|
أدب التحدّث، وأدب الاستماع
قراءات | 02-07-2015
{في أجواء التعامُل مع الناس.. عادة ما يكون الدافع للمُتحدِّثين هو الوصول إلى حقيقة شيء ما علميّة كانت أم عمليّة على الصعيد الشخصيِّ، أم العائليّ، أم الاجتماعيّ، أم السياسيّ، أم أيّ صعيد آخر. ورغم تعدُّد مواهب الإنسان، وما يُمكِن أن يكتسبه من ثقافة وخبرة غير أنَّ حجم ما يُعرَف من العلم، وما يُكتسَب من الخبرة يبقى محدوداً بالمُقارَنة مع المخزون العلميِّ اللامحدود، والتراكم العمليِّ الهائل لدى الآخرين؛ وهو ما يدفع طلاب العلم، والخبرة، وعُشّاق الحقيقة إلى استثمار فرص الاستزادة من أيِّ مُعطٍ وبأيّة وسيلة مقروءة كانت، أم مسموعة، أم مرئيّة؛ وهنا يتأسَّس الأصل لدى الإنسان وهو التعلم؛ ومنه ينشأ التواضُع في اكتساب العلم مُكلّلا بأدب التلقي عامّة، والاستماع خاصّة. إنّ تواضُعاً كهذا يُسهِّل عمليّة الأخذ بأكثر ما يُمكِن من دون مُكابَرة. واذا ما صادَفَ أن يجد نفسه في موضع يُمكِن أن يُضيف شيئاً ما إلى الآخرين فسيتحلـَّى بأقصى درجات الأدب، والتواضُع ليتحدَّث إليهم؛ وبمثل أجواء التعاطي الثقافيِّ، أو التثاقف المُفعَم بالأدب والحُبّ تتحوَّل إلى أجواء عباديّة: (مَن أصغى إلى ناطق فقد عَبَدَه، فإن كان الناطق عن الله فقد عَبَدَ الله، وإن كان الناطق عن إبليس فقد عَبَدَ إبليس). وعندها تنهار حواجز الإعاقة بين المُعطي والمُتلقي؛ فقد يكون المُعطي أصغر سِنـّاً، وقد يكون أفقر حالاً، وقد يكون أقلَّ شُهرة: ((قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)). من هنا يستمدّ أيّ لقاء قيمته من قيمة ما يدور فيه، ويُقاس نتاجه بقدر ما يُحقـِّق من إضافة ضافية لكلِّ أطراف اللقاء}. |
|