الجعفريّ باستشهاد السيد حسن نصر الله: كانت مواجهتك حسينية بامتياز كما هي مسيرة القادة الأبطال على مر التاريخ: عزم على تحقيق الأهداف، وصدق في طلب الشهادة، وإصرار على العهد، وتحشيد للمواجهة.. الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب

الجعفري : حان الوقت لأن تسود ثقافة الوحدة، وثقافة البناء، وثقافة الثقة؛ نحن بحاجة إلى وحدة الصف، وجمع الكلمة
الاخبار | 14-03-2013

نص كلمة الدكتور إبراهيم الجعفريّ في المؤتمر العامّ السادس عشر لحزب الدعوة الإسلامية

 

14 / 3 / 2013

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة، وأتمُّ السلام على أشرف الخلق أجمعين سيِّد الأنبياء والمُرسَلين أبي القاسم مُحمَّد، وعلى آل بيته الطيِّبين الطاهرين، وصحبه المُنتجَبين، وجميع عباد الله الصالحين..

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته..

قال الله -تبارك، وتعالى- في مُحكَم كتابه العزيز.

((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) [يوسف : 108]

 

خط ُّالدعوة الإسلامية منذ انطلاقتها، ومستقبل دولتها المنشودة..

حين يرقب كلُّ مُفكِّر، وكلُّ مُحلِّل مسار الحركات منذ أن انطلقت إلى حيث امتدّت يجد مفارقات بين زمن الانطلاق، وزمن الامتداد، وأنا على يقين أنَّ الذين أسَّسوا من بعض المُفكِّرين حركات وأحزاباً لو أنهم يعيشون الحاضر لربما فُجِعوا؛ لأنَّ ما وضعوه في مرحلة التأسيس هو غير ما يرونه في مرحلة الامتداد؛ لذا إذا التقينا في القرن العشرين المُنظِّر الأول لحركة الإخوان المسلمين الشهيد حسن البنا حين وضع نظريته -على ما عليها من ملاحظات-، وما آلت إليه لوجدنا انفراجاً وخروجاً عن تلك النظرية.

 

 

لقد ركَّز كثيراً على الروح؛ لأنه كان صوفياً، حتى اختياره للمُرشِد العام بصمة من بصمات الفكر الصوفيّ، وقُلْ مثل ذلك في المرحوم تقيِّ الدين نبهانيّ, وما آلت إليه حركة التحرير حين ركَّز على العقل، وابتعد عن الجانب الصوفيِّ على الرغم من أنه التقى الشهيد حسن البنا، والتقى الشهيد سيِّد قطب، وأشاد بهما لكنه لم يأخذ من هذا المنهج إنما جنح إلى اتجاه آخر، فغلب العقل عليه، وربما يكون منهجه أحاديَّ الاتجاه، أمّا الدعوة الإسلامية فقد أسَّسها السيِّد الصدر، وهي ذاتها تعرف خطها بأنها مُستوحاة من العقيدة والشريعة ونظرية عمل فهي في جانب العقيدة من الناحية الكلامية لا دخل للتنظيم في تحديد ذلك، وفي جانب الشريعة تركته للفقهاء والمراجع يحدِّدون جانب الفقه، واعتمدت نظرية فقيه الحزب.

لعلّه أول حزب إسلاميّ حرص على تأصيل الفكر والفقه اعتمد نظرية (فقيه الحركة، وفقيه الحزب، وفقيه الدعوة)

تبقى نظرية الدعوة مجموعة مفاهيم، وأفكار، وتصوُّرات تتولّى عملية الانتقال من ذلك الواقع البعيد عن الإسلام والقِيَم؛ ليتمَّ التحرُّك إلى الواقع المنشود، وصبَّت نظريتها بمراحل، لكنها فُوجِئت بوجود أمور جديدة ربما لم تكن في الحسبان، إلا أنها افترضت هذا الاحتمال، وإذا انتقلنا من تلك المرحلة التغييرية الثقافية إلى التغييرية السياسية إلى أن جئنا إلى الحكم وجدنا قبل عشر سنوات شيئاً لم يأتِ، ولم يحضر في ذهن المُنظِّر الدعويِّ، ووجدنا أنَّ حكماً في العراق تأسَّس في ظلِّ احتلال ومحاكم مدنية يحدِّد حقبة من الزمن -قصرت أو طالت- لم يكن في الحساب، لكنها لم تعِش فراغ النظرية، بل نظَّرت لملء الفراغ، وإلى اليوم لم تكن هذه المرحلة في ذهن المُنظِّر الدعويِّ، وإنما خطَّط في ما بعد إلى المرحلة السياسية (مرحلة الحكم)، وهي اليوم ليست الحاكم الوحيد، ولا يجوز أن نسمِّي حزب الدعوة الإسلامية بأنه حزب السلطة، أو حزب الحكم، لا حكم الحزب، ولا حزب الحكم إنما هنالك رجالات وشخصيات يتمتعون بمميِّزات معيَّنة يتواجدون في هذا الحكم، ويشغلون مواقع معيَّنة تنظيراً وتنفيذاً؛ لذا لم تعانِ حركة الدعوة منذ انطلاقتها إلى اليوم على الرغم الظروف التي عاشتها والأشواط الطويلة التي قطعتها من تناقض في اتجاهها.

ربما تولّد لديها فكر متراكم على مستوى النظرية؛ لأنَّ ظروف نشأتها غير الظروف اليوم التي تنفتح فيها على العالم، تحوّلت من عصر الغيتو والحصار إلى عصر الانفتاح، ومن عصر الانعزال عن أبناء المذاهب الأخرى إلى عصر التعامل وتجسير العلاقة مع الآخرين، من عصر الابتعاد إلى الخارج، والهجرة، والتقتيل، والسجن، والتشريد إلى عصر التصدّي إلى جانب أخواتها من الحركات لبناء الدولة الجديدة؛ لذا تقع على الدعوة مسؤولية خاصة بأن تواصل سيرها.

 

 

الدعوة الإسلامية حركة حيّة تستمدًّ حركتها ووعيها من وعي ووحي دُعاتها؛ لذا تراجع نفسها دائماً؛ لتقوِّم سيرها، وتشيِّد بناءها؛ حتى تتجنـَّب التراجع؛ سِرُّ القوة، وتلافي الأخطاء، واستشراف المستقبل يكمن في شيء واحد بعد الاتكال على الله -تبارك، وتعالى- هو المراجعة، وكلما راجع المُتصدِّي اكتشف نقاط القوة في نفسه، ويُفترَض أن يثبِّتها، وعندما يجد نقاط الضعف يُفترَض أن يعالجها، ويتجاوزها.

من مفاهيم الدعوة، هو كيف نتعامل مع المجتمع المُتنوِّع، هل الدعوة تريد أن تختزل المجتمع في داخل أوعيتها التنظيمية؟

الجواب: كلا.. الدعوة لا تستهدف اختزال المجتمع، واختزال الأمة في داخل أوعيتها إنما تريد أن تساهم في عملية بثِّ الوعي إلى جانب كلِّ الخيِّرين، وتمدَّ ذراعها إلى جانب كلِّ الأذرع الأخرى؛ لتنتج عدلاً اجتماعياً يغطّي مجالات المجتمع كلّها.. هذا هو الهدف؛ لذا ليس هدفنا الحكم بقدر أن تحكم قِيَم الإسلام، وتشيع العدل الإلهيَّ، وما عُرِف عن الدُعاة في الرعيل الأول أنهم يتسابقون لاغتنام أموال، أو مواقع، أو غيرهما إنما عُرِفوا بأنهم يتسابقون لتقديم جماجمهم في سبيل الله، ولا أظنُّ أنَّ أحداً مهما كان بعيداً عن الواقع، ومهما كان مُعادياً للإسلاميين لا يقدِّم هذه الشهادة بكلِّ واقعية، بـ: (أنَّ الدُعاة من حيثُ العدد، ومن حيثُ النوع، ومن حيث طريقة الاستشهاد فاقوا التصوُّر، وهو نفس الفكر، ونفس الروحية التي صنعت شخصية الداعية).

الدعوة لم تبنِ دُعاتها بأحادية العنصر إنما بنت الدعاة بخماسية العنصر: روح ترتبط بالله

-تبارك، وتعالى- وجعلتهم أطواداً شامخة في زنازين السجون، ولم ينثنوا، ولم ينحنوا أمام الطاغوت، وواصلوا المسيرة.. هذه هي العلاقة الروحية التي ربطت قلوبهم بالله -تبارك، وتعالى-؛ فما من نشرة من النشرات إلا وجعلت فصلاً من فصولها هو التعامل مع الروح، وشدِّ الداعية بالله -تبارك، وتعالى-، وجعل رضوان الله غاية ًفي كلِّ عمل يقوم به الداعية.

 

 

سِرُّ القوة هو ارتباط الإنسان بالروح، ولا ينبغي أن نتصوَّر أنَّ الروح شأن كما وقع فيه البعض مُقتصِراً على الجانب الصوفيِّ.

الذين يُفسِدون اليوم في الدولة، والذين يأكلون أموال الناس.. أين الخلل؟

الخلل في الجانب الروحيِّ، فتجده ذا بسطة في الجسم، ولديه ثقافة، ولديه لسان فصيح، لكنَّ خيانته تعبِّر عن خواءٍ روحيٍّ جعله يبتعد؛ لذا ركّزت الدعوة في عنصرها الأول على الجانب الروحيِّ، وتربية الدعاة، ثم العنصر الثاني، وهو العقليّ (الفكر، والثقافة).

سلاح الدعاة كان دائماً الثقافة مع الناس، لم يفجِّروا حتى مقرّات أعدائهم إنما اعتمدوا:

((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [النحل : 125] في كلِّ نشرة تطالعنا في صدر صفحاتها بأنَّ الدُعاة يتربّون على الفكر، وعُرِفوا بالثقافة، وليس من باب الترف الثقافيِّ إنما من باب الحجة والدليل القرآنيّ:

((قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)) [البقرة : 111]

وثالث العناصر هو العنصر النفسيّ؛ حتى لا نتحوَّل إلى قضية تجريدية، فأكّدت على المحبّة، وتعاملت، وسبرت النفس البشرية، وغذت المحبّة بين الدُعاة، وبينهم وبين أبناء الأمة بأن يحبّوا هؤلاء، ويتفانوا من أجلهم، هذا العنصر اعتمدته الدعوة نظرية ًوتجسيداً، ورابع العناصر هو الخُلُق، وهو الضمير والوجدان؛ لتركِّز خصال الأمانة، والمروءة، والصدق، والتفاني من موقع العمق الأخلاقيّ؛ ليمتدَّ إلى السعة الأفقية، فيجد كلَّ من حولهم ينجذب إليهم:

(إنكم لا تسعون الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم)

خامس العناصر، هو البدن، والاهتمام به، ومراعاته لا على أساس أنه سجال في حلبات المصارعة إنما باعتباره حاملاً هذه العناصر.

فجاءت الأحكام الفقهية كثيرة للأكل الحلال، ورعاية الجسم.

هذه العناصر الخمسة أحدها يؤثر في الآخر؛ لذا شدَّدت الدعوة في داخلها على تربية الدُعاة، ودفعتهم إلى المجتمع ليتمتعوا بالمروءة، وكانت صلبة مع دُعاتها في داخل التنظيم، ودفعتهم لأن يطيروا على جناح المرونة مع الآخرين، وحذرتهم من أن لا يستبدلوا الصلابة في داخل الحزب بمرونة، أو المرونة مع الأمة في الصلابة؛ لأنَّ الحزب إذا استبدل الصلابة بداخله بالمرونة مات فلا حزب، ولا حزبية بلا انضباط، وإذا استبدلت المرونة مع الأمة بالصلابة انعزلت، وماتت كالسمكة التي تهجر بركة الماء؛ لذا ظلّ الدعاة لا تسأل عن عددهم إنما اسأل عن قدرة استقطابهم، ورصيدهم الأخلاقيّ، وثقة الناس بتديُّنهم، بصدقهم، بتضحياتهم، بثقافتهم، بكلامهم عندما يتحدّثون، فاكتسبوا الآخرين حتى الذين سلَّطوا سياطهم على جلود الدُعاة كانوا مُعجَبين بأخلاقهم.. أتذكر بعض الشهداء الذين أٌخِذوا عدة مرّات، نقل عنهم الجلاوزة الذين ضربوهم، واعتدوا عليهم، واعترفوا بأخلاقهم.. صلابة في داخل الحزب؛ لضبط حركة الداعية، لا لإماتة إرادته، وإنما لجعله عندما يقتنع بفكرة تعطيه حصة تُلزمه بأن يكون داعياً مُلتزماً بكلِّ شيء بقدر ما يكون مُلتزِماً بكلِّ شيء، وينقل هذه الحمولة بالاستدلال بالمحبّة، بالمقاربة مع الآخرين، وعلّمته أنَّ هناك آخرَ في حياتك ولا توجد واحة، ولا يوجد هناك عالم أحاديُّ الشخصية، وأنَّ هناك الآخر المناطقيَّ، والآخر المذهبيَّ، والآخر القوميَّ، وإذا جئت إلى مرحلة الحكم ستجد الآخر الدينيَّ، والآخر السياسيَّ في حياتك؛ لذا فالداعية غير طائفيٍّ، وغير مُتكلِّف.

تربَّى على يدي مُنظِّر الدعوة السيِّد الشهيد الصدر عندما يقول: (أنا معك يا ولدي، وأخي السُنيّ، وأنا معك يا أخي وولدي الشيعيّ بقدر ما أنتما مع الإسلام).

لم يقُل ذلك بعد سقوط النظام، إنما كان النظام في شدة عنفوانه، وشدة شراسته، وهو كان ضحيّة في هذا المجال، وكان استشرافاً للمستقبل.. هذه طبيعة خطِّ الدعوة، وهذا هو الداعية النموذجيّ الذي يطبِّق هذه الحالة.

نحن اليوم أمام أزمة، وليس لدينا عمى بالرؤية، أو غياب وعي، كما ليس لدينا جبن وخوف من أن نقول هذه الأزمة في البدن العامّ فيها جانب صحيّ إنسانيّ حيث كم بشريّ مطالبه مشروعة، لكنه اختُرِق من عناصر سوء، لكنَّ المُخترَق هو الغالبية وهو الجانب الصحيّ، والمُخترِق هو القلة؛ لذا أسمّيها اختراقاً؛ لأنَّ قلة اخترقت كثرة، وعناصر سيِّئة اخترقت عناصر وكماً بشرياً بريئاً.

كيف نواجه هذه الأزمة؟

مواجهة الأزمة ليست شأناً حكومياً فقط، إنما هي شأن الحكم، أمة يجب أنه تحضر، الشخصية التي بُنيت خلال المراحل الماضية يجب أن ترحل، وتتعاطى، وتتخاطب في أندية الخطاب، وتتعامل بالقوانين، وتطبِّقها، وتنصف، وتكون شجاعة بأن تعطي الحقّ، وشجاعة بأن تمنع الاختراقات، وشجاعة بأن تطبِّق القانون، وتحفظ البلد من عناصر السوء، وتفكّك الطلبات التي ترشّحت من خلال الحوارات، وسلسلة اللقاءات التي حصلت، وبعضها لها علاقة بالملف التنفيذيّ، وبعضها له علاقة بالملف التشريعيّ، وبعضها له علاقة بالملف القضائيّ..

ملفات مُتعدِّدة تتطلّب، وتستنهض الخيِّرين الذين يتصدّون الآن لأن يحفظوا هذا التوازن، ويعطوا الحقوق بلغة المحبّة لأبناء شعبنا.

نحن أولى بهم من الآخرين، ولا يزايدنا أحد على ذلك.

 

 

يوم نادى أعداؤنا وأعداء إخواننا بأن يعزلوا الإخوة أبناء السُنة عن العملية السياسية صدحنا بصوتنا بأن لا نشكِّل الحكومة إلا بحجم من إخواننا من أبناء السنة يضاهي حجمهم في المجتمع العراقيِّ، ولا نريد أن نقف عند حدود ما يضاهي حجمهم في البرلمان، ففي ذلك الوقت كانوا 17 عضواً من مجموع 275 وهذا يعني أن يأتوا بوزير واحد، وتأخرت الحكومة ثلاثة أشهر إصراراً منها على أن تبعث رسالة الوفاء والمحبّة، ويجب أن يحضروا بحجمهم الاجتماعيّ، وإذا كانت عناصر السوء من القاعدة والبعثيين المنحرفين قد حالت دون حضورهم الانتخابات فإنّ الذين يتصدّون من إخوانهم إلى الحكومة أبوا إلا أن يُدخلوهم بالحجم الذي يناسب حجمهم الحقيقيَّ، وحين حصلت كارثة جسر الأئمة، وسقط ألف شهيد في مياه دجلة كان الموقف من الحكومة أن سألت: هل فيهم أحد من إخواننا أبناء السُنة؟ فجاء الجواب بكلِّ سرعة: عثمان علي العبيديّ، وتحوّل عثمان العبيديّ إلى نشيد؛ لماذا؟ لأننا أردنا أن ندفع غائلة ردِّ الفعل، والانفعال المُحتمَل؛ لأنَّ جسر الأئمة لا يربط بين ضفتي دجلة فقط إنما يربط بين مجتمعيتين منحدرتين من خلفيتين مذهبيتين إحداهما سُنية والأخرى شيعية؛ فحتى نردَّ غائلة هذا الاعتداء ذكرنا الشهيد عثمان علي العبيديّ دون الآخرين الألف، فنُطفئ الحرائق المُحتمَلة التي يريدها أعداؤنا.

إخواني الأعزاء.. الدعوة -ونحن نُحيي هذه المناسبة المُبارَكة- ليس لها فكر طائفيٌّ، ولا عنصريٌّ، ولا طبقيٌّ، ولا مناطقيّ، نعم.. انتشرت في أوساط المُوالين لأهل البيت ليس بقرار منها إنما بحصار موضوعيّ من الخارج يمنع حركتها في المرحلة السِرّية من أن تتحرّك في إطار هذه المنطقة أو تلك؛ ففرض عليها أن تتحرّك في الوسط ذي الهوية الواحدة أما الدعوة فليست طائفية في فكرها، وتعتز، وتتشرّف أنَّ مُؤسِّسها فقيه من كبار فقهاء أهل البيت، الدعوة تعمل على أسلمة السياسة دون أن تسيِّس الإسلام، وتريد أن تمتدَّ إلى الآخرين، وتريد أن تحتضن الآخرين، ولم تفرِّق.

أذكّركم -في نهاية حديثي- بالبيان الذي صدر من قبل الدعوة عام 1979 (بيان التفاهم) أنه لم يترك شريحة من شرائح المجتمع العراقيِّ إلا وخاطبها: (أيُّها المسلمون، أيُّها المسيحيون، أيُّها الإيزيدية، أيُّها اليهود، أيُّها الشيوعيون، أيُّها الاشتراكيون).

هذا فكر الدعوة الذي أنزلته إلى المجتمع، وثقفت المجتمع على ذلك، وما كان لغير الدعوة في ذلك الوقت أن يتكلم بهذا التنظير.

أقول لكم - وأنا لا أدعو أحداً إلى تنظيم ما، ولا أتنكّر لتنظيم ما -: حان الوقت لأن تسود ثقافة الوحدة، وثقافة البناء، وثقافة الثقة؛ لتهزم الثقافة التي تحاول أن تخنق كلَّ العناصر الخيرة من أمثالكم؛ حتى -لا سمح الله- تُخفِق التجربة، نحن في ظرف أكثر حاجة إلى وحدة الصف، وجمع الكلمة..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2025
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy