الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

لقاء قناة الشرقية نيوز مع الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقـيَّة 2017/3/26 في برنامج بالحرف الواحد مع أحمد ملا طلال من الأردن
الاخبار | 26-03-2017
  • هناك مُعطيات تـُؤكـِّد أنَّ هذه القِمَّة مُميَّزة.. هل تتفق معي؟

الجعفريّ: إلى حدٍّ كبير.. هناك ملفات ساخنة تفرض نفسها، وهناك طموحات كبيرة لم تتحقـَّق بعدُ، وهي بمنزلة مطالب مُلِحَّة؛ إذن المُشترِك في القِمَّة العربيَّة يشعر أنـَّه بانتمائه لهذه الأمَّة، أو مُشارَكته على مُستوى القِمَّة العربيَّة لابُدَّ له أن يُراعي أولويَّات الملفات الساخنة، وأولويَّات الطموحات المُتعطـِّلة في عالمنا العربيّ.

 

  • وماذا كانت أولويَّة العراق؟

الجعفريّ: أولويَّات العراق على مُستوى المخاطر هو الإرهاب، وهو اليوم يتحدَّث بلغة الذي دفع ثمن مُواجَهة الإرهاب، وسجَّل أرقاماً رائعة في مجالات النجاح، وتحقيق إرادة وطنيَّة عراقـيَّة يفخر بها العرب، وتفخر بها شُعُوب العالم؛ لأنَّ الخطر الذي دهم العراق كان تعبيراً عن خطر إقليميٍّ، بل دوليّ.

الانتصارات ذات مردودات وطنيَّة عراقـيَّة، وإقليميَّة، وعربيَّة، ودوليَّة على مُستوى العالم؛ فتجربة العراق في هذا المجال عميقة جدّاً، وجديرة بالتأمُّل.

 

  • ما الذي يُمكِن أن تقدِّمه القِمَّة العربيَّة؟

الجعفريّ: تستطيع أن تـُقدِّم الكثير.. تـُواصِل دعمها للعراق، وإسناد العراق في المُؤتمَرات المُختلِفة، وتقف إلى جانب العراق حتى يحتلّ مكانته المرموقة، وتـُساهِم في إعادة البناء والإعمار.. نحن الآن نـُوشِك على أن ننتهي من تحرير المحافظة الأخيرة.

المحافظات تئنُّ من الويلات التي تعرَّضت لها سواء أكانت محافظات الضحيَّة الثلاث (الموصل، والأنبار، وصلاح الدين)، أم محافظات التضحية بدءاً بمحافظة البصرة، والناصريّة، والعمارة، والديوانيّة، والكوت، وكربلاء، والنجف، وغيرها، إذ نزفت الكثير، وبعثت أبناءها، وفلذات أكبادها إلى هذه المناطق؛ حتى يُساهِموا في التحرير، وكان رائدهم في ذلك أن يُحقـِّقوا النصر، وقد تحقـَّق؛ إذن نحن أمام تركة ثقيلة، وفي الوقت نفسه لا يكفي أن نـُحقـِّق النصر، وإنـَّما يجب أن نـُحافِظ على حالة الانتصار للمُستقبَل؛ لأنَّ عدوّاً وحشيّاً كداعش قد يقتنص الفرصة، ويتحرَّك كحركة الخفاش في سواد الليل؛ لأنَّ داعش ليست جُيُوشاً نظاميَّة حتى تقطع الحُدُود عليها، ويجب أن نبدأ بثقافة جديدة تـُفوِّت الفرصة على هؤلاء في أن يقتنصوا شبابنا، ويُحوِّلوهم إلى أعداء يستسهلون الدم.

 

  • هذه القِمَّة تنعقد في ظلِّ أجواء إيجابيَّة في العلاقات مع المملكة العربيَّة السعوديَّة.. هل ستـُضيف هذه القِمَّة إلى هذه العلاقات؟

الجعفريّ: في كلِّ لقاء نـُضيف لبنة إلى البناء المنويِّ إشادته، وفي كلِّ فرصة، وكلِّ لقاء ندفع خطوة مُتقدِّمة، فكذلك لا أعدم على هذه الفرصة الآثار التي أطمح أن نـُحقـِّقها جنباً إلى جنب، وقد سبق أن التقينا في واشنطن، وتحدَّثنا على هامش اللقاء أنا ومعالي الأخ عادل الجبير.

من الضروريِّ جدّاً أن نبدأ صفحات جديدة تنتقل من مُستوى إلى مُستوى أعلى سواء كانت مُساعَدات، أم التخلـِّي عن ترسُّبات الماضي، وسواء كانت في دعم العراق في مُبادَراته، أم كانت في تطوير العلاقات، وتحقيق مصالح مُشترَكة بيننا وبين السعوديّة.

 

  • معلوماتي تقول: إنَّ الجعفريَّ اشتغل على هذا الموضوع ببُعدين، البُعد الشخصيّ لإبراهيم الجعفريّ، وعلاقاته المُميَّزة مع بعض قادة السعوديَّة.. والبُعد الثاني بعد أن تسلـَّم المَهمَّة، وصار زعيم الدبلوماسيَّة العراقـيَّة.. ما المُعوِّقات التي بيننا وبين السعوديَّة، ولماذا علاقتنا مع السعوديَّة ليست صافية؟

الجعفريّ: عن العلاقة فهي علاقة قديمة منذ كنتُ مُعارضاً.. عام 1987 وُجِّهت لي الدعوة، والتقينا مع الملك فهد بن عبد العزيز، وفي عام 1990 إلى 1991 مع وليِّ العهد عبدالله، واستمرَّت إلى الآن.

في الحقيقة لا تـُوجَد هناك عوائق حقيقـيَّة، ورُبَّما تكون هناك مخاوف.

 

  • من الطرفين أم من طرف واحد؟

الجعفريّ: لا أستطيع أن أقول: طرف واحد، ولا أنحو باللائمة على البقـيَّة.

هذا الإحساس مُتبادَل، ولكني أغوص في عمق الأشياء، وأترك الجزء الطافي.

ما الذي يجعل هذه المخاوف موجودة؟

رُبَّما تكون بعضها على خلفيَّات طائفيَّة، ورُبَّما يكون بعضها على خلفيَّات عنصريَّة.

العراق يمتلك علاقة طيِّبة مع دول الجوار كلـِّها كجزء من ستراتيجيته، ومنها: إيران، وتركيا، وبقـيَّة الدول العربيَّة، وجادّ في إنجاحها، وتفعيلها، لكنَّ ذلك لا يعني أنـَّه صدى لصوت تركيا، أو صدى لصوت إيران، العراق صوت مُنبعِث من داخل وجدانه، وحنجرته، ويُعبِّر عن كلِّ ما يتعلـَّق بالجانب العراقيّ.

تـُوجَد توجُّسات لا وُجُود لها.. العراق من حيث لغته، وقوميَّـته غالبيته عربيَّة، وهو عربيّ أصيل لا غبار على ذلك، ومن الناحية المذهبيَّة ليس بلداً طائفيّاً، ومُتعدِّد الديانات.

رُبَّما توجَّس البعض خيفة، ولكننا برهنا لهم أنَّنا نتعامل مع الجميع من خلال تشكيل الحكومة، وخلال من سياستنا الخارجيَّة، وعلاقاتنا بالدول العربيَّة، وطبيعة خطابنا، وبرلماننا.

لا نـُميِّز بين أحد وآخر إلا بالتمييز الوطنيِّ، ونرفض الفاسد مهما كان.

 

  • ولكنَّ الواضح أنَّ السعوديَّة وبعض الدول العربيَّة غير مُقتنِعة بهذا الكلام، وتحسُّ أنَّ الحكومات العراقـيَّة بعد 2003 حكومات تسمع لإيران؟

الجعفريّ: أن نسمع لإيران ليست سُبَّة، ولكن بماذا نسمع، ورُبَّما يكون هناك شيء قد نختلف مع إيران، فلا الاختلاف بيننا وبينهم معناه قطيعة، ولا أن نسمع لهم بمعنى تبعيَّة.

نحن نتعامل مع كلِّ دول العالم.. الكلمة الطيِّبة نسمعها من تركيا، ومن الكويت، وقد نرفض بعض الأشياء.

 

  • الهواجس الموجودة عند السعوديَّة هي علاقة العراق مع إيران، وعلاقة الحكومة العراقـيَّة بإيران، وتأثير إيران، ونفوذها.. ماذا يستطيع أن يُقدِّم العراق بحيث يُقنِع السعوديَّة أن تعرف قيمتها في المنطقة؟

الجعفريّ: مسألة أن تكون للعراق علاقة مع أيِّ دولة من دول الجوار الجغرافيِّ فهذه مسألة محليَّة داخليَّة، أي: هي شأن عراقيّ لا يحقُّ لي أن أفرض على المملكة العربية السعوديَّة أن تـُحدِّد موقفها من دولة جوار من الدول، ولكن من حقي أن أطمئن، وهم من حقهم أن يطمئنوا.

العراق يتمتـَّع بعلاقة مع دول الجوار جميعاً، وصنعها بيده، وما فـُرِضت عليه.. العراق اليوم ليس ذاك العراق الذي كان في زمن صدام حسين حينما قصف الرياض بالمدفعيّة، واحتلَّ الكويت، وأشعل حرباً لثماني سنوات مع إيران.

 

  • مَن الذي يُطالِب بعودة سورية إلى الجامعة العربيَّة خلافاً للرغبة السعوديَّة؟

الجعفريّ: عندما بادرتُ، وطلبتُ عودة سورية إلى الجامعة العربيَّة ما عملتها لاستفزاز السعوديَّة، بل عشَّمت السعوديَّة أن تتفاعل مع هذا الطلب، ومن موقع حرصي على وحدة الصفِّ العربيِّ.

السعوديَّة تعرف كم أنا حريص على علاقتنا معها، وكم هو حرصي على علاقتنا مع أشقائنا العرب البقـيَّة.

أن تكون هناك خلافات فهذا موضوع صحيح، ونحن لا نـُلغيه، ولكن لا نـُريد أن نختزل أنفسنا بملفِّ الاختلافات.. نحن نـُريد عالماً عربيّاً جديداً.. نـُريد أن نلتقي بقلوبنا وعقولنا قبل أن نلتقي بالمقاعد بشكل دوريّ؛ حتى عندما ينتهي اجتماع القِمَّة تبقى مُفاعِلاته، وآثاره مُستمِرَّة مع كلِّ الدول العربيَّة بلا استثناء.

هذا العالم العربيُّ الذي يزخر بهذه الثروات ليس صحيحاً أن يتعامل من وراء الزجاج من موقع القطيعة، وإذا كان يصعب علينا أن نلتقي على مقاعد الجامعة العربيَّة كيف سنحلُّ مشاكلنا؟!

أعتقد أنَّ طلبنا لا يُغيظ أحداً، حتى الذي يختلف معنا.

 

  • مواقفكم من سورية، والبحرين، والحوثيِّين تجعل السعوديَّة تقلق، وترى هذه المواقف وكأنـَّها صدى لمواقف إيرانيَّة؟

الجعفريّ: نحن قلنا: نحترم الشرعيَّة في اليمن، ونرفض التدخـُّل غير اليمنيِّ في شُؤُون اليمن الداخليَّة.. نحن نرفضه إذا كان سياسيّاً فكيف إذا كان عسكريّاً، وحذرنا من مغبَّة إسالة الدم.

أمَّا البحرين فموقفنا أنه لا ضير في خُرُوج المظاهرات، والنظام يتسع لأبنائه، ويحلّ مشاكلهم بطريقة غير عنفيَّة.

وكذلك الحال مع سورية طالبنا بالحلِّ السياسيِّ، لا العسكريّ.

 

  • مواقف الجعفريّ في المُؤتمَرات، وخطاباته عندما يذكر المتظاهرين البحارنة والحوثـيِّين يبدو كأنـَّه مُدافِع، وجزء منهم؟

الجعفريّ: لستُ خجولاً.. لماذا عندما أذكر جيفارا؛ لنستفيد من تجربته لم أكن من اتجاه جيفارا، وأذكر كثيراً من الثورات في العالم.

 

  • جيفارا، وأتباعه ليسوا في السعوديَّة، والبحرين؟

الجعفريّ: ذكرتُ مرّة الثورة الفرنسيَّة، والأميركيَّة.. هل يعني ذلك أني صرتُ أميركيّاً، أو فرنسيّاً.. القضية إنسانيَّة، ونحن عندما نـُؤنسِن خطابنا نـُطِلُّ إطلالة تاريخيَّة مُتجذرة في التاريخ، ونمتدُّ مع الجغرافية في كلِّ دول العالم.

يُضاف إلى ذلك: ما الذي قلته للبحرينيِّين، وهل قلتُ لهم: احملوا سلاحكم، وفجِّروا، واقتلوا؟!

مفهوم الدولة يتطوَّر، وعلى كلِّ الحكومات أن تسعى لتكييف أنظمتها مع هذه الحقوق المُتحرِّكة، ولا تحاول حَبْسَها.

تـُوجَد أشياء خطأ، لكنَّ مُعالجة الخطأ لا تكون بخطأ مقابل، فكيف إذا كان بخطيئة بارتكاب مذابح.. هذا ليس صحيحاً.

نحن عندما نـُدافِع عن شريحة اجتماعيَّة مُعيَّنة إنـَّما نـُدافِع بهذا الاتجاه، وحتى عندما أذكر كلمة (الشيعة) فهذا ليس عيباً، ولستُ مُستنكِفاً منه؛ لأنَّ المُجتمَعيَّة الشيعيَّة عندها عقدان: عقد سياسيّ مع البلد الذي تعيش فيه.. لها ما يُقِرُّه الدستور، وعليها ما يمنعه.. العقد الثاني هو أنـَّه يُوجَد عقد مُجتمَعيّ من الناحية الفكريَّة، والانتمائيَّة.

شئتَ أم أبيتَ الشيعة في كلِّ مكان عندهم مِظلـَّة، وخيمة مُشترَكة اسمها (المرجعيَّة الدينيّة) يرجعون إليهم في موارد الحياة كلـِّها.

المُجتمَعات الكاثوليكيَّة -القياس مع الفارق- موجودة في عِدَّة دول، ومنها: الكاثوليكيَّة الألمانيَّة، والبريطانيَّة، والفرنسيَّة، وغيرها، ولكن -بالنتيجة- يُوجَد شيء يجمعهم، وخيمة مُشترَكة.

 

  • ولكن فيها جنبة سياسيَّة، وتدخل فيها المصالح؟

الجعفريّ: نحن لم نـُسيِّسها، ولا نـُريد أن نـُسيِّسها.

 

  • هل حاوَلَ الرئيس ترامب التوسُّط بموضوع العلاقات العراقـيَّة-السعوديَّة، هل طلب من الوفد العراقيِّ أن يحدَّ من النفوذ الإيرانيِّ مُقابل أن ينفتح على عُمقه العربيّ؟

الجعفريّ: لا، لم أسمع مُساوَمة كهذه مُباشِرة، ولا غير مُباشِرة.. هذا شأن داخليّ.

نحن لسنا الولاية الحادية والخمسين في أميركا.

 

  • ما أهمُّ ما دار في الزيارة؟

الجعفريّ: أبدى الرجل دعمه، وقال: نحن لا ندعم العراق فقط، ولا نـُواصِل الدعم فقط، بل نزيد من الدعم، وأشاد بمواقف القوات المسلحة العراقـيَّة، وأشاد بموقف الأخ رئيس الوزراء الدكتور حيدر العباديّ.

نحن من طرفنا نتكلم بالهمِّ المُشترَك الذي هو أنـَّنا تربطنا معكم اتفاقـيَّة الإطار الستراتيجيّ.

 

  • هل ذكرها الرئيس الأميركيّ؟

الجعفريّ: نحن ذكرنا اتفاقـيَّة الإطار الستراتيجيّ، ونتحدَّث عنها باستمرار، وذكـَّرناه بضرورة الوقوف إلى جانب العراق مثلما نـُوصي كلَّ دول العالم.

ليس سِرّاً على أحد نحن نـُعطي دماء أبنائنا -وهذه كرَّرتها بالفضائيَّات، وعبر العدسات كلـِّها- أنَّ العراق يُقاتِل في جبهة عريضة عناصر يحملون أكثر من 100 جنسيَّة في العالم.

نحن لا نقول: هؤلاء يُمثـِّلونكم، ولكن -بالنتيجة- الفهم العراقيُّ يرى هذه الجنسيّات مقرونة بعمليَّات الإرهاب، والقتل، والتشريد، والسرقة، وغيرها.. فلماذا لا تـُقدِّمون نموذجاً آخر في المُساعَدة خُصُوصاً أنَّ العراق يمرُّ بظرف استثنائيّ.

هذا هو همُّنا الدائم الذي نتكلـَّم به.

 

  • الآن بكلِّ هذه الظاهرة التي شكـَّلها الرئيس ترامب في أوَّل لقاء لكم، وتحدَّثت معه ما انطباعك عن شخصيَّـته؟

الجعفريّ: ترامب كما هو ديدن المُرشَّحين عليه أن يُراجع خطبه، ووُعُوده على ضوء المُستجدِّ الواقعيِّ.

المُستجدّ الواقعيّ لا يُبدِّل من نفسه شيئاً، ويبقى حقيقة، والحقيقة لا تبدِّل من نفسها شيئاً، وإحدى مُراجَعاته هو قرار استثناء العراق.

 

  • يُقال: إنه لن يتراجع، ولن يُعطي تضحيات أميركيَّة من دون ثمن: (لن ندافع عن الآخرين دون ثمن).. الرجل تكلم بشكل علنيٍّ: نفط/إقامة قواعد عسكريَّة؟

الجعفريّ: في اللقاء الذي كنتُ حاضراً فيه ما سمعت هذا الكلام، ما سمعتُه قال: نـُريد ثمن دعمنا لكم.

سيادة العراق أمانة في أعناقنا، ويجب أن نـُحافِظ عليها.. نعم، نحن نـُراعي العلاقات مع كلِّ دول العالم من موقع الثقة بالنفس، ومن موقع عدم التناقض.

نحن نتعامل مع أميركا، وإيران، وتركيا، وسورية، والسعوديَّة.. لسنا في أزمة نظريَّة، ولا أزمة تطبيق.

 

  • الولايات المتحدة الأميركيَّة دولة تبحث عن مصالحها، وليست مُؤسَّسة خيريَّة، والرجل الذي يرأسها الآن رجل صفقات (تاجر)؟

الجعفريّ: لدينا من الفرص ما يجعل الدول الأخرى تستطيع أن تستثمر -والاستثمار غير العمالة- هناك استثمار في العراق من مُختلِف دول العالم، والسوق العراقـيَّة مفتوحة، وليس لدينا مُشكِلة.. تركيا في الوقت الذي دخلت عمق 110 كيلومترات تعمل شركاتها في العراق.

 

  • هناك تقارير تتحدَّث عن تزايُد عديد القوات الأميركيَّة في العراق؟

الجعفريّ: مفهوم القاعدة العسكريَّة غير مفهوم المُستشارين..

يُوجَد مُستشارون من مُختلِف دول العالم دخلوا بإذن عراقيٍّ، أمَّا وُجُود قواعد عسكريَّة فلا تـُوجَد أيُّ قواعد عسكريَّة، ولا يُمكِن أن تـُوجَد.

كان هذا من مطالبنا في أيلول عام 2014، وأكـَّدنا على أنَّ المعارك البرِّية عراقـيَّة محضة.. نعم، يُوجَد غطاء جوّيٌّ، وهذا سمحنا به ضمن شُرُوطنا، ويُوجَد تدريب، ومُساعَدات لوجستـيَّة، وتبادل معلومات استخباريَّة، وأمنيَّة.

كلُّ هذا وظـَّفناه لترجيح الكفة العراقـيَّة على كفة العدوِّ الداعشيّ.

 

  • هناك عاجل على قناة الشرقية الآن: الدكتور الجعفريّ: لا ندعم الشيعة في البحرين؟

الجعفريّ: أنا لم أقـُلْ هذا.

أنا قلتُ بالعكس: نحن نرتبط مع الشيعة في كلِّ دول العالم.

يُوجَد رابطان: النظام السياسيّ والدستور، ونحن لا نتدخل فيه، وكلُّ المُجتمَعات تجمعهم مرجعيَّة دينيَّة، ومسألة قيميَّة مُشترَكة، وأخلاقـيَّة مُشترَكة.. كلـُّهم يتلاقون بها.

 

  • تواجُد القوات التركيَّة في بعشيقة صار بنداً ثابتاً في كلِّ القِمَم العربيَّة.. ما الذي يُريده العراق بالتحديد في البيان الختاميّ؟

الجعفريّ: التأكيد على سحب القوات التركيَّة من بعشيقة، سنـُذكـِّر بالإجماع العربيِّ الذي حصل لأوَّل مرَّة في تاريخ الجامعة العربيَّة، ولا يكفي أنـَّنا اتخذنا القرار، بل يجب أن نتواصل به، فلاتزال القوات التركيَّة موجودة في بعشيقة 110 كيلومتر داخل العمق العراقيِّ إلى الآن.

 

  • يُوجَد عديد من القوات التركيَّة، وهناك تعزيزات لهذه القوات؛ بسبب التوتر الذي في سنجار.. ماذا لو دفعت الظروف في سنجار لأن تستخدم تركيا هذه القوات في طرد الـ(بي كي كي)؟

الجعفريّ: الـ(بي كي كي) ما جاء بهم العراق، وليس كلُّ شيء موجود في العراق تكون الحكومة العراقـيَّة مسؤولة عنه، فالحكومة لم تأتِ بداعش إلى الموصل.

تواجُد هكذا فصائل ليس تعبيراً عن أنَّ الحكومة العراقـيَّة لديها ازدواج (تأتي به، وترفضه)، لو كنا قد أتينا بهم فنحن لا نستحي في أن نقول ذلك، ولكننا لم نأتِ بهم، ووُجُودهم في العراق هو بسبب خلل أمنيٍّ في برهة زمنيَّة أدَّى إلى ذلك، ولو رجعنا إلى تاريخها سنعرف مَن الذي جاء بالـ(بي كي كي) إلى جبل قنديل.

 

  • يقولون لك: هذا تدخـُّل في الشُؤُون الداخليَّة؟

الجعفريّ: هي اختارت لهم هذا المكان، وزجَّت بهم في أوَّل نُشُوئهم، وأوصلهم الأتراك.

لنترك التاريخ للتاريخ.. نحن نـُريد الآن أن نصنع حاضراً، ونعبر منه إلى المُستقبَل.. مفهوم (حُسن الجوار) يعني أن نتعامل بشكل جيِّد مع أشقائنا وجيراننا، ولكنه عندنا ينطوي ضمناً على أن لا نـُدخِل أيَّ مجموعة تنتمي إلى بلد مجاور في الأرض العراقـيَّة، وتعمل على الإضرار بهم، وتوتير الأجواء.

هذا طبَّقناه على منظمة خلق مع إيران.. وأيّ مجموعة تستغلُّ الأراضي العراقـيَّة نخيِّرها أمّا أن تبقى على الأرض العراقـيَّة بلا سلاح، وبلا إزعاج لجارنا، أو تخرج من العراق، وتذهب إلى مكان آخر.

 

  • العراق يُمثـِّله هذه المرَّة رئيس الوزراء السيِّد العباديّ.. هل سيتمكـَّن من أن يأخذ ما يُريد للعراق من الدول العربيَّة؟

الجعفريّ: أعتقد أنَّ مُشارَكة الأخ العباديّ كرئيس وزراء ليست قضيَّة غريبة، وإنـَّما الغريب أن لا يأتي.. لماذا لا يشترك، وهو مُؤتمَر قِمَّة عربيّ.

 

  • باعتبار أن يأتي رئيس الجمهوريَّة فؤاد معصوم؟

الجعفريّ: تسأل لماذا لم يأتِ الأخ فؤاد؟

 

  • لا، لماذا جاء العباديّ؟

الجعفريّ: يُوجَد في جعبته أفكار، وأخبار، وإنجازات يجب أن تصل إلى القِمَّة العربيَّة؛ وهذا يُعبِّر عن احترام للقِمَّة العربيَّة أن يستمعوا من الرجل التنفيذيِّ الأوَّل في البلد.

السيِّد رئيس الجمهوريَّة الدكتور فؤاد معصوم مُحترَم يُمثـِّل سيادة الدولة حسب الدستور، لكنَّ هذا لا يمنع من أن يشترك رئيس الوزراء خُصُوصاً في هذا الظرف.

 

  • تقول: لديه أفكار، وأخبار.. ما هي؟

الجعفريّ: لديه أفكار، ومُقترَحات، وأحداث تمّت صناعتها على الأرض.. القائد العامّ للقوات المُسلـَّحة التقى مع شخصيَّات كبيرة في العالم؛ وهذا يعني أنـَّه أمام فعل.. أنا أرى أنَّ مُشارَكته مُهمَّة جدّاً، وفيها إثراء للقِمَّة العربيَّة.

 

  • يُوجَد انطباع لدى كلِّ الشعب العربيِّ بأنَّ القِمَم لا يُوجَد فيها نتائج.. ما انطباعك بصفتك وزير خارجيَّة تشارك في هذه القِمَم؟

الجعفريّ: لا أعدم عليها بعض النتائج.. نعم، ليست بمُستوى الطموح -الأصل أن يلتقوا مع بعضهم أفضل من أن يسود جوُّ القطيعة؛ لأنـَّها لا تـُؤدِّي إلى نتيجة، الساحة لمَن حضر- النتائج المرجوَّة إمَّا أن تـُصفـَّر أو تـُحقـَّق بأكملها هذه قاعدة فيزيائيَّة صحيحة، ولكنـَّها قاعدة اجتماعيَّة، وسياسيَّة غير صحيحة.

أنا أتصوَّر أنَّ موقفهم -مثلاً- إسناد العراق تجاه الموقف التركيِّ يكفي أنـَّه كان هناك تحريك، وسمعوا صوت العراق في أكثر من قضيَّة، ويتفهَّمون العراق، وهناك بعض المُساعَدات، والدعم.

قـُلْ لي: كيف حَصَلَ العراق على 173 صوتاً، ووصل إلى مجلس حُقوق الإنسان؟

الدول العربيَّة كلـُّها صوَّتت له.

ولولا التواصُل، واللقاءات ما حَصَلَ العراق في الاتحاد الأوروبيّ على 488 صوتاً.. بالمُناسَبة.. القِمَّة العربيَّة ليس اجتماعات فقط، وإنـَّما تجري حوارات جانبيَّة، ولقاءات ثنائيَّة.

مُهمٌّ جدّاً أن يلتقوا مع بعضهم، ويُوصِلوا أصواتهم، وما يضيق به الاجتماع العامُّ يتـَّسع له اللقاء الثنائيّ.

 

  • حسب المعلومات المُتوافِرة معي أنَّ 17 رئيساً، أو أميراً، أو ملكاً سيكونون موجودين يوم الأربعاء.. ماذا يعني أن تصل القِمَّة إلى هذا العدد؟

الجعفريّ: أفترضُ أنـَّه تـُوجَد مسائل مطروحة في الجدول المنويِّ طرحه، وهي التي أتت بهم، وليس شيئاً آخر، ومثلما اعتذر بعضهم عن اللقاءات السابقة يُمكِن الآن أن يعتذر.. لا أحد يُحاسِبه فهذا الشدُّ على مُستوى قِمَّة الرؤساء -في تقديري- هو لأنَّ المادَّة المطروحة جيِّدة تحظى بقناعاتهم.

 

  • العراق في عام 2010 استضاف قِمَّة عربيَّة هل يسعى العراق لإقامة وتنظيم القِمَّة العربيَّة؟

الجعفريّ: يُوجَد نظام لمُؤتمَرات القِمَّة.. نحن نـُرحِّب في أيِّ وقت يُريدون قِمَّة عربيَّة في العراق يتسع لهم القلب قبل العراق، ولكن يُوجَد نظام يجب أن نحترمه.

 

  • العراق مرَّ بظروف غير طبيعيَّة، ولم تـُعقـَد القِمَّة في بغداد، فقد يكون هناك موقف سياسيّ.. هل غادرنا فترة المواقف السياسيَّة التي تتخذها بعض الدول العربيَّة تجاه العراق؟

الجعفريّ: هذا الأمر حدث مع العراق، ومع غيره من الدول، ومنها: مصر في عام 1967، وعندما أبرمت اتفاقـيَّة كامب ديفيد في زمن السادات..

نحن مررنا بظرف استثنائيّ، ولكننا نتكلم على الحالة الاعتياديَّة.

الدورة تمرُّ من خلال الدول بحسب الحروف الأبجديَّة.

 

  • الآن أنت مُطمئِنّ لمستقبل العلاقات العراقـيَّة-العربيَّة؟

الجعفريّ: إذا كنتَ تفهم من كلامي بأنَّ الاطمئنان يعني أنا راضٍ بما هو موجود، فلا، أنا لستُ راضياً بالموجود، ولكني مُطمئِنُّ بأن تتحسَّن نحو الأفضل.

 

  • في المُستقبَل؟

الجعفريّ: أنا مُطمئِنّ لشرعيَّة مطالبنا، ومن نصاعة هُويَّـتنا، ومن حجم تضحياتنا، ومن مطالبنا الصحيحة، ومن ثقتنا بالله، وثقتنا بأنفسنا.. نعم، أنا مُطمئِن بأنـَّه كلـَّما استمرَّ الوقت أرى أنـَّه يُوجَد تفهُّم للعراق أفضل وأفضل، وأرى زملائي وزراء الخارجيَّة كلـَّما مرَّ الوقت يُبدون تفهُّماً أكثر من السابق.

 


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy