الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

كلمة الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقيَّة في الحفل الذي أقامته وزارة الخارجيَّة بمُناسَبة النصر على عصابات داعش الإرهابيّة وتحرير الموصل
‏الجعفريّ في احتفالية وزارة الخارجيَّة بمُناسَبة النصر على داعش: نحن أمام نصر مُركـَّب ليس فقط في داخل العراق وإنما نصر أمميّ وعالميّ لكلِّ دول العالم التي وقفت إلى جانبنا وشعرت أنَّ الخطر الذي يواجه العراق هو خطر وشيك يُمكِن أن يتسلـَّل إلى بلدانهم
الاخبار | 20-07-2017

أقامت وزارة الخارجيَّة العراقيَّة احتفالية بمُناسَبة النصر على عصابات داعش الإرهابيّة وتحرير الموصل وبحضور سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية المتعمدين في بغداد وعدد من القادة العسكريين الذي ساهموا بالقضاء على إرهابييّ داعش وتحرير المدن العراقيَّة.

وألقى الدكتور الجعفريّ كلمة أكـَّد فيها أن القوات العراقـيَّة المُسلـَّحة البطلة سجَّلت مواقف مُشرِّفة، وأعطت العالم جزءاً جديداً في العلوم العسكريَّة كيف تواجه هذه المجموعة الشاذة التي استباحت الإنسان بكامل حجمه، وحققت هذا النصر؛ ‏إذن نحن أمام نصر مُركـَّب ليس فقط في داخل العراق وإنما نصر أمميّ، وعالميّ لكلِّ دول العالم التي وقفت إلى جانبنا، وكرَّست ما لديها من قابليَّات، ووقفت إلى جانب العراق؛ لأنـَّها شعرت أكثر من أيِّ وقت سبق أنَّ الخطر الذي يواجه العراق هو خطر وشيك يُمكِن أن يتسلـَّل إلى بلدانهم.

مُبيناً: لا يشتبه أحد أنَّ ‏خطر داعش انتهى مادام داعش موجوداً في أيِّ بلد من بلدان العالم فمعناه تقرع طبول الخطر في كلِّ بقاع العالم مرَّة واحدة؛ لأنَّ أهداف داعش ليست تقليديَّة، فهي ليست بثكنات عسكريَّة، ولا بوارج بحريَّة، ولا مطارات عسكريَّة، خطر داعش أنهم يستهدفون كلَّ هدف مدنيّ في كلِّ مكان، وكذلك قادرون على أن ينتقلوا من بلد إلى آخر، ومن مكان إلى آخر؛ لذا يجب أن نكون حذرين جدّاً، ونتعاون مع دول العالم لمُطارَدة داعش، ونتعاون معهم مادام لداعش وُجُود، فلابُدَّ من التفكير الجادِّ بمُتابَعة هذا الخطر، والتعاون مع كلِّ دول العالم للقضاء عليه بشكل نهائيّ.

مُشيراً: انتهت المعارك بشكل نهائيٍّ، ومع ذلك فنحن من مبدأ الأمن الوقائيِّ نفكر بقطع الطريق أمام أيِّ مجموعة ‏تـُعيد التسلـُّل، ومن الآن فصاعداً علينا أن نفكر بالإعمار والبناء، وهذا هو البديل الطبيعيّ؛ لأنَّ شعبنا قطع رحلة طويلة امتدَّت منذ سُقوط النظام المقبور في عصر الدكتاتوريَّة الصدَّاميَّة إلى الآن، وواصل مسيرته المظفرة إلى أن وصل اليوم إلى شاطئ الانتصار الذي لم تتمكن من تحقيقه الكثير من الدول الكبرى.

‏مُضيفاً: لا يفوتني أن أقدِّم وافر الشكر، وعظيم الامتنان بكلِّ آيات التكريم للفتوى التاريخيَّة التي حرَّرها سماحة آية الله العظمى السيِّد عليّ السيستانيّ أدامه الله، ‏ولم تكن هذه المرة الأولى، بل سبق أن حرَّر مجموعة مواقف منذ العام 2003 في الأزمات، والشِدَّة، والمحطات التي شارف بها العراق على المشاكل، وكان لصوت المرجعيَّة أثر بالغ لتنقية الأجواء، ‏وحفظ الوحدة الوطنية بين مُكوِّنات الشعب العراقيِّ من مُختلِف الديانات، والمذاهب، والقوميَّات.. وتحية خاصة أيضا إلى بناتنا العراقيات اللاتي دفعن بأزواجهن وأبنائهن وإخوانهم وآبائهن إلى أتون المعركة ويدفعون الآن ثمناً غالياً بسبب ‏الترمل والثكالى وفقدان الشهداء ونحييهم على هذا الموقف البطولي.

موضحاً: لولا تضافر جُهُود تلك الدول معنا: ‏الدول المجاورة، وأوربا، وأمريكا، وأستراليا، ونيوزلندا، وكندا، وبريطانيا، والكثير من دول العالم، وأرسلت بعض المستشارين، وساهمت في تدريب القوات العسكريَّة العراقـيَّة، كلها أدَّت إلى هذه النتيجة؛ لذا يحقُّ لنا أن نفتخر، ونعتزَّ، كما يحقُّ لأبناء شُعُوب تلك الدول أن تفخر، وتعتزَّ بأنها ساهمت في صناعة النصر.. ‏كما يجب أن نتقدَّم بالشكر لكلِّ الدول التي تعاملت معنا من داخل التحالف الدوليِّ، ومن خارجه؛ لأنَّ العراق كان في أزمة حقيقـيَّة؛ لذا تعامل مع التحالف، والدول الصديقة، والشقيقة من خارج التحالف روسيا، ‏والصين، والجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة، ودول الجوار الجغرافيِّ.

‏مقدماً الشكر للضُبَّاط من المواقع القياديَّة المُختلِفة لحُضُورهم الحفل، وهم يرمزون إلى القوات العراقيَّة المسلحة المختلفة التي أدَّت دوراً بطوليّاً استثنائيّاً سواء كان الجيش، أم الشرطة، ‏أم جهاز مكافحة الإرهاب، ‏أم الحشد الشعبيّ، أم الحشد العشائريّ، أم البيشمركة.

 

‏وإلى حضراتكم النص الكامل لكلمة الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقيَّة في الحفل الذي أقامته وزارة الخارجيَّة بمُناسَبة النصر على عصابات داعش الإرهابيّة وتحرير الموصل

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

‏السيِّدات والسادة الحُضُور أحيِّيكم أجمل تحيَّة، ‏وأرحِّب بكم أعمق ترحيب من ‏دواخل نفسي، وقلبي ‏وأنتم تشاركون العراقـيِّين جميعاً أفراحهم الغامرة بمُناسَبة الانتصار الإنسانيِّ الذي تمثـَّل بجبهة الصراع بين الشعب العراقيِّ في ساحة العراق مع قوى الشرِّ التي تمثـَّلت بداعش.

صحيح، أنَّ أرض المعركة كانت أرض العراق، لكنَّ أطراف المعركة امتدَّت إلى كثير من أصحاب الجنسيَّات، ووصلت مُؤخـَّراً إلى أكثر من 120 جنسيَّة.

‏كمدخل للحديث، أودّ أن أفتح الحديث معكم بالآية القرآنيَّة الكريمة في أجواء النصر، وعادةً ما تــُذكـَر هذه الآية بعد الانتهاء من صفحات الحرب، ويقف المُنتصِر واثقاً من نفسه، وكيف يُخاطِب الآخرين:

((خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين وإنما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله))..

أربع آليَّات حدَّدتها الآية القرآنيَّة الكريمة، كيف يتعامل المُنتصِر مع الآخرين.

خذ العفو من دون أن يخترق القضاء، ‏ومن دون أن يُبرِّئ القاتل، وسافك الدم، وهاتك العِرض، وسارق المال.

وأمر بالعُرف: وهو الذي تعارف عليه الناس، وعرفه العقل، وأقرَّه الشرع.. واعرض عن الجاهلين: ستسمع الكلام الكثير، وستسمع الذين ينعقون، والذين يُشوِّهون الحقائق؛ فقسَّم المُجتمَع على هذه التقسيمات الأربعة، ثم بدأ يُحدِّد كلَّ شريحة اجتماعيَّة.

أمَّا الرابع "وإمَّا ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله" لن تواجه الذين يُطالِبون بالعفو، وإنـَّما ستواجه الذين يُحِبُّون العرف، ويتعاملون مع العرف، واعرض عن الجاهلين: ستـُلقى عليك الحجارة، وستـُلام، وستـُوجَّه لك الأكاذيب، والتهم، وخاطبه في داخل نفسه.

نفسك من داخلك سينزغ بها الشيطان، والنزغ عكس النزع.. النزع هو أن تجرَّ الشعرة من العجينة، وأمَّا النزغ فإنك تدسّ الشعرة في العجين.

سيدسُّ الشيطان فيك أحقاداً وكراهية، احذر من الشيطان.

هذه الآية أتذكرها دائماً في أجواء الانتصار.

‏الذي حصل في الموصل كان مُركـَّب نصر، وليس نصراً من نوع واحد، ولا من عنصر واحد، فقد تفاعلَّ الشعب العراقيّ بمُختلِف مُكوِّناته، ودياناته، وطوائفه، وقوميَّاته.

القوات العراقـيَّة المُسلـَّحة البطلة سجَّلت مواقف مُشرِّفة، وأعطت العالم جزءاً جديداً في العلوم العسكريَّة كيف تواجه هذه المجموعة الشاذة التي استباحت الإنسان بكامل حجمه، وحققت هذا النصر؛ ‏إذن نحن أمام نصر مُركـَّب ليس فقط في داخل العراق وإنما نصر أمميّ، وعالميّ لكلِّ دول العالم التي وقفت إلى جانبنا، وكرَّست ما لديها من قابليَّات، ووقفت إلى جانب العراق؛ لأنـَّها شعرت أكثر من أيِّ وقت سبق أنَّ الخطر الذي يواجه العراق هو خطر وشيك يُمكِن أن يتسلـَّل إلى بلدانهم.

مثلما لم يبدأ الإرهاب في العراق، قد لا ينتهي بالعراق، ويمتدُّ إلى بلدان أخرى في العالم، ورأيتم كيف امتدَّ بعد أن فتك بسوريا، ونشر ظلـَّه على سوريا، وقاومته بشتى الأساليب، وامتدَّ إلى العراق، ومن العراق كان يحاول أن يمتدَّ إلى بلدان أخرى في العالم، كما ذهب إلى نيس في فرنسا، وكندا، وأستراليا، والكثير من بلدان العالم فنحن كلنا نواجه حرباً عالميَّة، وإن كانت على أرض عراقـيَّة.

لا يشتبه أحد أنَّ ‏خطر داعش انتهى مادام داعش موجوداً في أيِّ بلد من بلدان العالم فمعناه تقرع طبول الخطر في كلِّ بقاع العالم مرَّة واحدة؛ لأنَّ أهداف داعش ليست تقليديَّة، فهي ليست بثكنات عسكريَّة، ولا بوارج بحريَّة، ولا مطارات عسكريَّة، خطر داعش أنهم يستهدفون كلَّ هدف مدنيّ في كلِّ مكان، وكذلك قادرون على أن ينتقلوا من بلد إلى آخر، ومن مكان إلى آخر؛ لذا يجب أن نكون حذرين جدّاً، ونتعاون مع دول العالم لمُطارَدة داعش، ونتعاون معهم مادام لداعش وُجُود، فلابُدَّ من التفكير الجادِّ بمُتابَعة هذا الخطر، والتعاون مع كلِّ دول العالم للقضاء عليه بشكل نهائيّ.

انتهت المعارك بشكل نهائيٍّ، ومع ذلك فنحن من مبدأ الأمن الوقائيِّ نفكر بقطع الطريق أمام أيِّ مجموعة ‏تـُعيد التسلـُّل، ومن الآن فصاعداً علينا أن نفكر بالإعمار والبناء، وهذا هو البديل الطبيعيّ؛ لأنَّ شعبنا قطع رحلة طويلة امتدَّت منذ سُقوط النظام المقبور في عصر الدكتاتوريَّة الصدَّاميَّة إلى الآن، وواصل مسيرته المظفرة إلى أن وصل اليوم إلى شاطئ الانتصار الذي لم تتمكن من تحقيقه الكثير من الدول الكبرى.

بكلّ تأكيد لولا تضافر جُهُود تلك الدول معنا: ‏الدول المجاورة، وأوربا، وأمريكا، وأستراليا، ونيوزلندا، وكندا، وبريطانيا، والكثير من دول العالم، وأرسلت بعض المستشارين، وساهمت في تدريب القوات العسكريَّة العراقـيَّة، كلها أدَّت إلى هذه النتيجة؛ لذا يحقُّ لنا أن نفتخر، ونعتزَّ، كما يحقُّ لأبناء شُعُوب تلك الدول أن تفخر، وتعتزَّ بأنها ساهمت في صناعة النصر.

من خلال سفرائنا الأعزاء، وإخواننا، وضُيُوفنا أ‏وجِّه شكري، وتقديري، وامتناني لكلِّ هذه الدول التي شاركت بشكل مُباشِر وغير مُباشِر في تحقيق النصر، وأنَّ هذا النصر كمُركـَّب هو تعبير عن إراداتهم جميعاً، فلهم كلُّ الحقوق، وعليهم كلُّ الواجب أن يحتفلوا، ويفتخروا بهذا الانتصار.

‏لا يفوتني أن أقدِّم وافر الشكر، وعظيم الامتنان بكلِّ آيات التكريم للفتوى التاريخيَّة التي حرَّرها سماحة آية الله العظمى السيِّد عليّ السيستانيّ أدامه الله، ‏ولم تكن هذه المرة الأولى، بل سبق أن حرَّر مجموعة مواقف منذ العام 2003 في الأزمات، والشِدَّة، والمحطات التي شارف بها العراق على المشاكل، وكان لصوت المرجعيَّة أثر بالغ لتنقية الأجواء، ‏وحفظ الوحدة الوطنية بين مُكوِّنات الشعب العراقيِّ من مُختلِف الديانات، والمذاهب، والقوميَّات.

وتحية خاصة أيضا إلى بناتنا العراقيات اللاتي دفعن بأزواجهن وأبنائهن وإخوانهم وآبائهن إلى أتون المعركة ويدفعون الآن ثمناً غالياً بسبب ‏الترمل والثكالى وفقدان الشهداء ونحييهم على هذا الموقف البطولي.

‏كما يجب أن نتقدَّم بالشكر لكلِّ الدول التي تعاملت معنا من داخل التحالف الدوليِّ، ومن خارجه؛ لأنَّ العراق كان في أزمة حقيقـيَّة؛ لذا تعامل مع التحالف، والدول الصديقة، والشقيقة من خارج التحالف روسيا، ‏والصين، والجمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة، ودول الجوار الجغرافيِّ.

‏شكراً لإخواننا، وأعزائنا من الضُبَّاط من المواقع القياديَّة المُختلِفة لحُضُورهم هنا، وهم يرمزون إلى القوات العراقيَّة المسلحة المختلفة التي أدَّت دوراً بطوليّاً استثنائيّاً سواء كان الجيش، أم الشرطة، ‏أم جهاز مكافحة الإرهاب، ‏أم الحشد الشعبيّ، أم الحشد العشائريّ، أم البيشمركة.

ما حققته القوات العراقـيَّة المسلحة في ميدان الموصل تجربة جديرة بالدرس، ‏والتأمُّل.. إنها تجربة رائدة في صفحات الحُرُوب.. حرب ليست تقليدية: إذ لم تكُ حرب طائرات، أو مدفعيَّة، أو بحريَّة، وإنما كانت حرب مجانين جاؤوا إلى العراق فقط لقتل أكبر عدد مُمكِن من الأبرياء؛ لذلك يجب أن تـُوضَع ملفات معركة الموصل، وتـُدرَّس في الأكاديميَّات العسكريَّة، وتدرس دراسة مُستفيضة للتعلم، وتطوير فنون الحرب، ‏والمُواجَهة في هذه الحرب الجديدة الشرسة، وكيف حقق العراقيون انتصاراتهم، وكيف حققوا وعدهم الذين قطعوه على أنفسهم أن ينتصروا، وقد انتصروا. 

فإنّ نصرهم هذا هو نصر للشُعُوب.

‏إحدى أبرز مكامن هذه التجربة هي أنَّ القوات العراقيَّة وضعت نصب عينيها أنها كانت تعمل من أجل إنقاذ الإنسان عندما دخلت الفلوجة، وكذلك صلاح الدين، ولم تضع سياساتها فقط أن تفكر باتجاه واحد، وتحقق نصراً على حساب الأبرياء؛ لذا ‏أوَّل، وأكثر ما استهدفته في هذه الفترة هو إنقاذ الإنسان، ودحر الدواعش الذين يُفسِدون حياة الإنسان.. هذا كان منطق الحكومة العراقـيَّة، والقوات الأمنيَّة.. منطقهم كان إشاعة السلام، والمَحبَّة، والثقة، بالمقابل كان داعش يتفنـَّن في إشاعة ثقافة العدوان، وقسَّم الشرائح الاجتماعية في كلِّ منطقة على عِدَّة أقسام، وثقف على أن يتقاتل بعضهم مع بعض ‏من خلفيَّات مُتنوِّعة، وقسَّم القبائل، بل العائلة، وجعل بعض أبنائها يقتلون الآخرين، ووزَّع فيهم أحقاداً رُبَّما تأخذ بعض الوقت إلى أن يتمَّ إعادة تأهيل التركيبة الثقافيَّة، والفكريَّة، والاجتماعيَّة، والعاطفيَّة لهذه المُدُن التي احتلتها داعش.

وصل العراق إلى حجم 16 منظمة أمميَّة.. ‏ُربَّما لا تمتلك الكثير من كبرى دول العالم هذا الحجم، لا في مرحلة عصبة الأمم، ولا في مرحلة الأمم المتحدة، لكنَّ العراق استطاع أن يصل إلى هذا الحجم، عملنا في أيِّ مكان من العالم، وأينما نرحل على تنوير الرأي العامِّ العالميِّ بما يجري ‏في العراق من المصائب، والجرائم التي ترتكبها داعش في العراق، وإصرار الحكومة على تحرير المناطق، والمحافظات التي أصيبت، وفتك بها داعش هي ثلاث: الأنبار، وصلاح الدين، والموصل، وهي محافظات الضحيَّة، لكنَّ أخواتها من المحافظات لم تقف مكتوفة الأيدي، وإنما شمَّرت عن سواعد الجدِّ، فأبت إلا أن تكون محافظات التضحية.. جاءت بأقدام أبنائها من البصرة، والناصرية، والسماوة، والديوانية، والحلة، ‏والنجف، وكربلاء، والكوت، كلّ هذه المحافظات عقدت العزم على المُشارَكة، فوجد الدواعش الأشرار أنفسهم أمام العراق بكامل حجمه في كلِّ ميدان.. ولعلَّ آخر هذه الأمثلة في الموصل.

والموصل ما شهدت غياباً لبقيَّة ‏أبناء المحافظات، وهذا -في تقديري- نقطة من النقاط التي نرصِّع بها جبين العراق، ويتحمَّل جميع العراقيين مسؤوليَّة العراق كلـِّه من دون استثناء.

أنا أشهد أنَّ السادة السفراء سواء في بغداد، أم في مكان آخر كانوا مُنغمِسين، ومُتفاعِلين مع كلِّ شيء يرتبط بأمن العراق، واقتصاده، والتخريب الذي تعرَّض له العراق، وأشهد أنهم كانوا ‏دائبي الحركة، يودّون أن يتعرَّفوا على حقيقة ما يجري في العراق أوَّلاً بأوَّل، ولم يكن لقائي هنا مُقتصِراً على السفراء في بغداد، بل جرت العادة في كلِّ عاصمة أزورها أن ألتقي مع السفراء هناك، وأعقد ندوة أوصل فيها كلَّ المعلومات عن أبناء قواتنا المسلحة، وحقيقة ما يُعانون، وما يُعانيه أبناء شعبنا، ولم أجد منهم إلا التجاوب البنـَّاء، ‏وجادت أكفهم بقدر من المساعدات، وإن كنا نطمح أن تكون المساعدات أكثر؛ لأنَّ حجم الخراب الذي حصل في العراق ليس قليلاً خُصُوصاً أنَّ قسماً منهم يحملون جنسيَّات بلادهم، وهم في العراق؛ وهذا ما يُذكـِّرنا بالحُرُوب السابقة ‏التي اشتعلت في بعض البلدان، وعرَّضتها لمخاطر، وكانت بقـيَّة الدول تتحمَّل مسؤوليَّة الإعمار والبناء؛ لذا من خلالكم أوجِّه ندائي والتماسي، وأذكـِّر بضرورة أن تـُواصِل الدول الشقيقة والصديقة مثلما تواصلت معنا في مرحلة التحرير أن تتواصل في مرحلة إعادة الإعمار والبناء، وشعبنا لن ينسى مَن يقف إلى جانبه في الظروف الصعبة.

تحياتي لكم، ومن خلالكم إلى حكوماتكم، ورُؤسائكم، ووزراء خارجياتكم، ومُواطِني بلدانكم، وأقدِّر أنَّ التعبئة التي شهدتها في مُختلِف دول العالم جديرة بالاحترام والتقدير، وكانت رسالة حُبٍّ، وتقدير إلى العراقـيِّين.. كلـُّهم وقفوا إلى جانبنا مثلما تعبَّأ العراقيون كلـُّهم لمُمارَسة هذا الدور، وكانت وزارات الداخليَّة، ‏والخارجيَّة المعنيَّة التي تعبِّئ بشكل كامل، واستنهضت بقواها، وأبلغت موظفيها أن يُجنـِّدوا أنفسهم لهذا الدور.

أشكر لكم حُضُوركم، وأتمنى لكم المُوفـَّقيَّة..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy