا نظريّة سياسيّة ترسم شكل التعامل ضمن مسارات العلاقات مع الدول كافة من دون ازدواج، أو الدخول في المحاور المُتحارِبة والمُتشنـِّجة، ونفتح علاقات ثنائيّة مع كلِّ دولة، وفي الوقت نفسه لا ندخل في الاستقطابات الحادّة بين هذه الدول، وحين يكون لنا شرف التقريب بين هذه الدول سنـُمارِس دورنا كوسيط يحبُّ السِلم، ويحبُّ العدالة، ويحبُّ التجانس والتعايش.

سنـُمارس دورنا بكلِّ وضوح من دون أن يرهن الحلف مع هذه الدولة أو تلك الإرادة الوطنيّة العراقيّة.

نحن واثقون بأنفسنا بأنـَّنا نتعامل على رؤية واضحة.

العراق لديه مصالح مع هذه الدول، ولديه قِيَم، ومفاهيم يتعامل على ضوئها، ولا تعوزه الثقة بنفسه، وفي الوقت نفسه يتعامل مع كلِّ دولة بما تستحقّ.

العراق أيضاً تربطه الحقائق الجغرافيّة، وحقائق التاريخ، وحقائق المصادر الحيويّة، والموارد الحيويّة؛ لذا فالعلاقات بيننا وبين دول العالم أمر لابدَّ منه؛ علاوة على ذلك نحن نعيش عصر العولمات ليس فقط العولمة السياسيّة، فالآن حتى الطعام صار مُعولـَماً فالطعام يأتي من مناطق أقصى العالم إلى المطعم الشرقي وبالعكس، فكيف بالسياسة، وتبادُل المصالح, والصناعات، وما شابه ذلك.

لسنا في أزمة نظريّة، كما لا نتمنى أن نكون في أزمة تطبيق في أن نكون مُنفتِحين، وعلى بيِّنة من أمرنا، ونعرف كيف نتعامل مع الآخرين، ونأخذ بالعلاقات إلى ما فيه خير العراق، والطرف الآخر.

 

 

-         بعض دول الجوار العربيِّ تصف العراق بأنـَّه يقع تحت النفوذ الإيرانيِّ.. كيف تردُّون على مثل هذه التصوُّرات؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: العراق لا يقع تحت نفوذ أيِّ دولة، ونحن الآن في عمق الأزمة التي حصلت بسبب تداعي الوضع الأمنيِّ، واحتلال محافظات من العراق كنا صريحين جدّاً في أنـَّنا نـُطالِب دول العالم بأن تـُساعِدنا من دون أن يكون هنالك ارتهان.

نحن نـُفرِّق بين العلاقة والارتهان، فالعلاقة مع هذه الدولة أو تلك أمر لابدَّ منه. هذا حُسن الجوار، فما من بيت من البيوت العاديّة إلا ولديه حُسن جوار مع جاره، وإلا تنقلب الحياة إلى جحيم، فكيف بدولة لها حدود فإيران لها حدود تقريباً 1200كيلومتر، وكذلك تركيا.

ما نقوله بحقِّ تركيا، وسورية، والأردن، والمملكة العربيّة السعوديّة، والكويت هو نفسه ما نقوله بحقِّ إيران. هذه الدول لم تجاور العراق بقرار إنـَّما هذه حقائق الجغرافية، فنحن نشأنا في بلد تقع تركيا شمالنا، والكويت جنوبناً فلابدَّ لنا أن لا نـُفكـِّر في أن نـُغيِّر الجغرافية، وإنـَّما نـُفكـِّر في أن نـُطوِّع الديمغرافيّة، والسياسة لأن تتكيَّف مع هؤلاء، وهي أنظمة مُتعدِّدة الاتجاهات، فليس لنا إلا أن نتعامل مع هذا التعدُّد الجغرافيِّ بنظريّة سياسيّة صحيحة.

لدينا علاقة مع إيران، وعلاقة مع تركيا، وكذلك السعوديّة، والأردن، والكويت، وستبقى هذه العلاقة، ولا مفرَّ منها؛ لأنـَّها حقائق جغرافيّة، والحقيقة لا تـُبدِّل من نفسها شيئاً، لكنَّ هذه العلاقة لا تعني بشكل أو بآخر الارتهان، والسماح بالتدخـُّل.

علاوة على أنَّ هناك عوامل اجتماعيّة واقتصاديّة تتداخل بيننا وبين هذه الدول، لكنَّ التداخُل الاجتماعيَّ غير التدخـُّل السياسيِّ، أو التدخـُّل في شؤوننا، كما يُوجَد تنافذ اجتماعيّ فهناك قبائل كبيرة مُشترَكة بيننا وبين السعوديّة ومنها قبائل شُمَّر التي بعضها سعوديّة، وبعضها عراقيّة، وكذلك بيننا وبين الكويت تداخل اجتماعيّ.

هذا لابأس به.

لم، ولن نسمح بالتدخـُّل لا من قريب، ولا من بعيد، كما لا نسمح لأنفسنا بأن نتدخـَّل في شؤون الآخرين.

 

 

-         هناك العديد من الإشكاليّات في قضايا الحدود، أو ما يُسمَّى المناطق المُتنازَع عليها في مناطق غنيّة بالنفط. يُقال: إنَّ إيران أوشكت على أن تستولي عليها، وكذا موضوع ميناء مبارك الكبير الذي يقول البعض إنه يخنق العراق.

هذه الملفات رُبَّما لم يجرِ الحديث عنها بشكل دقيق، وواسع؛ بسبب الاضطرابات الموجودة في العراق.. هل تعتقدون أنـَّها ملفات غير قابلة للحلّ؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: مثل هذه الملفات، وملفات أخرى على أقصى درجات الأهمّيّة، إنـَّما لم يجرِ بحثها؛ لأنَّ المناخ السياسيَّ، والعلاقات الجيِّدة تقوم على أساس الثقة بين البلدان وهي غير موجودة بالدرجة الكافية.

كلُّ مُشكِلة تتفاقم في غياب الثقة، ولا يُتوقـَّع لها أن تتقلـَّص، بل تكبر، وتأخذ حجوماً وهميّة أكثر من اللازم.

نحن مُصِرُّون على إعادة بناء جسور العلاقة بيننا وبين دول الجوار باعتبارها الأقرب جغرافيّاً إلينا، وفي الوقت نفسه نفتح كلَّ الملفات من دون استثناء، ولا تبقى إلى زمن مفتوح.

إلى متى نتهرَّب من النقاش في هذه القضايا، فكلما هربنا منها اشتدَّت، وساءت.

يجب أن نفتحها منذ وقت مُبكـِّر، ونكون على بيِّنة منها بروح المَحبّة، والثقة، ونـُراعي الحقائق الوطنيّة، وقوانين الأمم المُتحِدة؛ لحسمها في أقرب وقت مُمكِن.

هناك إصرار على أن تتولـّى وزارة الخارجيّة عمليّة هندسة التطبيق، وفتح هذه الملفات، والوصول إلى نتائج إيجابيّة تدرُّ على بلدان المنطقة بالخير.

لسنا في مجال تغالـُب، وليِّ الأذرع، إنـَّما في مجال إنصاف العراق، وإنصاف الآخر، ولا نتجاوز على حقوق الآخرين.

 

 

-         هل يُوجَد لديكم شعور بأنَّ العراق قد أُخِذ من حقه شيئاً، أي: إنَّ هذه المناطق التي نتحدَّث عنها هل يُوجَد لديكم شعور بظلم حاق بالعراق؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: حين نفتح هذه الملفات سنستحضر بثقة كلَّ شيء مُرتبـِطاً بالعراق، وسيادته، وسنتحدَّث مع الأطراف المعنيّة بثقة وإصرار، واحترام.

نحن لا نتجاوز على حقوق الآخرين، ولا نسمح بالتجاوز على حقوقنا. هذا شيء طبيعيّ.

هذه الملفات تحتاج إلى رؤية، وخطاب قويٍّ، وحضور.

وحين يستعيد العراق رصيده سوف لا يتعامل كعراق فقط إنـَّما يتعامل بواقعيّة بوزن إقليميٍّ، ووزن دوليٍّ؛ لأنـَّه استعاد رصيده، واستعاد شخصيَّته المُمتدَة إلى كلِّ مُحبِّيه.

رُبَّما لم تكن هذه الأجواء موجودة سابقاً؛ فقد فـُرِضت على العراق شبه عُزلة امتدَّت إلى زمن ليس بالقصير.

حان الوقت الآن لأن نستعيد هذا الشيء، ونتحرَّك، ونمتدَّ إلى هذه الآفاق، وفي الوقت نفسه نتناول ملفاتنا كاملة؛ حتى نأخذ حقوق العراق، ونـُنصِف الآخرين في حقوقهم.

-         هل مايزال العراق خاضعاً لبعض بُنود البند السابع من ميثاق الأمم المُتحِدة. يُقال: إنَّ العراق لم يتخلـَّص تماماً من هذا البند، وكيف السبيل للخروج منه؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: مهزلة البند السابع ليس لها وجود، وهو أكذوبة؛ لأنَّ البند السابع يقوم على حقيقة أن يكون لدى العراق أسلحة محظورة دوليّاً، وقد وُجِّهت هذه الاتهامات في زمن النظام المقبور، ودُرِج العراق في البند السابع، ثم عندما سقط النظام جرى البحث بشكل تفصيليٍّ، ولم يعثر أحد على أسلحة محظورة دوليّاً.

البند السابع قائم على حقيقة وجود أسلحة، ثم اتضح أنَّ هذه الأسلحة لا وجود لها، وبقيت القضيّة هرطقات كلاميّة، وحاولت استغلاله.

أخضعوا العراق إلى البند السابع، وهو بريء منها - نحن لا نريد أن نـُبرِّئ ساحة النظام المقبور، فهو مارَسَ الأسلحة المحظورة في حلبجة والأنفال، وقتل أكثر من أربعة آلاف بريء من الأكراد ظلماً منهم أطفال، ونساء- كلُّ العالم سمع بها، ولم يُمارَس البند السابع، والآن بعد أن ثبت أنَّ العراق بعد السقوط خالٍ من أسلحة محظورة يُلوَّح لنا بالبند السابع، ومع ذلك جرت تطوُّرات إلى عام 2011 وبعدها بشكل صريح أنه لا مجال لاعتبار العراق خاضعاً للبند السابع.

أما ما صدر مُؤخـَّراً من التلويح بالبند السابع فهو بحقِّ داعش باعتبارها دخلت بطريقة غير رسميّة، وباعتبارها مُخترِقة للسيادة العراقيّة، ودخلت لتـُمارِس عملاً إجراميّاً؛ حتى تتمَّ مُعاقـَبتهم، والتعامل من خلال مَن يُمثـِّل السيادة العراقيّة، والحكومة العراقيّة، والقوات المُسلـَّحة العراقيّة.

الملفات مُنفصِلة عن بعضها البعض تماماً.

 

 

-         هل نفهم من ذلك أنَّ هذا البند الذي -كما تقولون فـُرِض ظلماً لأنـَّه لا يُوجَد في العراق أسلحة دمار شامل، والآن يُعاد الحديث عنه- هل نفهم منه أنَّ الولايات المُتحِدة مُخوَّلة على وفق هذا البند الصادر عن الأمم المُتحِدة بإدخال قوات برّيّة إلى العراق لمُحارَبة داعش في الموصل؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: توقـَّفنا عند القوات البرّيّة كثيراً، وكُنا صريحين جدّاً، وصرَّحنا بضرس قاطع أنـَّه لا مجال لوجود القوات البرّيّة في العراق، ولا مجال لإعادة الهاجس والمخاوف المشروعة إلى العراقيِّين.

لا مجال للقواعد، ولا مجال للقوات البرّيّة، نعم.. طلبنا مُساعَدة مشروطة، وهي: الغطاء الجويّ المطلوب حتى يُعطي الفرصة بالشكل المُتكافِئ، فالعراقيُّون ليسوا في أزمة مُقاتِلين، ولا في أزمة تضحية، إنـّما كانوا بحاجة إلى غطاء جويٍّ يدعمهم خصوصاً أنَّ البلد يمرُّ بظرف استثنائيٍّ.

لم يجرِ الحديث عن القوات البرّيّة، بل حذرنا منها. لا نـُريد شيئاً منها على الأرض.

ليس لدينا أزمة فالحشود الآن بعد أن وجَّهت المرجعيّة الدينيّة خطابها توافد الناس زرافات ووحداناً يتطوَّعون لغرض المُواجَهة، والعالم كلـُّه شهد بأمّه عينه، نعم.. نحن نـُريد سلاحاً، ونـُريد معلومات سِرّيّة مُخابَراتيّة، ونـُريد أجهزة اكتشاف؛ هذه تـُفيدنا على الصعيد المَدَنيٍّ، وعلى الصعيد الإنسانيِّ.

طلبنا أن يُسنـَد العراق إنسانيّاً خصوصاً أنَّ لدينا مليوناً وثمانمائة ألف مُواطِن هاجروا من الموصل، وبعضهم من الأنبار، وصلاح الدين إلى مناطق مُختلِفة بعضهم ذهبوا إلى دهوك، أو إلى المحافظات الأخرى.

هذه مأساة..

توجَّه النازحون إلى السكن في المدارس؛ فحدثت مُشكِلة وهي بدء الموسم الدراسيّ.

نحن أمام أزمة فيها جانب إنسانيّ، فيتطلـَّب -بالضرورة- أن يكون هناك دعم خدميّ، وإنسانيّ، وقد سجَّلناه في الأمم المُتحِدة.

وبما أنَّ داعش مشروع تخريب فقد طلبنا على المدى المُتوسِّط والبعيد إعادة بناء المناطق المُتضرِّرة خصوصاً أنـَّها تعرَّضت للتخريب.

 

-         هل أنتم مُتفِقون مع فكرة تأسيس ما يُعرَف بـ(الحرس الوطنيّ) للأقاليم، أو المحافظات. ألا يُؤدِّي ذلك إلى تكريس فكرة تـُحلـِّق في الهواء منذ سنوات، وهي: تقسيم العراق على ثلاث مناطق؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا.. لا يُفهَم من الحرس الوطنيّ أنـَّه حَرَس محافظات. كلمة حَرَس وطنيّ تمتدُّ إلى حجم الوطنيّة العراقيّة، لا هو عشائريّ، ولا مناطقيّ، ولا مُمذهَب طائفيّاً، ولا مُعنصَر، ولا قوميّ، إنـّما حَرَس وطنيّ عراقيّ يمتدُّ إلى حيث تمتدّ الوطنيّة العراقيّة؛ حتى نتجنـَّب هذه المآسي، ونتجنـَّب المجاميع، ويكون ضمن القوات المُسلـَّحة العراقيّة، ويخضع لتراتبيّة القوات المُسلـَّحة الوطنيّة العراقيّة، وسياسة الدولة، ويتوافر له ما يتوافر للدولة.

كلُّ دول العالم بلا استثناء عندما تتعرَّض لما يتعرَّض له العراق تفتح أبواب الحشد الشعبيّ، ويُسمُّون الحرس (الحرس الوطنيّ)، وليس حرساً مناطقيّاً؛ هذا يُعزِّز الوحدة الوطنيّة، ولا يُشعِر ابن الناصريّة أنـّه ضدّ ابن الأنبار، وضدّ دهوك، ولا يُشعِر ابن كربلاء أنه ضدّ ديالى، أو أنـَّه يتقلـَّص في حجمه.

نعم.. غاية ما في الأمر أنـّه استجابة للخطر الداهم؛ فهو حَرَس للجميع ضمن هيمنة، وإدارة القوات المُسلـَّحة.

 

-         هل أصبح الحديث عمّا يُعرَف بمطالب المحافظات المُنتفِضة بحكم الماضي؛ لأنَّ البلد مُنشغِل بداعش، أم إنَّ هذه القضيّة لاتزال على الطاولة، وأنتم كقيادة سياسيّة في البلد مُطالـَبون الآن بحلـِّها؛ لأنـَّها رُبَّما وفـَّرت الحاضنة لوجود هذه التنظيمات الإرهابيّة.

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: التقادُم بالزمن لا يُسقِط الحقوق، فعندما يكون لدى المُواطِن من أيِّ محافظة من المحافظات حقوق مشروعة، ومظالم لم تـُحَلَّ فتقادم الزمن لا يُعفي عنها.

أنا أتفق معك تماماً..

الموصل أم الربيعين، الحدباء كانت عصيّة على كلِّ الحصارات في التاريخ، كانت عصيَّة على الحجّاح بن يوسف الثقفيّ، ونادر شاه، وعصيّة على كلِّ التحدِّيات، فكيف استسلمت بهذه السرعة لمجاميع داعش؟

بالتأكيد كانت هناك أرضيّة سمحت بأن تتقبَّل ببساطة، ولا تـُقاوم؛ إذن المُشكِلات المحليّة في الموصل، وحتى الاتحاديّة بصورة عامّة في العراق بشكل أو بآخر تسبَّبت بضعف إرادة الموصليِّين في مُقاوَمة هؤلاء، ولو أنـَّنا رأينا أنـَّه ما إن بدأ الاحتلال إلا وردُّ الفعل بدأ يتصاعد، وقد رأينا أبناء الموصل الغيارى يثورون، ويدخلون في معارك مع داعش، لكنَّ هذه الحقوق لن تذهب سُدى، والذي له حقٌّ فلا يضيع حقه، وإنَّ تقادم الزمن سواء كانت في المجال القضائيِّ أم في المجال الخدميِّ، أم المجالات السياسية المُتعيَّنة، أم في تطبيق مبدأ التوازن والتكافؤ في مُؤسَّسات الدولة.

 

 

 

-         ما مدى صِحّة أنَّ في بغداد ازدواجيّة في السلطة (سلطة الدكتور حيدر العباديّ رئيس الوزراء، وسلطة تحاول أن تضع العُصيَّ في عجلات حكومته، وهي السلطة السابقة للسيِّد نوري المالكي).. هل هذا التصوُّر صحيح؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ما إن شرع الرجل (حيدر العباديّ) في تسلـُّم رئاسة الوزراء إلا وباشَر في استخدام صلاحيّاته بالتنفيذ سواء في المجال السياسيِّ، أم الخدميِّ، أم المجال العسكريّ، أم المجالات الأخرى.

قد يُقال كلام هنا وهناك، ولكن ليس كلُّ كلام صحيحاً؛ تـُوجَد إرادة وطنيّة مُصِرَّة، ومُؤتمَنه من قبل الشعب العراقيِّ، ويحكمها الدستور، وستـُطبِّق سياسات الحكومة التي شُرِّعت في البرلمان، وهو جهة تشريعيّة يُمارِس دوره الرقابيَّ والتشريعيَّ، ولا يُوجَد ثمة انفصام بين السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة.

القوى السياسيّة المُختلِفة، وأكبر هذه القوى هو التحالف الوطنيُّ بكلِّ زخمه، وكلِّ مُكوِّناته يقف إلى جانب الحكومة، ونستفيد من أخطاء الماضي، ونستفيد أيضاً من إيجابيّاته؛ لذا الحكومة مُصِرّة على أن تمضي في هذا الاتجاه، نعم.. بعض القضايا تأخـَّرت، ومنها حقيبتا الداخليّة والدفاع، وقد تمَّ اختيار اثنين من المُرشَّحين لم يُوافِق عليهما البرلمان، ومع ذلك جرى بسرعة الآن تداول أسماء بديلة، وستشقُّ طريقها إلى النور قريباً، وحتى إذا رُفِض أحدهما سيُستبدَل بوزير آخر.

هذه هي الديمقراطيّة في كلِّ العالم.

 

 

-         متى نتوقـَّع أن يُعيَّن هؤلاء الوزراء بخاصّةٍ وزيرَي الدفاع والداخلية باعتبار أنَّ البلد في وضع استثنائيٍّ يحتاج إلى وزير يتحمَّل المسؤوليّة الأمنيّة، والعسكريّة؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: قبل العيد كان للهيئة القياديّة في التحالف الوطنيِّ اجتماع، وجرت مُناقـَشة مسألة وزيرَي الداخليّة والدفاع، وكانت وجهات النظر مُتقارِبة إلى حدٍّ كبير، لكن يُوجَد ثمة خلاف جزئيٌّ على بعض الأمور، ولا أعتقد أنـَّها عصيّة على الحلّ. أعتقد أنـَّها تنتهي -بإذن الله- الأسبوع المقبل.

 

-         هل سنشهد الأسبوع المُقبـِل تعيين وزيرَي الداخليّة والدفاع، هل نستطيع أن نحصل على سبق صحفيّ، ونقول مَن هم هؤلاء على لسانكم؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: اعذرني عن ذكر الأسماء، لكنَّ الشيء الذي أعدك به هو إنـَّه بعد عُطلة العيد سيجري تسمية مُرشَّحي الدفاع والداخليّة.

آمل أن يجدا تجاوباً في البرلمان؛ حتى نتجاوز هذه المُشكِلة.

 

 

-         هل سيبقى منهج التحاصُص في وزارة الخارجيّة معمولاً به في تعيين السفراء من دون اعتماد مبدأ الكفاءة؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: مبدأ المُحاصَصة السيِّئ الصيت في الوزارات، والسفارات، وبعض مُؤسَّسات الدولة مرض زرعه مَن زرعه.

نحن لسنا مسؤولين كيف زُرِع، لكنـَّنا مسؤولون عن كيفيّة مُواجَهته. في الحكومة الثانية التي شكـَّلتـُها عام 2005 اشترطت على الأطراف أن يُقدِّموا ثلاثة مُرشَّحين، وأنا أختار الأفضل؛ بناءً على معايير حرفيّة، وأتذكـَّر أنَّ إحدى الوزارات قـُدِّم لها ثلاثة، وقد رفضتهم كلـَّهم، فاضطرّوا لأن يُقدِّموا رابعاً.

في وزارة الخارجيّة أنا لا أعتقد أن نجعل مُحاصَصة لكلِّ حزب سفارة وقنصليّة، لكني أقرُّ أنَّ هؤلاء لديهم طاقة، وطاقات مُتميِّزة وليُقدِّموا ما لديهم، ونحن سننظر بهؤلاء المُرشَّحين مَن يكون منهم مُناسِباً لأن يكون لهذه الدولة، أو تلك الدولة.

سنـُعمِل المعايير الحرفيّة. سنعتمد مبدأ الكفاءة أولاً، والنزاهة ثانياً، والتضحية ثالثاً، وتقديم الوطنيّة العراقيّة على الانتماءات الأخرى.

لا نـُريد منهم أن ينسلخوا عن انتماءاتهم القوميّة، والدينيّة، والمذهبيّة، والسياسيّة لكنـَّنا نـُريد أن نـُقدِّم الانتماء الوطنيَّ، ويكون شعارنا في كلِّ مُؤسَّسة: (أنت عراقيٌّ أولاً، وبعد ذلك اعتزَّ بانتمائك المذهبيِّ، وانتمائك القوميّ). هذا كلـُّه شرف.

السفارة عنوان الوطنيّة العراقيّة، وبوّابة العراق.

معنى السفير أنـَّه وزير خارجيّة العراق، ورئيس جمهوريّة العراق في الخارج؛ لذا لا نـُريد للسفير أن يختزل نفسه في خلفيّته، إنـَّما نـُريد عملاً وطنيّاً يتسع للوطنيّة العراقيّة، ولكلِّ المُواطِنين؛ حتى نـُعيد إلى السفارات مهمَّتها الوطنيّة والإنسانيّة، وتكون ديوانيّة عراقيّة من حيث المَحبّة، والثقة، وخدمة المُواطِنين ضمن الضوابط القانونيّة، ولا نـُريدها أن تكون أوكاراً للاغتيالات كما كانت في عصر المقبور صدّام عندما اغتال في بيروت الشيخ السهيل، وفي السودان السيِّد مهديّ الحكيم، وفي إيطاليا الدكتور إياد حبش، وفي الأردن هادي السبيتي.

 

-         عراقيّون كثيرون يشكُون من أنَّ أغلب السفارات لا تمنح جوازات حين ينتهي جواز المُواطِن، ولا يستطيع الحصول على جواز جديد بذرائع مُختلِفة. كيف تحلُّ هذه المُشكِلة؟ 

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: وصلتني هذه الشكوى، وسمعتُ بها من أكثر من مُواطِن، وسأعمل على التنسيق بيننا وبين الداخليّة؛ لتذليل العقبات، ويأخذ المُواطِن العراقيُّ حقـّه بالكامل سواء كان في الجنسيّة، أم في أيِّ شيء آخر خصوصاً أنـَّنا في عصر التكنولوجيا المُتطوِّرة، وسنـُذلـِّل للمُواطِنين العقبات التي أمامهم، ونمنحهم حقوقهم في أيِّ بلد يتواجدون فيه.

 

 

-         لماذا هبَّت دول الغرب والولايات المُتحِدة لتقديم العون العسكريِّ والأسلحة بسخاء لإقليم كردستان العراق بينما يتعثـَّر، ويتباطأ على الحكومة المركزيّة في بغداد، حتى إنـّه يُقال: إنَّ أف 16 قد ألغيت، أو جُمِّدت. ما تفسيركم لهذا الموقف؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هم يلتزمون بالقانون العراقيِّ بأنَّ هذه المُساعَدات تأتي عبر الحكومة الاتحاديّة في بغداد، ويُمكِن أن تـُراعى المناطق، وبعض الطائرات فيها حمولة لمُساعَدات إنسانيّة، والمُساعَدات الإنسانيّة يجري عليها القانون؛ لذا اتصل بي أكثر من وزير خارجيّة وطلبوا مني، فقلتُ لهم: هذا قانون عراقيّ، ويجب أن تمرَّ من خلال بغداد، نعم.. استثنينا طائرة أو طائرتين لأسباب إنسانيّة؛ لأننا خشينا أن نفقد الصفقة.

بالنسبة لنا لا نـُميِّز بين مُواطِنينا في كردستان، أو في مناطق غرب العراق، أو في وسط العراق، أو جنوبه.

كلـُّهم عراقيون، ومحط احترامنا، وتقديرنا، وتفانينا منذ كنا في المُعارَضة إلى أن أتينا إلى الحكم. لا نـُميِّز بينهم؛ كلُّ منطقة نتعامل معها بما تستحقُّ من المعونة ضمن الدستور العراقيِّ سواء كانت مُساعَدات عسكريّة أم غيرها، لكن عندما تتفاوت المناطق في النكبات تتفاوت في المُساعَدة، وهذا ردُّ فعل طبيعيٍّ، فيجب أن تتناسب المُساعَدة مع حجم المِحنة. الآن لدينا مليون وثمانمائة ألف مُواطِن بين موصليّ، ومن الأنبار، ومن صلاح الدين شُرِّدوا، ونزحوا إلى شمال العراق فحصّة دهوك كبيرة جدّاً فمن الطبيعيِّ أن نـُقدِّم مُساعَدة تتناسب وهذا الحال؛ وفاءً للمُواطِنين الذين هاجروا إلى هناك، والمُواطِنين الذين احتضنوهم، وفي الوقت نفسه لدينا مناطق في الوسط والجنوب تحتاج إلى دعم.

على وفق هذه السياسة نسير بشكل مُتجانِس، ومُتكافِئ؛ بقدر ما يتضرَّر المُواطِن يجب أن يجد الرعاية، ويجد الحُنوَّ، ويجد المُساعَدة؛ فالتمييز ليس وهميّاً إنـَّما تمييز موضوعيّ، أمّا الأسلحة فهي بيد الحكومة الاتحاديّة حصراً، ودول العالم تتفهَّمه بشكل جيِّد.

في خطاب مَن سمعتُ في الأمم المُتحِدة ومجلس الأمن كان الجميع مُتفِقين معنا على هذه السياسة.

 

-         هل نفهم من ذلك أنَّ صفقات السلاح التي تذهب إلى أربيل تمرُّ عبر بغداد؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كلُّ المُساعَدات تخضع للأصل، والأصل فيها أن تخضع لبغداد، ومن خلال بغداد تـُقدَّر القضيّة إلا طائرتين تحملان مُساعَدات إنسانيّة اتصل بي وزيرا خارجيّة هاتين الدولتين الأوروبّيتين كلاً على انفراد، فرأيتها من صلاحيّتي، فأعطيتُ الإذن؛ حتى لا نقف عائقاً أمامها؛ لأنَّ الوقت ضاق، وعرفتُ أنَّ تأخيرهما قد يُلغيهما.

لا أريد أن أتسبَّب بأذى، وألتزم بالقانون، لكني لا أريد أن يكون التزامي بالقانون على حساب حقِّ مُواطِني بلدي الذي أتشرَّف بتمثيله؛ لذا وافقتُ عليه.

 

 

-         هل أنتم واثقون من حُسن نوايا التحالف الدوليِّ بالحرب ضدَّ داعش، ولا يكون العراق جسراً لعمليّة برّيّة تستهدف إسقاط النظام في دمشق؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: النوايا يُقرِّرها الله -سبحانه عزَّ وجلّ- وحده، وهو وحده ينفذ إلى قلوب الناس. أمّا نحن فنتعامل بمنهجيّة عمليّة، وهؤلاء إنـَّما تحشَّدوا لغرض المُساعَدة؛ لأنـَّهم يشعرون أنَّ طبول الخطر بدأت تـُقرَع في بلدانهم، وأنَّ الإرهاب مُعولـَم، فمُحتمَل أن يعودوا إلى بلدانهم بسياسة إرهابيّة.

هم يعرفون هذا جيِّداً؛ لذا تسابقوا لتدارُك هذه الحالة، فوقفوا إلى جانب العراق، أمّا سورية فهناك ثلاثة أطراف: طرف الحكومة النظام السوريّ، وطرف الشعب بصورة عامّة، والطرف الثالث هو المُعارَضة السوريّة الموجودة، والطرف الأخير ينقسم على قسمين: قسم ذو منحى إرهابيّ، وآخر منحاه غير إرهابيّ.

بسياسة عدم التدخـُّل في دول الجوار نـُريد مُواجَهة ظاهرة الإرهاب (داعش) من دون تصفية الحسابات مع الأنظمة.

ليس هذا اختصاصنا، ولا نـُريد أن نتدخَّل فيه، إنـَّما نـُريد أن نـُحسِّن العلاقات مع دول الجوار.

أقول بصراحة: اتصل بي الطرف الأميركيّ وهو جون كيري وزير خارجيّة أميركا، وطلب أن تصل رسالة إلى سورية مفادها أنـَّهم سيستهدفون قواعد داعش في سورية، فلا يفهمه الجانب السوريّ بأنـَّنا نقصد النظام. قلتُ له: وإن كان نقل الرسالة ليس فيه شيء، إلا أني أقول لك بصراحة ما قلته بحقِّ العراق: يجب أن لا يكون هناك مسٌّ، واقتراب من أهداف مَدَنيّة، ومن المناطق الآهلة بالسُكـَّان، وبالفعل وصلت الرسالة، وشقـَّت طريقها إلى الإعلام.

يُوجَد الآن وجهات نظر دوليّة مُختلِفة حول هذه القضيّة، الكثير من الدول مُتفِقة على مُواجَهة داعش، لكنها تختلف على قضيّة النظام، فجاءت إشارات بأنـَّهم ليسوا بصدد مُواجَهة النظام، وإنـَّما بصدد مُواجَهة قواعد داعش التي تـُمارِس العمل الإرهابيَّ سواء كانت في سورية، أم تخترق الحدود العراقيّة.

 

-         منذ سنوات طويلة والإدارة الأميركيّة تصدر عنها إشارات مُتناقِضة فيما يتعلق بنظام الرئيس بشار الأسد، لكنَّ حلفاء أميركا الإقليميِّين -وهم مـُؤثـِّرون جداً في الملفِّ السوريِّ- كتركيا أعلنت اليوم أنـَّها ستقوم بتسليح ما يُسمَّى المُعارَضة المُعتدِلة.. كيف نفهم هذه المُعادَلات التي تدفع بالناس في بغداد، والبرلمانيِّين لأن يرتابوا من المواقف الأميركيّة؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لستُ ناطقاً باسم أيِّ دولة كبرى، لكنـِّي أقول لك: يُوجَد واقع إقليميٌّ مُختلِف من حولنا من دولة إلى أخرى فتركيا لديها فهم، في التعامل مع هذا الملفِّ، والآن تطلب منطقة معزولة، ولابدَّ أن تـُراقِب التطوُّرات الأخيرة على الأرض، وكذلك الدول العربيّة وغير العربيّة المُحيطة بالعراق لديها وجهة نظر مُختلِفة.

نحن نتعامل بمبدأ العلاقات الثنائيّة مع كلِّ دول العالم خصوصاً دول الجوار، ولا ندخل في محور، ونعي جيِّداً ما يجمعنا. وإذا كنا مُختلِفين مع هذه الدولة أو تلك نتعامل معها على هذا الأساس، ونتمنـَّى أن نقارب بينها؛ لأنَّ خطر داعش لا يقف عند حدود دولة من الدول.

إضعاف داعش مسؤوليَّتنا جميعاً، مسؤولية العالم كلـِّه عبر القارّات، فكيف بدول الجوار الجغرافيِّ؟

تركيا لها فهم، وكان لها موقف من داعش، وحضرت مُؤتمَر جدّة، وقد التقيتُ بالأخ وزير خارجيّة تركيا، وتحدَّثنا معاً حول هذا الموضوع، لكنَّ حضورهم ما كان مُبرَّزاً، وكذا في باريس؛ لأن كانت لديهم ظروف مُعيَّنة، ونحن أبدينا تفهَّماً، هناك مُختطـَفون من القنصليّة التركيّة في الموصل قرابة 50 موظفاً، وكان الغرض من احتجازهم الضغط على الموقف التركيِّ، فقلنا لهم: أيّ شيء تـُقدِّمونه للدعم ضدَّ داعش نـُرحِّب به، ونـُقدِّر ظروفكم، لكننا نتمنـَّى أن يكون موقفكم في الفرص القادمة بشكل أوضح.

أعتقد أنَّ تركيا أنضج من أن تتصوَّر أنها تسكت، علاوة على أن تـُصالِح داعش، أو تتعامل معه.

تركيا لها تجربة، وتعرف جيِّداً أنَّ تركيا لا تـُستثنى، كما لا يُستثنى أيّ بلد من بلدان العالم من خطر داعش؛ ومن ثم سواء كانت مُقتنِعة أم غير مُقتنِعة، ليس لها إلا الاصطفاف الإنسانيّ العالميّ الدوليّ ضدَّ هذا الخطر، كما أنَّ لدينا صداقات مع الإخوة الأتراك، وتحدَّثنا معهم بصراحة عن خطر داعش، وأشعرونا بأنـَّهم يُشارِكوننا الشعور نفسه، والإحساس نفسه.

 

 

-         حصلت في الأيام الأخيرة أنَّ عدداً من جنود الجيش العراقيِّ، ومن الحشد الشعبيِّ سقطوا قتلى؛ بسبب قصف نيران صديقة، وهناك مَن يقول: لماذا هذه النيران الصديقة تصيب هذه القوات، وهناك مَن يقول: إنَّ الأضرار التي تتعرض لها داعش قليلة نسبةً إلى عدد الطلعات الجوية والصواريخ التي تـُلقى. أنتم كوزارة خارجيّة هل أبلغتم الجانب الأميركيَّ امتعاضكم من هذا العمل الذي أودى بحياة شباب عراقيِّين، وأدَّى إلى كوارث لأسَر كثيرة.

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بالنسبة لنا ركـَّزنا كثيراً على ضرورة الاقتصار على استهداف قواعد داعش، وتحاشي أيِّ منطقة آهلة بالسكان، وتحاشي الأهداف المَدَنيّة.

قد تحصل اشتباهات غير مقصودة عسكريّاً وميدانيّاً، لكنَّ النتيجة واحدة وهي مآسٍ إنسانيّة؛ فنحن نـُشدِّد على عدم التسامح في استهداف أيِّ مُواطِن مهما كان، ونـُؤكـِّد عليه بضرس قاطع، ولسنا خجولين في ذلك، ونـُبلِغه إلى كلِّ أطراف التحالف المعنيّة بمُساعَدة العراق أن يقتصروا على استهداف قواعد داعش من دون تجاوز ذلك إلى الأهداف المَدَنيّة، والاقتصاديّة، والخدميّة.

 

 

-         ما هي نتائج التحقيق في مأساة سبايكر، وهو الجرح النازف باستمرار الذي لم يُغلـَق إلى الآن. ما الذي حصل بشأن التحقيقات التي أجريَت بهذا الملفّ؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هذا الشيء يُدمي القلب، ويعتصر له ألماً، وفي الوقت نفسه لابدَّ من الوقوف بحزم أمام أيِّ عنصر من عناصر الخيانة، أو التهاون الذي تسبَّبَ بهذه المأساة.

مَن رأى ذلك الفلم يُشارِكني هذا الشعور، لا أقول: يتأرَّق فقط بل يدمى قلبه من المأساة، كيف يحصل لشباب أبطال يذهبون بنيَّة القتال، والدفاع، ويستعدون لأن يضحّوا من أجل الدفاع عن أرض العراق يُنصَب لهم كمين بهذه الطريقة، وعلى يد أسوأ خلق الله، ونكرات، وفاسدون من سلالة فاسدة، وقد عُرِفت بعض أسمائهم.

 

-         هل هناك تحديد للقيادات العسكريّة المسؤولة عن هذه الحادث؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: عندما كنتُ عضواً في البرلمان جاء بعض القيادات العسكريّة إلى البرلمان، وأثيرت أسئلة واستفسارات، لكن الأمر -في تقديري- يحتاج إلى تحقيق دقيق، ومُتواصِل، وسريع، وعدم التسويف به، ومعرفة المُتسبِّبين به، ولا يُمكِن أن تذهب هذه الحادثة من دون عقاب عادل، وسنبقى نـُتابـِع هذه الموضوع إلى أن يأخذ الجُناة جزاءهم المفروض في هذه المأساة.

 

 

-         فيما لو سقطت كوباني (عين العرب) في سورية بيد تنظيم داعش. هل تعتقدون أنَّ ذلك سيُشكـِّل تحوُّلاً نوعيّاً في مجرى المعركة مع هذه التنظيمات، وما هو أثر التفاعل المُتسلسِل للوضع في المناطق التي سيطرت عليها داعش بخاصةٍ في العراق؟

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا يُمكِن التفكيك بين ما يحصل في سورية، وبين ما يحصل في العراق، وحذرنا كثيراً من أنَّ تصاعد وتيرة الأمور في العراق كان استجابة لزيادة فاعليّة داعش في الأرض السوريّة.

داعش لا تحتاج إلى فيزا حتى تدخل إلى العراق.

عندما تشتدُّ الأزمة، ويُحقـِّقون نجاحات في سورية سيرتفع منسوب الإرهاب في العراق؛ لذا فلا نستطيع أن نـُفكـِّك بين الأمرين.

نحن الآن أمام معركة مُشترَكة، والحدود الجغرافيّة لا تحول دون التعامل، والتعاطي معها على أنـَّها حقيقة إرهابيّة واحدة حتى وإن تمظهرت في هذه الدولة أو تلك؛ لذا سيُؤثـِّر سلباً، ومسؤوليّتنا، ومَن يُسانِدنا أن يُواجـِه داعش في كلِّ الأرض.

 

 

 

 

 

 


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy