|
كلمة الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقـيّة في المُؤتمَر الدوليِّ حول ضحايا أعمال العنف بسبب الانتماء العِرقيِّ والدينيِّ في الشرق الأوسط المنعقد في فرنسا 8/9/2015
الاخبار | 08-09-2015
الدكتور الجعفريّ: العراق يُصِرُّ إصراراً شديداً على حفظ وحدته، وحفظ مُكوِّناته أكـَّد الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقـيّة على ضرورة أن يتخذ العالم خطوات أساسيّة، وعمليّة لمُساعَدة الدول التي تتعرَّض للإرهاب، مُبيِّـناً: العراق اليوم يُواجه تحدِّيات مُتعدِّدة على أكثر من جانب.. يواجه تحدِّي الخرق الأمنيِّ، وقضيّة الموصل، ويُواجه تحدِّي التفرقة السياسيّة، ومُحاوَلة إشعال فتيل الفتنة بين مُكوِّنات الشعب العراقيّ. الحكومة من خلال إصلاحاتها، وإصرارها على حفظ اللـُحمة الوطنيّة العراقـيّة لا تسمح بذلك، والعراق يُصِرُّ إصراراً شديداً على حفظ وحدته، وحفظ مُكوِّناته. مُشدِّداً على أنَّ ما تقوم به عصابات داعش الإرهابيّة لا يمتُّ إلى الإسلام بصلة، مُبيِّناً: أمّا ما نشهده من ظروف استثنائيّة حاولت أن تـُقدِّم صورة سيِّئة عن الديانات فهذه لا تمتُّ إلى الديانات السماويّة بصلة. جاء ذلك في كلمة ألقاها معاليه في المُؤتمَر الدوليِّ حول ضحايا أعمال العنف بسبب الانتماء العِرقيِّ والدينيِّ في الشرق الأوسط. وأفصح بالقول: علينا أن نـُقدِم على خطوات أساسيّة، وعمليّة، وكيف نصنع سلماً في أجواء الحرب، ونصنع أمناً في أجواء الإرهاب، مُضيفاً: نـُطالبكم بأن ننتقل من رُدُود الفعل، ومن الحديث عن المآسي إلى الأفعال، والمُبادَرات، ولا يكفي أن نشجب الإرهاب. علينا أن نخطو خطوة نمنع بها انتشار الإرهاب، ونحن اتفقنا جميعاً على أنَّ الإرهاب عالميٌّ، فلماذا لا يكون الردُّ ردّاً عالميّاً. اتفقنا على أنَّ الإرهاب يُهدِّد، ويصدع كرامة الإنسان بكامل حجمه فلماذا لا نردُّ ردّاً مُتنوِّع الاتجاهات. وبيـَّنَ الجعفريّ: ما حصل في العراق يحكي لكم هويّة العراق. الإيزيديّون في سنجار، والتركمان في منطقة آمرلي، والصابئة، والمسيحيّون في الموصل، وكذلك السُنـّة في الموصل والأنبار، والشيعة وما تعرَّضوا له من سلسلة مآسٍ إحداها مأساة سبايكر، وكيف قـُتِل هذا العدد الكبير.. كلُّ العراقيـّين كانوا ضحايا الإرهاب. مُحذراً من أنّ: ما يحصل اليوم في العراق يُمكِن أن يحصل في أيِّ بلد من بلدانكم؛ لذا لا ينبغي أن تتأخـَّروا في إسناد العراق، وإسناد البلدان الأخرى التي فتك بها الإرهاب. وثمَّن معاليه ما تقوم به بعض الدول باستقبال المهاجرين العراقـيّين: يتعرَّض بلدنا إلى ظاهرتين من اللجوء: اللجوء الذي ينتقل فيه العراقـيّون من الداخل إلى الخارج وهو الهجرة، واللجوء الآخر هو الانتقال من مدينة إلى مدينة أخرى؛ ترك المدينة ليس أقلَّ مأساة من ترك البلد؛ لذا نـُقدِّر عالي التقدير كلَّ بلد ضمَّ أبناءنا وبناتنا في كلِّ مكان في العالم، واحتضنهم. مُوضِحاً: العراق الذي يحتضن أبناءه، ويعتزُّ بهم أيَّما اعتزاز.. هم بُناة العراق، وهم ضحايا الإرهاب الذي امتدَّت يده الآثمة لتغتال شخصيّات في مُختلِف البلد، وكذلك القوميّات العراقـيّة كلـُّها تتواجد في الحكم، وتتواجد في الشارع، وتشترك أياديها كلـُّها عرباً، وكرداً، وتركماناً، وآشوريِّين جميعاً يتحمَّلون مسؤوليّة بناء العراق. وإليكم نص كلمة الدكتور الجعفري في المُؤتمَر الدوليِّ حول ضحايا أعمال العنف بسبب الانتماء العِرقيِّ والدينيِّ في الشرق الأوسط :
في البداية أحيِّيكم تحيّة الإسلام التي تنشر لواء المَحبّة، والثقة، واحترام حقوق الإنسان على الصُعُد كافة امرأة وطفلاً وشيخاً، وتمتدُّ إلى الآخر مهما كان بعيداً، ومهما كان مُمتدّاً. الحديث عن الشرق الأوسط، والحديث عن مُلتقى الحضارات، ومُلتقى الديانات، ومُلتقى الثروات، وهذا الخزين المُتنوِّع الذي مكـَّنه في الماضي أن يصنع مُعجزات في المجالات السياسيّة، والفكريّة، والاقتصاديّة، ويسعى اليوم لأن يُواصِل تقديم هذا المُعجـِزات؛ ليعمَّ خيره على كلِّ بلدان العالم. أمّا ما نشهده من ظروف استثنائيّة حاولت أن تـُقدِّم صورة سيِّئة عن الديانات فهذه لا تمتُّ إلى الديانات السماويّة بصلة. العراق اليوم يُواجه تحدِّيات مُتعدِّدة على أكثر من جانب.. يواجه تحدِّي الخرق الأمنيِّ، وقضيّة الموصل، ويُواجه تحدِّي التفرقة السياسيّة، ومُحاوَلة إشعال فتيل الفتنة بين مُكوِّنات الشعب العراقيّ. الحكومة من خلال إصلاحاتها، وإصرارها على حفظ اللـُحمة الوطنيّة العراقـيّة لا تسمح بذلك، كما أنَّ العراق يُواجه تحدِّيات اقتصاديّة مُعيَّنة تنعكس على مُستوى الخدمات، والعراق يُصِرُّ إصراراً شديداً على حفظ وحدته، وحفظ مُكوِّناته. أنتم اليوم أمام باقة عراقـيّة من مُختلِف الديانات حضرت هنا في ظرف خاصٍّ، ولم يكـُن الحُضُور حُضُوراً حكوميّاً فقط، وإنـَّما المسيحيّون، والإيزيديّون، والصابئة المندائيّون، والمُكوِّنات من العراق كافة.. هذا هو العراق الجديد.. العراق الذي يحتضن أبناءه، ويعتزُّ بهم أيَّما اعتزاز.. هم بُناة العراق، وهم ضحايا الإرهاب الذي امتدَّت يده الآثمة لتغتال شخصيّات في مُختلِف البلد، وكذلك القوميّات العراقـيّة كلـُّها تتواجد في الحكم، وتتواجد في الشارع، وتشترك أياديها كلـُّها عرباً، وكرداً، وتركماناً، وآشوريِّين جميعاً يتحمَّلون مسؤوليّة بناء العراق. أعتقد أنَّ هذه رسالة واضحة من العراق يُقدِّمها من خلال منبركم هذا. أرجو أن تكون صورة الطفولة الذي جسَّدها الطفل السوريُّ وهو مُنكَبٌّ على وجهه عندما لفظه البحر بعد أن لفظته آلات الإرهاب، واغتالته.. أرجو أن يهزَّنا من داخلنا، ويبعث فينا طاقة جديدة بأن لا نكتفي أن نذرف الدُمُوع عليها، وعلى كلِّ أطفال العالم مثلما تـُعاني المرأة.. علينا أن نـُقدِم على خطوات أساسيّة، وعمليّة، وكيف نصنع سلماً في أجواء الحرب، ونصنع أمناً في أجواء الإرهاب.. الأمم الحيّة، والإرادات الحيّة تـُصِرُّ على مُواصَلة الطريق لتحقيق مثل هذه الأهداف. إخواني.. نـُطالبكم أن ننتقل من رُدُود الفعل، ومن الحديث عن المآسي إلى الأفعال، والمُبادَرات.. مازلنا في الأحداث ما بين مُؤتمَر نيويورك العام الماضي في الشهر التاسع إلى الآن اتخذنا قرارات مُهمّة، وكثيرة على أكثر من صعيد، ولم نكـُن نختلف اليوم على أنَّ الإرهاب تحدٍّ دوليٌّ، ولم نكـُن نختلف في أنَّ الإرهاب على الأرض العراقـيّة من 80 دولة من مُختلِف دول العالم حتى من الدول التي تنتمي إلى أرقى الديمقراطيّات أميركا، وكندا، وأستراليا، وبلدان أوروبا. لم يبقَ بلد في العالم إلا وجاء مجموعة من الشذاذ، ونحن لا نحكم على بلدانكم من خلال الشذاذ، إنما نحكم على بلدانكم من خلال أدائكم الإنسانيِّ، وبرلماناتكم المُنتخـَبة، وحكوماتكم الوطنيّة، ولكن نقول لكم: لا يكفي أن نشجب الإرهاب. علينا أن نخطو خطوة نمنع بها انتشار الإرهاب، ونحن اتفقنا جميعاً على أنَّ الإرهاب عالميٌّ، فلماذا لا يكون الردُّ ردّاً عالميّاً. اتفقنا على أنَّ الإرهاب يُهدِّد، ويصدع كرامة الإنسان بكامل حجمه فلماذا لا نردُّ ردّاً مُتنوِّع الاتجاهات. ما حصل في العراق يحكي لكم هويّة العراق. الإيزيديّون في سنجار، والتركمان في منطقة آمرلي، والصابئة، والمسيحيّون في الموصل، وكذلك السُنـّة في الموصل والأنبار، والشيعة وما تعرَّضوا له من سلسلة مآسٍ إحداها مأساة سبايكر، وكيف قـُتِل هذا العدد الكبير.. كلُّ العراقيـّين كانوا ضحايا الإرهاب. المُجتمَع العراقيُّ بكلِّ مُكوِّناته يتحرَّك اليوم، والمرجعيّة الدينيّة تتحرَّك، والحكومة تتحرَّك، والأحزاب، والسلطات التي تـُشكِّل الحكومة تتحرَّك.. كلُّ شيء يتحرَّك باتجاه حفظ العراق، وحماية وحدته.. نـُناشِدكم اليوم أن تقفوا إلى جانب العراق، وتشعروا أنَّ الإرهاب إذا ما فتك ببلد ما فلن يجد شعب هذا البلد وحكومته، بل يجد العالم كلـَّه، ويجد المُنظـَّمات كلـَّها تقف إلى جانب هذا البلد. وإذا لم نقف هذه الوقفة فسيستفحل الإرهاب. ما يحصل اليوم في العراق مُمكِن أن يحصل في أيِّ بلد من بلدانكم؛ لذا لا ينبغي أن تتأخـَّروا في إسناد العراق، وإسناد البلدان الأخرى التي فتك بها الإرهاب. الصُعُد التي طرحتها ورقتكم الموسومة بأنـّها دعم البلدان، ودعم السلم والأمن، ومُواجَهة خطر الإرهاب على الصعيد الإنسانيِّ.. يتعرَّض بلدنا إلى ظاهرتين من اللجوء: اللجوء الذي ينتقل فيه العراقـيّون من الداخل إلى الخارج وهو الهجرة، واللجوء الآخر هو الانتقال من مدينة إلى مدينة أخرى؛ ترك المدينة ليس أقلَّ مأساة من ترك البلد؛ النتيجة كلـُّهم يتعرَّضون لترك ديارهم؛ لذا نحن نـُقدِّر عالي التقدير كلَّ بلد ضمَّ أبناءنا وبناتنا في كلِّ مكان في العالم، واحتضنهم. في الوقت الذي نشكر لهم ذلك، وأنا أعتقد أنَّ هذه الحالة استثنائيّة نتطلـَّع لأبنائنا وبناتنا أن يعودوا بمحض إرادتهم، وليس بإجبار أحد.. يعودون للمُساهَمة في بناء العراق.. إيجاد الحُلول السياسيّة لابدَّ منه، ووضع مُعالـَجات، ومُعادَلات على الصعيد الفكريِّ، والسياسيِّ، والعقائديِّ، وحماية التراث العراقيِّ. وعندما أقول: التراث العراقيّ أعني حماية التراث العالميِّ الذي عرفه العالم في فجر التاريخ الذي كان من مناطق العمارة، والناصرية، والبصرة، ومُحاسَبة مُرتكبي الجرائم وهم يتحرَّكون من بلد إلى بلد. قوى الأمن يجب أن تأخذ دورها، وفي الوقت نفسه على الصعيد الدوليِّ أتمنـّى على مُنظـَّماتنا أن ترعى الأقلـيّات. أنا أُشكِل على كلمة الأقليّات، فقد تـُوحِي من دون قصد بأنـَّها أقليّة في الشأن فرُبّما أقليّة ديمغرافيّة في السكان كثيرة جدّاً من حيث الثقافة، والفكر. تعزيز الأقليّات في كلِّ منطقة من مناطق العالم وكذلك في العراق، وتنمية الجانب الاقتصاديّ، ودعم المشاريع الاقتصاديّة والتنمويّة، ومُكافحة التجارة غير المشروعة بالقطع الأثريّة هذه أطرحها هنا على بساط البحث؛ حتى تحظى باهتمامكم، وأرجو من مُؤتمَركم الموسوم أن لا يمرَّ عليها مُرُوراً عابراً، وأن يُسجِّل خطوة تقدُّم حقيقيّة لمدِّ يد المُصافحة لكلِّ أبنائنا وبناتنا في هذه البلدان.. أشكركم على هذه الفرصة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
|