|
لقاء قناة العراقـيَّة الفضائيَّة مع الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقـيَّة 2017/11/30
الجعفريّ لقناة العراقـيَّة: لا أبيع مواقف العراق.. العراق الآن أثبت حكمته في التعامُل والوسطيَّة البنّاءة فيما تشتري بقـيَّة الدول الأصوات حتى تصل إلى الأمم المتحدة.. نحن حصلنا على عضويَّة 16 مُنظـَّمة أمميَّة لأوَّل مرَّة بتاريخ العراق ولم نشترِها بالمال
الاخبار | 30-11-2017
الجعفريّ: هناك بون شاسع بين الخارجيَّة العراقـيَّة الحاليَّة وبين ما كانت عليه سابقاً.. الخارجيَّة الحاليَّة ورثت عُزلة، ووضعت في حسابها أنـَّه ينبغي أن تكسر طوق هذه العزلة، وتصل إلى البعيد فضلاً عن القريب، وتُمارس هذا الدور.. الجعفريّ: هناك مُفرَدات، ومصطلحات وُجِّهت للعراق كانت قاسية، ومنها: الطائفيَّة، وغيرها، وكانت تـُوجَّه له تـُهَمٌ شتى؛ فوضعت الخارجيَّة مُفرَدات خطاب جديد قائم على أساس الصدق، والمصداقـيَّة، وكيف تـُوجِّه لدول العالم حقيقة ما يجري في العراق حتى إذا كانت هناك نقود صحيحة تقولها بكلِّ صراحة؛ لكسب الثقة؛ لذا صمَّمت خطاباً عراقيّاً يقوم على أساس الثنائيَّة بين العراق وبين دول العالم، سواء كانت الدول اللصيقة المُجاورة للعراق، أم غيرها.. الجعفريّ: تـُوجَد تركة ثقيلة في الخارجيَّة ورثناها، ولم نكن نستخدم أسلوب الانتقاص، والتهتـُّك لأيِّ أحد، فالخارجيَّة كانت معزولة، وفـُرِض عليها غيتو من العالم، لا أحد يزورها، ولا أحد يُوجِّه لها دعوة إلا ما ندر، أمَّا اليوم فالعراق عِبْرَ وزارة الخارجيَّة يُعانِي من زحمة في اللقاءات، والدعوات التي يُلبِّيها في الخارج، وقد شهدت هذه القاعة وُفُوداً تترى عليها من كلِّ منطقة، ونتداول شُؤُوناً مُختلِفة: داخليَّة، وإقليميَّة، ودوليَّة؛ لذا ساهم في قلب مُعادَلة السلب، والحصار، والاختناق إلى مُعادَلات أخرى كان من حصادها أن يأخذ العراق حجماً عربيّاً، ودوليّاً.. الجعفريّ: العراق اليوم لم يعُدْ كما كان سابقاً، وهذا واضح لكلِّ ذي عينين، ولا أحد يستطيع أن يُنكِر ما كان عليه العراق، وهو ما عليه الآن، ولايزال في طريق الصعود يرتقي، ويرتفع، وبين فترة وأخرى يُحقـِّق إنجازات، ولم تكن هذه الإنجازات السياسيَّة بمعزل عن الإنجازات على الصعيد العسكريِّ، والأمنيّ.. الواحدة مُرتبِطة بالأخرى.. الجعفريّ: العراق إلى الأمس القريب ورث تركة ثقيلة في الجانب الأمنيّ، فقد كانت الموصل ثاني أكبر مدينة بعد بغداد في قبضة داعش، وكذا الأنبار، وصلاح الدين، أمَّا اليوم فالعالم كلـُّه فـُوجِئ بأنَّ العراق استطاع بهذه السرعة، وهذه الشجاعة أن يحسم معركة رُبَّما عجزت عنها دول كبيرة، علماً أنَّ الذي كان يُدير العمليَّة العسكريَّة بالقوات البرِّيَّة هم عراقـيُّون فقط، ولا يتدخـَّل فيهم أحد، فهذا إنجاز كبير لشعبنا العراقيِّ بمُختلِف شرائحه.. الجعفريّ: الخارجيَّة تعكس من جانب ما يحصل في العراق، ومن جانب آخر تغذي دول العالم بحقيقة ما يجري في العراق، فمارست هذا الدور بشكل يتواكب مع حركته في الداخل.. الجعفريّ: الشيء المُتعلـِّق بقطر أنـَّهم وجَّهوا دعوة منذ زمن، وأكّدها الأخ وزير الخارجيَّة، وقد استجبتُ قبل فترة، وكانت الزيارة جيِّدة، والتقينا بأمير قطر، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجيَّة، ووزراء آخرين، وتكلـَّمنا بالملفِّ العراقيّ-القطريّ.. أعتقد أنَّ الزيارة حققت نتائج على المُستوى السياسيِّ، والإعلاميِّ، وكذا استجابة لفتح السفارة، وهي إن جاءت مُتأخـِّرة عن بقـيَّة الدول العربيَّة، لكن أن تأتي مُتأخـِّرة أفضل من أن لا تأتي.. تحقـَّق شيء جيِّد لمسه شعبنا العراقيّ جيِّداً.. الجعفريّ: نُريد علاقة مع هذه الدول، ولدينا إرادة جدِّيَّة، ونبذل جهداً، ونضع مُقدِّمات، ونُخاطِب من خلال العلاقة الثنائيَّة، ودول الخليج، وجامعة الدول العربيَّة، والتعاون الإسلاميّ، ونستثمر كلَّ الفرص من أجل إيصال رغبة العراق في إقامة علاقات جيِّدة بيننا وبينهم، وفي الوقت نفسه نُواجه تقاطعات بين بعض الدول، لكنـَّنا نحاول أن نـُعمِّم هذا الخطاب بالشكل الذي يجعل العراق يبحث عن المُشترَك بينه وبين الدول الأخرى.. أين يكون المُشترَك نـُسجِّل حُضُوراً.. الجعفريّ: لسنا خائفين، وتكلـَّمنا مع الدول العربيَّة على رُؤُوس الأشهاد، وصدحنا بصوتنا بكلِّ صراحة.. كنا نتحدَّث أنـَّه في الوقت الذي يُعانِي فيه العراق، ويُدافِع عنكم، وعن شُعُوبكم، وخيراتكم، وأمنكم أنتم بعيدون عنه.. الجعفريّ: الوضع في العراق الآن اختلف تماماً، وانقلب رأساً على عقب، وأصبح هناك مَن يقفون إلى جانب العراق، ويُصوِّتون لصالحه، وحصل على الإجماع العربيّ في استنكار دخول قوات تركيَّة إلى بعشيقة، وإجماع عربيّ في مسألة الاستفتاء، وإجماع إسلاميّ، وأحيانا إجماع عالميّ.. العراق الآن يُحقـِّق إجماعات لم يكن يحلم بها لا في مرحلة عصبة الأمم، ولا في مرحلة الأمم المتحدة.. الجعفريّ: الآن بفضل السياسة العامَّة للدولة، ووحدة القوى السياسيَّة العراقـيَّة، وخطابها المُوحَّد، ووحدة القوات المسلحة العراقـيَّة حقـَّقت، وحصدت نتائج مُمتازة يشهد بها العالم كلـُّه.. ليس سِرّاً على أحد ارتقاء العراق على سُلـَّم العلاقات الإقليميَّة، والدوليَّة، وأخذه زمام المُبادَرة، بل أكثر من ذلك.. الجعفريّ: هناك أزمة بين تركيا وسورية، وكذا بين إيران والسعوديَّة، فنحن نتحدَّث مع الأطراف، وقد مارسنا هذا الدور، ومرَّة نضعه في أروقة الجامعة العربيَّة، ونتحدَّث أنـَّه ليس من المصلحة أن نـُسعِّر، ونُصعِّد؛ بسبب أزمات بسيطة، وننسى، أو نتناسى المُشترَكات الكثيرة الموجودة بين هذه الدول.. رُبَّما كان خطابنا يبعث على الاستغراب كطائر في غير سربه، ولكنـَّهم الآن -الحمد لله- اعتادوا علينا، يُضاف إلى ذلك تـُوجَد مُشترَكات.. الجعفريّ: الدكتور العباديّ، والجعفريّ ليسا كلَّ العراق، بل مُواطِنان، ولديهما موقعان، ويُسخـِّران هذين الموقعين لخدمة المُواطِنين.. عندما يمتزج المسؤول، ويتفاعل مع شعبه، ومع مُؤسَّساته، وينهض بمَهمَّته بالشكل الصحيح سيُؤدِّي إلى نتائج إيجابيَّة، وجيِّدة.. قلنا قبل قليل: تـُوجَد تركات ثقيلة من المرحلة السابقة، وما حقـَّقناه الآن إنـَّما هو بفعل، وبنظريَّة عمل تـُطبَّق؛ حتى تـُؤدِّي إلى نتائج، وقد أتت بنتائج الحمد لله.. الجعفريّ: أنا أعتقد أنَّ مُوظـَّفي الخارجيَّة العراقـيَّة سواء في المركز، أم في بعثاتنا بالخارج يُقدِّمون خدمات رائعة، وليست سهلة، بل استثنائيَّة، ويتحرَّكون في الفضاء الدوليِّ سواء كان إقليميّاً، أم عالميّاً، ولديهم علاقات مع وزارات الخارجيَّة في تلك الدول، ومع سفراء دول العالم المُختلِفة، ومنها: العربيَّة.. الجعفريّ: صار لدينا تقليد أنـَّه كلـَّما أذهب لأيِّ عاصمة أن ألتقي مع سفراء الدول العربيَّة في تلك المنطقة، ومن ثوابتي أن التقي بعدد من المُواطِنين من الجالية، وأسمع منهم، وكان آخر لقاء لي في رومانيا في بوخارست، وجلستُ، واستمعتُ للمُواطِنين فيما إذا كانت لديهم شكاوى؛ حتى أسعى من أجل تذليلها.. الجعفريّ: بصورة عامة يُوجَد تحسُّن ملموس، وواضح، وقد طرحتُ شعاراً في أوَّل مجيئي لوزارة الخارجيَّة بأنَّ الخارجيَّة هي الأقرب إلى طبيعة الديوانيَّة (مكان لاستقبال عُمُوم الناس)، أعني أنـَّها بيت الشعب.. الأشياء التي تستطيع أن تعملها من الأخلاق العامَّة إلى تسهيل المُعامَلات إلى استقبال المُواطِن كلـُّها تضطلع بها السفارات.. الجعفريّ: تـُوجَد مواسم لا تستطيع النهوض بأعبائها أكبر سفارة وهي الملايين الذين يأتون الآن لزيارة الإمام الحسين -عليه السلام- في الأربعينيَّة، ومُناسَبات أخرى.. هذه ليست قضيَّة سهلة، فيعملون بأوقات إضافيَّة، وبجهد استثنائيّ؛ حتى يُنجزوا ما بذمَّتهم.. الجعفريّ: فيما يخصّ المنع المصريّ للعراقـيِّين انتهى في وقته.. اتصلتُ بالأخ سامح شكري، وكان مُسافِراً، ولمَّا سمع قال: إنَّ هذا الشيء إجراء تقليديّ روتينيّ غير مقصود به إزعاج العراقـيِّين، وفي غضون شهر ستلمس أثره، وسينتهي قبل الشهر.. وقد انتهى.. الجعفريّ: المُشترَكات التي تربط بين الشعبين العراقيِّ والمصريِّ كثيرة جدّاً، وفرص التعاون وافرة، وجيِّدة، وأخيراً جاء التحدِّي المُشترَك، وهو داعش.. نحن سبق أن وجَّهنا خطاباً تحذيريّاً لكلِّ الدول العربيَّة، وغير العربيَّة من أنَّ داعش لا يُؤمَن شرُّه، وأنـَّه إذا لم يظهر عندكم فالمسألة مسألة وقت.. لا نقولها من موقع التشفـِّي، قلبي يعتصره الألم عندما رأيت ما حدث في مصر، لكننا حذرنا منه سابقاً.. الجعفريّ: العراق لديه تجربة في رصد داعش، وتحليل فلسفته بالعمل ما توافرت لغيرنا، وأعطينا ثمنها الدم العراقيّ.. تجربة العراق في مُواجَهة داعش رائدة، ويجب على العالم أن يدرسها من كلِّ الزوايا سياسيّاً، وفكريّاً، واجتماعيّاً، وعسكريّاً؛ لأنـَّها نجحت، ووصلت إلى أهدافها، واعتمدت على قوّتها الذاتيَّة.. الجعفريّ: العراقـيُّون وحدهم تحمَّلوا مسؤوليَّة مُواجَهة داعش على الأرض.. نعم، بعض دول العالم ساعدتنا بقوات جوِّيَّة، وخدمات لوجستيَّة، وقدَّمت معلومات، لكنَّ المسؤوليَّة الأساسيَّة كانت على عاتق القوات المُسلـَّحة العراقـيَّة؛ وبذلك أطلّت على العالم بمُفاجَأة، وحققت هذا الإنجاز الرائع، وهي تعتمد على قُواها الذاتيَّة.. الجعفريّ: الجامعة العربيَّة يُراد لها وقت، وأن تـُحدِّد رؤية ستراتيجيَّة بعيدة الأمد كيف تكون جامعة عربيَّة -جامعة ليس مُفرِّقة- تستحضر المُشترَكات، وتـُقرِّب بين الدول.. هذا هو مفهوم الجامعة، كما أنـَّها جامعة دول وليس جامعة حُكّام، هي جامعة دول، بمعنى: أنـَّها أكبر من الحاكم، وأكبر من الحكومة، وإنـَّما الشُعُوب تلتقي.. الجعفريّ: عندما تحدث مُشكِلة بين دولتين، أو بين حاكمين تنقطع العلاقة بين الجامعة العربيَّة، وتـُخاصَم تلك الدولة شعبَ ذلك البلد.. ما ذنبه؟.. إذا كان لديهم خلاف مع سورية -على سبيل المثال- اتخذت قراراً بأن تسحب سورية تسحب عضويَّـتها.. هذا لا يُوجَد له مُسوِّغ، ثم أنت تـُقاطِع شعب سورية الذي هو قاعدة الدولة في سورية.. فإذا كنتَ تقول: أنا جامعة الدول العربيَّة، فالدولة تقوم على قاعدة شعبيَّة؛ فيغلب عليهم القطيعة، ومُحاوَلة الابتعاد عن إخواننا، وأشقائنا؛ لذا تحتاج الجامعة العربيَّة إلى إعادة نظر.. الجعفريّ: العراق يحضر بموقف واضح، ومُحدَّد، وصريح، وليس ردَّ فعل.. في شرم الشيخ لم يُوافِق العراق، ورفض بضرس قاطع تدخـُّل القوات السعوديَّة، ومَن يُحالِفها في اليمن، وقلنا بكلِّ صراحة، وهم أقرُّوا لنا فيما بأننا قلنا: إنَّ دُخولكم خطأ.. الآن توصَّلنا إلى هذه النتيجة.. الجعفريّ: نحن لا نعمل برُدُود الأفعال، ولا تُحرِّكنا يد بهذا الاتجاه، ثم تُحرِّكنا غداً باتجاه آخر.. نحن نعمل من وحي ثوابتنا الوطنيَّة، ومن مبادئنا، ومن مُشترَكاتنا مع أشقائنا.. ضمن هذه المُعادَلة نتعامل.. العراق الآن قرَّب الكثير من المسافات التي كانت يوماً ما بعيدة بين هذه الدول.. الجعفريّ: تأتي الحكمة عندما تزن المواقف بالشكل الصحيح.. أنا لا أبيع موقف العراق، ولن نفعلها.. العراق الآن أثبت هذه الحكمة في التعامُل، والوسطيَّة البنّاءة، فيما تشتري بقـيَّة الدول الأصوات حتى تصل إلى الأمم المتحدة.. نحن حصلنا على عضويَّة 16 مُنظـَّمة أمميَّة لأوَّل مرَّة في تاريخ العراق، ولم نشترِها بالمال.. الجعفريّ: الدعم المادِّيّ كان يأتي من مُبادَرات، ومنها مُبادَرة العراق مع الإخوة الكويتيِّين عندما كنا في مُؤتمَر القِمَّة العربيَّة اقترحنا أن تكون مُبادَرة لجمع أموال للعراق.. الجعفريّ: هو أفضل فرصة لنا الآن لاستجلاب الدول، وفتح باب الاستثمار في العراق، ودعمه، وتقديم مِنَح؛ لأنـَّه لا يُوجَد أحد لا يعرف ماذا قدَّم العراق من خسائر.. الجعفريّ: العراق قدَّم خسائر كبيرة جدّاً؛ ورغم كلِّ التحدِّيات، وكلِّ هذه الخسائر استطاع أن يُحقـِّق نصراً مُبيناً، وواضحاً، وهذا النصر ليس نصراً عراقـيّاً فقط؛ لأنَّ خطر الإرهاب غير مُتوقـِّف على العراق فقط، بل على كلِّ المنطقة.. الجعفريّ: الذي حدث في العراق أنـَّه حمل هذه المُبادَرات، وتكلـَّم مع هذه الدول، ولقي استجابات مُمتازة.. افترض -مثلاً- مع بريطانيا، ودرج الإرهاب، وكذا ألمانيا، وقضيَّة العيِّنات الأثريَّة، وتركيا، وطريقة الحفظ على المناطق الأثريَّة، والأهوار وقفت إلى جانبنا، وكنا في أجواء الانقلاب العسكريّ الفاشل الذي حدث في تركيا، وتكلـَّمنا معهم مُباشَرة، وهم -حسب ما قالوا لي- إنَّ أوَّل واحد يتصل بنا هو العراق ونحن في هذه المِحنة.. نحن لا نتعاطف إلا مع حكومة ينتخبها شعب.. الجعفريّ: يشغل بالي كثيراً هذا موضوع الأردن واستقبالهم للمُواطِنين ليس بذلك الاحترام الذي يليق بالمُواطِن العراقيّ، وأكرِّر طرحه سواء كان مع الأخ أيمن الصفديّ وزير الخارجيَّة، أم قبله من السادة الوزراء، وهم كلهم لديَّ علاقة معهم، وكذلك مع جلالة الملك، ونتحدَّث بكلِّ صراحة، ويعِدون خيراً، ويبذلون جُهُوداً، ومع ذلك قبل أيام اتصلتُ لأجل قضيَّة عاجلة عن مُواطِن عراقيّ أُسيءَ له، وأعطوني خبراً، فاتصلتُ، وتكلـَّمُت مع وزير الخارجيَّة، وأكّد لي: وقال: أرجوك أعطِني الإسم، وأنا من خلال السيِّدة السفيرة صفية السهيل نتابع هذا الموضوع.. نحن لا نريد أحداً يدخل المطار فيسأل: هل أنتَ سنيّ أم شيعيّ؟ هو عراقيّ يدخل بصفة عراقـيَّة، وهو جاء إلى الأردن ضيفاً يُمثـِّل العراق بحجمه الكامل، وأنتَ تجزِّئه.. الجعفريّ: الدعم الذي نُعطيه ليس قضيَّة شراء مواقف، وإنـَّما لدينا رؤية، وهي سياسة حُسن الجوار.. الأردن دولة تحتاج دعماً، وليس عيباً أن ندعمها، ولن نندم على ذلك؛ لأنـَّهم بالمقابل أعطونا مواقف سياسيَّة مُقابلة.. الجعفريّ: إلى الأمس القريب كانت بنت صدام حسين موجودة في الأردن، وتـُصرِّح من هنا وهناك، فأتذكر في وقتها استقبلني الأخ رئيس الوزراء وأنا ذاهب إلى بيت الملك، وقلتُ له في الطريق: بنت صدام هنا، وتـُصرِّح، وتـُجري لقاءات تلفزيونيَّة.. وبمُجرَّد أن أوصلني إلى المطار، ورجع قال لي: الموضوع انتهى، وقد خيَّرناها إمَّا البقاء في الإردن بلا نشاط إعلاميّ، أو الخروج من الأردن.. الجعفريّ: عندما تكون لديك علاقة يكون لديك تأثير، التأثير يتفرَّع من كونك صاحب علاقة، والطرف المقابل يحترم رأيك، أمَّا إذا كان عنده مصلحة فليس عيباً.. ما العيب فيها إذا العراقيّ لديه نفط، ويُريد أن يتعاطف، ويتجاوب مع الأردن، أو مع دولة أخرى؟!.. الجعفريّ: من يُراجِع الموقف من استفتاء كردستان هذا يَرَ أنَّ المَهمَّة ما كانت سهلة؛ لأن كان هناك تثقيف، ومجموعة علاقات وصلت إلى درجة أنَّ بعض دول أوروبا تتوسَّط عندي لي عندما أصل إلى عاصمتهم بأن لتجلس الشخصيَّة الكرديَّة الفلانيَّة إلى جانبك بعنوان ممثلة لإقليم كردستان.. لماذا لا تفعلونها في بلدكم.. ليفعلها الرئيس الأميركيّ، ويأتي عن كلِّ ولاية واحد.. وزارة الخارجيَّة وزارة سياديَّة إلى الأمس القريب كان الأخ هوشيار زيباري وزيراً لها.. وزارة الخارجيَّة وزارة سياديَّة تـُمثـِّل كلَّ العراق.. كانوا يتوسَّطون، أعرفهم بالأسماء، لكنّي ما رضخت لهذه الحالة.. الجعفريّ: وزارة الخارجيَّة وزارة عراقـيَّة يُوجَد فيها العرب، والأكراد، والتركمان، والإيزديَّة، والصابئة، والسُنـَّة، والشيعة، والمسيحيُّون.. هناك قفزة اجتماعية رائعة انعكست على البنى السياسيَّة، يوجد في البرلمان 82 سيِّدة، وكان واقع المراة الحكوميّ عام 2005 هو وجود 6 سيِّدات وزيرات، و ولو كانت عمليَّة الصعود سائرة بهذه الاتجاه لأوصلنا إلى العالم خطاباً أنَّ العراق بلد مُتحضِّر يتكامل بثنائيّاته.. الجعفريّ: قائمة الـ30 سفيراً.. أنا أمين على الإشراف على هذه القضيَّة؛ لأني أشغل وزارة الخارجيَّة مثلما كنتُ أشغل مواقع أخرى أمين على سياقاتها.. لم أتفق مع فلان على حِصَّة، انا بريء منه براءة الذئب من دم يوسف.. هذا عمل لا يُشرِّفني، وأعدُّه نخر العراق، أنا أرى الكفوء وغير الكفوء في كلِّ كتلة، وفي كلِّ طائفة، وفي كلِّ منطقة في العراق، ولا تـُوجَد كفاءة محصورة بكيان، ولا محصورة بمنطقة.. الجعفريّ: أنا لا أتعامل بطائفية، ولا يُشرِّفني ذلك.. يُشرِّفني أنني أنتمي إلى طائفة، وأعتزّ، وأتشرَّف بكلِّ الذين ينتمون إلى طائفة أخرى.. أنا لا أريد عراقاً بلا طوائف، لكن أريد عراقاً بلا طائفـيَّة.. انتمِ إلى طائفتك السُنـِّيَّة، والشيعيَّة حيَّاك الله، لكن لا تُحوِّل هذا الانتماء إلى عنصريَّات.. أنا لا أنكر على العربيِّ أن يقول: أنا عربيّ، ولا على الكرديّ أن يقول: أنا كرديّ، وكذا التركمانيّ، لكن لا يعمل بعنصريَّة.. الجعفريّ: ما يخص إخراج 45 موظفاً من وزارة الخارجيَّة.. جاءت عليهم مُلاحَظات من قِبَل الجانب الأمنيِّ، وكلّ الوزارات قامت بالتدقيق الأمنيِّ إلا الخارجيَّة تأخّرت في هذا الأمر، وبقيت هذه القضيَّة بين فترة وأخرى تطفو على السطح.. وشكّل الإخوة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء لجنة فيها عضو من وزارة الخارجيَّة، فجردوا الأسماء، وأفرزوا مجموعة، وكان عددهم كبيراً، وعندما وصلني عددهم تحفـَّظت، فأعادوا النظر بهذا العدد؛ لأني قلتُ لهم: لنتعامل مع حاضر كلِّ موظف.. فقلـَّصوا العدد، ثم رأيته كثيراً، فقلتُ لهم: غير معقول؛ لأنَّ بعضهم حَسَنُ السيرة، هؤلاء جيِّدون.. نحن ما تدخّلنا، لكن عندما وجَّهنا بهذا التوجيه تقلـَّص للمرَّة الثانية، فصار خمسة وأربعين.. الجعفريّ: أنا إلى الآن أقول: نحن لا نأخذ كلَّ مُوظـَّف بتاريخه، بل نأخذه بحاضره.. لماذا لا تـُوجَد لدينا ثقة بأنفسنا.. صدام حسين جعلهم بعثيِّين، فلماذا لا نستطيع أن نجعلهم وطنيِّين، ونـُعيد لهم الوطنيَّة، ونُصافِحهم بقلوبنا قبل أيدينا؟!.. هل صدام أفضل منا؟!.. بماذا كسبهم، وهو بلا فكر، ومبادئ، ولا قِيَم؟.. هو إمَّا وظـَّفهم، أو حلَّ لهم مُشكِلة، أو هدَّدهم.. السلطة بيدنا، والدولة بيدنا، ولدينا إمكانات، وثقافة، وخطاب، ومشروعيَّة، وفكر مُبرَّر عندما تجلس معه يسمعك، ويقول لك: هذا أقبله منك.. لماذا أبقى ألاحقه إلى أن أجعله بالقوة ضدّي؟.. النظرة إلى المُواطِن العراقيِّ بخلفـيَّاته، والتمسُّك بأنه ماذا كان سابقاً هذه نظرة ضيِّقة، وليست صحيحة.. الجعفريّ: مُمثـِّليَّات كردستان في دول العالم هي غير قانونيَّة، وغير رسميَّة، وليست جزءاً من الوزارة، ولا جزءاً من السفارات في العالم، ولا أعطيناها إجازة، ولا يعملون لدينا.. الجعفريّ: تـُوجَد مبالغات حول بعض السفراء من الكرد وهل ساهموا بالاستفتاء، قد يكون واحد، أو اثنان، لكننا تحدَّثنا معهم، ويجب أن أسجِّل لمُجمَل إخواننا الأكراد أنـَّهم تفاعلوا بشكل إيجابيِّ، ومُمتاز سواء كان في السفارات، وهم الآن موجودون حولنا في وزارة الخارجيَّة، وكذا بقـيَّة الوزارات، وفي الوقت نفسه يُؤدُّون خدمة مُمتازة.. الجعفريّ: عندما دخلت القوات العسكريَّة إلى كركوك جزء من المُجتمَع الكركوكليّ أكراد، وقد فتحوا صُدُورهم، واستقبلوهم.. أعتقد أنـَّه يجب أن لا نختزل الأكراد بالشخص الذي يُخطئ، أو يُسيء.. هذا حرام.. الجعفريّ: فيما يخص موفق الربيعيّ قال: إنـَّه لمَّا كنتَ رئيس وزراء في 2006، واستـُهدِفَ مرقد الإمامين العسكريَّين -عليهما السلام- كان يُفترَض بك، أو طـُلِبَ منك فرض حظر التجوال.. المُشكِلة أنـَّه عندما يُرِيد أحد أن يتحدَّث، ويكذب ليس لديه ذاكرة يتناقض، يقولون بالمثل العراقيّ الدارج: "الكذب المصفط أحسن من الصدك المخربط"، فكيف إذا كان كذباً وغير محبوك (مخربط)؟!.. منذ وقت مُبكّر استنفرنا الأجهزة كافة، وكلَّ الوزراء، وعقدنا جلسة استثنائيَّة لمجلس الوزراء، واجتمعوا مشكورين جميعاً، وكانت كلمتهم واحدة، سوى شخصيَّة واحدة فقط طرحت حظر التجوُّل من الإخوة الأكراد، وقال: لو نفرض حظر التجوُّل.. قلتُ له: ليتكلـَّم كلُّ مجلس الوزراء، فقالوا كلـُّهم: لا نفرض حظر تجوُّل.. نحن فرضنا الحظر في اليوم الثاني، وقد جاءتنا في اليوم الثاني أخبار كثيرة عن وُجُود تحرُّكات مُعيَّنة تجاه المساجد، فسألت عن مدى صلاحيَّتي، فقالوا: لديك صلاحيَّة استثنائيَّة استخدمها، فاستخدمتُ صلاحيَّتي، وفرضتُ منع التجوال في بعض المناطق، وقلتُ: بغداد، وبعض المحافظات يكون القرار مركزيّاً، وبعض المحافظات نُعطيها صلاحيَّات محليَّة فإذا أرادت فلتفرض منع التجوُّل.. هذا كلُّ الذي حدث.. الجعفريّ: طبيعة بعض الناس -الله يهديهم- لا يعرف أن يتكلـَّم إلا من وحي الخيال.. بالمُناسَبة أحد الإخوان جمعتني معه جلسة سألني: هل لديك مُلاحَظات عليَّ؟ قلتُ له: نعم.. قال: ما هي؟ قلتُ له: أنتَ كذاب.. والفقهاء -الله يحفظهم- يُفرِّقون بين الكذّاب وبين الكاذب، أعني أنَّ الكذب طبعك.. قال: كيف؟ قلتُ له: عندما تتكلـَّم، ولا تستحضر ما حدث، وتخبر، بل تُنشئ من وحي خيالك، فقال: وبعد؟ قلتُ له: قبل أن ننتقل إلى النقطة الثانية.. أنت زائر لي، وتسألني، وأنا أجيبك.. هل اقتنعتَ به، أم اعتبرته إثارة لك؟ قال: لا، فقال: كيف أتركه؟ قلتُ له: سهل جدّاً.. صمِّم من الآن فصاعداً أنـَّك عندما تتكلـَّم لا تخرج الكلمة إذا لم تستحضر الجواب الحقيقيّ، والحدث الذي وراءه.. هو أعطاني كلاماً أن يلتزم به، وبعد ذلك أعطيته المُلاحَظات الأخرى..
وإلى حضراتكم النص الكامل للقاء قناة العراقـيَّة الفضائيَّة مع الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقـيَّة 2017/11/30
الجعفريّ: هناك بون شاسع بين الخارجيَّة العراقـيَّة الحاليَّة وبين ما كانت عليه سابقاً.. الخارجيَّة الحاليَّة ورثت عُزلة، ووضعت في حسابها أنـَّه ينبغي أن تكسر طوق هذه العزلة، وتصل إلى البعيد فضلاً عن القريب، وتُمارس هذا الدور. هناك مُفرَدات، ومصطلحات وُجِّهت للعراق كانت قاسية، ومنها: الطائفيَّة، وغيرها، وكانت تـُوجَّه له تـُهَمٌ شتى؛ فوضعت الخارجيَّة مُفرَدات خطاب جديد قائم على أساس الصدق، والمصداقـيَّة، وكيف تـُوجِّه لدول العالم حقيقة ما يجري في العراق حتى إذا كانت هناك نقود صحيحة تقولها بكلِّ صراحة؛ لكسب الثقة؛ لذا صمَّمت خطاباً عراقيّاً يقوم على أساس الثنائيَّة بين العراق وبين دول العالم، سواء كانت الدول اللصيقة المُجاورة للعراق، أم غيرها. وعندما أقول: الدول المُجاورة للعراق أعني وُجُود الآخر القوميّ، والآخر الدينيّ، والآخر الطائفيّ.. هذه كلـُّها موجودة في العراق، وحول العراق؛ لذا يُمثـِّل بمُجمَل ما فيه، وما يُحيطه يُمثـِّل حالة عالميَّة حقيقـيَّة.
الجعفريّ: لا، ليس من ديدني أن أوجِّه خطاباً لأيِّ أخ، أو أيِّ زميل بهذا الشكل، لكن يجب أن أقرأ الأمور بشكل صحيح، وأعبِّر عنها بأمانة. تـُوجَد تركة ثقيلة في الخارجيَّة ورثناها، ولم نكن نستخدم أسلوب الانتقاص، والتهتـُّك لأيِّ أحد، فالخارجيَّة كانت معزولة، وفـُرِض عليها غيتو من العالم، لا أحد يزورها، ولا أحد يُوجِّه لها دعوة إلا ما ندر، أمَّا اليوم فالعراق عِبْرَ وزارة الخارجيَّة يُعانِي من زحمة في اللقاءات، والدعوات التي يُلبِّيها في الخارج، وقد شهدت هذه القاعة وُفُوداً تترى عليها من كلِّ منطقة، ونتداول شُؤُوناً مُختلِفة: داخليَّة، وإقليميَّة، ودوليَّة؛ لذا ساهم في قلب مُعادَلة السلب، والحصار، والاختناق إلى مُعادَلات أخرى كان من حصادها أن يأخذ العراق حجماً عربيّاً، ودوليّاً. العراق اليوم لم يعُدْ كما كان سابقاً، وهذا واضح لكلِّ ذي عينين، ولا أحد يستطيع أن يُنكِر ما كان عليه العراق، وهو ما عليه الآن، ولايزال في طريق الصعود يرتقي، ويرتفع، وبين فترة وأخرى يُحقـِّق إنجازات، ولم تكن هذه الإنجازات السياسيَّة بمعزل عن الإنجازات على الصعيد العسكريِّ، والأمنيّ.. الواحدة مُرتبِطة بالأخرى. العراق إلى الأمس القريب ورث تركة ثقيلة في الجانب الأمنيّ، فقد كانت الموصل ثاني أكبر مدينة بعد بغداد في قبضة داعش، وكذا الأنبار، وصلاح الدين، أمَّا اليوم فالعالم كلـُّه فـُوجِئ بأنَّ العراق استطاع بهذه السرعة، وهذه الشجاعة أن يحسم معركة رُبَّما عجزت عنها دول كبيرة، علماً أنَّ الذي كان يُدير العمليَّة العسكريَّة بالقوات البرِّيَّة هم عراقـيُّون فقط، ولا يتدخـَّل فيهم أحد، فهذا إنجاز كبير لشعبنا العراقيِّ بمُختلِف شرائحه. الخارجيَّة تعكس من جانب ما يحصل في العراق، ومن جانب آخر تغذي دول العالم بحقيقة ما يجري في العراق، فمارست هذا الدور بشكل يتواكب مع حركته في الداخل.
الجعفريّ: الشيء المُتعلـِّق بقطر أنـَّهم وجَّهوا دعوة منذ زمن، وأكّدها الأخ وزير الخارجيَّة، وقد استجبتُ قبل فترة، وكانت الزيارة جيِّدة، والتقينا بأمير قطر، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجيَّة، ووزراء آخرين، وتكلـَّمنا بالملفِّ العراقيّ-القطريّ.. أعتقد أنَّ الزيارة حققت نتائج على المُستوى السياسيِّ، والإعلاميِّ، وكذا استجابة لفتح السفارة، وهي إن جاءت مُتأخـِّرة عن بقـيَّة الدول العربيَّة، لكن أن تأتي مُتأخـِّرة أفضل من أن لا تأتي. تحقـَّق شيء جيِّد لمسه شعبنا العراقيّ جيِّداً.
الجعفريّ: بغضِّ النظر عن تفسير نواياهم نحن بصدد صناعة العلاقة العراقـيَّة مع الآخر. نُريد علاقة مع هذه الدول، ولدينا إرادة جدِّيَّة، ونبذل جهداً، ونضع مُقدِّمات، ونُخاطِب من خلال العلاقة الثنائيَّة، ودول الخليج، وجامعة الدول العربيَّة، والتعاون الإسلاميّ، ونستثمر كلَّ الفرص من أجل إيصال رغبة العراق في إقامة علاقات جيِّدة بيننا وبينهم، وفي الوقت نفسه نُواجه تقاطعات بين بعض الدول، لكنـَّنا نحاول أن نـُعمِّم هذا الخطاب بالشكل الذي يجعل العراق يبحث عن المُشترَك بينه وبين الدول الأخرى. أين يكون المُشترَك نـُسجِّل حُضُوراً.
الجعفريّ: لا، هي نقد، ولسنا خائفين، وتكلـَّمنا مع الدول العربيَّة على رُؤُوس الأشهاد، وصدحنا بصوتنا بكلِّ صراحة.. كنا نتحدَّث أنـَّه في الوقت الذي يُعانِي فيه العراق، ويُدافِع عنكم، وعن شُعُوبكم، وخيراتكم، وأمنكم أنتم بعيدون عنه. الوضع في العراق الآن اختلف تماماً، وانقلب رأساً على عقب، وأصبح هناك مَن يقفون إلى جانب العراق، ويُصوِّتون لصالحه، وحصل على الإجماع العربيّ في استنكار دخول قوات تركيَّة إلى بعشيقة، وإجماع عربيّ في مسألة الاستفتاء، وإجماع إسلاميّ، وأحيانا إجماع عالميّ.. العراق الآن يُحقـِّق إجماعات لم يكن يحلم بها لا في مرحلة عصبة الأمم، ولا في مرحلة الأمم المتحدة. الآن بفضل السياسة العامَّة للدولة، ووحدة القوى السياسيَّة العراقـيَّة، وخطابها المُوحَّد، ووحدة القوات المسلحة العراقـيَّة حقـَّقت، وحصدت نتائج مُمتازة يشهد بها العالم كلـُّه. ليس سِرّاً على أحد ارتقاء العراق على سُلـَّم العلاقات الإقليميَّة، والدوليَّة، وأخذه زمام المُبادَرة، بل أكثر من ذلك.
الجعفريّ: في بعض الأحيان، بل في أكثر الأحيان يأخذ صفة المُبادَرة.. نحن نُبادِر، ونتكلم، ونستنهضهم، ونقول لهم: هذه ليست من مصلحة أحد.. المُشترَكات التي بينكم وبين هذه الدول كثيرة، وأنتم أشقاؤنا. على سبيل المثال: هناك أزمة بين تركيا وسورية، وكذا بين إيران والسعوديَّة، فنحن نتحدَّث مع الأطراف، وقد مارسنا هذا الدور، ومرَّة نضعه في أروقة الجامعة العربيَّة، ونتحدَّث أنـَّه ليس من المصلحة أن نـُسعِّر، ونُصعِّد؛ بسبب أزمات بسيطة، وننسى، أو نتناسى المُشترَكات الكثيرة الموجودة بين هذه الدول. رُبَّما كان خطابنا يبعث على الاستغراب كطائر في غير سربه، ولكنـَّهم الآن -الحمد لله- اعتادوا علينا، يُضاف إلى ذلك تـُوجَد مُشترَكات. عندما أقول: الخارجيَّة كانت تـُوصِل هذا الدور كجزء من الدولة العراقـيَّة بكلِّ مُكوِّناتها، وبكلِّ حجم الحكومة، ومُوظـَّفيها كأداة تنفيذيَّة.. كلُّ مُوظـَّف في الخارجيَّة يُساهِم في صناعة هذا الموقف.
الجعفريّ: أنا لمسته؛ لأنـِّي أعمل في الخارجيَّة، وكلُّ واحد من المُوظـَّفين يُؤدِّي دوره.
الجعفريّ: لا، تـُوجَد تركة ثقيلة.
الجعفريّ: الدكتور العباديّ، والجعفريّ ليسا كلَّ العراق، بل مُواطِنان، ولديهما موقعان، ويُسخـِّران هذين الموقعين لخدمة المُواطِنين. عندما يمتزج المسؤول، ويتفاعل مع شعبه، ومع مُؤسَّساته، وينهض بمَهمَّته بالشكل الصحيح سيُؤدِّي إلى نتائج إيجابيَّة، وجيِّدة. قلنا قبل قليل: تـُوجَد تركات ثقيلة من المرحلة السابقة، وما حقـَّقناه الآن إنـَّما هو بفعل، وبنظريَّة عمل تـُطبَّق؛ حتى تـُؤدِّي إلى نتائج، وقد أتت بنتائج الحمد لله.
الجعفريّ: أنا أعتقد أنَّ مُوظـَّفي الخارجيَّة العراقـيَّة سواء في المركز، أم في بعثاتنا بالخارج يُقدِّمون خدمات رائعة، وليست سهلة، بل استثنائيَّة، ويتحرَّكون في الفضاء الدوليِّ سواء كان إقليميّاً، أم عالميّاً، ولديهم علاقات مع وزارات الخارجيَّة في تلك الدول، ومع سفراء دول العالم المُختلِفة، ومنها: العربيَّة. بالمُناسَبة.. صار لدينا تقليد أنـَّه كلـَّما أذهب لأيِّ عاصمة أن ألتقي مع سفراء الدول العربيَّة في تلك المنطقة، ومن ثوابتي أن التقي بعدد من المُواطِنين من الجالية، وأسمع منهم، وكان آخر لقاء لي في رومانيا في بوخارست، وجلستُ، واستمعتُ للمُواطِنين فيما إذا كانت لديهم شكاوى؛ حتى أسعى من أجل تذليلها.
الجعفريّ: بصورة عامة يُوجَد تحسُّن ملموس، وواضح، وقد طرحتُ شعاراً في أوَّل مجيئي لوزارة الخارجيَّة بأنَّ الخارجيَّة هي الأقرب إلى طبيعة الديوانيَّة (مكان لاستقبال عُمُوم الناس)، أعني أنـَّها بيت الشعب. الأشياء التي تستطيع أن تعملها من الأخلاق العامَّة إلى تسهيل المُعامَلات إلى استقبال المُواطِن كلـُّها تضطلع بها السفارات. تـُوجَد مواسم لا تستطيع النهوض بأعبائها أكبر سفارة وهي الملايين الذين يأتون الآن لزيارة الإمام الحسين -عليه السلام- في الأربعينيَّة، ومُناسَبات أخرى.. هذه ليست قضيَّة سهلة، فيعملون بأوقات إضافيَّة، وبجهد استثنائيّ؛ حتى يُنجزوا ما بذمَّتهم.
الجعفريّ: عبد الرحمن -سفير العراق في الجزائر- من السفراء الذين أعتزّ بهم شخصيّاً، وهو رجل نشط، وأخلاقه عالية جدّاً، وحرفيّ مُمتاز، وليس لديه مشاكل، ويتعامل بشكل أخويّ.
الجعفريّ: متى يُؤخَذ بالاتهام خُصُوصاً عندما يرتكز على أكاذيب؟! وهل يُوجَد أحد بمنجى عن الاتهام؟!
الجعفريّ: أوّلاً بأوَّل، ولا أنتظر إلى أن نلتقي، فبعض الأحيان أتكلـَّم معهم بالتلفون مُباشَرة.
الجعفريّ: على هذه النقطة لم أتكلـَّم معه بها، لكنّي سأتحدَّث بها في أوَّل لقاء لي، أو أتصل به.
الجعفريّ: تحريك السفراء من عاصمة إلى أخرى سياق طبيعيّ موجود في داخل الوزارة، وسفيرنا أراه نشطاً، ومُنسجماً مع كادره، ومع المركز، وليس لدينا مُشكِلة.
الجعفريّ: هو من إخواننا أبناء السُنـَّة.
الجعفريّ: المُشكِلة أنَّ الذي يُكذّب ليس لديه ذاكرة جيِّدة؛ حتى يستطيع أن يربط ما يقوله.
الجعفريّ: لا، تـُوجَد بنية تحتـيَّة في الجزائر، وعُمُوم الشمال الأفريقيّ، وخُصُوص الجزائر، وقليل في تونس، والمغرب تجدهم تَروَّج عندهم منذ زمن الفكر السلفيُّ المُتطرِّف، وقد أدَّت إفرازات هذا الفكر إلى أن يُساهِموا في القاعدة، ثم داعش. هذه حقيقة موجودة على الأرض، ولا نستطيع إنكارها. هو (سفير العراق في الجزائر) من إخواننا السُنـَّة ويُتهَم بأنـَّه يُروِّج للمذهب الشيعيِّ.
الجعفريّ: انتهى في وقته.. اتصلتُ بالأخ سامح شكري، وكان مُسافِراً، ولمَّا سمع قال: إنَّ هذا الشيء إجراء تقليديّ روتينيّ غير مقصود به إزعاج العراقـيِّين، وفي غضون شهر ستلمس أثره، وسينتهي قبل الشهر.. وقد انتهى.
الجعفريّ، نعم، نعم.
الجعفريّ: بكلِّ تأكيد؛ المُشترَكات التي تربط بين الشعبين العراقيِّ والمصريِّ كثيرة جدّاً، وفرص التعاون وافرة، وجيِّدة، وأخيراً جاء التحدِّي المُشترَك، وهو داعش. نحن سبق أن وجَّهنا خطاباً تحذيريّاً لكلِّ الدول العربيَّة، وغير العربيَّة من أنَّ داعش لا يُؤمَن شرُّه، وأنـَّه إذا لم يظهر عندكم فالمسألة مسألة وقت.. لا نقولها من موقع التشفـِّي، قلبي يعتصره الألم عندما رأيت ما حدث في مصر، لكننا حذرنا منه سابقاً. العراق لديه تجربة في رصد داعش، وتحليل فلسفته بالعمل ما توافرت لغيرنا، وأعطينا ثمنها الدم العراقيّ. تجربة العراق في مُواجَهة داعش رائدة، ويجب على العالم أن يدرسها من كلِّ الزوايا سياسيّاً، وفكريّاً، واجتماعيّاً، وعسكريّاً؛ لأنـَّها نجحت، ووصلت إلى أهدافها، واعتمدت على قوّتها الذاتيَّة. العراقـيُّون وحدهم تحمَّلوا مسؤوليَّة مُواجَهة داعش على الأرض.. نعم، بعض دول العالم ساعدتنا بقوات جوِّيَّة، وخدمات لوجستيَّة، وقدَّمت معلومات، لكنَّ المسؤوليَّة الأساسيَّة كانت على عاتق القوات المُسلـَّحة العراقـيَّة؛ وبذلك أطلّت على العالم بمُفاجَأة، وحققت هذا الإنجاز الرائع، وهي تعتمد على قُواها الذاتيَّة.
الجعفريّ: الجامعة العربيَّة يُراد لها وقت، وأن تـُحدِّد رؤية ستراتيجيَّة بعيدة الأمد كيف تكون جامعة عربيَّة -جامعة ليس مُفرِّقة- تستحضر المُشترَكات، وتـُقرِّب بين الدول.. هذا هو مفهوم الجامعة، كما أنـَّها جامعة دول وليس جامعة حُكّام، هي جامعة دول، بمعنى: أنـَّها أكبر من الحاكم، وأكبر من الحكومة، وإنـَّما الشُعُوب تلتقي. عندما تحدث مُشكِلة بين دولتين، أو بين حاكمين تنقطع العلاقة بين الجامعة العربيَّة، وتـُخاصَم تلك الدولة شعبَ ذلك البلد. ما ذنبه؟ إذا كان لديهم خلاف مع سورية -على سبيل المثال- اتخذت قراراً بأن تسحب سورية تسحب عضويَّـتها. هذا لا يُوجَد له مُسوِّغ، ثم أنت تـُقاطِع شعب سورية الذي هو قاعدة الدولة في سورية.. فإذا كنتَ تقول: أنا جامعة الدول العربيَّة، فالدولة تقوم على قاعدة شعبيَّة؛ فيغلب عليهم القطيعة، ومُحاوَلة الابتعاد عن إخواننا، وأشقائنا؛ لذا تحتاج الجامعة العربيَّة إلى إعادة نظر.
الجعفريّ: لا. لا، العراق يحضر بموقف واضح، ومُحدَّد، وصريح، وليس ردَّ فعل.. في شرم الشيخ لم يُوافِق العراق، ورفض بضرس قاطع تدخـُّل القوات السعوديَّة، ومَن يُحالِفها في اليمن، وقلنا بكلِّ صراحة، وهم أقرُّوا لنا فيما بأننا قلنا: إنَّ دُخولكم خطأ.. الآن توصَّلنا إلى هذه النتيجة. نحن لا نعمل برُدُود الأفعال، ولا تُحرِّكنا يد بهذا الاتجاه، ثم تُحرِّكنا غداً باتجاه آخر.. نحن نعمل من وحي ثوابتنا الوطنيَّة، ومن مبادئنا، ومن مُشترَكاتنا مع أشقائنا.. ضمن هذه المُعادَلة نتعامل. العراق الآن قرَّب الكثير من المسافات التي كانت يوماً ما بعيدة بين هذه الدول.
الجعفريّ: هنا تأتي الحكمة، وكيف تزن المواقف بالشكل الصحيح.. أنا لا أبيع موقف العراق، ولن نفعلها. العراق الآن أثبت هذه الحكمة في التعامُل، والوسطيَّة البنّاءة، فيما تشتري بقـيَّة الدول الأصوات حتى تصل إلى الأمم المتحدة.. نحن حصلنا على عضويَّة 16 مُنظـَّمة أمميَّة لأوَّل مرَّة في تاريخ العراق، ولم نشترِها بالمال.
الجعفريّ: الدعم المادِّيّ كان يأتي من مُبادَرات، ومنها مُبادَرة العراق مع الإخوة الكويتيِّين عندما كنا في مُؤتمَر القِمَّة العربيَّة اقترحنا أن تكون مُبادَرة لجمع أموال للعراق.
الجعفريّ: نعم، وقد استجابت الكويت.
الجعفريّ: إن شاء الله.. موقف الكويت موقف بنّاء في دعم العراق، وكذا تحرَّكنا في باريس، وفي أميركا.
الجعفريّ: دعم هذه المناطق.
الجعفريّ: هو أفضل فرصة لنا الآن لاستجلاب الدول، وفتح باب الاستثمار في العراق، ودعمه، وتقديم مِنَح؛ لأنـَّه لا يُوجَد أحد لا يعرف ماذا قدَّم العراق من خسائر. العراق قدَّم خسائر كبيرة جدّاً؛ ورغم كلِّ التحدِّيات، وكلِّ هذه الخسائر استطاع أن يُحقـِّق نصراً مُبيناً، وواضحاً، وهذا النصر ليس نصراً عراقـيّاً فقط؛ لأنَّ خطر الإرهاب غير مُتوقـِّف على العراق فقط، بل على كلِّ المنطقة. الذي حدث في العراق أنـَّه حمل هذه المُبادَرات، وتكلـَّم مع هذه الدول، ولقي استجابات مُمتازة. افترض -مثلاً- مع بريطانيا، ودرج الإرهاب، وكذا ألمانيا، وقضيَّة العيِّنات الأثريَّة، وتركيا، وطريقة الحفظ على المناطق الأثريَّة، والأهوار وقفت إلى جانبنا، وكنا في أجواء الانقلاب العسكريّ الفاشل الذي حدث في تركيا، وتكلـَّمنا معهم مُباشَرة، وهم -حسب ما قالوا لي- إنَّ أوَّل واحد يتصل بنا هو العراق ونحن في هذه المِحنة.. نحن لا نتعاطف إلا مع حكومة ينتخبها شعب.
الجعفريّ: نعم.
الجعفريّ: لا. لا، اتصلتُ بهم، ووظـَّفت الاتصال، وقلتُ لهم: أريد هذا الشيء، وكانوا مُتجاوبين، وحصلنا على أصوات، وتغيَّر الموقف لصالح العراق الحمد لله.
الجعفريّ: يشغل بالي كثيراً هذا الموضوع، وأكرِّر طرحه سواء كان مع الأخ أيمن الصفديّ وزير الخارجيَّة، أم قبله من السادة الوزراء، وهم كلهم لديَّ علاقة معهم، وكذلك مع جلالة الملك، ونتحدَّث بكلِّ صراحة، ويعِدون خيراً، ويبذلون جُهُوداً، ومع ذلك قبل أيام اتصلتُ لأجل قضيَّة عاجلة عن مُواطِن عراقيّ أُسيءَ له، وأعطوني خبراً، فاتصلتُ، وتكلـَّمُت مع وزير الخارجيَّة، وأكّد لي: وقال: أرجوك أعطِني الإسم، وأنا من خلال السيِّدة السفيرة صفية السهيل نتابع هذا الموضوع. نحن لا نريد أحداً يدخل المطار فيسأل: هل أنتَ سنيّ أم شيعيّ؟ هو عراقيّ يدخل بصفة عراقـيَّة، وهو جاء إلى الأردن ضيفاً يُمثـِّل العراق بحجمه الكامل، وأنتَ تجزِّئه.
الجعفريّ: الدعم الذي نُعطيه ليس قضيَّة شراء مواقف، وإنـَّما لدينا رؤية، وهي سياسة حُسن الجوار. الأردن دولة تحتاج دعماً، وليس عيباً أن ندعمها، ولن نندم على ذلك؛ لأنـَّهم بالمقابل أعطونا مواقف سياسيَّة مُقابلة. إلى الأمس القريب كانت بنت صدام حسين موجودة في الأردن، وتـُصرِّح من هنا وهناك، فأتذكر في وقتها استقبلني الأخ رئيس الوزراء وأنا ذاهب إلى بيت الملك، وقلتُ له في الطريق: بنت صدام هنا، وتـُصرِّح، وتـُجري لقاءات تلفزيونيَّة.. وبمُجرَّد أن أوصلني إلى المطار، ورجع قال لي: الموضوع انتهى، وقد خيَّرناها إمَّا البقاء في الإردن بلا نشاط إعلاميّ، أو الخروج من الأردن. فعندما تكون لديك علاقة يكون لديك تأثير، التأثير يتفرَّع من كونك صاحب علاقة، والطرف المقابل يحترم رأيك، أمَّا إذا كان عنده مصلحة فليس عيباً. ما العيب فيها إذا العراقيّ لديه نفط، ويُريد أن يتعاطف، ويتجاوب مع الأردن، أو مع دولة أخرى؟!.
الجعفريّ: من يُراجِع الموقف من هذا يَرَ أنَّ المَهمَّة ما كانت سهلة؛ لأن كان هناك تثقيف، ومجموعة علاقات وصلت إلى درجة أنَّ بعض دول أوروبا تتوسَّط عندي لي عندما أصل إلى عاصمتهم بأن لتجلس الشخصيَّة الكرديَّة الفلانيَّة إلى جانبك بعنوان ممثلة لإقليم كردستان. لماذا لا تفعلونها في بلدكم.. ليفعلها الرئيس الأميركيّ، ويأتي عن كلِّ ولاية واحد.. وزارة الخارجيَّة وزارة سياديَّة إلى الأمس القريب كان الأخ هوشيار زيباري وزيراً لها. وزارة الخارجيَّة وزارة سياديَّة تـُمثـِّل كلَّ العراق. كانوا يتوسَّطون، أعرفهم بالأسماء، لكنّي ما رضخت لهذه الحالة.
الجعفريّ: دول كثيرة.. وزارة الخارجيَّة وزارة عراقـيَّة يُوجَد فيها العرب، والأكراد، والتركمان، والإيزديَّة، والصابئة، والسُنـَّة، والشيعة، والمسيحيُّون. من يطلب ذلك أقول له: لماذا لا تفعلها في بلدك؟ لتفعلها أميركا وفيها 50 ولاية، أو الهند التي ديمقراطيتها أعرق من ديمقراطيَّة أميركا.. رمتني بدائها وانسلّت؟! هم (أميركا) إلى الأمس القريب مُتخاصِم السود والبيض، يطلبون منا مثاليَّات ليست في بلدهم؟! ثم أين الغبن الذي حدث في الواقع الاجتماعيّ العراقيّ؟ هناك قفزة اجتماعية رائعة انعكست على البنى السياسيَّة، يوجد في البرلمان 82 سيِّدة، وكان واقع المراة الحكوميّ عام 2005 هو وجود 6 سيِّدات وزيرات، و ولو كانت عمليَّة الصعود سائرة بهذه الاتجاه لأوصلنا إلى العالم خطاباً أنَّ العراق بلد مُتحضِّر يتكامل بثنائيّاته.
الجعفريّ: ناقشناها اليوم، وحصل شبه إجماع.
الجعفريّ: نعم.
الجعفريّ: 30 مُرشَّحاً.
الجعفريّ: 30، باستثناء 2 تأخّرا عن البقـيَّة.
الجعفريّ: كانت المناقشة موضوعيَّة علميَّة.. كنتُ قد شكّلتُ في الوزارة لجنة من من السادة الوكلاء الثلاثة، وقاموا مشكورين بأداء هذا الدور، وحكّموا معايير حرفية طرحوها يوم أمس عندما استصحبتهم معي إلى مجلس الوزراء.
الجعفريّ: نعم، ثلاثتهم.
الجعفريّ: لم آتِ بأيِّ أحد في هذه القائمة.
الجعفريّ: الـ30 حسب التسلسل الوظيفيّ لهم، هؤلاء لديهم تراكم، وصعدوا بشكل طبيعيّ. أنا أمين على الإشراف على هذه القضيَّة؛ لأني أشغل وزارة الخارجيَّة مثلما كنتُ أشغل مواقع أخرى أمين على سياقاتها. لم أتفق مع فلان على حِصَّة، انا بريء منه براءة الذئب من دم يوسف.. هذا عمل لا يُشرِّفني، وأعدُّه نخر العراق، أنا أرى الكفوء وغير الكفوء في كلِّ كتلة، وفي كلِّ طائفة، وفي كلِّ منطقة في العراق، ولا تـُوجَد كفاءة محصورة بكيان، ولا محصورة بمنطقة.
الجعفريّ: الكفاءات غير محصورة في كيان واحد، ولو تبحث، وتدقق ستجد أنـَّها موجودة في كلِّ الكيانات.
الجعفريّ: لا، لا.
الجعفريّ: لا، أنا لا أتعامل بطائفية، ولا يُشرِّفني ذلك. يُشرِّفني أنني أنتمي إلى طائفة، وأعتزّ، وأتشرَّف بكلِّ الذين ينتمون إلى طائفة أخرى.. أنا لا أريد عراقاً بلا طوائف، لكن أريد عراقاً بلا طائفـيَّة.. انتمِ إلى طائفتك السُنـِّيَّة، والشيعيَّة حيَّاك الله، لكن لا تُحوِّل هذا الانتماء إلى عنصريَّات.. أنا لا أنكر على العربيِّ أن يقول: أنا عربيّ، ولا على الكرديّ أن يقول: أنا كرديّ، وكذا التركمانيّ، لكن لا يعمل بعنصريَّة.
الجعفريّ: جاءت عليهم مُلاحَظات من قِبَل الجانب الأمنيِّ، وكلّ الوزارات قامت بالتدقيق الأمنيِّ إلا الخارجيَّة تأخّرت في هذا الأمر، وبقيت هذه القضيَّة بين فترة وأخرى تطفو على السطح.
الجعفريّ: نعم، نعم، شكّل الإخوة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء لجنة فيها عضو من وزارة الخارجيَّة، فجردوا الأسماء، وأفرزوا مجموعة، وكان عددهم كبيراً، وعندما وصلني عددهم تحفـَّظت، فأعادوا النظر بهذا العدد؛ لأني قلتُ لهم: لنتعامل مع حاضر كلِّ موظف.
الجعفريّ: هذه المواقع يُشرِّفها أن تظهر الأكاذيب بهذا الشكل؟.
الجعفريّ: ونحن لا ننتظر عالماً حالماً. فقلـَّصوا العدد، ثم رأيته كثيراً، فقلتُ لهم: غير معقول؛ لأنَّ بعضهم حَسَنُ السيرة، هؤلاء جيِّدون. نحن ما تدخّلنا، لكن عندما وجَّهنا بهذا التوجيه تقلـَّص للمرَّة الثانية، فصار خمسة وأربعين. أنا إلى الآن أقول: نحن لا نأخذ كلَّ مُوظـَّف بتاريخه، بل نأخذه بحاضره. لماذا لا تـُوجَد لدينا ثقة بأنفسنا.. صدام حسين جعلهم بعثيِّين، فلماذا لا نستطيع أن نجعلهم وطنيِّين، ونـُعيد لهم الوطنيَّة، ونُصافِحهم بقلوبنا قبل أيدينا؟! هل صدام أفضل منا؟! بماذا كسبهم، وهو بلا فكر، ومبادئ، ولا قِيَم؟ هو إمَّا وظـَّفهم، أو حلَّ لهم مُشكِلة، أو هدَّدهم. السلطة بيدنا، والدولة بيدنا، ولدينا إمكانات، وثقافة، وخطاب، ومشروعيَّة، وفكر مُبرَّر عندما تجلس معه يسمعك، ويقول لك: هذا أقبله منك. لماذا أبقى ألاحقه إلى أن أجعله بالقوة ضدّي؟ النظرة إلى المُواطِن العراقيِّ بخلفـيَّاته، والتمسُّك بأنه ماذا كان سابقاً هذه نظرة ضيِّقة، وليست صحيحة.
الجعفريّ: هي غير قانونيَّة، وغير رسميَّة، وليست جزءاً من الوزارة، ولا جزءاً من السفارات في العالم، ولا أعطيناها إجازة، ولا يعملون لدينا.
الجعفريّ: تـُوجَد مبالغات، قد يكون واحد، أو اثنان، لكننا تحدَّثنا معهم، ويجب أن أسجِّل لمُجمَل إخواننا الأكراد أنـَّهم تفاعلوا بشكل إيجابيِّ، ومُمتاز سواء كان في السفارات، وهم الآن موجودون حولنا في وزارة الخارجيَّة، وكذا بقـيَّة الوزارات، وفي الوقت نفسه يُؤدُّون خدمة مُمتازة. عندما دخلت القوات العسكريَّة إلى كركوك جزء من المُجتمَع الكركوكليّ أكراد، وقد فتحوا صُدُورهم، واستقبلوهم. أعتقد أنـَّه يجب أن لا نختزل الأكراد بالشخص الذي يُخطئ، أو يُسيء.. هذا حرام.
الجعفريّ: المُشكِلة أنـَّه عندما يُرِيد أحد أن يتحدَّث، ويكذب ليس لديه ذاكرة يتناقض، يقولون بالمثل العراقيّ الدارج: "الكذب المصفط أحسن من الصدك المخربط"، فكيف إذا كان كذباً وغير محبوك (مخربط)؟! منذ وقت مُبكّر استنفرنا الأجهزة كافة، وكلَّ الوزراء، وعقدنا جلسة استثنائيَّة لمجلس الوزراء، واجتمعوا مشكورين جميعاً، وكانت كلمتهم واحدة، سوى شخصيَّة واحدة فقط طرحت حظر التجوُّل من الإخوة الأكراد، وقال: لو نفرض حظر التجوُّل. قلتُ له: ليتكلـَّم كلُّ مجلس الوزراء، فقالوا كلـُّهم: لا نفرض حظر تجوُّل.
الجعفريّ: شخصيَّة كرديَّة من داخل مجلس الوزراء.
الجعفريّ: لا داعي.. وهو دافعَ عن وجهة نظره، لكنَّ مجلس الوزراء كلـَّه باستثنائه ما وافق. لو كنتَ بدلاً عني ماذا تفعل؟..
الجعفريّ: إجماع ناقص واحد. نحن فرضنا الحظر في اليوم الثاني، وقد جاءتنا في اليوم الثاني أخبار كثيرة عن وُجُود تحرُّكات مُعيَّنة تجاه المساجد، فسألت عن مدى صلاحيَّتي، فقالوا: لديك صلاحيَّة استثنائيَّة استخدمها، فاستخدمتُ صلاحيَّتي، وفرضتُ منع التجوال في بعض المناطق، وقلتُ: بغداد، وبعض المحافظات يكون القرار مركزيّاً، وبعض المحافظات نُعطيها صلاحيَّات محليَّة فإذا أرادت فلتفرض منع التجوُّل.. هذا كلُّ الذي حدث.
الجعفريّ: طبيعة بعض الناس -الله يهديهم- لا يعرف أن يتكلـَّم إلا من وحي الخيال.. بالمُناسَبة أحد الإخوان جمعتني معه جلسة سألني: هل لديك مُلاحَظات عليَّ؟ قلتُ له: نعم.. قال: ما هي؟ قلتُ له: أنتَ كذاب.. والفقهاء -الله يحفظهم- يُفرِّقون بين الكذّاب وبين الكاذب، أعني أنَّ الكذب طبعك.. قال: كيف؟ قلتُ له: عندما تتكلـَّم، ولا تستحضر ما حدث، وتخبر، بل تُنشئ من وحي خيالك، فقال: وبعد؟ قلتُ له: قبل أن ننتقل إلى النقطة الثانية. أنت زائر لي، وتسألني، وأنا أجيبك.. هل اقتنعتَ به، أم اعتبرته إثارة لك؟ قال: لا، فقال: كيف أتركه؟ قلتُ له: سهل جدّاً.. صمِّم من الآن فصاعداً أنـَّك عندما تتكلـَّم لا تخرج الكلمة إذا لم تستحضر الجواب الحقيقيّ، والحدث الذي وراءه. هو أعطاني كلاماً أن يلتزم به، وبعد ذلك أعطيته المُلاحَظات الأخرى.
الجعفريّ: ليس تلاعُباً، بل توظيف الألفاظ.
الجعفريّ: هو هذا أسلوبي.. بالحوار يُوجَد مُعطٍ، ويُوجَد مُتلقٍّ، لا يُوجَد مُعطٍ مُطلـَق، ولا مُتلقٍّ مُطلـَق، فعندما يتكلّم معي أحد ما، وأبادله الحديث آنس بحديثه، وأتعلم منه، وأختزن بعض الأشياء، وأسجِّلها بذاكرتي، أو بالورقة، وإذا لديَّ شيء أقدِّم له بكلِّ بساطة. أنا أستعنل بعض الكلمات بحسب طبيعة الوسط الذي أتحرَّك فيه. الشعب العراقيّ شعب مُثقـَّف، شعب مُتحضِّر، شعب لديه تاريخ، إذا أعطيتُ حِصَّة للمثقفين فهذا ليس سُبَّة، ولا أستنكف منه، أنا أسترسل مُرتجلاً من دون تحضير مسبق للكلام.
الجعفريّ: إذا كان المُتلقي نخبويّاً فأنا أتكلـَّم بلغة النخبة.
جلوسك بالقرب من العشرة آلاف كتاب في مكتبتك يختلف عن جلوسك مع عامة الناس؟ الجعفريّ: لا، لا، أنتم أناس مُثقـَّفون، وأنا لم أقصد -والعياذ بالله- أن أميِّز نفسي على أحد، ولا قصدي أن أبيِّن فارقاً بيني وبين بقـيَّة الناس.. هذا لا أفعلها. أنا أرى نفسي أمام سؤال، وأرى التجانُس بين السائل والمُجيب، وتُوجَد حالة من تبادُل الثقافة.. هو عندما يسأل، وأنا عندما أجيبه، أو العكس، وأعدّ هذا عقداً بيني وبين البقـيَّة، وآنس بحديثهم. كثير من الأحيان أتعلـَّم من بعض الناس كلمات، ومصطلحات، وأتعلـَّم منه نظريَّات إذا كانت صحيحة، وأحاول أن أضمِّنها في خطابي. العودة إلى صفحة الأخبار |
|