|
الجعفريّ: العراق يُسجِّل انتصارات يحقُّ للعرب جميعهم أن يرفعوا رؤوسهم عالياً مُعتزِّين بما تحققه القوات المُسلـَّحة العراقـيَّة؛ لأنه ليس فقط إنجازاً وطنيّاً بل إنجازاً عربيّاً بل إنجازاً إسلاميّاً بل إنجازاً عالميّاً؛ فالنصر على الإرهاب هو نجاح لنا جميعا
الاخبار | 07-06-2016
لقاء جريدة الأهرام بالدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة الجعفريّ: العراق يُسجِّل انتصارات يحقُّ للعرب جميعهم أن يرفعوا رؤوسهم عالياً مُعتزِّين بما تحققه القوات المُسلـَّحة العراقـيَّة؛ لأنه ليس فقط إنجازاً وطنيّاً، بل إنجازاً عربيّاً، بل إنجازاً إسلاميّاً، بل إنجازاً عالميّاً؛ مادام الإرهاب يُشكـِّل تحدِّياً في هذه الآفاق، فالنصر على الإرهاب هو نجاح لنا جميعاً.. الجعفريّ: التقينا الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسلـَّمناه رسالة تعكس التطوُّرات التي حصلت على الأرض العراقـيَّة، وإصرار الحكومة العراقـيَّة من خلال قواتها المسلحة على تحرير هذه المدينة المنكوبة منذ فترة طويلة من الزمن، وفي الوقت نفسه ضمَّ اللقاء أحاديث جانبية بهذا الاتجاه.. الجعفريّ: كان الحديث بيننا وبين السيِّد السيسي مُفصَّلاً حول الإرهاب، وبدايات الإرهاب، وانعكاساته ليس فقط على العراق، وإنما على عُمُوم المنطقة باعتبار أنَّ مصر الأكبر العربيّ، وحاضنة جامعة الدول العربيّة؛ فكان من الطبيعيِّ أن يتمَّ التداول بهذا الشأن أيضاً.. الجعفريّ: الرئيس السيسي أدلى بوجهات نظر مُمتازة، ومُتميِّزة، وأكـَّد وُقوف مصر إلى جانب العراق، وأعرب عن القلق الذي يساوره من ظاهرة الإرهاب في كلِّ منطقة يتواجد فيها، وكيف ألقى بظلاله على كثير من الدول.. الجعفريّ: لم يبدأ الإرهاب في العراق، ولم ينتهِ بالعراق، بل على عُمُوم المنطقة، فأبدى تفهُّماً مُتميِّزاً في هذا الصدد، وشدَّ على أيدي المسؤولين العراقـيِّين، وفي مُقدَّمتهم السيِّد رئيس الوزراء، وبعث له رسالة أعرب فيها عن وُقوف مصر إلى جانب العراق مُتضامِنين مُتكاتِفين ضدَّ هذا الخطر المُشترَك.. الجعفريّ: العراق يحتاج أن يكون هذا الحراك مُنسجماً مع حراك عربيّ، ووقوف دول عربيّة إلى جانب العراق خُصُوصاً التحدِّيات التي نواجهها بخطوط مُتوازية: الجانب الأمنيِّ، والجانب السياسيِّ، والجانب الاقتصاديِّ. فمن الطبيعيِّ أن نـُذكـِّر الدول العربيَّة بضرورة التكاتف، والوقوف إلى جانب العراق سياسيّاً، وأمنيّاً، ومن الناحية الإعلاميّة.. الجعفريّ: الانتصار العراقيّ ليس عراقيّاً فقط، بل انتصار عراقيّ-عربيّ لصالح العربية كلـِّها؛ فمن الطبيعي أن نـُذكـِّر الإخوة الأشقاء العرب، وهم لا يختلفون معنا إطلاقاً في مسألة مُواجَهة الإرهاب إجمالاً وتفصيلاً.. الجعفريّ: العراق يُسجِّل انتصارات يحقُّ للعرب جميعهم أن يرفعوا رؤوسهم عالياً مُعتزِّين بما تحققه القوات المُسلـَّحة العراقـيَّة؛ لأنه ليس فقط إنجازاً وطنيّاً، بل إنجازاً عربيّاً، بل إنجازاً إسلاميّاً، بل إنجازاً عالميّاً؛ مادام الإرهاب يُشكـِّل تحدِّياً في هذه الآفاق، ووفق الوطنيّة، والعربيّة، والإسلاميّة فالنصر على الإرهاب هو نجاح لنا جميعاً.. الجعفريّ: العراق ليس دولة فقيرة العراق، بل هو دولة غنيّة، ومُتعدِّدة المصادر غير أنه يمرُّ بظروف استثنائيّة الآن، وتستدعي هذه الظروف أن نـُكثـِّف جُهُودنا من أجل تجاوز الأزمة الماليّة.. الجعفريّ: الجنديّ العراقيّ سواء كان على خلفيّة القوات المسلحة العراقـيّة، أم على خلفيّة العشائر، أم على خلفية الحشد الشعبي لا يُعقـَل أن يحمل روحه على راحة كفه، ويُترَك، وعندما ينال شرف الشهادة يترك أرملة، ومثكولين، ويتامى، ويتمّ التقصير بحقِّ أولادهم، ومتعلقيهم لا سمح الله.. الجعفريّ: داعش تقاتل بوحشيّة، وتستخدم اساليب لاإنسانية من أجل البقاء؛ لأنها تعتقد أنَّ حصنها في الفلوجة مضى عليه زمن بعيد، فتقاتل مُقاتلة مصيريّة، وتستخدم الدروع البشريّة، وتـُهدِّد المدنيِّين.. أيّ واحد منهم يُفكر أن يترك الفلوجة يُستباح دمه، ومن جانب آخر تتمسَّك الحكومة العراقية بأنها في الوقت الذي آلت على نفسها أن تـُحرِّر الفلوجة، إلا أنها لا تـُفرِّط بسلامة وحياة الآمنين من السكان.. الجعفريّ: أخلاقيّة استباحة دم المُواطِن لدى داعش، وأخلاقيّة الحفاظ، والتمسُّك بأرواح هؤلاء، وعدم التعجُّل تجعل الوقت الذي تأخذه القوات المُسلـَّحة العراقـيَّة، والجهد الذي تبذله، والتضحيات التي تـُقدِّمتها تكون أكثر.. الجعفريّ: تتوالى الانتصارات، وقد بدأت بالكرمة التي هي ناحية مُهمَّة حول الأنبار، والفلوجة، والمحور الثاني سيكون الصقلاويّة، وهو وشيك على التمام، وبعد ذلك سيكون المحور الثالث الحاسم وهو مدينة الفلوجة نفسها.. الجعفريّ: داعش قوة تدميريّة ليست قوة بناء، والهدم سهل، فالبناء يتطلب وقتاً وجهداً، أمّا الهدم فلا يتطلب إلا إرادة تخريبيّة، واستعداداً للتدمير. مادامت لديهم أخلاقيّة إباحة فمن السهل أن عليهم أن يُخرِّبوا. داعش قامت على ثقافة القتل، والتبضيع، والتمثيل، والاستباحة لكلِّ شيء.. الجعفريّ: صفحات داعش في المناطق التي تواجدت فيها في كلِّ منطقة من مناطق العالم تعكس لنا بشكل واضح وجليّ بأنها لا تقف عند حُدُود شيء.. لا حُرمة لديها لا لطفل، ولا لشيخ كبير، ولا لامرأة، ولا لرجل، ولا لمُقدَّسات.. لم يسلم من أيديهم حتى التراث التاريخيّ، والأحجار المُعبِّرة عن بصمات الحضارة في تاريخ العالم في العراق.. الجعفريّ: الجهود تتضافر في ساحة الفلوجة من قبل أبناء القوات المسلحة العراقية على خلفيّات مُتنوِّعة سُنـَّةً وشيعة، وكلّ الطبقات الاجتماعيّة تتضافر من أجل إنقاذ المُواطِن في الفلوجة، وما نسمعه من هنا وهناك ليس إلا عملية تشويه للحقائق.. الجعفريّ: نحن لم نكن مع كلِّ جنديٍّ فرداً فرداً، وفي كلِّ مِتر في الساحة.. نحن نتكلم بالحالة الإجماليّة العامّة التي تعكسها وسائلنا الدقيقة، والعلميّة، ورجالاتنا الذين يتردَّدون عسكريِّين ومدنيِّين، وزواراً لهم من القوى السياسيّة المُختلِفة كلـُّهم باتجاه واحد.. أمّا أن تكون هناك حالات فرديّة فلا تمثل إلا ذات الشخص، وعندما يثبت لنا ذلك سيجري معهم التحقيق، ويُعاقـَبون على ذلك، وتـُنزَل بحقهم أشدّ العقوبات؛ لأنَّ الإنسان هو الإنسان، والمجرم هو المجرم، والضحيَّة هو الضحيَّة.. نحن نحارب أولئك؛ لأنهم ارتكبوا جرائم، وانتهكوا حُرُمات فلا يُعقـَل أن نواجه الانتهاك بذات الانتهاك. هذا لا يُقبـَل أبداً.. عندما يثبت ذلك ستكون العقوبة قاسية جدّاً وبلا رحمة أبداً.. بكلِّ تأكيد عندما يثبت وُجُود خرق للوضع القانونيِّ، والأخلاقيِّ ستكون العقوبة شديدة جدّاً. الجعفريّ: نعتقد أنَّ داعش هو أخطر ما يتعرَّض له العراق الآن؛ وهو يُمسِك على مُجتمَعيَّة عراقـيَّة بريئة بهذا الشكل في مدينة الفلوجة.. الجعفريّ: الحكومة العراقـيَّة ماانفكـَّت في حركتها منسجمة على الصعيد الأمنيِّ، والسياسيِّ، والاقتصاديِّ، ولا تفكك في ذلك.. مُقوِّمات الدولة أمن، واقتصاد، وسياسة. فهي في الوقت الذي تتعامل، وتـُعطي الملفَّ الاقتصاديَّ ما يستحقّ من الأهمّية، تعطي الملفَّ الأمنيَّ الأهمية ذاتها، ولم تدَّخر وسعاً في مُواصَلة بذل الجهود السياسيَّة، والاقتصاديَّة في المجالات الأخرى، وإصلاح الخلل الموجود.. الجعفريّ: التحالف الدوليّ شارك، وأدَّى دوراً، إلا أننا نطمح إلى أكثر من ذلك، ولكن الفاعل الأساسيَّ على الأرض هو القوات المسلحة العراقـيَّة، وهم الذين يحملون أرواحهم على الأكفّ، وقدَّموا بشكل بطوليّ.. من دون شكّ بعض الصفحات في الحرب كانت تساهم القوات الدوليّة في طلعاتها الجوّية، ولكن بالدرجة الأساسيّة تعتمد على سواعد العراقيين فقط. الجعفريّ: هناك جُيُوب تحاول أن تمتدَّ إلى مناطق أخرى خارج العراق، تتجه صوب ليبيا، ومُدُن أخرى. المعركة يجب أن لا تتجزَّأ؛ لذا نتمنى على كلِّ حكومات المنطقة، والدول الصديقة من التحالف وغيرها أن تتضافر جهودها سويّة من أجل إلحاق الهزيمة بداعش؛ لأنَّ هذا سرطان إن بقيت منه خليّة سرعان ما تمتد إلى مناطق أخرى.. الجعفريّ: يجري إخراج آلاف المُواطِنين في الفلوجة من الأطفال، والنساء، والشباب، والشيوخ الكبار.. القوات العراقية أكثر حرصاً على سلامة المُواطِنين، ويدركون أنَّ الطرف الآخر الإرهابيَّ يحاول أن يجعل منهم دُرُوعاً بشريّة؛ فيحاول أن يستبيحهم في العلن، وقرَّرت داعش أيَّ واحد يحاول يخرج من الفلوجة يُقتـَل.. ماذا يعني هذا؟ جواز قتل الإنسان لا لشيء إلا أنه يهرب من النار، ويُريد أن يذهب إلى منطقة آمنة، فهذا كلـَّف القوات العراقية وقتاً، وقدَّمت ضحايا حتى تحول دون إلحاق الدمار والقتل بأبناء شعبنا في الفلوجة.. الجعفريّ: الدور الإيرانيّ لا يعدو أن يكون استشاريّاً على مُستوى الشخصيّات.. أمّا الذي يُقاتِل حاملاً البندقية فهم أصحاب السواعد العراقية.. كلّ مَن يقول غير هذا هو ليس إلا هراءً محضاً.. ليس لدينا في هذا المجال شيء نستحي منه، أو يستدعي أن نستحي منه. نحن منذ أن انطلقنا من التحالف الدوليِّ وضعنا شروطاً، وقلنا في وقته وإلى الآن: إنَّ الساحة، والمواجهة البرّية ستكون على عاتق العراقيين، ولن نسمح بوُجُود جيش، أو مجاميع، أو أيِّ شيء من الخارج العراقيِّ سواء كان في منطقة الحدود الجغرافيّة العراقيّة، ومناطق ما بعد الجوار الجغرافيّ، وإنما يبقى مُستشاراً فقط.. ومثلما يتقدَّم الجنديُّ العراقيُّ الشجاع المُستبسل يتقدَّم الصفوف المُستشار الشجاع في الميدان، ويرى بأمِّ عينه ما يحصل؛ حتى يُعطي رأيه.. باب الاستشارة مفتوح في العراق.. الجعفريّ: لدينا مُستشارون من أوروبا، ومن أميركا، ومن مُختلِف دول العالم.. الذي يُميِّز المُستشار عن غيره هو إنه يتقدَّم، ويقترب من خط النار، ويُعطي رأيه. نحن نـُكبـِر به، وهذا لا يعني أنه يُعوِّض عن الإرادة العراقية.. الإرادة العراقيّة هي التي تحمل السلاح، وتضحِّي، وهي التي تحقق النصر.. الجعفريّ: التراث جزء من الحاضر.. من الخطأ أن نعتبر التراث مسألة ماضويّة انتهت إلى غير رجعة، بل بالعكس يكسب الشعب ثقافة مُعيَّنة الاعتزاز بتاريخه، ويمنحه قدرة على التمسُّك بهذا التاريخ، والتشرُّف به.. الجعفريّ: كلُّ دول العالم دخلت مرحلة الاعتزاز الحضاريّ بالإرث، والأثر الذي تمَّ استهدافه. داعش لديه شذوذ بهذه القضيّة، فيعمد إلى تفتيت، وتدمير الآثار لما لها من قيمة.. الجعفريّ: حجم الإنسان فوق كلِّ شيء، والتراث، والإرث، والحضارة في خدمة الإنسان، وليس العكس. ففي الوقت الذي نـُقاتِل فيه على جبهة إنقاذ الإنسان العراقيِّ لا يُنسينا أن نتمسَّك باقتصاد العراق، وتاريخ العراق، وحضارة العراق، وكلِّ ما يتعلق بالعراق.. الجعفريّ: أوجِّه من خلال منبركم: إننا لا نـُريد إلا قول الحقيقة فقط؛ لأننا لا إشكال لدينا عليها.. الحقيقة التي -للأسف الشديد- يُتاجـِر بها الكثيرون، ويتفننون في تزييفها تحتاج إلى مَن يعكسها، كما لا نـُريد أن يُبالِغ أحد بانتصاراتنا، ولا نـُريد من أحد أن يُخفِي الأخطاء إذا كانت هناك أخطاء.. الجعفريّ: نحن عُشّاق الحقيقة، ومُضحُّون من أجلها، ونـُريد أن تـُنصَف الحقيقة، ويُنصَف كلُّ مَن يخدمها، ويُضحِّي من أجلها.. العراق يُقدِّم، لكنه يُعانِي من أزمة وُقوف إلى جانب الحقيقة. إذا لم تكونوا مع جُنودنا في الميدان فكونوا بأقلامكم معنا..
النص الكامل للقاء جريدة الأهرام بالدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: مع تصاعُد وتيرة المُواجَهة من قبل القوات المُسلـَّحة العراقـيَّة ضدَّ داعش في قضاء الفلوجة كان هناك حراك نوعيّ مُتميِّز ألقى بظلاله على مناطق العراق كافة، وبصورة خاصّة في محافظة الأنبار. كان من الطبيعيِّ أن تـُطرَح بعض النقاط، وآخر المُستجدّات على بعض الزعماء العرب، فكان في المُقدَّمة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، فسلـَّمناه رسالة بهذا الشأن تعكس التطوُّرات التي حصلت على الأرض العراقـيَّة، وإصرار الحكومة العراقـيَّة من خلال قواتها المسلحة على تحرير هذه المدينة المنكوبة منذ فترة طويلة من الزمن، وفي الوقت نفسه ضمَّ اللقاء أحاديث جانبية بهذا الاتجاه. كان الحديث بيننا وبين السيِّد السيسي مُفصَّلاً حول الإرهاب، وبدايات الإرهاب، وانعكاساته ليس فقط على العراق، وإنما على عُمُوم المنطقة باعتبار أنَّ مصر الأكبر العربيّ، وحاضنة جامعة الدول العربيّة؛ فكان من الطبيعيِّ أن يتمَّ التداول بهذا الشأن أيضاً. فخامة الرئيس أدلى بوجهات نظر مُمتازة، ومُتميِّزة، وأكـَّد وُقوف مصر إلى جانب العراق، وأعرب عن القلق الذي يساوره من ظاهرة الإرهاب في كلِّ منطقة يتواجد فيها، وكيف ألقى بظلاله على كثير من الدول. لم يبدأ الإرهاب في العراق، ولم ينتهِ بالعراق، بل على عُمُوم المنطقة، فأبدى تفهُّماً مُتميِّزاً في هذا الصدد، وشدَّ على أيدي المسؤولين العراقـيِّين، وفي مُقدَّمتهم السيِّد رئيس الوزراء، وبعث له رسالة أعرب فيها عن وُقوف مصر إلى جانب العراق مُتضامِنين مُتكاتِفين ضدَّ هذا الخطر المُشترَك.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نعم.. تـُوجَد زيارات، ووُفود أخرى. في النية أن أزور عواصم أخرى لدول عربيّة غير القاهرة، وكذا زملائي مَن سافروا إلى عواصم أخرى في نفس الاتجاه.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بكلِّ تأكيد عمليّة بهذا الحجم تستهدف تحقيق نتائج من شأنها أن تجعل العراق أمام مُنعطـَف جديد تحتاج أن يكون هذا الحراك مُنسجماً مع حراك عربيّ، ووقوف دول عربيّة إلى جانب العراق خُصُوصاً التحدِّيات التي نواجهها بخطوط مُتوازية: الجانب الأمنيِّ، والجانب السياسيِّ، والجانب الاقتصاديِّ. فمن الطبيعيِّ أن نـُذكـِّر الدول العربيَّة بضرورة التكاتف، والوقوف إلى جانب العراق سياسيّاً، وأمنيّاً، ومن الناحية الإعلاميّة. الانتصار العراقيّ ليس عراقيّاً فقط، بل انتصار عراقيّ-عربيّ لصالح العربية كلـِّها؛ فمن الطبيعي أن نـُذكـِّر الإخوة الأشقاء العرب، وهم لا يختلفون معنا إطلاقاً في مسألة مُواجَهة الإرهاب إجمالاً وتفصيلاً، ويدركون جيِّداً أنَّ العراق بهذا يُسجِّل انتصارات يحقُّ للعرب جميعهم أن يرفعوا رؤوسهم عالياً مُعتزِّين بما تحققه القوات المُسلـَّحة العراقـيَّة؛ لأنه ليس فقط إنجازاً وطنيّاً، بل إنجازاً عربيّاً، بل إنجازاً إسلاميّاً، بل إنجازاً عالميّاً؛ مادام الإرهاب يُشكـِّل تحدِّياً في هذه الآفاق، ووفق الوطنيّة، والعربيّة، والإسلاميّة فالنصر على الإرهاب هو نجاح لنا جميعاً.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الوُقوف إلى جانب العراق في الميادين كافة، وفي مُقدّمتها الميدان الأمنيّ، والميدان السياسيّ، والإعلاميّ، وحتى في الميدان الاقتصاديِّ. العراق ليس دولة فقيرة العراق، بل هو دولة غنيّة، ومُتعدِّدة المصادر غير أنه يمرُّ بظروف استثنائيّة الآن، وتستدعي هذه الظروف أن نـُكثـِّف جُهُودنا من أجل تجاوز الأزمة الماليّة. توجد أزمة، وقد ساعد على تفاقمها كوننا نـُقاتِل على أكثر من جبهة، القوات المسلحة العراقية تتطلب أن تبقى موازنة القوات العسكريّة العراقـيّة على مُستوى عالٍ من الإنفاق؛ لأنه من غير المعقول في مثل هذه الظروف حتى مع الترشيق الذي عملت به الحكومة من أجل مُواجَهة الأزمة الماليّة أن تـُرشِّق مُوازَنة القوات المسلحة العراقية. الجنديّ العراقيّ سواء كان على خلفيّة القوات المسلحة العراقـيّة، أم على خلفيّة العشائر، أم على خلفية الحشد الشعبي لا يُعقـَل أن يحمل روحه على راحة كفه، ويُترَك، وعندما ينال شرف الشهادة يترك أرملة، ومثكولين، ويتامى، ويتمّ التقصير بحقِّ أولادهم، ومتعلقيهم لا سمح الله. فالمعركة لا تتجزَّأ إنما هي معركة مُتعدِّدة المحاور، ومُتعدِّدة الآفاق، وتتطلب تعبئة مُتعدِّدة في كلِّ الجوانب على حدّ سواء.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: داعش تقاتل بوحشيّة، وتستخدم اساليب لاإنسانية من أجل البقاء؛ لأنها تعتقد أنَّ حصنها في الفلوجة مضى عليه زمن بعيد، فتقاتل مُقاتلة مصيريّة، وتستخدم الدروع البشريّة، وتـُهدِّد المدنيِّين. أيّ واحد منهم يُفكر أن يترك الفلوجة يُستباح دمه، ومن جانب آخر تتمسَّك الحكومة العراقية بأنها في الوقت الذي آلت على نفسها أن تـُحرِّر الفلوجة، إلا أنها لا تـُفرِّط بسلامة وحياة الآمنين من السكان. أخلاقيّة استباحة دم المُواطِن لدى داعش، وأخلاقيّة الحفاظ، والتمسُّك بأرواح هؤلاء، وعدم التعجُّل تجعل الوقت الذي تأخذه القوات المُسلـَّحة العراقـيَّة، والجهد الذي تبذله، والتضحيات التي تـُقدِّمتها تكون أكثر، على الرغم من ذلك تتوالى الانتصارات، وقد بدأت بالكرمة التي هي ناحية مُهمَّة حول الأنبار، والفلوجة، والمحور الثاني سيكون الصقلاويّة، وهو وشيك على التمام، وبعد ذلك سيكون المحور الثالث الحاسم وهو مدينة الفلوجة نفسها.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: داعش قوة تدميريّة ليست قوة بناء، والهدم سهل، فالبناء يتطلب وقتاً وجهداً، أمّا الهدم فلا يتطلب إلا إرادة تخريبيّة، واستعداداً للتدمير. مادامت لديهم أخلاقيّة إباحة فمن السهل أن عليهم أن يُخرِّبوا. داعش قامت على ثقافة القتل، والتبضيع، والتمثيل، والاستباحة لكلِّ شيء. ولعلَّ صفحات داعش في المناطق التي تواجدت فيها في كلِّ منطقة من مناطق العالم تعكس لنا بشكل واضح وجليّ بأنها لا تقف عند حُدُود شيء.. لا حُرمة لديها لا لطفل، ولا لشيخ كبير، ولا لامرأة، ولا لرجل، ولا لمُقدَّسات.. لم يسلم من أيديهم حتى التراث التاريخيّ، والأحجار المُعبِّرة عن بصمات الحضارة في تاريخ العالم في العراق.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: عارية عن الصِحَّة. الجهود تتضافر في ساحة الفلوجة من قبل أبناء القوات المسلحة العراقية على خلفيّات مُتنوِّعة سُنـَّةً وشيعة، وكلّ الطبقات الاجتماعيّة تتضافر من أجل إنقاذ المُواطِن في الفلوجة، وما نسمعه من هنا وهناك ليس إلا عملية تشويه للحقائق.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن لم نكن مع كلِّ جنديٍّ فرداً فرداً، وفي كلِّ مِتر في الساحة.. نحن نتكلم بالحالة الإجماليّة العامّة التي تعكسها وسائلنا الدقيقة، والعلميّة، ورجالاتنا الذين يتردَّدون عسكريِّين ومدنيِّين، وزواراً لهم من القوى السياسيّة المُختلِفة كلـُّهم باتجاه واحد. أمّا أن تكون هناك حالات فرديّة فلا تمثل إلا ذات الشخص، وعندما يثبت لنا ذلك سيجري معهم التحقيق، ويُعاقـَبون على ذلك، وتـُنزَل بحقهم أشدّ العقوبات؛ لأنَّ الإنسان هو الإنسان، والمجرم هو المجرم، والضحيَّة هو الضحيَّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن نحارب أولئك؛ لأنهم ارتكبوا جرائم، وانتهكوا حُرُمات فلا يُعقـَل أن نواجه الانتهاك بذات الانتهاك. هذا لا يُقبـَل أبداً. عندما يثبت ذلك ستكون العقوبة قاسية جدّاً وبلا رحمة أبداً.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بكلِّ تأكيد عندما يثبت وُجُود خرق للوضع القانونيِّ، والأخلاقيِّ ستكون العقوبة شديدة جدّاً.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بعض الأحيان الأفعال، والمُبادَرات تـُوحِّد، وأحيان أخرى رُدُود الأفعال، والأخطار هي التي تـُوحِّد. ومساحة رُدُود الفعل من الخطر أوسع بكثير من مساحة الفعل والمُبادَرة. في أجواء الاسترخاء رُبَّما تكون هناك خلافات وخلافات ليست قليلة، ولكن في أجواء المُواجَهة والتضحية يُشمِّر الجميع عن سواعد الجدِّ، ويتناسون إن لم ينسوا خلافاتهم، ويُعطوا الأولويَّة للخطر الداهم، ونعتقد أنَّ داعش هو أخطر ما يتعرَّض له العراق الآن؛ وهو يُمسِك على مُجتمَعيَّة عراقـيَّة بريئة بهذا الشكل في مدينة الفلوجة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الحكومة العراقـيَّة ماانفكـَّت في حركتها منسجمة على الصعيد الأمنيِّ، والسياسيِّ، والاقتصاديِّ، ولا تفكك في ذلك. مُقوِّمات الدولة أمن، واقتصاد، وسياسة. فهي في الوقت الذي تتعامل، وتـُعطي الملفَّ الاقتصاديَّ ما يستحقّ من الأهمّية، تعطي الملفَّ الأمنيَّ الأهمية ذاتها، ولم تدَّخر وسعاً في مُواصَلة بذل الجهود السياسيَّة، والاقتصاديَّة في المجالات الأخرى، وإصلاح الخلل الموجود.
- كيف تنظر إلى عمليّات التحالف الدوليِّ في العراق. هل هي مُجدِية، وهل تقوم بدورها. هناك شُكوك كثيرة حول هذا الدور، وأنه غير فعّال؟ الدكتور إبراهيم الجعفريّ: التحالف الدوليّ شارك، وأدَّى دوراً، إلا أننا نطمح إلى أكثر من ذلك، ولكن الفاعل الأساسيَّ على الأرض هو القوات المسلحة العراقـيَّة، وهم الذين يحملون أرواحهم على الأكفّ، وقدَّموا بشكل بطوليّ. من دون شكّ بعض الصفحات في الحرب كانت تساهم القوات الدوليّة في طلعاتها الجوّية، ولكن بالدرجة الأساسيّة تعتمد على سواعد العراقيين فقط.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نتمنى، ونعمل على ذلك، ولكن قصمة الظهر -إن شاء الله- ستكون كبيرة، وحقيقيّة لداعش. هناك جُيُوب تحاول أن تمتدَّ إلى مناطق أخرى خارج العراق، تتجه صوب ليبيا، ومُدُن أخرى. المعركة يجب أن لا تتجزَّأ؛ لذا نتمنى على كلِّ حكومات المنطقة، والدول الصديقة من التحالف وغيرها أن تتضافر جهودها سويّة من أجل إلحاق الهزيمة بداعش؛ لأنَّ هذا سرطان إن بقيت منه خليّة سرعان ما تمتد إلى مناطق أخرى.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: يجري إخراج آلاف المُواطِنين في الفلوجة من الأطفال، والنساء، والشباب، والشيوخ الكبار. القوات العراقية أكثر حرصاً على سلامة المُواطِنين، ويدركون أنَّ الطرف الآخر الإرهابيَّ يحاول أن يجعل منهم دُرُوعاً بشريّة؛ فيحاول أن يستبيحهم في العلن، وقرَّرت داعش أيَّ واحد يحاول يخرج من الفلوجة يُقتـَل. ماذا يعني هذا؟ جواز قتل الإنسان لا لشيء إلا أنه يهرب من النار، ويُريد أن يذهب إلى منطقة آمنة، فهذا كلـَّف القوات العراقية وقتاً، وقدَّمت ضحايا حتى تحول دون إلحاق الدمار والقتل بأبناء شعبنا في الفلوجة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الدور الإيرانيّ لا يعدو أن يكون استشاريّاً على مُستوى الشخصيّات.. أمّا الذي يُقاتِل حاملاً البندقية فهم أصحاب السواعد العراقية. كلّ مَن يقول غير هذا هو ليس إلا هراءً محضاً.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ليس لدينا في هذا المجال شيء نستحي منه، أو يستدعي أن نستحي منه. نحن منذ أن انطلقنا من التحالف الدوليِّ وضعنا شروطاً، وقلنا في وقته وإلى الآن: إنَّ الساحة، والمواجهة البرّية ستكون على عاتق العراقيين، ولن نسمح بوُجُود جيش، أو مجاميع، أو أيِّ شيء من الخارج العراقيِّ سواء كان في منطقة الحدود الجغرافيّة العراقيّة، ومناطق ما بعد الجوار الجغرافيّ، وإنما يبقى مُستشاراً فقط. ومثلما يتقدَّم الجنديُّ العراقيُّ الشجاع المُستبسل يتقدَّم الصفوف المُستشار الشجاع في الميدان، ويرى بأمِّ عينه ما يحصل؛ حتى يُعطي رأيه. باب الاستشارة مفتوح في العراق. لدينا مُستشارون من أوروبا، ومن أميركا، ومن مُختلِف دول العالم.. الذي يُميِّز المُستشار عن غيره هو إنه يتقدَّم، ويقترب من خط النار، ويُعطي رأيه. نحن نـُكبـِر به، وهذا لا يعني أنه يُعوِّض عن الإرادة العراقية.. الإرادة العراقيّة هي التي تحمل السلاح، وتضحِّي، وهي التي تحقق النصر.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بإذن الله تعالى. الآن بدأت انعكاسات العمليّة تلقي بظلالها الإيجابيّة، وانعكاساتها الطيِّبة على عُمُوم الشعب العراقيِّ، وتؤاخي بين مُكوِّنات الشعب العراقيِّ كافة. الذين يقاتلون في ميدان الفلوجة لا يختصون بشريحة اجتماعيّة مُعيَّنة، لا بأبناء مذهب مُعيَّن، ولا أبناء قوميّة مُعيَّنة، إنما يأتون من مختلف المناطق يحدوهم الأمل أن يُحرِّروا هذه المدينة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: التراث جزء من الحاضر.. من الخطأ أن نعتبر التراث مسألة ماضويّة انتهت إلى غير رجعة، بل بالعكس يكسب الشعب ثقافة مُعيَّنة الاعتزاز بتاريخه، ويمنحه قدرة على التمسُّك بهذا التاريخ، والتشرُّف به. كلُّ دول العالم دخلت مرحلة الاعتزاز الحضاريّ بالإرث، والأثر الذي تمَّ استهدافه. داعش لديه شذوذ بهذه القضيّة، فيعمد إلى تفتيت، وتدمير الآثار لما لها من قيمة. حجم الإنسان فوق كلِّ شيء، والتراث، والإرث، والحضارة في خدمة الإنسان، وليس العكس. ففي الوقت الذي نـُقاتِل فيه على جبهة إنقاذ الإنسان العراقيِّ لا يُنسينا أن نتمسَّك باقتصاد العراق، وتاريخ العراق، وحضارة العراق، وكلِّ ما يتعلق بالعراق.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أوجِّه من خلال منبركم: إننا لا نـُريد إلا قول الحقيقة فقط؛ لأننا لا إشكال لدينا عليها. الحقيقة التي -للأسف الشديد- يُتاجـِر بها الكثيرون، ويتفننون في تزييفها تحتاج إلى مَن يعكسها، كما لا نـُريد أن يُبالِغ أحد بانتصاراتنا، ولا نـُريد من أحد أن يُخفِي الأخطاء إذا كانت هناك أخطاء. نحن عُشّاق الحقيقة، ومُضحُّون من أجلها، ونـُريد أن تـُنصَف الحقيقة، ويُنصَف كلُّ مَن يخدمها، ويُضحِّي من أجلها. العراق يُقدِّم، لكنه يُعانِي من أزمة وُقوف إلى جانب الحقيقة. إذا لم تكونوا مع جُنودنا في الميدان فكونوا بأقلامكم معنا. |
|