الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

لــقــاء صـــحــيــفــة المـصـريّ اليـوم بالدكـــتـور إبــراهـيـم الجـعـفـريّ وزيـــر الخارجيّة العراقيّة 27/3/2015
الاخبار | 27-03-2015
  • إلى أين وصلت الأمور في ظلِّ المُواجَهات بين القوات العراقيّة وبين تنظيم داعش؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: صفحات المُواجَهة في الداخل العراقيِّ تسير باتجاه غلبة القوات المُسلـَّحة العراقيّة دفاعاً عن الأرض، والوطن، والشعب ضدَّ داعش. والآن تقهقر الإرهاب، وتراجَعَ إلى الخلف، والأيام القليلة التي مضت وتحديداً في صلاح الدين بهرت العالم، وبهرت الدول المعنيّة؛ للنجاحات التي حققتها القوات العراقيّة، وبدأ الطرف المقابل يستخدم أسلوباً أكثر شراسة، وأكثر وحشيّة من أمثال استخدام آليّات الشاحنات المفخخة؛ ممّا يستدعي أن تـُوجَّه ضَرَبات جوّيّة، واستبقى بعض العوائل بشكل قسريٍّ في بعض البُيُوت ككمائن بشريّة، ويُفجِّرها.

القوّات العراقيّة تتقدّم -الحمد لله-، وتتحاشى هذه الكوارث الإنسانيّة، والآن التراجُع واضح من محور حلّة - كربلاء – ديالى – سامراء - بيجي، ومناطق مُتعدِّدة إلى الشهر الماضي كان الإرهابيون على أبواب بغداد، وبات التراجُع واضحاً بالاتجاه المُعاكِس نحو الموصل، ولكن ليس من السهل، ولا من النضج أن نـُحدِّد تاريخاً لانتهاء المعركة.

المعركة تسير للصالح العراقيِّ بكلِّ تأكيد، ونأمل أن تنتهي في أقصر وقت مُمكِن، علاوة على ذلك هناك إرادة وطنيّة جادّة، والقوات المُسلـَّحة العراقيّة مُعبَّأة تعبئة جيِّدة.

والذين انخرطوا تحت خيمة القوات المُسلـَّحة العراقيّة، هم: الجيش، والحرس الوطنيّ، وقوات الحشد الشعبيّ، والبيشمركة، وأبناء العشائر العراقيّة. كلُّ هؤلاء يُساهِمون في هذا العمل.

 

  • فيما يتعلق بتطوُّرات هذه المُواجَهات.. أثيرت خلال الفترة الماضية أحاديث عن بعض التجاوزات التي تحدث في بعض المناطق التي يسكنها غالبيّة سُنـّيّة. كنا نـُريد أن تـُطلِعنا على حقيقة الأمر. هل هناك تجاوزات؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: يُحاوِل أعداؤنا تشويه الحقائق على الأرض، ويُصوِّرون لكم أنَّ المعركة بين السُنـّة والشيعة، وأنتم تعرفون أنَّ المحافظات المنكوبة الموصل وهي أكبر مدينة سُنيّة في العراق، هي الضحيّة، وليس محافظة شيعيّة، والأنبار محافظة سُنيّة والقسم الأكبر من صلاح الدين من الإخوة السُنّة فهذا ادَّعاء.

هؤلاء الإرهابيّون صوَّروا أنـَّهم يُدافِعون عن السُنـّة، فيما هم فتكوا بالمحافظات السُنيّة، وأبناء الديانات الأخرى من الصابئة، والإيزيديّة.

نقول: هؤلاء لا يُمثـِّلون السُنـَّة، والسُنـّة منهم براء، هؤلاء يُوهِمون العالم أنَّ القضيّة سُنّيّة- شيعيّة؛ لاستفزاز الرأي السُنّيّ العالميِّ بأنَّ هناك معركة في العراق شيعيّة-سنيّة. هذا الكلام عارٍ عن الصِحّة، نعم.. قد ينطلي على البعض خُصُوصاً عندما تـُروِّج بعض وسائل الإعلام لهذه الثقافة، لكنَّ الشارع العراقيَّ مُتجانِس مُتآلِف؛ فما من محافظة عراقيّة إلا وفيها سُنـّة وشيعة، بل ما من قبيلة عربيّة عراقيّة كبيرة إلا وفيها سُنـّة وشيعة، ومنها: قبائل خزاعة، وتميم، وربيعة، وعبيد، وشمّر، والشيء المُفرِح أنَّ نسبة الزواج بين السُنّة والشيعة 26.9، أي: إنَّ كلَّ أربعة عراقيِّين فيهم واحد ينحدر من أبوين مُختلِفين في الخلفيّة المذهبيّة. فماذا نقول لهؤلاء، وكذا المدرسة العراقيّة فيها سُنـّة وشيعة، والمُستشفى العراقيّة بمرضاها وأطبائها فيها سُنـّة وشيعة، والسوق، والمُوظفون، والجامعات. هناك أيدٍ أجنبيّة تحاول أن تعبث بهذه الثنائيّة الرائعة.

نصيحتي لكلِّ الدول العربيّة، ولكلِّ دول العالم الإسلاميِّ أن يتعلـَّموا من العراقيِّين كيف يتعايشون، فعلى طول التاريخ لا يُوجَد شيء اسمه شيعيّ ضدّ سنيّ، أو سُنيّ ضدّ شيعيّ، نعم.. قد يكون في رُؤُوس بعض ضيِّقي الأفق، وهم أعداد قليلة جدّاً، ولا يُمثـِّلون الحالة المُجتمَعيّة.

 

  • كيف يحصل هذا التنظيم على السلاح، والحرب مُمتدَّة منذ فترة طويلة، ومع ذلك استمرَّ هذا التنظيم في القتال؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هذا يُشعِرك أنَّ القضيّة مُؤقلـَمة إن لم تكن مُدوَّلة، وهناك إرادات دوليّة، ونظريّة لجعل المنطقة تعيش حالة الاضطراب، وهناك مُواطِنون يأتون من أكثر من اثنتين وستين دولة، ويُقاتِلون على الأرض العراقيّة؛ إذن تـُوجَد دول من مصلحتها أن يضطرب العراق ودول المنطقة؛ لذ تـُكرِّس هذه الحالة، ويمدّونهم بالسلاح والمال خُصُوصاً أنهم يستخدمون المُتفجِّرات بشكل وحشيٍّ.

القاعدة اشتهرت بتصنيع المُتفجِّرات، وتفجّر بطريقة وحشيّة منطقة آهلة بالسكان، ويقطعون الرُؤُوس، ويُحرِقون الأحياء.

 

  • البعض يقول: إنَّ داعش صنيعة أميركيّة، والآخر يقول: إنها صنيعة مُخابَرات عالميّة. كيف تنظرون؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نتكلم عن مُواطِني داعش فأنا أظنُّ أنـَّهم ليست مسألة عمالة. دعنا نـُعقلِن تحليلنا حتى لأعدائنا، ونـُحلـِّل شخصيّاتهم، فلا ينبغي أن نـُفسِّر الأشياء كما نحبّ إنما نـُفسِّرها كما هي.

سايكولوجيا الداعشيّ تقول لك إنـَّه يحمل فكراً، وثقافة؛ وهذه الثقافة هي أن يقتل نفسه قبل أن يقتل الضحيّة؛ إذن ثقافة لا عمالة، ولكن هذا يعني أنَّ الذي يحمل هذه الثقافة يكون قد وقع في شراك العملاء من حيث لا يعلم، الكثير هم ضحايا هذه النظريّة، فيمشي في فضاء خُططه مُهندِسو العمالة، ويتحرَّك في فضائهم، ويُحقق أهدافهم وإن لم يكن ارتبط به مُباشَرة.

تـُوجَد في العالم اليوم ظاهرة أرجو أن ينهض بها الإعلام هي ثقافة الانتحار، وثقافة التفجير، وثقافة السخط، تسبقها ثقافة الاستياء. العالم خُصُوصاً الشباب يشعر أنه ينتمي إلى عالم ثريٍّ من الناحية الاقتصاديّة، ولكنـَّه فقير من الناحية الواقعيّة، يعيش في أغنى منطقة في العالم وهي الشرق الأوسط التي تحتوي على ثلثي احتياطيِّ النفط في العالم، والخزين الحضاريّ التاريخيّ، والديانات، ومع هذا يعيش فقيراً.

لماذا، ومن أين جاءت هذه البـِدَع، والمصطلحات؟

عالم الشمال 20% من السكان يتمتع بـ80% من الثروات، وعالم الجنوب 80% من حيث الحجم السكانيّ والديمغرافيّ ويتمتع بـ20% من الثروات؛ هذا سبَّب استياءً تفجَّر في صُدُور الشباب، وجعلهم يثورون، تغذيها أفكار تـُخطـَّط في غرف مُظلِمة تـُشعِر هؤلاء بأن هذا فكر يُعادِل ثقافة الاستياء، فتدفعهم بهذا الاتجاه. وإلا فهؤلاء شباب، ومن غير الصحيح أن نتهم مَن نختلف معه بالعمالة. فإذا أردنا أن نضع حلَّ يجب أن تـُعالـَج القضايا بخلفيّاتها الثقافيّة بمشاريع حقيقيّة ذات بُعد اقتصاديٍّ، واجتماعيٍّ، وسياسيّ، ومع ذلك ننزل إلى الميدان؛ لنـُعالِج القضيّة.

 

  • ما أهمُّ المحاور التي دار الحديث حولها خلال زيارتكم إلى سورية، وما شكل العلاقة الحالية بين البلدين، وما شكل التنسيق؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بيننا وبين سورية علاقات قديمة كدولة جوار جغرافيّ، وليس غريباً أن تكون علاقة، بل الغريب أن لا تكون علاقة بيننا وبين سورية؛ لأنها دولة مجاورة لنا، وهناك عشائر مُتداخِلة على الحدود ومنها: عشيرة البو كمال المعروفة، وفي الوقت نفسه لعبت سورية دوراً مُهمّاً في احتضان المُعارَضة العراقيّة قبل سقوط النظام المقبور، ورعتها وهم هربوا من العراق ولجأوا إلى سورية بأعداد كبيرة منهم، وفي الوقت نفسه عندما تلتهم النيران بيت جارك ستهرع لإطفائها؛ لسببين: لحالة إنسانيّة، وحتى لا تمتدُّ النار إلى بيتك؛ إذن ليس غريباً أن نجلس، ونبحث بيننا وبينهم، وأيّة دولة ستتعرَّض إلى خطر سنقف إلى جانبها.

العراق بلد رجال، بلد شهامة، بلد غِيرة، بلد يستجيب لأيّة دولة تتعرَّض للخطر من دون أن نتدخـَّل في شُؤُونهم، ولا نسمح أن يتدخـَّلوا في شُؤُوننا. نقف إلى جانبهم بالقدر الذي يرتبط بأمنهم واستقرارهم، نقف إلى جانبهم، ونواسيهم مثلما يئنـّون لأنيننا.

راجعنا مع السوريِّين التجربة، ونتطلع لأن يسود السلم، والحُلُول السياسيّة بين الفرقاء، ونحن نقف مع الحكومات من خلال الشُعُوب، وليس العكس، وإذا كان هناك فجوة بين الحكومة والشعب نُحدِّد موقفنا من الحكومات من خلال الشعب، ونحن مع الحكومات مادامت مع الشُعُوب. فحين انتفض الشعب التونسيّ ضدّ زين العابدين بن علي وقفنا إلى جانب الشعب، ولما وقف الشعب المصريّ وقفنا إلى جانبه، وكذا ليبيا مُقابل معمر القذافي. أمّا في سورية فالشعب مُنقسِم على نفسه بعضهم مُقتنِع بالنظام، والبعض الآخر غير مُقتنِع بالنظام؛ فوقفنا عند حُدُود كونه نريد احترام الشعب، ونترك هذه القضيّة لهم.

 

  • من خلال لقائك مع الرئيس الأسد.. كيف يرى الدور المصريّ، وماذا يُعوَّل هو على مصر كدولة محوريّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الرجل يتفق معنا على أنَّ مصر دولة لها وزن نوعيٌّ، وتـُمثـِّل الأكبر العربيّ، وفي الوقت نفسه هي حاضنة جامعة الدول العربيّة، ويترقـَّب منها أن يكون لها دور بنـَّاء سواء كان في هذا الملفِّ، أم الملفات الأخرى، وفعلاً ستُحافِظ مصر على مكانتها في الصدارة، وإن تصدَّعت في الفترة الأخيرة، ولكنـّها تستطيع أن تستعيده عندما تتعامَل بحكمة مع الملفات الساخنة، وتفتح آفاق التعاون، وتـُبرهِن على أنها تمارس دور الأخ الكبير لهذه الدول.. هذا هو الطريق الصحيح.

نحن أيضاً ننظر إلى مصر على أنها دولة ذات تاريخ، وفيها جامع الأزهر، وفيها الكُتـَّاب، والشعر العربيّ، والتاريخ العربيّ، وفيها الأهرام ثاني حضارة في العالم بعد الأهوار في العمارة والناصرية والبصرة، والدراما المصريّة لعبت دوراً، والثقافة المصريّة لعبت دوراً، وكذا التمويج المصريُّ في بعض مناطق العراق فقد وصلت أعداد كبيرة رُبّما أكثر من مليون مصريّ في العراق؛ كلُّ هذه العوامل تداخلت بيننا وبينكم، فجعلت من حالة الأخوّة العربيّة المصريّة والعراقيّة حالة نابضة.

أعتقد أنَّ سورية تُشارِكنا إلى حدٍّ كبير بهذا الانطباع، والطموح من مصر.

 

  • هل طلب الرئيس الأسد من القادة العرب توجيه رسالة، أو مطالب مُعيَّنة بخاصّةٍ أنَّ مقعد سورية في الجامعة العربيّة شاغر الآن؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: عندما يشغر مقعد سورية فليس من الطبيعيِّ أن تملأه غير سورية. سورية نظام قائم موجود فما الذي يُحدِّد مَن يُمثـِّله مع احترامي للمُعارَضة ونحن عشنا فترة المُعارَضة منذ زمن بعيد إلى أن سقط النظام.

جامعة الدول العربيّة ليست مُنظـَّمة، ولا قوى سياسيّة، فليس من المُمكِن أن نتقبَّل أن يأتي واحد من خلفها، ويطرق الباب، ويقول: أنا أمثـِّل الدولة الفلانيّة، إنما تـُوجَد أنظمة قائمة، ورؤساء، ويُوجَد مُلُوك، وأمراء هم الذين يُمثـِّلون أنفسهم، نعم.. هذا ينطبق عليها كما ينطبق على سورية.

سورية تــُمثـِّل نفسها، ولكن هذا لا يعني أن لا نتعاطف مع المُعارَضة إنما نتعاون معها لحلِّ مشاكلها.

نحن تحدَّثنا مع السيِّد رئيس الجمهوريّة الأخ بشار، وقلنا له: نتمنى أن تكون هناك حُلُول سلميّة لفضِّ النزاعات، والمشاكل مع الفرقاء السياسيِّين السوريِّين، والبدء بصفحة جديدة، وفي تقديري استقبل الرجل هذا المُقترَح بأريحيّة، وعلى المُعارَضة أن تشارك في بناء البلد، وفي قِمّة المسؤوليّة حسب الفرص المُتاحة.

نحن في جامعة الدول العربيّة يجب أن نرعى هذا الاتجاه، ونـُرشِّد مسيرة المُعارَضة كقوى سياسيّة، ونـُرشِّد مسيرة الحكام؛ فهم ليسوا هؤلاء ملائكة مُنزَّلين من السماء، كلنا مُعرَّضون للخطأ.

 

  • هل تمَّ احتواء الأزمة التي حدثت بعد البيان الذي خرج من الأزهر حول ما يحدث في المُواجَهات بين تنظيم داعش والقوات العراقيّة، وما أثيرَ حول تعرُّض بعض المناطق السُنـّيّة لأشكال من القتل؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ما صدر عنا شيء، واستغربتُ كثيراً عندما أخبـِرتُ بأنَّ بياناً كهذا صدر من شيخ الأزهر، وتملـَّكني العجب، وليس معقولاً أن نرى شيئاً بأمِّ أعيننا على الأرض، ونسمع بهذه الأمور في أقصى الاحتمالات، لنقـُل: إنَّ شخصاً قتل شخصاً آخر على خلفيّة سُنيّة فهذا لا يعني أن نختزل كلَّ الشعب، وكلَّ المنطقة، وكلَّ القوات المُسلـَّحة، ونتهم الحكومة بأنـَّها جنحت إلى هذه الحالة الطائفيّة.

هل سمعتم عن سبايكر التي راح فيها أكثر من 1700 شيعيّ، قـُتِلوا لأنهم شيعة بطلقة بالرأس، ويُرمى في الماء. هل رأيتموهم أم لا؟

هل سمعتَ بقضيّة الأنفال، وقضيّة حلبجة؟

في الأنفال قـُتِل عشرات الآلاف، وفي حلبجة قـُتِل 3000 هل نستطيع أن نقبل أن يُقال: إنَّ العرب كلـَّهم قتلوا الأكراد كلـَّهم.

هل سمعتَ أنَّ 365 ألف شيعيّ دُفِنوا أحياءً في العراق في الثورة الشعبانيّة؟

اسمعها مني، وانشرها: نحن لا نتهم إخواننا السُنـّة جميعهم لأنَّ صدّام سُنيّ؟! صدّام قتلَ السنة قبل أن يقتل الشيعة.

يجب على الإنسان أن يتأنـَّى، ويتعامل مع الأمور برويّة، وليس كلُّ خبر صحيحاً، فأن يقتل سُنيّ مُعيَّن شيعيّاً مُعيّناً فهو يُمثـِّل نفسه، أمّا أن أتهم كلَّ السُنّة، أو أتهم كلَّ الشيعة فهذا ليس صحيحاً.

هل نستطيع أن نقول: إنَّ المُسلِمين في العراق سنة ًوشيعة قتلوا الإيزديّة في سنجار؟

لا.. إنَّ مَن قتلهم هم مجموعة من شذاذ الآفاق، فالموقف يحتاج إلى عقلنة أكثر، وتروٍّ أكثر، وليس من الصحيح أن نتفاعل مع خبر مبتور.

كان يسعه أن يطلب استفساراً، ويُرسِل أحداً إلى العراق، ونحن نستقبله، وأهلاً وسهلاً به، ويرى بأمِّ عينه حقيقة الأمور على الأرض.

يُوجَد فرق بين أن يتنافر اثنان أحدهما سُنيّ، وآخر شيعيّ، وبين مجموعة مع مجموعة -لا سمح الله- والقضيّة تأخذ صفة مُجتمَعيّة.

لا تـُوجَد لدينا صفة مُجتمَعيّة مُضادَة، ومُتقاطِعة بين السُنـّة والشيعة. هذه مُستحيلة، نعم.. رُبّما تحدث حالة فرديّة لكن لا ينبغي أن نتهم الكلّ.

 

  • هل أوضحتم الصورة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: صدر بيان، وكتبتُ رسالة، ولكن ننتظر تصحيح الموقف، ونحن واثقون من أنفسنا، ولا تـُوجَد لدينا هكذا مُمارَسات، ولا نسمح بها أبداً؛ النفس مُحرَّمة، ولا يجوز التمثيل حتى بالكلب العقور، وأيُّ واحد يُقتـَل سنيّاً كان أم شيعيّاً، مُسلِماً كان أم غير مُسلِم من أيِّ خلفيّة كانت هذا بالنسبة لنا غالٍ، وعزيز علينا، ولا يُمكِن أن نقبل، ونتهاون في ذلك، ويجب أن يخضع الجاني للمحكمة، وتـُنزَل به أشدُّ العقوبات العادلة: ((ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)).

 

  • هل سيلعب الأزهر الشريف دوراً بوجه هذا الفكر الداعشيِّ، أو تستعينون به لمُحارَبة تيّار مثل داعش؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الساحة لمَن يُبادِر. كان الأمل ولايزال أن يضطلع الأزهر الشريف بهذه المَهمّة مثلما نهض المرحوم أحمد أبو جرة، ومحمود شتوت، ومحمد حسين كاشف الغطاء، وعبدالحسين شرف الدين.

يُمكِن للأزهر أن يلعب دوراً كبيراً، ويُنزِل خطابات مُتأنية، ويُساهِم في إخماد هذه الفتنة؛ لأنـَّه في وقت الأزمات تتجلـّى المواقف الجيِّدة لهذه المُؤسَّسات سواءً كان الأزهر الشريف، أم النجف الأشرف، أم العلماء والمُفكِّرين. الجميع يجب أن يُساهِم في اتجاه لتعبئة الشارع نحو التمسُّك بعُرى الوحدة، وعدم الاستجابة لهذه التناقضات.

 

  • ما مَطالب العراق من القِمّة العربية، وما الذي تنتظرون، أو تأملون أن يحدث، أو يصدر من قرارات من القِمّة العربيّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نـُريد من القِمّة العربيّة أن ترتقي إلى كونها قِمّة، والقِمّة هي قدر أمم، وقدر شُعُوب، فيجب أن ترتقي إلى هذه المسؤوليّة، وتلثم جراح هذه الأمّة.

لماذا لاتزال جراح الأمّة نازفة؟

لماذا الفقر باقٍ إلى الآن وهي دول غنيّة؟

نريد أن تتقلـَّص المسافات بين هذه الدول، وتـُساهِم في مُواجَهة التحدِّيات. هناك دول ومنها العراق تـُواجـِه الإرهاب، وهناك معارك جانبيّة، وخلافات بين الحكومات يستفيد منها العدوُّ المُشترَك غير العربيّ.

 

  • الأزمة اليمنيّة تصاعدت هذه الأيام بشكل كبير جدّاً ما موقف العراق، أو ما رؤية العراق لحلِّ هذه الأزمة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: موقفنا من اليمن هو جزء من موقفنا من الدول العربيّة التي تـُعاني من اضطرابات. نعتقد أنَّ الحُلول السياسيّة هي الأفضل، وهذا ينطبق -مع بعض الفـُرُوق الخاصّة الموضوعيّة- على سورية، وليبيا، وعلى اليمن، وعلى أيّة دولة تتعرَّض لاستفزاز.

نحن مع الحُلُول السياسيّة، وأيّ بلد يتعرَّض لمشاكل، ويأخذ صفة عنفيّة فالحلُّ الصحيح هو الحلُّ السياسيُّ؛ ما تضيق به الحُرُوب والأسلحة يتسع له الحلُّ السلميُّ والحلُّ السياسيّ.

 

  • هل يقوم العراق بوساطة في هذه الأزمة خصوصاً أنَّ لدى العراق علاقات جيِّدة باليمن وإيران باعتبار أنَّ هناك دعماً إيرانيّاً للحوثيِّين؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: العراق لا يتدخـَّل في شُؤُون الدول، لكنه لا يبخل بالاستجابة عندما يُطلـَب منا ذلك، ويهمُّنا كثيراً أن نجد أشقاءنا العرب في حالة انسجام، نعم.. نتجنـَّب التدخـُّل، لكنـَّنا لا نستطيع أن نمنعه؛ فهناك تداخُل في الواقع العربيِّ، وتداخُل في المُجتمَعات.. انتقل إلينا الإرهاب من سورية، ويُحتمَل -لا سمح الله- أن يذهب إلى دول أخرى.

نحن على أتمِّ الاستعداد لبذل الجُهد على المُستوى العربيِّ، والمُستوى الدوليِّ، وفي أيِّ مكان نستطيع أن نـُقدِّم خدمة، ونـُقلـِّص الفجوة بين دولة ودولة لا نألو جهداً، ولا نبخل.

 

  • هل ترون الطرح المصريّ حول تشكيل قوة عربيّة لمُواجَهة الإرهاب يُساهِم في مُواجَهة تنظيم داعش، والتنظيمات الأخرى؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كمُبادَرة عسكريّة فيها نقطة قوة، هي: وجود إحساس بالخطر المُشترَك على الدول العربيّة، ونقطة قوة أخرى يجب أن يكون الردُّ ردّاً عربيّاً، ولكن لا ينبغي أن تقع ضحيّة السرعة، واختصار الزمن.

يجب أن تـُعطى الوقت الكافي، والمُقدَّمات الكافية؛ لأنَّ النتيجة تتأثـَّر بالمُقدّمة. يجب أن تُدرَس بتأنٍّ، ويُستعان برأي الجنرالات والأركان خُصُوصاً أنَّ هناك ساحات مُلتهـِبة كالعراق، ويجب أن يُعطي العراقيُّ رأيه فيها أوّلاً؛ لأنَّ القوات المُسلّحة العراقيّة قديمة، وثانياً الآن هي مُلتهبة الأرض. المُؤتمَرات لا تستطيع أن تـُنجـِز ورقة مشروع ما لم تسبقها مُقدَّمات تفصيليّة.

 

  • وزير الخارجيّة اليمنيّ طلب اليوم تدخـُّلاً رسميّاً عسكريّاً عبر رسالة وجَّهها من الرئيس اليمنيّ عبد ربه منصور إلى الأمين العامّ للجامعة العربيّة يطلب من مجلس الجامعة العربيّة التدخـُّل العربيَّ سواء درع الجزيرة أم غيره؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: على جامعة الدول العربيّة أن تـُبرهِن على أفقها الأبويِّ، ولا تتسرَّع في أشياء من دون أن تحسب حساباتها. يجب أن تكون الخطوات مُتأنـِّية، ومدروسة، نعم.. هو يرى نفسه في ضائقة، وأزمة داخل اليمن ومن الطبيعيِّ أن يُوجِّه رسالته إلى جامعة الدول العربيّة، ولكن أن يكون الحلّ عسكرياً وضربة سريعة في أسرع وقت مُمكِن يجب على الدول أن تفكر كثيراً؛ لأنها - لا سمح الله- من حيث لا تقصد تصبُّ زيتاً على النار.

التأنـِّي مطلوب، والحكمة مطلوبة. أنا مع حلِّ المُشكِلة، ومع الحلِّ السريع، لكننا لا نميل إلى استخدام العنف والعنف المقابل؛ لا ينبغي أن نلجأ إلى الحُلُول العسكريّة.

 

  • كيف تصف العلاقة بين العراق ومصر؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: العلاقة بين العراق ومصر عريقة، ومن حيث الحضارة وُلِدنا وإياهم في الألف الرابع قبل الميلاد، مصر جاءت بعد العراق من حيث الحضارة، نحن دولة حضاريّة في بداية الألف الرابع قبل الميلاد، وهم في نهاية الألف الرابع قبل الميلاد.

حضارة الأهوار وحضارة الأهرام بقيت على طول الزمن تتواشج على الرغم من الفارق القارّيّ، هم في شمال أفريقيا، ونحن في قلب آسيا، ولكن بقيت العلاقة طيِّبة.

الدراما المصريّة، والأزهر الشريف، والمدرسة، والكُتّاب، والشعر المصريّ كما هو في العراق، درستُ في العراق عند أساتذة مصريِّين في الثانوية، ومنهم: أستاذ محمد محمود عبد الفتاح، وإبراهيم أبو النجا، وحسن حلمي سالم، ومحمد علي الكريمي.

دخلوا إلى العراق، وعملوا مع العراقيِّين، وتزوَّجوا في العراق، فالعلاقة طيِّبة وإذا أردتَ أن نتحدَّث عن المُشترَكات بين العراق ومصر فهي كثيرة.

نتمنـَّى أن ترجع مصر لتحتلَّ موقعها المُتصدِّر كما كانت؛ وهذا بالنسبة لنا قوة، وموضع احترام وتقدير.

 

  • كيف وجدتم الضربة الجوّيّة المصريّة لداعش في ليبيا كضربة وقائيّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا نستطيع أن نـُجزِّئ بين الأمن كما لا نـُجزِّئ بين الإرهاب؛ تتعدَّد الساحات إلا أنَّ الإرهاب واحد، وقوة الإرهاب في كلِّ منطقة ضدّنا، وقوة ردِّنا عليه في كلِّ منطقة يكون من صالحنا.

مثلما لا يتجزَّأ الأمن لا يتجزَّأ الإرهاب، فنحن في معركة واحدة ضدَّ الإرهاب، ولكن في ميادين مُختلِفة، فعندما يقوى الإرهاب في مصر يُضعِفنا، وكذا عندما يقوى في سورية، وفي بلدان العالم الأخرى.

أنا لستُ كنديّاً لكنَّ اقتحام الإرهابيِّين للبرلمان الكنديِّ يُقوِّي معنويّاتهم، ويُضعِفنا نحن، وكذلك في فرنسا، والسويد، وكلِّ منطقة من مناطق العالم.. المعركة ضدّ الإرهاب لا تتجزّأ.

العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy