|
لقاء قناة دجلة الفضائيـّة بالدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقـيّة
الاخبار | 04-07-2015
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أشكرك؛ لأنك بدأت بمُفرَدة نقد، ولا أخشى النقد؛ لأنّه عمليّة تقويم أستفيد منها إن أخذتها فأستفيد حتى أغيِّر خطابي، وإن لم آخذها فأغذي نفسي على تقبُّـل النقد؛ لأنّه مُقوِّم أساسيّ في الشخصيّة. بالنسبة لي أتحدَّث مع أبناء الشعب العراقيِّ بمُختلِف المُستويات، ولا أستثني شريحة منه، وأتمسَّك بالعُمُوم، وأخاطِب أهلنا، وأبناءنا، وأعزاءنا في مُختلِف المناطق خـُصُوصاً أني عمِلتُ في مُختلِف مناطق العراق: مناطق الريف، ومناطق الحَضَر بمُستوياتهم، وخلفيّاتهم كافة، وفي الوقت نفسه أعبر من خلالهم إلى الطبقة المُثقــَّفة، وأعطيها حِصّة في الخطاب كمُعطٍ واجب عليَّ، وأحترم ثقافتهم. هذه الكلمات عندما تأتي في سياق مُعيَّن تـُعبِّر عن مُفرَدة منظومة مُنسجـِمة مع المُفرَدات التي قبلها، وبعدها. علـَّمنا الأدب الإسلاميّ، والأدب العربيّ أن نـُخاطِب الآخر، ونـُفيد من تجربته، ونـُخاطِب الأمم الأخرى بالموروث الحضاريّ.. العراق بوّابة حضاريّة ذات إطلالة على العالم، فيُخاطِب شُعُوبها، ونحن نراعي ذلك أقصى درجات المُراعاة، ولكن لا أعدِم على المُثقــَّف المُشارَكة بيني وبينه. أنت تعرف أنَّ خطاباتي مُرتجَلة، ولكنها تـُعبِّر عن حقيقة مُعيَّنة، وهي: إنَّ هناك حِصّة للمُثقـَّف، وحِصّة للمُختصّ، فأنظر إلى المُتلقي، ووجهة نظره، واهتمامه، ويُغذيني بنظراته، فأستجيب له، فلا ينبغي أن تـُؤخَذ المُفرَدة مُنسلِخة مُنفصِلة عن المكان الذي أعطِيَت فيه، وعن الجُمَل التي قبلها، والتي بعدها. من أدبنا الإسلاميِّ أنَّ الحكمة دالة المُؤمِن، فخُذ حكمتك حتى من أهل الكفر والنفاق. كونفوشيوس ملأ الدنيا، وهناك الكونفوشيوسيّة الكوريّة، واليابانيّة، والصينيّة، كما أننا نـُعيب على الناس أنهم مُنغلِقون على الإسلام والمُسلِمين، وعلى الرسول -صلى الله عليه وآله- الذي علـَّمنا بأن ننفتح على الآخر، يُضاف إليه أني عندما أرحل إلى كلِّ أمّة، وأتناول كلَّ شخص يحترمونه أعتقد أنه طرَقَ باب القلب. ليكن في البال أنَّ خطاب العراق على طول التاريخ ليس للعراق فقط، بل يُخاطِب العالم.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أطمئنك، ومن خلالك إلى المُشاهِدين أنَّ لديَّ مُفرَدات أعتمدها في الخطاب، وأتعكَّز عليها، ومنها: عراقيّتي، وأتشرَّف بها، ومنها خُصُوصيّات شعبي المُتنوِّع دينيّاً، ومذهبيّاً، وقوميّاً، وسياسيّاً، ومِحنة شعبي، وطموحات شعبي، وصداقات شعبي مع شُعُوب العالم، أمّا بعض المُفرَدات فأستعيرها لوجود شخصيّات لديهم خلفيّات مُعيَّنة، وتهمُّهم بخاصّةٍ عندما تتحدَّث -بحكمة دون تكلـُّف- مع الآخر بتاريخه، وحاضره سينظر إليك من خلال فهمه لتاريخه، فيفهم تاريخك، وفهمه لواقعه، فيفهم واقعك.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: خطابي تطوَّر تلقائياً بالتصدِّي لوزارة الخارجيّة عمّا كنتُ عليه في مرحلة ما قبل الخارجيّة. كنتُ سابقاً عندما أخطب أريد أن أقنِع، ومازلتُ أطمح أن أقنِع، لكنَّ خطابي الآن أريد من خلاله أن أبلِغ مواقف العراق: موقفه من الإرهاب، وموقفه من الطائفيّة، وموقفه من التنوُّع الدينيِّ. عندما يسألني شخص ما الآن أتكلم معه بلغة إبلاغ، بينما سابقاً كنتُ أتكلم بلغة إقناع، وهي: لغة الثقافة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: قبلها أشكلوا على الإمام عليّ -عليه السلام- بأنه لم يكـُن سجَّاعاً، لماذا أليس السجع من بلاغة لغة القرآن الكريم؟! وقالوا: (ولولا أنَّ فيه دعابة) لأنـَّه كان يبتسم، و(لولا صغر سِنـّه). وأنا بكلِّ احترام أنظر إليك ناقداً، والنقد يُقوِّمني، وهو مادّتي في التطوُّر، لأنه يُشكـِّل لي إضافة، أمّا المدح فلا يـُشكـِّل لي إضافة؛ لأنه يضعني على مُستواي، أمّا الناقد فيفتح قلبي، ويفتح ذهني لأن أتسلـّم حُمُولة جديدة أرتقي من خلالها من مُستوى إلى مُستوى أعلى. أنا أشكرهم جميعاً بلا استثناء. اللغة العربيّة ثروة رائعة، وأفضل الآليّات التي نـُوصِل بها المفاهيم الصحيحة، وننشر قضيّـتنا. ليس اعتباطاً أنَّ القرآن الكريم فيه إعجاز بلاغيّ. نحن نتغذى على القرآن، ونتأدَّب بأدب القرآن، ونتحدَّث بلغة القرآن بطريقة لا تعزلنا عن الناس.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الخارجيّة لا تملك لغة غير لغتنا، فلا تـُوجَد لغة غير العربيّة. نحن نتحدَّث باللغة العربيّة الدبلوماسيّة، والعربيّة فيها اشتقاقات نحتاجها في الدبلوماسيّة، وعندما نستعمل بعض التعبيرات المُستعارة من الأدب اليونانيِّ، أو أيّة لغة لا يُعاب علينا، ولكن عندما نأتي إلى لغتنا العربيّة بشرط أن تكون مُبسَّطة لا تعزلك عن المُلتقـِّي.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الدبلوماسيّون لهم حظوة في اللغة، والمُفرَدات، ويستعذبونها، وأنا شاكر لهم كَرَمهم، وما أوصلوه لي من انطباعات جيِّدة على لغتي. قد لا تفهم بعض شرائح المُجتمَع بعض الكلمات، ولكنَّ الذي يرقب الخطاب كلـَّه يجب أن يُقيِّمه كلـَّه.. تقويمُ كلِّ خطاب، وتقييم كلِّ سيرة تكون على الحركة الإجماليّة، ولا تستطيع أن تختزل خطاباً بمُفرَدة، أو مُفرَدتين. إذا افترضت أني جئتُ باسم (كونفوشيوس) في خطاب مُدّته نصف ساعة. كم مرّة ذكرتُ هذه المُفرَدة، وماذا تعني؟ هناك أناس تقرأ هذه الديانات، وتقرأ هذه المذاهب، وتتعامل بها. في التصدِّي الدبلوماسيِّ سيجد فيك الآخر تنوُّعاً، ويجد حِصّة للعالم في خطابك.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أنا لستُ في قلب كلِّ مَن كتب، ومن طرفي أكنُّ لهم الاحترام، وحُسن الظنّ، وأتركها لهم يُقيِّمون بما يقولون، فمَن أصاب فأنا أشكره، ومَن أخطأ أغفر له.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: السيِّد محمد حسين بحر العلوم أنا لا أقيِّمه من خلال مُفرَدة، أو مُفرَدتين، فأنا أعرفه، وأعرف تاريخه، وأعرف أداءه. أعتقد أنـّه من السفراء الجيِّدين، ولا يُشَكُّ في عراقيَّته، ولا وطنيّته هو وعائلته وكلّ من تعلـَّق به. سيرته تدلُّ على ذلك، وحاضره أيضاً. بالمُناسَبة.. كتب رسالة توضيحيّة لوزارة الخارجيّة، وكانت رصينة، ودليلها قويّ بأنه تصرَّف على وفق مُعطيات؛ وبهذا الشكل ما كان فيها أيّ مجال للطعون. أنا لم أتجرَّأ على أحد، وأتهمه بشيء من الذين تكلـَّموا عليَّ، لكنَّ هذه لا تحمل نقطة ضعف بالنسبة إليّ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: فيها مُفاجآت كثيرة، وفيها أرقام لا يُمكِن تجاوزها، وينبغي الوقوف عليها، لكنها وحدها لا تكفي في الإدانة. لا يُمكِن أن نتجاوزها، ولا يجوز أن نبني عليها، ونـُصدِر أحكاماً، بل تنبري إليها لجان مُختصّة ذات خلفيّات قانونيّة، ونزاهة، ووثائق... إلخ؛ فتتعامل مع ما يثبت منها بالدليل القاطع، ولا يجوز أن نأخذ كلاماً منشوراً في الموقع من دون، وأن تكون هناك إجراءات قضائيّة، وقانونيّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: طـُرِحت أكثر من نظريّة، بعضها نظريّة مُؤامَرة، ونظريّة تحويل الرأي العامّ العالميِّ، والإقليميِّ، والآراء المحليّة إلى اهتمامات أخرى؛ حتى تلفت الانتباه، ومنهم مَن عدَّها استلاباً لإعجاب المُشاهِدين، والمُستمِعين، والمُتلقـِّين من الفيس بوك لأمور أخرى تـُمارَس؛ لأنَّ الأولويّات تتصدَّرها المِحَن والمشاكل، فعندما تـُرتكَب بعض الأعمال في بلد ما تخرج مثل هكذا قضايا حتى تـُحوَّل الانتباه من مكان إلى آخر، وهناك نظريّة أنها جاءت على الطبيعة. أعتقد أنَّ استهلاك المُشاهِد، والمُتلقـِّي أيّاً كان مُستواه، وأيّاً كانت الدولة بهذه القضايا غير صحيح، وإنما يجب أن تبقى أولويّاتنا على نفس المُستوى. هناك مخاطر مُتمثـِّلة بالإرهاب، وهناك هدف تحقيق مصالح. هذه الوثائق لا نغفلها، ولا نـُهمِلها، ونضعها على مِسطرة القضاء، والنزاهة، والقانون. وبقدر تعلـُّق الأمر بنا فما يثبت صِحّته منها نتعامل معه بكلِّ حِكمة، وبكلِّ صرامة، ولا نـُجامِل.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أنا أتوقــَّف، بل أتحفـَّظ على كلمة أن يكون الحشد الشعبيّ شيعيّاً. الحشد الشعبيّ ينطلق في فضاء الوطنيّة العراقيّة، ومن الطبيعيِّ أن يتأثـَّر بالمُعادَلات الميدانيّة. تصوَّر الآن أنَّ الموصل، والأنبار، وصلاح الدين لولا وضعها الراهن حتماً ستكون حِصّة المُشاركين من هذه المحافظات أكثر ممّا هم عليه الآن. الآن عندنا من أبناء العشائر، والمُواطِنين من هذه المحافظات، وأوَّل شهيد سقط في مُواجَهة داعش هو من الإخوة السُنـَّة. دعنا نـُناقِش نظريّة الحشد الشعبيّ: هل نظريّة الحشد الشعبيِّ قالت إنه شيعيّ؟ الجواب: لا.. الأبواب مفتوحة لكلِّ أبناء الشعب العراقيِّ. مثلما اتـُهـِمَت بعض الحركات والأحزاب. وتحديداً حزب الدعوة بأنه الحزب الشيعيّ، ولكن هل التنظير لحزب الدعوة أن يكون شيعيّاً، أم إنَّ الوضع السياسيَّ كان يختنق من هذه الحالة، ولا يسمح بحركات؛ فكانت المرحلة سِرّيّة؛ لأنَّ أرواحهم مُستهدَفة، ودماؤهم سالت؛ فاضطرّوا لأن يتحرَّكوا في هذا الوسط، وعلى هذا نأخذ فكرة الحشد الشعبيّ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن نلتمس من الإخوة المُشاكِسين، والأخوات المُشاكِسات أن ينتقلوا معنا قليلاً من الظاهر إلى العُمق؛ لأنَّ قيمة الإنسان المُثقــَّف أنه لا ينظر إلى الأشياء فقط من الظاهر إنما ينظر بعينين عين الظاهر والانعكاس، وعين العُمق والإشعاع. عندما جاءت نظريّة الحشد الشعبيِّ مُنفتِحة على كلِّ العراقيِّين، وعندما وجَّه السيِّد السيستانيّ -حفظه الله- وجه النداء لم يقـُل: على الشيعة فقط، ولم يقـُل: على العرب فقط، وقال: تستظلُّ بخيمة القوات المُسلـَّحة العراقيّة، فكان دقيقاً جدّاً. وبالفعل يُوجَد الآن من الإخوة السُنـّة، ويُوجَد كرد، وتركمان، ومسيحيّون وغيرهم. يجب أن نـُحافِظ على هذا الكيان الرائع، والمُهمّ.. نـُحافِظ على وطنيّـته العراقيّة وكلهم يُقاتِلون، ويُدافِعون عن العراق، والمُواطِنين العراقيِّين، وحرائر العراق، والكرامة العراقيّة، علاوة على ذلك أنَّ القوات المُسلـَّحة العراقيّة فيها سُنـّة، وشيعة. وزير الدفاع من الإخوة السُنـّة، ووزير الداخليّة شيعيّ. أعتقد أنـَّه يجب أن يُنظـَر إلى الحشد الشعبيِّ على أنـَّه ثروة استطاعت أن تـُحقـِّق نتائج باهرة في زمن قياسيٍّ، وبجُهد استثنائيٍّ، ولم يدخل في تقاطع، أو معارك مع القوات المُسلـَّحة العراقيّة، بل بالعكس هو الآن جزء من القوات المُسلـَّحة العراقيّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: عندما تكون قوات الحشد الشعبي مُتمسِّكة بهذا الاتجاه، وتمضي مُصِرّة على أنها جزء من القوات المُسلـَّحة العراقـيّة، ولا تـُفرِّق في منطلقاتها، وأدائها، وأهدافها، والانتصارات التي تحققها، ولا تـُفرِّق بين الناس على خلفيّات سُنـّيّة، أو شيعيّة، أو مناطقيّة، وتتمازج وتتداخل مع أدائها السياسيّ فبضع هؤلاء لديهم شخصيّات في العمليّة السياسيّة برلمانيّين وحكوميّين فلا يُمكِن الحكم بشكل مُنعزل. يجب أن نـُميِّزها كحركة إجماليّة. في تقديري إنـَّه يحمل بشائر جيِّدة مُستقبَلاً، وقادر على أن يصنع أشياء تستطيع أن تطوي المسافة. رُبّما نـُعاني من تحدِّيات تجعل العمليّة السياسيّة العراقـيّة مُهدَّدة بهذه الدعاوى.. نحن نعتزُّ بالتنوُّع، ولكن نـُريد أن يكون الأداء الوطنيّ العراقيّ مُتقدِّماً، وهو المُشترَك الأوَّل بين المُواطِنين. قدِّم الصفة العراقـيّة، ثم قدِّم الخُصُوصيّة، ولا نـُريد أن تتقدَّم الخُصُوصيّة على الوطنيّة العراقـيّة. في تصوُّري أنَّ الحشد الشعبيَّ لم يُسمِّ نفسة شيعـيّاً، ولم يُسمِّ نفسه عربيّاً، ولا جنوبيّاً، ولا بصريّاً، أو ناصريّاً إنـَّما هو حشد وطنيّ عراقيّ يحتضن كلَّ الفصائل من كلِّ أبناء الشعب العراقيّ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أسجِّل تحفـُّظي على مصطلح (الصفقة)؛ لأنـَّها أقرب إلى التجارة، وهي مُؤقــَّتة لأنـَّها صفقة. دعنا نـُسمِّيها واقعاً جديداً، أو على الأقلِّ النقلة النوعيّة. نحن نـُريد أن ننتقل بالعراق نقلة نوعيّة عسكريّاً، وأمنيّاً، واقتصاديّاً، ومُجتمَعيّاً. هذ النقلة النوعيّة تـُولـَد من رحم المُجتمَع كلـِّه، وهو الذي يُساهِم فيها. لدينا ثنائيّات، فلا تـُوجَد مدينة عراقـيّة ليس فيها ثنائيّة، ونحن نـُريد أن نـُعيدها مرّة أخرى. نـُريد كلَّ شيء يُفرَز يُعبِّر عن المُجتمَعيّات، ويُعبِّر بأمانة عن تعدُّد الهُويّات الثنائيّة المُتكامِلة، والمُتعاطِفة، والمُتجاوِبة. هذه النقطة الأولى. النقطة الثانية: كلُّ هذه الأسئلة أجبنا عنها، وتفاعلنا، وتجاوبنا معها. المُصالـَحة الوطنيّة سبقتها مُصارَحة، وتبـِعتها مُشارَكة وطنيّة. الذين يُطلِقون هذه الكلمات سواء كانوا في الداخل، أم في الخارج هل لديهم في بلدانهم مثل هذه الحالة المُتعايشة؟ الحالة في العراق لا يُراد لها مجهر حيث الرئاسات الموجودة - وإن شاء الله- يأتي وقت نهجر هذه المصطلحات، ونتركها- ولكن يجب أن نتكلم بلغة واقعنا: رئيس جمهوريّتنا الآن من الإخوة الكرد السُنـّة، ورئيس برلماننا من الإخوة العرب السُنة، ورئيس وزرائنا من الشيعة العرب. هذا هو العراق. أمّا الكتلة الأكبر في البرلمان فهي كتلة التحالف الوطنيّ، وهي شيعيّة، ولكنها لم تتعسَّفت في استخدام هذا الحقّ، إذ إنـَّها صوَّتت، وعملت على إيصال الذين يستحقون من إخواننا الكرد، ومن الإخوة السُنـّة قبل التصويت لصالحها؛ لذا نحن لسنا في قفص اتهام حتى نـُدافِع، بل إنـَّنا أثبتنا عمليّاً المُشارَكة الوطنيّة. الاتهام سهل المَؤونة، ولكننا نتكلـَّم بلغة الأدلة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: رئيس البرلمان الموجود الآن من الإخوة السُنة العرب، وإلى جانبه زميل من زملائه الشيخ همام حموديّ وهو شيعيّ، هل يُوجَد بينهما عراك؟ هل يُوجَد صراع بينهما؟ وإلى جانبه أحد إخواننا الكرد. العراق الآن يعيش حالة من الانسجام بشكل بديع. مجلس الوزراء فيه السُنـّيّ، وفيه الشيعيّ، وفيه أحد الإخوة المسيحيِّين، وفيه اتجاهات مُختلِفة. هذا واقع أنظر إليه، وأساهم في صناعته.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا.. على العكس. كلمة مُواطِن من الدرجة الثانية تعني أنـَّه مُواطِن أدنى من الأوَّل.. هذا انتقاص للسُنـّة، وغير موجود في تاريخنا، وفي حاضرنا، وفي قِيَمنا، وفي فكرنا، بل كلُّ أبناء الديانات حتى الذين حجمهم الديمغرافيّ والسكانيّ قليل هم موضع احترام، ولديهم حقّ يجب أن يأخذوه، وعليهم واجب يجب أن يُؤدُّوه، والجميع موجودون في كلِّ مرافق الدولة أمّا أن يكون الحجم السكانيُّ أقلَّ من حجم آخر فهذه ليس فيها عيب.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أنا أستنكر بشِدّة أيّة مُمارَسة في أيّة مُؤسَّسة، ومن أيِّ خطيب ينظر نحو الأدنى إلى الإخوة السُنـّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كيف نـُقيِّم الرأي الشيعيّ؟ المرجعيّة الدينيّة تحتلُّ الموقع المُتقدِّم، ولا يستطيع أحد أن يُنكِر أنها تـُوصِل خطابها إلى قلب قبل عُقل المُتلقـّي الشيعيّ، وكان خطاب المرجعيّة: أن عدَّتهم (أنفسنا)، وفي أكثر من مُناسَبة كان تـُركـِّز بأن لا تـُفرِّقوا. حتى في الأزمات الحادّة والمُنعطفات التي كان من المُمكِن أن تتحوَّل إلى حُرُوب أهليّة في عام 2005، وعام 2006 حادثة جسر الأئمة، وبعدها حادثة سامراء. الحرب العالميّة الأولى والثانية، وكادت أن تكون الثالثة بدأت بسفينة اشتركت أميركا بالحرب، وسفينة ثانية بالحرب الثانية، وكادت أن تكون في ليبرتي عندما ضُرِبت في زمن جونسن. العراق بعظمته عندما كانت قضيّة سامراء حين تفجَّرت العتبة الطاهرة، وقبلها جسر الأئمة وراح فيها 1000 شهيد ألم يكـُن مُمكِناً أن تحدث حرب أهليّة، وعلى سفينة حدثت حرب في أرقى دول العالم. لماذا لم تحدث عندنا؟ لوجود قيادات شيعيّة مُتمثــِّلة بالمرجعيّة. المصدر الحقيقيّ للعاصف الطائفيّ من خارج الحُدُود، ولكنَّ الذي ردَّه هو المُجتمَعيّة الشيعيّة التي لم تتلقـَّه، ولم تقبل به، والآن يذهبون إلى مناطق إخوانهم، وأعزائهم، وأشقائهم يُقاتِلون معهم على أراضيهم دفاعاً عن كرامتهم؛ لأنَّ الكرامة لا تتجزَّأ.. سُنـّة وشيعة يُقاتِلون. وغداً أو بعد غد إذا اعتدى أحد على أهل الوسط والجنوب -لا سمح الله- سيُدافِع معهم السُنـّة، وأبناء الديانات الأخرى.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لماذا يقلق السُنـّة؟ نحن لم نأتِ بإيران بقرار، ووضعناها بجانبنا. إيران واقع جغرافيّ، ونحن لا نتعامل مع طموح، وإنما نتعامل مع واقع لا نستطيع أن نتجاوزه. لماذا السؤال: نحن نتعامل مع إيران، بل السؤال: لماذا لا نتعاون مع إيران؟ بيننا وبين إيران 1400 كيلومتر حُدُود، وفي الوقت نفسه تـُوجَد حقائق في التاريخ، والجغرافية، ويُوجَد تنافذ مُجتمَعيّ، ووقفت إلى جانبنا في ظروف المِحَن عندما سقطت الموصل بيد داعش.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لماذا نقول: مُرتهَن؟ لماذا لا نقول: علاقة؟ دعنا نرجع قليلاً أنا وأنت بالذاكرة.. في عام 2003 تشكـَّل مجلس الحكم، وكنتُ حسب التسلسل أوَّل رئيس لمجلس الحكم، فذهبتُ بسفرة لمُدّة سبعة أيّام، زُرتُ سبع دول، ولم تكـُن إيران من ضمنها، حططتُ رحالي في الإمارات، وعُمان، والكويت، والسعوديّة، ومصر، والأردن، ومددتُ يدي، بل فتحت قلبي لهم. إذن نحن لم نضع هذا الحاجز، ومازلنا مُصرِّين، ونحن الآن نتواجد مع إخواننا وأشقائنا الدول العربيّة، كما زُرتُ تركيا، وإيران منذ وقت مُبكـِّر، وتردَّدت على السعوديّة، وهم أصدقائي منذ عام 1987، وقد ذكر ذلك الملك الراحل عبد الله.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن لم نـُمذهِب العلاقة بيننا وبين إيران، ونحن من حيث العلاقة والتاريخ بلد الإشعاع الشيعيّ، وهم بلد الانعكاس؛ لأنهم دخلهم التشيُّع في القرن السابع، ونحن شيعة علي، وعليّ -عليه السلام- عربيّ، وهو عراقيّ عاصمته الكوفة، وإيران دخلت التشيُّع مُتأخـِّرة، وكانت دولة سُنـّيّة ومُتطرِّفة بسُنيّتها عن بقيّة الدول السُنـّيّة خُصُوصاً أصفهان.. هذه الحقائق التاريخيّة يجب أن لا تـُقلـَب علينا. علاقتنا معها ليست ارتهاناً.. إخواننا في الخليج عندما نجد علاقتهم جيِّدة مع إخواننا السُنـَّة في العراق لا تعني الارتهان، بل من القوة أن نبرم علاقات مع كلِّ دول الجوار الجغرافيّ، ويجب أن يتقاسم العراقـيّون مسؤوليّـتهم في مدِّ الجُسُور مع هذه الدول بشرط أن يُميِّزوا بين العلاقة والارتهان، أي: أن لا يرهن إرادته، ويتسلـَّم أشياء، ومُقرَّرات، ويُطبِّقها.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كلـُّها خطأ. صارحتُ أحد الشخصيّات السُنيّة التي أحترمها، وأعتزُّ بها، وقلتُ له: عليك أن تـُفرِّق بين العلاقة وبين الارتهان. أن تكون لك علاقة فأنا قبلك لي علاقة معهم، لديَّ علاقة قديمة مع السعوديّة، وفي عام 1987 وجَّه لي الملك فهد بن عبد العزيز دعوة، وفي عام 1990 وجَّه لي الملك عبد الله دعوة، وبعدها توالت الدَعَوات، وزرت القذافي في ليبيا، وحافظ الأسد في سورية. لا تـُوجَد مُشكِلة في العلاقة، بل عليك أن تـُمثــِّل العراق مع تلك الدولة، وتحاول أن تـُقرِّب تلك الدولة من المصالح العراقيّة، دون العكس، وإذا -لا سمح الله- امتدَّت الدول خارج العراق من خلال بعض مُواطِنينا فهذه نذير شُؤم، ونقطة ضعف كبيرة تصدع بالعمليّة الوطنيّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: المسؤوليّة تضامنيّة على الجميع، ولا نستطيع أن نضع طرفاً دون طرف في قفص الاتهام، ونعطي للطرف الآخر تزكية. الجميع يتحمّلون المسؤوليّة على حدٍّ سواء. قبل مُدّة ظهر أمين سِرّ القيادة القطريّة أحد عناصر داعش يتحدّث كبعثيّ، فلايزال خطر البعث يدهم، ولايزال يتحرَّك على الأرض. يجب أن نـُفرِّق بين الإخوة السُنـَّة العرب، وبين حزب البعث. يُوجَد بعثيّون سُنـّة، وبعثيّون شيعة، ومثلما من الظلم أن نحكم على الشيعيِّ العربيِّ أنه بعثيّ كذلك من الظلم أن نحكم على السُنـّيّ العربيّ أنه بعثيّ، ولكن على الاثنين أن يبدآ انعطافة جديدة، بأنهم لو يكونوا سابقاً.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الإيقاع ليس عمليّة تـُستورَد من خارج الذات. الإيقاع عمليّة تـُعبِّر عن كفاءة من داخل الإنسان. في داخل الشيعة يُوجَد ضبط في الإيقاع، وهذا نتمناه، وعملنا عليه، ونـُساعِد إخواننا على أن يكون إيقاعهم مُوحَّداً؛ لأني لا أستطيع أن أتصوَّر عراقاً قويّاً، ومُحتوياته ضعيفة، أو برلماناً قويّاً وأحزابه ضعيفة. يجب أن نـُساعِدهم على ضبط إيقاعهم بالشكل الذي يكون ضمن الإطار الوطنيِّ، ويصبّ بصالح الجميع. في كلِّ اجتماع في رئاسة الوزراء نعيش هذه الحالة المُتكامِلة رئيس الوزراء شيعيّ عربيّ، ونواب رئيس الوزراء كرديّ وسنيّ عربيّ. هذه تغذي العقليّة، ولم تكن هناك مُشكِلة في يوم ما. أنا أتكلم معك بالقدر الذي وجدته أمام عينيَّ في مجلس الوزراء، وفي المقابل تـُوجَد مُحاوَلات لجرِّ العراق إلى معارك طائفيّة، ويجب علينا جميعاً أن نقف منها موقف الرافض، ونواجهها، ولا نسمح بها، وأنتم كسلطة رابعة عليكم أن تـُساهِموا فيه.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: المُكوِّن الشيعيّ لا يعمل بطائفيّة، ولا يسعى لاستفزاز الطوائف الأخرى عُمُوماً، والطائفة السُنـّيّة بصورة خاصّة. لننتقل إلى شيء آخر. كم تساعَدْنا، وتعاوَنـّا مع إخواننا لإيجاد قيادات كفوءة؟ هناك شيء قد يكون حسّاساً ولكن يجب أن أطرحه. تـُوجَد رُمُوز شيعيّة لم تكـُن وليدة اليوم، إنما عبرت من المُعارَضة إلى الحكم منذ، وتـُوجَد رُمُوز سُنـّيّة عَبَرت من المُعارَضة إلى الحكم لم تكـُن بهذا الحجم، لكن على الأقلّ لا نـُصفــِّر للإخوة السُنـّة. لماذا؟ لظروف مُعيَّنة لأنَّ النظام السابق كان زوراً وظلماً وإجحافاً يتلبَّس باللباس السُنـّيّ، ويقمع، ويمنع، ومثالهم: الشهيد محمد مظلوم -الله يرحمه- في ثورة الأنبار.. القيادات الشيعيّة المُتصدِّية والقيادات السُنـّيّة المُتصدِّية عندما تعقد مُقارَنة بين هذه المرحلة والمرحلة السابقة تجد نوعاً من التمازُج. نحن لا نـُريد أن نستبدل لهم رُمُوزاً برُمُوز يرحلون من وسط آخر، لديهم أناس وطنيّون مُخلِصون، وعندهم شباب صاعد يحملون طموحات واعدة للمُستقبَل يجب أن نفتح قلوبنا ونفتح عقولنا، ولا نخضع لحالة ابتزاز. فيهم كفاءات مُمتازة، ويجب أن يصعدوا، وفي الوقت نفسه قد يتعرَّضون لحالة من التسلل، والاختراق، ففي وقت من الأوقات كان البعض يُريد أن يُشيع ثقافة أنَّ السُنـّيَّ العربيَّ بعثيّ، وقد رفضنا أن يكون مُرتهَناً إقليميّاً مثلما نرفض أن يرتهن الشيعيّ. أعتقد أنَّ أمامنا رحلة ثقافيّة مُجتمَعيّة لتوليد هذا المُجتمَع، وهذا لا يتأتـّى ببساطة إنما من خلال مُفاعِلات ثقافـيّة، وإرادات قويّة جدّاً تـُصِرُّ على أن تمدَّ اليد، وتتصافح مع كلِّ الرُمُوز، والمفاصل؛ لصناعة العراق الجديد. بالنسبة لي أنظر إلى القيادات الشيعيّة التي يجمعها التحالف الوطنيّ، وأسمع خطاباتهم، ولم أجد فيهم أحد يتحدَّث بسوء عن السُنـَّة كمذهب، وعن التسنـُّن كطائفة، وعن الرُمُوز السنـّيّة كمفاصل، وأنت تعرف أنَّ هناك مَن ينتقد، وينتقدون بعضهم البعض الآخر، ولديهم حُرّيّة حركة، نعم.. قد ينتقدون فلاناً الطائفيّ مثلما ينتقدون شيعيّاً لسبب من الأسباب. لا أتصوَّر أنَّ العقل الشيعيَّ مُشبَع برُدُود فعل، أو -العياذ بالله- مُنغلِق على الأوساط السُنـّيّة، بل نتعامل معهم بكلِّ احترام، وبكلِّ مَحبّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الدولة من منظور المُجتمَع السياسيِّ تـُفرَز من قاعدة المُجتمَع. والمُجتمَع العراقيّ مُتداخِل، ومُتعايش مع بعضه في كلِّ محافظاته فليس من السهل أن تـُفرَض عليه قوالب. منذ 10 أو 12 سنة حاولت أيادي من خارج الحُدُود أن تـُشعِل الحرب الأهليّة، والحرب الطائفيّة، والتراشُق بين مُكوِّنات الشعب، ولكنـَّها اختنقت؛ بسبب خطاب الوحدة من القِمَم الفكريّة، والقواعد الشعبيّة التي ما كانت تريد هذه الحُرُوب، وبسبب الزواجات المُشترَكة، والتعايش في المحافظات، والعوائل الكريمة، والقبائل العربيّة مُتعدِّدة الانتماءات التي كانت كلـُّها باتجاه واحد. هذا صمام أمان.. عندما تعدل، وعندما تـُعطي حقوق الطرف المُقابل سيرتقي إلى مُستوى واجباته، وما لم تـُعطِ الحُقوق فلا تتوقع منه أن يلتزم؛ لذا نـُصِرّ على أن تكون مُشارَكة مُكوِّنات شعبنا مُتكافِئة سواء في القضاء، أم الجهاز التنفيذيّ، أم الجهاز التشريعيّ، أم الثقافة المُجتمَعيّة في عُرف المُؤسَّسات بحيث لا يحتاج أن نسأل: هل هذا سُنـّيّ، أم شيعيّ، أم عربيّ، أم كرديّ، بل نسأل: هذا كفوء أم غير كفوء، مُلتزم بالدوام أم لا، أمين على مصالح المُواطِنين، أو غير أمين؟ الانتماء الدينيّ قضيّة تخصُّ الشخص نفسه، ولا يهمُّني انتماؤه عندما يرتكب مُفارَقة حقيقيّة في كونه سُنيّاً، أم شيعيّاً، أو عندما أجده يسهر على سلامة المُواطِنين، ويتفانى من أجل المُواطِن.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: العراق لا يموت إذا انقطع منه أيُّ جزء، وسيبقى حيّاً، وستبقى لديه قدرة على الاسترجاع. العراقيّة لا تتحيَّز. الشعب الكرديّ يُدرِك اليوم أكثر من أيِّ وقت آخر أنَّ شعارات الاستقلال، والانقطاع عن العراق لم يعُد لها مُبرِّر؛ لأنـَّهم اليوم على رأس رئاسة الجمهوريّة، وموجودون على رأس وزارات سياديّة مُتعدِّدة. بالنسبة له مُؤمِّن وجوده، وليس ذلك فقط، بل يُمثـِّل وجودات الآخرين. أمّا تأخـُّر الرواتب فهي مرهونة بالعجز الماليّ، ومُتعادِلة مع الحوارات التي حصلت مع الإخوة في كردستان. بالنسبة للنفط، وتبادُل الحِصَص بشكل عادل مسؤوليّة مُتبادَلة. نحن منذ زمان نسمع أنهم يُريدون أن يستقلون، ويريدون الانفصال. أنا أسأل: هل يُوجَد الآن اضطهاد للإخوة الكرد، هل يُوجَد لديهم تمثيل يتناسب مع حجمهم، أم لا؟ أعتقد أنَّ العراق استطاع أن يُوصِل رسالة إلى كلِّ العالم بأنه يُعطي المُواطِنين حُقـُوقهم، ويُعطي الكتل البشريّة حقوقها، كما تعمل ذلك دول العالم الكبرى بكلِّ امتنان. لا يُوجَد أحد يُقصي كرديّاً؛ لأنه كرديّ، ولا سُنـّيّاً؛ لأنه سُنـّيّ، ولا شيعيّاً؛ لأنـّه شيعيّ، نعم.. قد تكون هناك نعرات في أذهان بعض الناس العاديِّين، ولكنه لا يُمثـِّل كلَّ العراقيِّين. العراق استطاع أن يُبرهِن للعالم أنه يتعامل مع الشعب كلـِّه، نعم.. وفي ضمن التحدِّيات هناك دول تخطط من خارج الحُدُود، وستبقى تخلق أزمات في العراق لأسباب مُتعدِّدة، وليس من مصلحتها أن يكون العراق قويّاً اقتصاديّاً، ولا مُجتمَعيّاً، ولا سياسيّاً؛ فتحاول أن ترمي حُمُولة مشاكلها علينا، ولكنها مُشتبـِهة؛ لأنَّ أجيالهم الحاليّة، والمُستقبَليّة ستلعن هؤلاء؛ ولأنَّ العراق لم يبدر منه شيء غير جيِّد، فالعراقيّ ما قام بعمليّات تفجير وتفخيخ في بلدان العالم، ولم يستلب ثرواتهم، ولا أثـَّر فيها اقتصاديّاً، ولا سياسيّاً، ولم يتأخَّر في الحُضُور في الأمم المُتحِدة، وجامعة الدول العربيّة، بل دوَّى الصوت العربيّ العراقيّ في أروقتها للصالح العربيِّ بصورة عامّة. ليظهر شخص، ويكُن شجاعاً، ويقـُل: أنتم خذلتمونا في خطابكم في المحفل الفلانيّ. العراق جزء من الحالة الإقليميّة، وجزء من الحالة الدوليّة، ومعهم في مُواجَهة الإرهاب الذي هو ليس خطراً على العراق فقد، هو خطر على الجميع، علاوة على ذلك نحن نعتبر أنفسنا جزءاً لا يتجزَّأ من العالمين العربيِّ، والإسلاميِّ، وجزءاً من الأسرة الدوليّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: تـُوجَد مبادئ، وأفكار تتطوَّر، ويُوجَد شعب يضغط، ولو كان الشعب يتقبَّل الطائفيّة لكان قد ركس في أوحالها. النخبة تتطوَّر، وهم ليسوا عملاء، نعم.. أفترض عليهم مُلاحَظات، وهذا يعني أن بدأ تجربته محدودة، وكفاءته نسبيّة، وبمُرُور الزمن تتقوَّى، لكنَّ الحكومات ترحل، والنُخَب ترحل، والشعب يبقى، ويُصِرُّ على حفظ العلاقات بين مُكوِّنات الشعب العراقيّ. العودة إلى صفحة الأخبار |
|