الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

الجعفريّ يفتتح قنصلية جمهوريّة العراق في مدينة ديترويت الأميركيّة ويؤكد على حكومات العالم أن يُوحِّدوا صفوفهم ضدَّ عدوّ حقيقيّ مُشترَك، وهو الإرهاب وأن العملية العسكريّة في العراق تـُديرها سواعد عراقيّة فقط، والعراقيون هم الذين يصنعون الانتصارات
الاخبار | 18-07-2016

افتتح الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة قنصلية جمهوريّة العراق في مدينة ديترويت الأميركية ورُفع علم العراق على مقر القنصلية بحضور عدد من أبناء الجالية العراقية ومساعد وكيل وزير الخارجيّة الأميركيّة السيِّد جوزيف بننغتون ووفد من وزارة الخارجيّة الأميركيّة، وأكد الدكتور الجعفريّ أن فتح القنصليّة العراقيّة في ديترويت ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة.. وهي تعبير عن إصرار الدبلوماسيّة العراقيّة على تعميق العلاقات مع أبناء الشعب العراقيِّ الكريم في أيِّ منطقة يتواجدون فيها، مشيراً أن الأولويّة لديترويت جاءت لتواجد العدد الكبير من العراقيّين فيها ولاختزل الجهود لأبنائنا، وقضاء حاجتهم، وما يتعلق بجوازاتهم، وشهاداتهم، وبقيّة الخدمات، والتعاون على تذليل العقبات أمامهم، داعياً إلى أن تـُقدِّم القنصليّة العراقيّة في ديترويت أجزل الخدمات لأبناء الشعب العراقيِّ لأنهم يستحقون ذلك.

وخلال الكلمة التي ألقاها في حفل افتتاح القنصلية أكد الدكتور الجعفريّ أن العراق يفخر بأنَّ أبناءه من كلِّ الديانات، وكلِّ المذاهب، وكلِّ القوميَّات يتآخون فيه.. ويُوجَد في العراق التنوُّع الدينيّ، والتنوُّع المذهبيّ، والتنوُّع القوميّ، والتنوُّع السياسيّ، ولا توجد بين المُجتمَعات إلا المصالحة، وكلّ مدينة من مُدُن العراق تنبض بالانسجام، والتفاعل، والمَحبَّة، والأخوَّة، مشدداً على أن الوقت قد حان وعلى حكومات العالم أن يُوحِّدوا صفوفهم ضدَّ عدوّ حقيقيّ مُشترَك، وهو الإرهاب فقط، ولا يُفكروا بغير الإرهاب، فلا يُوجَد أبناء دين يقتلون أبناء دين آخر، ولا يُوجَد أبناء بلد يقتلون أبناء بلد آخر، ولا يُوجَد أبناء قوميّة يستبيحون أبناء القوميّات الأخرى هذه كلها معارك موهومة لا أساس لها. هناك خصم واحد اسمه الإرهاب.

مقدماً الشكر لكل دول العالم التي وقفت إلى جانب العراق من خلال تشكيل تحالف دوليّ وتوفير المساعدات سواء كانت ماليّة، أم خدميَّة، أم إنسانيَّة، أم عسكريّة من دون أن تكون هناك تدخلات في شُؤُون سيادتنا، وأن العراق سمح بدخول التحالف الدوليِّ لإسناد العراق بشرط أن لا يكون التدخل تدخلاً عسكرياً.

مشيراً إلى أن العملية العسكريّة في العراق تـُديرها سواعد عراقيّة فقط، والعراقيون هم الذين يصنعون الانتصارات في مُواجَهة داعش، مبيناً أن العالم عندما يتحدَّث اليوم عن الإرهاب يُولي وجهه صوب العراق؛ لأنه نقطة التماسِّ الأولى، فالعراق لا يُنافِسه أحد في مُواجَهة الإرهاب، وتقديم الضحايا، ونحن لطالما أسمعنا كلَّ دول العالم من على منابرهم ومنها جامعة الدول العربيّة، ومنظمة التعاون الإسلاميِّ، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن أسمعناهم أننا لسنا بحاجة إلى دمائكم تـُسكَب بدلاً من دمائنا في العراق نحن بحاجة إلى مساعدات خدميّة وإنسانيّة.. العراقيون هم الذين يتولون عمليّة إدارة المعركة على الأرض العراقيّة، وقد أوفت الكثير من الدول بالتزاماتها.

داعياً إلى أن تتواصل دول العالم في وقفاتها ونصرة شعوبنا خاصة الشعب العراقيّ لأنه يستحقّ أن يُسنـَد، إذ إنه قاتل نيابة عن كلِّ دول العالم.. الإرهابيُّون الذين جاؤوا إلى العراق ينتمون إلى أكثر من 100 دولة، ومن كبرى دول العالم.. من أميركا جاء الإرهابيّون، ومن بريطانيا، وأستراليا، وجنوب شرق آسيا، وغيرها، موضحاً أننا لا نقول إنَّ هؤلاء يمثلون دولهم، فالذي يمثل دولهم هو البرلمانات، والحكومات التي وقفت إلى جانب العراق من خلال المساعدات التي قدَّمتها.. هذه هي التي تمثل إرادة هذه الدول، فننظر لها بكلِّ احترام بناءً على ما قدَّمت من مساعدات، وإسناد خدميٍّ، وإنسانيٍّ، وسياسيٍّ، وماليٍّ، ولوجستيٍّ، وتدريب، وتجهيز.

 

وإلى حضراتكم النص الكامل لكلمة الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة في حفل افتتاح قنصليّة العراق في مدينة ديترويت الأميركيّة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته..

يُسعِدني كثيراً أن أشارككم هذا اليوم احتفاليّة فتح القنصليّة العراقـيَّة في مدينة ميشيغان، وهي من أهم المُدُن بالنسبة لعُمُوم العراقيِّين؛ لأنَّ لها قِصَّة طويلة تحكي بداية مجيء العراقيِّين إلى هنا.. كانوا مُشرَّدين، وواكبتهم من رفحاء في زمن المُعارَضة، ولكن من مجيئهم إلى هنا كانوا من موقع التشريد أمَّا الآن فهم مُحتضَنون، وهم ليسوا فقط مدعومين من قبل الحكومة العراقيّة، بل يُمثلون الحكومة العراقيّة في كلِّ ما يُظهرون من نشاطات، ويُبدون من حالة أخوَّة، وانسجام بين بعضهم البعض، وكذا مع بقيّة الجاليات، ومع الأمّة الأميركيَّة والشعب الأميركيّ.. مدينة ديترويت مدينة عُرِفت بأنها مأوى، وملاذ، ومحطة لعُمُوم الجنسيات، وبصورة خاصّة العرب، وبشكل أخصّ العراقيّون، ولطالما جئتُ إلى ديترويت في سنوات مضت، وتجوَّلت في مراكزها، وتردَّدت على تجمُّعاتها المختلفة. كانت تجمُّعات مُبارَكة أعطت، واكتسبت ثقة كلِّ أبناء هذه المدينة من خلال حُسن سيرتها، ومن خلال تحضُّرها، ويتميَّز العراقيّون بأنهم مُتحضِّرون، وأنهم أصحاب ثقافة عريقة، وأنهم مُتنوِّعون؛ وبذلك عكسوا بتنوُّعهم باقة ورد شملت كلَّ الزهور العراقيّة بألوانها، وعطورها المُتعدِّدة؛ لتعكس المُجتمَعيَّة العراقيَّة في التعدُّد الدينيِّ فيها المسيحيّون، وفيها المُسلِمون، وفيها التعدُّد المذهبيّ فيها السُنـَّة والشيعة، وفيها التعدُّد القوميّ فيهم العرب، والكرد، والتركمان، هاجروا من العراق.. هجروا العراق أرضاً، لكنهم لم يهجروا العراق وطنيّة، ومحبَّة، وسياسة إنما اضطرَّهم النظام البائد من موقع الاضطهاد أن يُولـُّوا وُجُوههم إلى مُدُن، ودول مُتعدِّدة في العالم.

لستم الشريحة الوحيدة في أميركا وفي ديترويت بالذات إنما هناك شرائح مُتعدِّدة من كلِّ أرجاء العالم، وسبق لي أن تجوَّلت في دول العالم كافة أينما يتواجد العراقيّون، ومَن كان في رفحاء قد يتذكر أنني التقيتكم هناك، وبقيت 15 يوماً وليلة في رفحاء، وكان يسكنها حوالى 23 ألفاً و500 عراقيّ هجَّرهم النظام، واضطهد منهم، وقتل منهم مَن قتل، ولاذ الباقون بالهجرة والفرار.. كنتم جزءاً من هؤلاء يُشرِّفنا أن نجد أبناءنا العراقيين، وبناتنا العراقيات في مختلف مناطق العالم، وهؤلاء يُمثـِّلون بالنسبة لنا سفراء نعتزُّ بهم، وبأخلاقهم، وبكرمهم، وشهاداتهم، وأمانتهم، واعتزازهم بالعراق، وطريقة تعاملهم مع الآخرين.. العراقيون سابقاً لا يعرفون معنى للهجرة.. العراقيّ لا يُوجَد في تاريخه الهجرة، وأنه يُغادِر بلده إلى بلد آخر.. هكذا يُؤرِّخ هيردويت أوَّل من كتب في التاريخ 363 قبل ميلاد السيِّد المسيح (ع) الذين يُجيدون فنَّ الهجرة هم الفرس هاجروا في مختلف مناطق العالم.. أمّة الفرس تـُكثِر من الهجرة أمّا العرب عُمُوماً وبصورة خاصّة العراقيّون فلا يُوجَد في تاريخهم شيء اسمه هجرة، لكنَّ النظام المقبور اضطرَّ العراقيين، وجعلهم يتركون العراق، ويفرون برؤوسهم، وبدينهم إلى هذا المكان، وذلك المكان، ومن خلال تجوالي في بلدان المهجر المختلفة أينما يتواجد العراقيون كنت أتردَّد عليهم، وقد كسبوا ثقة الأنظمة والأماكن التي ذهبوا إليها، وكسبوا ثقة الجاليات من خلال كرم أخلاقهم، وانضباطهم، وتجنـِّبهم المسائل المحظورة، والخطوط الحمراء، لا قتل، ولا جرائم، ولا مخالفات، ولا فرار من الضرائب.. بصورة عامّة سمعة العراقيّين سمعة طيِّبة؛ لذا نعتزُّ، وهذا إنما يدلُّ على المخزون الحضاريِّ الذي يحمله العراقيّ الذي ينتمي إلى أكبر حضارة في العالم، ولم يسبقه أيُّ بلد من بلدان العالم، ولا أيّ أمّة من أمم العالم منذ مطلع الألف الرابع لميلاد السيِّد المسيح (ع)..

العراق يحمل لواء الحضارة.. إلى الآن عمر الحضارة 6000 سنة؛ لذا عندما يتفاعل العراقيّ في أيّ بلد، وأيِّ مكان لأنَّ لديه حُمُولة حضاريّة، وقدرة تعايش مع الآخرين، وليس مُتوحِّشاً وغريباً على الآخرين إنما يحمل قدرة على التفاعل مع كلِّ مَن يلتقيه، وهذه ذخيرة رائعة يعرفها العالم كلـُّه عن العراق، وعن حضارة وادي الرافدين.. نحن لا ندَّعي أنَّ العراق أكبر بلد في العالم، لكنه أكبر بلد في العالم من حيث التوليفة، والتشكيلة السكانيّة الديمغرافيّة المختلفة.. أميركا تشبه العراق -أيضاً- فيها تنوُّعات مُتعدِّدة، وفيها انحدارات من قوميّات مختلفة منذ عصر الثورة إلى الآن فيها من أصول هولنديّة، وأيرلنديّة، وأسكتلنديّة، وبريطانيّة، ومن مختلف الأصول لذلك المُجتمَع الأميركيّ -هو الآخر- مُجتمَع مُتنوِّع.. المُجتمَع العراقيُّ فيه تنوُّعات مختلفة، وهذا يُضفي عليه عنصر قوة، وفي الوقت نفسه أنَّ البيئة العراقية بيئة تحترم الغريب، وتحتضنه، ولا تختنق منه.. لعلكم هنا تلمسون في هذا المكان أنهم لا يختنقون من الغرباء، وإنما طبيعة المُجتمَع الأميركيّ أنه مُجتمَع مُتنوِّع يحترم التنوُّعات، ويتفاعل معها..

دخل العراق مُؤخـَّراً -والحمد لله- حياض النادي الديمقراطيّ في العالم، ودخل تجربة جديدة بعد أن عانى ديكتاتوريّة النظام المقبور، وبصورة خاصّة نظام صدام حسين.. العراق الآن يعبر محطات مُتعدِّدة في طريق الديمقراطيّة منذ عام 2003 إلى الآن حكومة مجلس الحكم، والحكومة المؤقتة، والحكومة الانتقاليّة، والحكومة الوطنيّة المُنتخـَبة بمراحل مُتعدِّدة، وأشواط قطعتها بسرعة؛ وهذا بالنسبة لنا شيء جيِّد؛ لأنه استطاع أن يقطع هذا الطريق الطويل مثلما حصل هنا في أميركا منذ زمن الرئيس جورج واشنطن مُؤسِّس أميركا، ثم جون آدمز، ثم جيفرسون، وهكذا استمرَّت هنا الثورة منذ عام 1783 بدأت الثورة 1775، وانتصرت في 1783، وتأسَّست دولة أميركا الحديثة.. العراق له هذا التاريخ، وكتب أوَّل دستور في العالم قبل ميلاد السيِّد المسيح (ع)، وصار قرابة 4000 سنة، ويُبشِّر العالم بما حفلت به مسلة حمورابي من تنظيم شبكة الري، وتنظيم الزراعة، والدفاع عن حقوق المرأة، وعن حقوق الإنسان في زمن كان العالم نائماً، وحمل ألوية الثقافة.

العراق يفخر بأنَّ أبناءه من كلِّ الديانات، وكلِّ المذاهب، وكلِّ القوميَّات يتآخون فيه.. يُوجَد في العراق التنوُّع الدينيّ، والتنوُّع المذهبيّ، والتنوُّع القوميّ، والتنوُّع السياسيّ، ولا توجد بين المُجتمَعات إلا المصالحة، وكلّ مدينة من مُدُن العراق تنبض بالانسجام، والتفاعل، والمَحبَّة، والأخوَّة.

كاد الإرهاب المعاصر أن يُحدِث مشكلة بين مُكوِّنات الشعب العراقيِّ، لكنَّ الشعب العراقيَّ قاوم ذلك، ورفضه رفضاً قاطعاً، ورفض أن ينجرَّ إلى هذه الحالة؛ لذلك اعتدى على الكثير من أبناء الديانات كالذي حصل مع الإيزديّة في سنجار، واعتدى على شبابهم، ونسائهم، وقتل منهم مَن قتل، وحاول أن يبتاع، ويبيع بناتهم الصغار، ويُرحِّلهم إلى الشام، وهذا لا يمتُّ إلى العراق، ولا إلى الدين الإسلاميِّ بصلة.. أمَّا العراقيون فيتميَّزون في كلِّ منطقة بأنهم متآخون.. أنا شخصيّاً خريج جامعة الموصل، وأنا من مدينة كربلاء المُقدَّسة عاصمة الشيعة في العالم درستُ في كلية الطب بالموصل، وهي أكبر مدينة تستوعب إخواننا أبناء السنة، وفيها مسيحيون كذلك، وهناك حالة من الانسجام الاجتماعيِّ، والمصالحة الاجتماعيّة، ولم يشعر أيّ أحد منهم أنه غريب على الآخرين.

عصابات داعش الإرهابيّة تحاول أن تـُصدِّر إلينا الإرهاب، وتحاول قتل التنوُّع بدلاً من أن تحتضن التنوُّع، وحصلت هناك اعتداءات علماً أنَّ داعش لا تتصالح حتى مع نفسها، وتعاني من أزمة مصالحة الذات.. داعش وقبلها القاعدة مُتخاصِمة مع داخلها؛ لذا أينما تذهب يذهب معها الشرُّ. سمعتم ما حصل في فرنسا، وقبل في تركيا في مطار تركيا، وسمعتم ما حصل في أميركا، ونذكر أنَّ أوَّل أيَّام الإرهاب المعاصر كانت في واشنطن ونيويورك في 11 أيلول/سبتمبر عام 2001، وكيف انقضَّ هؤلاء على الآمنين.. فماذا يعني أنَّ أناساً آمنين مدنيّين انقضَّت عليهم القاعدة بطائرات، وحوَّلت ذلك الهدوء والسكون إلى حالة من الاضطراب، والاعتداء؟

هذا هو الإرهاب الحديث..

نصيحتي لكلِّ حكومات العالم حان الوقت أن يُوحِّدوا صفوفهم ضدَّ عدوّ حقيقيّ مُشترَك، وهو الإرهاب فقط، ولا يُفكروا بغير الإرهاب، فلا يُوجَد أبناء دين يقتلون أبناء دين آخر، ولا يُوجَد أبناء بلد يقتلون أبناء بلد آخر، ولا يُوجَد أبناء قوميّة يستبيحون أبناء القوميّات الأخرى هذه كلها معارك موهومة لا أساس لها. هناك خصم واحد اسمه الإرهاب؛ لأنه يحارب الإنسان بما هو إنسان سواء كان رجلاً، أم كهلاً، أم شيخاً، أم عجوزاً، أم شابّاً، أم طفلاً، وسواء كان الإنسان امرأة، أم رجلاً؛ فهو يُعادي الجميع؛ لذا لابُدَّ لجهودنا أن تتضافر من أجل أن نشيع ثقافة المحبَّة، والأخوَّة، والانسجام بين كلِّ أبناء البلد، وهذه الرسالة التي حملها كلُّ الأنبياء، وكلُّ المصلحين أنهم لم يكونوا يُفرِّقون بين أبناء البلد: (كلكم من آدم، وآدم من تراب))؛ لذا أبلغ رسالة نردّ بها على الإرهاب هي من خلال إشاعة ثقافة المحبَّة، والأخوَّة، والانسجام بين بني البشر كافة.

العراق رغم كلِّ التحدِّيات التي يُواجهها على الأرض متمثلة بالتحدِّي الاقتصاديِّ، والانخفاض الحادِّ بأسعار النفط من 120 و 125 دولاراً للبرميل إلى حوالى 25، والآن بدأ يستأنف صعوده إلى حوالى 40 دولاراً؛ ولأنَّ مُوازَنة العراق 95% منها تعتمد على النفط فمن الطبيعيِّ أن تكون هناك انتكاسة حادَّة في الموازنة؛ مع ذلك هناك مصادر مُتعدِّدة، وثروات مُتعدِّدة في العراق غير مُستثمَرة.. العراق بلد الزراعة، ونظراً لذلك كان يُسمَّى أرض السواد، والعراق يُسمَّى أرض الرافدين دجلة والفرات، وعُرِف في العالم بحضارة وادي الرافدين دجلة والفرات.. العراق فيه موارد السياحة فهو بلد العتبات المُقدَّسة، وبلد الأنبياء، والأئمة، والمذاهب.. كلّ أنواع الثروات موجودة في العراق، لكنه اليوم يمرُّ بظرف استثنائيّ -للأسف الشديد- ما استـُثمِرَت هذه الطاقات والقابليّات.. ومن جانب آخر فـُتِحَت عليه فوهات الإرهاب، وهو يُقاتِل بجلادة رغم الظروف الصعبة، ورغم التحدِّي الاقتصاديِّ، والأمنيِّ، والسياسيِّ مع ذلك يشقُّ طريقه نحو البناء، والتنمية.

نشكر كل دول العالم التي وقفت إلى جانبنا، ومنذ أن تصدَّيت لمهامِّ وزارة الخارجيّة في الشهر التاسع من عام 2014 أتذكر أنه كان لدينا أوَّل لقاء في جدة، ثم باريس، وأخيراً نيويورك وجدت العالم كله عزم على تشكيل تحالف دوليّ ليقف إلى جانب العراق، وأوفى بالكثير من التزاماته، ووقف إلى جانب العراق، وطلبنا أن تـُسدى لنا المساعدات سواء كانت ماليّة، أم خدميَّة، أم إنسانيَّة، أم عسكريّة من دون أن تكون هناك تدخلات في شُؤُون سيادتنا، وكتبتُ رسالة إلى السيدة رئيسة مجلس الأمن في ذلك الوقت سمحنا فيها بدخول التحالف الدوليِّ لإسناد العراق بشرط أن لا يكون التدخل تدخلاً عسكرياً، وهكذا فالعملية العسكريّة في العراق تـُديرها سواعد عراقيّة فقط، والعراقيون هم الذين يصنعون الانتصارات في مُواجَهة داعش، وقبل أيام انتهينا من فصل تحرير الفلوجة، نعم الفلوجة قد تكون من حيث الحجم أقلَّ من الموصل لكنها تجذّر فيها الإرهاب بخاصة داعش.. فما كان من السهل اقتلاع هؤلاء من جُذورهم في التربة الفلوجيَّة؛ ونظراً لانسجام الأبطال العراقيين العسكريِّين من أبناء القوات المسلحة العراقية من أبناء الحشد الشعبيّ، وأبناء العشائر، والبيشمركة كلّ هؤلاء تناسوا كلَّ شيء، وانصهروا في بودقة واحدة اسمها الأمن العراقيّ، وحققوا نصراً مُذهِلاً في زمن قياسيّ، وهكذا الآن عندما يتحدَّث العالم عن الإرهاب يُولي وجهه صوب العراق؛ لأنه نقطة التماسِّ الأولى، فالعراق لا يُنافِسه أحد في مُواجَهة الإرهاب، وتقديم الضحايا، ونحن لطالما أسمعنا كلَّ دول العالم من على منابرهم ومنها جامعة الدول العربيّة، ومنظمة التعاون الإسلاميِّ، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن أسمعناهم أننا لسنا بحاجة إلى دمائكم تـُسكَب بدلاً من دمائنا في العراق نحن بحاجة إلى مساعدات خدميّة وإنسانيّة.. العراقيون هم الذين يتولون عمليّة إدارة المعركة على الأرض العراقيّة، وقد أوفت الكثير من الدول بالتزاماتها.. الذي يصنع الانتصارات هو الشعب العراقيّ كله من دون استثناء، نعم.. هذا وزير، وذاك رئيس وزراء، وهذا رئيس جمهوريّة، وهذا رئيس برلمان، هذه هي قرينة الأنظمة الديمقراطيّة.. فالأنظمة الصحيحة تـُعبِّر عن إرادة شُعُوبها، ونحن عندما نقف مع كلِّ دولة إنما نقف مع إرادة الشعب، ونحترمها؛ لأننا نعتقد أنَّ كلَّ شعب في العالم عندما يُصوِّت على حكومة يُصوِّت على أصدقاء الحكومة، كذلك لا يُمكِن أن نـُفكـِّك بين خيارات الشعب لهذه الحكومة، وخيارات الشعب لتعامل هذه الحكومة، والدول الأخرى سواء كان دول الجوار، أم دول ما بعد الجوار، أم دول الأقصى الجغرافيِّ كلها تدخل في دائرة الخيارات الشعبيّة، والديمقراطيّة.

باسم شعب العراق أقدِّم لكم جميعاً التحايا، وأتطلع أن تواصلوا أنتم هنا.. أنتم ابتعدتم عن الأرض العراقيّة، ولكن لم تبتعدوا عن الوطنيّة العراقيّة، وعن الدولة العراقيّة.. مفهوم الدولة أوسع من الأرض، ومفهوم الوطنية أوسع أيضاً من الأرض. أينما تتواجدوا فأنتم سفراء العراق، ونحن نعتزُّ بتواجدكم في كلِّ مكان.. دعوني أحيِّي من خلالكم الشعب والأمة التي تتواجدون فيها هنا في أميركا، وفي كلِّ دول العالم.. الإنسانيّة هي الإنسانيّة لا تتجزَّأ، والأنظمة الديمقراطيّة روعتها في أنها تحترم إرادة الشعوب.. أنا أشكر كلَّ الحكومات التي وقفت إلى جانبنا في العراق، وأمدَّتنا بمختلف أنواع المساعدة، وأشكر الحكومة الأميركيّة؛ لأنها بادرت في التحالف الدوليِّ، ووقفت إلى جانب العراق، ووقفت وقفات نسجِّلها لها، وأتمنى أن تتواصل في هذه الوقفات لنصرة شعوبنا خاصة الشعب العراقيّ لأنه يستحقّ أن يُسنـَد، إذ إنه قاتل نيابة عن كلِّ دول العالم.. الإرهابيُّون الذين جاؤوا إلى العراق ينتمون إلى أكثر من 100 دولة، ومن كبرى دول العالم.. من أميركا جاء الإرهابيّون، ومن بريطانيا، وأستراليا، وجنوب شرق آسيا، وغيرها.. نحن لا نقول إنَّ هؤلاء يمثلون دولهم، فالذي يمثل دولهم هو البرلمانات، والحكومات التي وقفت إلى جانب العراق من خلال المساعدات التي قدَّمتها.. هذه هي التي تمثل إرادة هذه الدول، فننظر لها بكلِّ احترام بناءً على ما قدَّمت من مساعدات، وإسناد خدميٍّ، وإنسانيٍّ، وسياسيٍّ، وماليٍّ، ولوجستيٍّ، وتدريب، وتجهيز، وما شاكل ذلك..

أتمنى على قنصليتنا هنا أن تـُسدي الخدمات للعراقيِّين كافة في ديترويت، وعندما تتصرَّفون هنا فأنتم تعكسون حضارة العراق، ومجد العراق، والنظام السياسيَّ في العراق.. أحيِّيكم، وأشكر لكم هذا، وأشكر أخي السيِّد المنهل الصافي على هذه الدعوة الكريمة..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

وبعد ختام حفل افتتاح القنصليّة أدلى الدكتور الجعفريّ بتصريحات صحفيّة، جاء فيها:

  • فيما يتعلق بافتتاح القنصليّة العراقيّة في ديترويت تأتي ضمن خطة للتعامل، أو التواصل مع الجاليات العراقيّة في الخارج كيف تردّ؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: القنصليّة العراقيّة في ديترويت ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة.. هي تعبير عن إصرار الدبلوماسيّة العراقيّة على تعميق العلاقات مع أبناء الشعب العراقيِّ الكريم في أيِّ منطقة يتواجدون فيها، ونعتقد أنَّ ظاهرة العراقيين مُمتدَّة في كثير من بلدان العالم، وهي ظاهرة صِحّية، وتؤدي دوراً كبيراً في إيصال صورة العراق إلى الخارج، وكلّ واحد منهم هو بمنزلة سفير، أو وزير عندما يعكس حضارة العراق، وقدرة العراق، والنظام السياسيّ الجديد، والديمقراطيّة، ومعاناة العراق، ومشاكلهم.. ما يتمتع به المُجتمَع العراقيّ في مدينة ديترويت من سعة، ومن تنوُّع مُتعدِّد، ومن نوعيّة عالية من كلِّ النواحي؛ جعلتنا نعطي الأولويّة لها مع تواجد العدد الكبير من العراقيّين هنا.. ومنذ زمن بعيد كنتُ أتطلع أن يأتي هذا اليوم الذي تـُفتتـَح فيه القنصليّة؛ حتى نختزل الجهود لأبنائنا هنا، وقضاء حاجتهم، وما يتعلق بجوازاتهم، وشهاداتهم، وبقيّة الخدمات، ونتعاون على تذليل العقبات أمامهم.. فطموح الأمس تحقق، وأنا سعيد بافتتاح القنصليّة؛ لذلك أتطلع أن تـُقدِّم القنصليّة العراقيّة في ديترويت أجزل الخدمات لأبناء الشعب العراقيِّ لأنهم يستحقون ذلك.

 

  • زيارتكم إلى الولايات المتحدة تأتي لحضور المؤتمر الدولي للإرهاب، والمشاركة العراقيّة في هذا المؤتمر؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الأعضاء الذين سينضوون تحت لواء هذا المُؤتمَر هم وزراء الخارجيّة، والدفاع لدول التحالف الدوليِّ، وهذه أكبر منظومة تتصدَّى للإرهاب.. العراق في الصدارة؛ لأنه نقطة التماسِّ، والخط الأوَّل ضدَّ الإرهاب.. وعندما يتحدَّث العراق عن الإرهاب لا يتحدَّث عن موروث ثقافيٍّ؛ فذلك ليس ترفاً ثقافيّاً فهو يواجه الإرهاب بالميدان، ويحقق الانتصارات، وله نظريّة بمُواجَهة الإرهاب، ولديه مصداقيّة في دحر الإرهاب في زمن قياسيٍّ؛ لذلك ننقل تجربتنا بتواضع، ونستمع لدول العالم حتى نـُثري عمليّة المواجهة.. الإرهاب اليوم نشر ظله في كثير من دول العالم، وبالتأكيد تلاقح فإنَّ التجارب بين كلِّ هذه الدول سيُطوِّر من نظريتنا في مُواجَهة الإرهاب من جانب، ويُقوِّي عزمنا.. نحن نعتقد أنَّ الانتصار على الإرهاب في كلِّ بلد هو انتصار لكلِّ البلدان؛ لأنَّ الإرهاب يُهدِّد البلدان جميعاً من دون استثناء، فلا معنى لأن نـُميِّز بين ضحايا الإرهاب.. فمادام الإرهاب لا يتجزَّأ كمُعتدٍ فلا ينبغي أن نـُجزِّئ الضحيّة.

 

  • المحاولة الانقلابيّة في تركيا كيف نقرأ الموقف العراقيَّ تجاه هذا؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بالنسبة لنا الدولة التركيّة دولة جوار جغرافيّ، ونحن نعتزُّ بالعلاقة معها؛ لاستحقاقات التاريخ، والجغرافية، والمصالح المُشترَكة؛ وتجربة تركيا تجربة ديمقراطيّة؛ فنحن ندافع عن النادي الديمقراطيِّ في العالم كله، ونحترم إرادة الشعوب.. ردّ فعل الخارجيّة العراقيّة، والمُعبِّر عن إرادة العراق منذ البداية هو عدم التدخل في شُؤُونها الداخليّة، واحترام التجربة الديمقراطيّة، واحترام ما أفرزته التجربة الديمقراطيّة في تركيا من نظام تعاقب في سلسلة حكومات مرحلة ما قبل الأردوغانية، والحالة الأردوغانية الحالية.. نحن لا ندافع عن أشخاص بقدر ما ندافع عن أنظمة، وكلما كانت هذه الأنظمة تـُجسِّد، وتمثل إرادة شُعُوبها فحِصَّتـُها من الدفاع تكون أكثر.. وإذا فتحنا باب الانقلابات العسكريّة معنى ذلك ستتهدَّد كلُّ التجارب الديمقراطية؛ لأنَّ الانقلاب هو النقيض النوعيّ والفعليّ لكلِّ التجارب الديمقراطية في العالم.. السياقات الديمقراطيّة هي السياقات الصحيحة فليس من المعقول أن نأتي بآليّات، ونعود إلى مرحلة الانقلابات.. سابقاً كان العراق ودول المنطقة مُبتلاة بالانقلابات.. وبين انقلاب وآخر انقلاب.. أعتقد حان الوقت لأن تتحرَّر إرادة الشعوب، وتمارس دورها بإحداث التغييرات، وإن تطلبت عبر صناديق الاقتراع لذلك كان هذا موقفنا.


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy