الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

المُؤتمَر الصَحَافيّ المُشترَك لوزير الخارجيّة العراقيّة الدكتور إبراهيم الجعفري مع وزير الخارجيّة الإيرانيّة مُحمَّد جواد ظريف 7/12/2014
الاخبار | 08-12-2014

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الغارات الجوّيّة أصابت أهدافاً لداعش، وحقـَّقت نتائج على الأرض، وتسبَّبت بهزائم في أوساط داعش، فتقهقرت، وتراجعت إلى الخلف، وتبع ذلك تحرُّك أرضيٌّ للقوات المُسلـَّحة العراقيّة، وقدَّمنا عدداً من الشهداء. ما موجود على الأرض العراقيّة من قوّات بصنوفها كافة من مجاميع البيشمركة، والحرس الوطنيّ، الحشد الشعبيّ كلـُّها تنضوي تحت لواء القوات المُسلـَّحة العراقيّة، وتـُحقـِّق نتائج باهرة..

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: مُختلِف بلدان العالم مُواطِنوها موجودون في العراق الآن؛ لذا نحن لا نـُواجـِه داعش عراقيّة فقط على الأرض العراقيّة إنَّما نـُواجـِه حالة عالميّة تحت لواء داعش، وهذا قرع جرس الخطر في هذه الدول لأن تنتبه بأنَّ المُواطِنين الذين جاؤوا من بلد الديمقراطيّات الغربيّة، ويعملون ما يعملون في العراق يُمكِن أن يعودوا إلى بلدانهم، ويعملوا أسوأ من ذلك، وبالفعل تحقـَّق هذا عندما اقتحمت داعش البرلمان الكنديَّ، وهي أكبر ديمقراطيّة في العالم، وقتلوا ثلاثة من الشرطة..

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الدول الخليجيّة وقفت موقفاً جيِّداً، ومن خلال زيارتي إلى عِدّة دول خليجيّة وجدتُها جميعاً مُتفِقة، وتُصرِّح في الإعلام بأنَّها تُدين داعش كخطوة أولى، ومُستعِدّة لمدِّ يد المُساعَدة، والمُسانَدة للعراق..

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بالنسبة لآفاق المُساعَدة أختصرها بثلاثة، الأفق الأوَّل: هو العسكريّ والأمنيّ، والأفق الثاني هو الأفق الخدميّ والإنسانيّ، والأفق الثالث هو البنية التحتيّة، والإعمار، والبناء؛ لأنَّ داعش تقوم بتحطيم البنية التحتيّة في أيِّ مدينة تحتلها؛ وهذا يُورِّث تركة ثقيلة من التخريب، فساهمت بعض الدول، وأعطت بعض الشيء. المملكة السعودية أعطت مُساعَدات ماليّة، وكذلك بعض الدول..

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أجبنا في مُؤتمَر المنامة عن أسئلة كثيرة، منها ما يتعلق بإيران، ومنها ما  يتعلّق بوجود مليشيات.. تحدَّثنا بكلِّ صراحة، وقلنا لهم: إنَّ إيران دولة جوار جغرافيّ، وساعدتنا، ووقفت إلى جانبنا منذ وقت مُبكِّر، وبيننا وبينهم حدود أكثر من ألف كيلومتر، ودافعنا عن فصائل الحشد الشعبيِّ في الداخل العراقيِّ، وقلنا لهم: إنَّ هؤلاء مُناضِلون، وبعضهم عملوا في المُعارَضة، وقدَّموا شهداء، واختارهم الشعب، ودخلوا إلى البرلمان، ومنه إلى الحكومة ومنها مُنظَّمة بدر، وبقيّة المُنظـَّمات؛ فنحن لا يُمكِن أن نتقبَّل بأن تُوصَف مُنظـَّمات هي ضحيّة الإرهاب بأنَّها مُنظَّمات إرهابيّة..

 

المُؤتمَر الصَحَافيّ المُشترَك لوزير الخارجيّة العراقيّة الدكتور إبراهيم الجعفري مع وزير الخارجيّة الإيرانيّة مُحمَّد جواد ظريف 7/12/2014

 

مُحمَّد جواد ظريف: اليوم سنحت لنا الفرصة لأن نتحدَّث عن مجالات التعاون بين العراق وإيران، ومُواجَهة التطرُّف، والإرهاب في العراق وسورية والمنطقة.

تحدَّثنا عن العلاقات، والتعاون الواسع والجيِّد بين إيران وبين العراق.

إيران تتحدَّث عن الطوائف العراقيّة التي تقف أمام الإرهاب، ونحن مسرورون بأنَّ المُجتمَع الدوليَّ قد انتبه إلى التطرُّف والإرهاب؛ ولأجل مُواجَهة هذه الحركة حصل إجماع دوليٌّ، وإجماع عالميّ، وبدأ يتشكـَّل.

الشعب العراقيّ يعلم جيِّداً أنَّ حكومة إيران وشعب إيران، والقيادة الإسلاميّة في إيران يقفون جميعاً إلى جانب الشعب العراقيِّ، وجميع الطوائف والقوميّات في العراق؛ من أجل التقدُّم، وكذلك أمن واستقرار العراق، نعم.. تحدَّثنا عن الكثير من مجالات التعاون، وتناقشنا مع السيِّد وزير الخارجيّة، وسنستمرُّ في هذه المُحادَثات على المُستويات كافة.

هناك زُهاء مليون زائر إيرانيّ وصلوا إلى العراق لأداء زيارة أربعينيّة الإمام الحسين -عليه السلام- وأنا مُتأكـِّد أنَّ الحكومة العراقيّة، ووزارة خارجيّة العراق، والمحافظات، والشعب العراقيّ المِضياف سيستقبلون الزائرين، والذين قاموا منهم باستقبال وضيافة الزائرين أتقدَّم بالشكر منهم، وأتمنـَّى أن تكون مُناسَبة الأربعين رمزاً للوحدة لجميع الشعب العراقيِّ من دون أيِّ عنف، وأيِّ مشاكل، وأن يستفيد الجميع سواء من العراقيِّين أم من غير العراقيِّين من هذه المُناسَبة.

مرّة أخرى أرحِّب بالسيِّد الدكتور الجعفريِّ، والوفد المُرافِق، ونحن مسرورون جدّاً بأن نراكم في طهران.

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ:             بسم الله الرحمن الرحيم

وافر الشكر، وعظيم الامتنان للسيِّد وزير خارجيّة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة على هذه الدعوة، وعلى هذه الحفاوة، وهذه الكلمات الحانية، والطيِّبة.

تأتي زيارتي للجمهوريّة الإسلاميّة في سياق تعميق، وتفعيل العلاقات العراقيّة-الإيرانيّة، والتأكيد على المُشترَكات التي تربط الجمهوريّة الإسلاميّة بالعراق، واستجابةً لحقائق تاريخيّة، وجغرافيّة، والمصالح الحيويّة المُشترَكة بيننا وبين الجمهوريّة الإسلاميّة، وأخيراً هناك خطر استراتيجيّ مُشترَك، وهو وجود داعش على الأرض العراقيّة.

كلُّ هذه تستدعي أن نرتقي بالعلاقات إلى أعلى ما يُمكِن، ونـُنسِّق على أعلى درجات التنسيق، وفي الوقت نفسه كانت فرصة لأن نـُعرِّف بحقيقة ما يجرى في الداخل العراقيّ. هناك خطوات حثيثة حصلت، وهناك استكمال للحكومة العراقيّة، وهناك تنسيق، وتعامُل، وتغلـُّب على المُشكِلة التي طالما هدَّدت العلاقة بين الحكومة الاتحاديّة وبين حكومة الإقليم، وهناك تقدُّم أمنيٌّ حقيقيٌّ. القوات الأمنيّة استرجعت منطقة جرف الصخر في الحلة، وهناك تقدُّم حقيقيٌّ أيضاً في منطقة حمرين، وتقدُّم حقيقيٌّ في منطقة الإسحاقيّ، ومنطقة بيجي.

وهناك تقدُّم في المسار السياسيِّ إلى جانب المسار العسكريّ؛ لذا نتطلـَّع لمزيد من التعاون والتنسيق بين الجمهوريّة الإسلاميّة وبين العراق لخير البلدين، ولخير المنطقة.

الجمهوريّة الإسلاميّة لها حدود طويلة على العراق، ولها إطلالة على العراق، وهناك تنافُذ وتداخُل مُجتمَعيّ يربط شعب الجمهوريّة الإسلاميّة بالشعب العراقيِّ الصديق ومنها العتبات المُقدَّسة للأئمة الأطهار في العراق، وكذلك شيعة العراق يتوقون، ويتطلـَّعون أيضاً لزيارة المرقد المُطهَّر لثامن أئمّة أهل البيت الإمام الرضا -عليه السلام- وبهذه المُناسَبة ونحن في أجواء الأربعينيّة من دون شك أنَّ عموم الشيعة في العالم عراقيّين وإيرانيّين، وعرباً خارج العراق سيصدحون بصوت الإمام الحسين، وهذا هو الوجه الآخر للثورات الحقيقيّة السلميّة والإنسانيّة، وليس الوجه القبيح لداعش.

الإمام الحسين عنوان الثورات في العالم، الإمام الحسين أعطى درساً لغاندي في القرن العشرين: علـَّمني الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر, كانت ثورته ضدَّ الظلم، وحقنت الدماء، وحفظت الأعراض، وحفظت كلَّ شيء على عكس الأنموذج السيّئ الذي يتقدَّم اليوم.

نحن بأمسِّ الحاجة للتنسيق والتعاون بيننا وبين الجمهوريّة الإسلاميّة، ويجب أن نـُثبـِت شكرنا لها على مواقفها الإنسانيّة إذ حضرت منذ وقت مُبكـِّر، ومدَّت يد العون في وقت كان العراق يمرُّ بظروف استثنائيّة.

مرَّة أخرى أكرِّر شكري، وعظيم امتناني، وتقديري لأخينا وزير الخارجيّة على هذه الدعوة، وعلى هذه الحفاوة، وأنا مُمتنٌّ جداً، وسعيد أن أجد اليوم المُكوِّن العراقيَّ بكلِّ عناصره يمشي باتجاه كربلاء، ويتحدَّى داعش، ويتحدَّى الإرهاب، ولا أنسى، ولن أنسى موقف المرجعيّة الدينيّة في العراق إذ وقفت موقفاً مُشرِّفاً، وحشَّدت الجماهير بعيداً عن الطائفيّة، وبعيداً عن أن تكون هناك مراكز استقطاب خارج القوات العراقيّة المُتمثـِّلة بالقوات المُسلـَّحة العراقيّة؛ حتى تكون هذه جزءاً لا يتجزَّأ من القوات المُسلـَّحة العراقيّة، ولا تتفتـَّت قابليّاتها.

إلى مزيد من التعاون، والانتصار -بإذن الله تعالى- شكراً جزيلاً.

 

  • بعد مُضيِّ هذه الفترة، وزهاء 30 ألف صاروخ أُطلِقَ على داعش نرى أنَّ الكثير من أفراد داعش استسلموا، لكنَّ مُقاتِلي داعش لايزالون في العراق. ما سبب عدم النجاح، هل هناك أهداف أخرى يُلاحِقونها في العراق أم لا؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن نتعامل مع التحالف الدوليِّ بالشروط التي وضعها العراق، وكتبتُ بها رسالة إلى مجلس الأمن، ومنها: أن تكون مقصورة على الدعم الجويِّ، وأن تـُحدَّد الأهداف على الأرض لداعش، ويبتعدوا عن المناطق الآهلة بالسكان، ويُركـِّزوا على أهداف داعش من دون ضرب أيِّ هدف مَدَنيٍّ، وأن يحترموا السيادة العراقيّة، ويُنسِّقوا مع القوات المُسلـَّحة العراقيّة. بهذه الشروط وافقنا على أن يتحرَّك التحالف الدوليُّ في الأجواء العراقيّة، أمّا على الأرض فلسنا بحاجة إلى قوّات إنـَّما غارات جوّية.

الغارات الجوّيّة أصابت أهدافاً لداعش، وحقـَّقت نتائج على الأرض، وتسبَّبت بهزائم في أوساط داعش، فتقهقرت، وتراجعت إلى الخلف، وتبع ذلك تحرُّك أرضيٌّ للقوات المُسلـَّحة العراقيّة، وقدَّمنا عدداً من الشهداء. ما موجود على الأرض العراقيّة من قوّات بصنوفها كافة من مجاميع البيشمركة، والحرس الوطنيّ، الحشد الشعبيّ كلـُّها تنضوي تحت لواء القوات المُسلـَّحة العراقيّة، وتـُحقـِّق نتائج باهرة.

 

  • جرى التأكيد في مُؤتمَر المنامة على أهمّيّة المُواجَهة العسكريّة، والفكريّة لتنظيم  داعش. هل محور التبادُل الثقافيّ، والتعاون الأمنيّ موجود ضمن أجندة الحوار مع الجانب الإيرانيِّ، وهل العراق سيلعب دور حلقة الوصل بين الأشقاء العرب وبين الجمهوريّة الإسلاميّة؟
  • سؤال إلى سعادة الدكتور ظريف وزير الخارجيّة: العراق يُواجـِه تحدِّي الإرهاب، والحفاظ على أرواح الملايين من الزوار في هذه الأيام يُشكِّل عبئاً كبيراً على الحكومة العراقيّة، وإحدى طـُرُق المُواجَهة هو الدعم العسكريُّ والاقتصاديُّ. هل سنشهد عقد اتفاقيّات ثنائيّة لتعزيز العلاقات بين البلدين، ومُساعَدة العراق عن طريق التعاون ولو نسبيّاً مع التحالف الدوليِّ، ومع الحكومة العراقيّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هناك تلاحُم عميق بين العامل العسكريِّ، والعامل الثقافيِّ.

قوة داعش تكمُنُ في البُعد الثقافيِّ، نعم.. هي ثقافة مُنحرِفة، ولكنها قويّة. داعش تـُقيم نظريَّتها على أساس التضحية بالشخص المُنتمِي لداعش. هذا عنصر قوة بالنسبة لهم، نعم .. هو ضالٌّ، ومُنحرِف.

أحد عناصر الثقافة التي غُسِلتْ أدمغتهم عليها أنـَّه عندما تختلف مع أحد استبـِح دمه، وعِرضه، وماله، وسيادته، وأرضه، والعنصر الآخر في هذه الثقافة الشاذة هو استهداف النساء، والأطفال، والشيوخ، وكلِّ شيء؛ لذا نـُركـِّز على هذه الثقافة بالمُعادِل الثقافيِّ، والعنصر الثالث أنـَّها مُعولـَمة إذ تأتي بمُواطِني داعش من كلِّ قارّات العالم من أستراليا، ومن أميركا، ومن أوروبا، ومن جنوب شرق آسيا.

مُختلِف بلدان العالم مُواطِنوها موجودون في العراق الآن؛ لذا نحن لا نـُواجـِه داعش عراقيّة فقط على الأرض العراقيّة إنَّما نـُواجـِه حالة عالميّة تحت لواء داعش، وهذا قرع جرس الخطر في هذه الدول لأن تنتبه بأنَّ المُواطِنين الذين جاؤوا من بلد الديمقراطيّات الغربيّة، ويعملون ما يعملون في العراق يُمكِن أن يعودوا إلى بلدانهم، ويعملوا أسوأ من ذلك، وبالفعل تحقـَّق هذا عندما اقتحمت داعش البرلمان الكنديَّ، وهي أكبر ديمقراطيّة في العالم، وقتلوا ثلاثة من الشرطة.

اتصلتُ حينها بوزير خارجيّة كندا، وقلتُ له: يُؤسِفني أنَّ التنبُّؤ الذي قـُلته في نيويورك قد تحقـَّق.

هذه هي داعش تقتحم بيت الشعب الكنديّ، وتقتل ثلاثة من حُرّاسه؛ لتشعروا أنَّ خطر داعش ليس في العراق فقط إنـَّما في كلِّ العالم؛ إذن داعش مُعولـَمة، ولا أتردَّد عندما أصف هذه الحرب بأنَّها حرب عالميّة في الوقت الذي أتحفَّظ على تعبير الحرب العالميّة الأولى، والثانية؛ لأن لم يكن كلُّ العالم هدفاً، بينما داعش تستهدف كلَّ المعابد، وكلَّ الحدائق العامّة، وكلَّ المدارس، وكلَّ التجمُّعات السكانيّة، وكلَّ الأسواق، بل كلّ المُستشفيات أهداف جاهزة لداعش. هذا هو الخطر؛ لذا يجب أن نضع مُعادِلاً ثقافيّاً نُثقِّف الناس والشباب على أن لا ينخرطوا في متاهات هذه القضيّة.

أمّا السؤال الثاني: سياستنا في الخارجيّة تقوم على استراتيجيّة إقامة علاقات ثنائيّة بين العراق ودول العالم، لكنَّنا نـُقوِّي العلاقات بينها.. على سبيل المثال: هناك أزمة الآن بين تركيا وسورية، وتحدَّثنا مع الجانب التركيِّ بصدد تقليص هذه الفجوة، وإنهاء الأزمة؛ فمن باب أولى أن نتحدَّث عن الجمهوريّة الإسلاميّة، فمن واجبنا أن نـُبرِز الوجه المُشرِق لإيران، ونتحدَّث عن دورها الإنسانيِّ في قضايا المنطقة عامّة، والعراق  بصورة خاصّة.

نتحدَّث بذلك، ولا نتردَّد.

 

مُحمَّد جواد ظريف: أوَّل نقطة بالنسبة لعلاقات إيران والمنطقة أنـَّنا نـُريد علاقات جيِّدة، ومُشترَكة، وأخويّة بين جميع دول المنطقة، ونحن نعتقد أنَّ التهديدات الموجودة في المنطقة هي تهديدات جماعيّة، والخطر سوف يعمُّ الجميع.

أنا أعتقد أنَّ هذا الفهم جاء مُتأخِّراً إلا أنَّ أصدقاءنا في المنطقة قد توصَّلوا إلى هذه النتيجة التي مفادها بأنَّ المجموعات المُتطرِّفة خطر على جميع دول المنطقة، ونحن نعمل على وفق هذا الإدراك الجديد، ونرى العراق كالجسر من أجل الاستقرار، والسلام، والأخوَّة، والصداقة في المنطقة، ونحن مسرورون جدّاً بأن يقوم العراق بهذا الدور.

أمّا بالنسبة للسؤال الذي طرحتموه: فالعالم اليوم قد توصَّل إلى هذه الحقيقة، وأنَّ أوَّل دولة هبَّت لنجدة الشعب العراقيِّ لمُواجَهة التطرُّف والإرهاب، وقامت بتقديم المُساعَدات بطريقة عمليّة هي الجمهوريّة الإسلاميّة، وقامت بذلك على وفق مسؤوليّتها كجارة للعراق، وأنا أتذكَّر أنَّ السيِّد بارزاني قال: إنَّ إيران هي الدولة الأولى التي هبَّت لنجدة الشعب في كردستان؛ وعلى هذا الأساس فالشعب العراقيّ الأكراد والعرب، والسُنّة والشيعة كلـّهم إخوة يُواجـِهون عدوَّاً مُشترَكاً.

هذا العدوُّ خطر جدّاً، وله بُعد ثقافيّ، وآثار هذا العدوِّ تنتقل إلى أماكن أخرى ليس في هذه المنطقة فقط، وليس ضدَّ الشيعة والسنة فقط، ولكن ضدّ شعوب العالم.

نحن نطمئنكم جميعاً بأنـَّنا سوف نكون إلى جانب الشعب العراقيّ، وإلى جانب أشقائنا في العراق سواء كانوا من السُنّة أم من الشيعة، من العرب، أم من الأكراد.

 

  • هل تعتقدون أنَّ المُؤتمَر الذي يُعقـَد في طهران له دور في وقف مدِّ موجة العنف بالمنطقة؟
  • سؤال للسيِّد وزير الخارجيّة ظريف: تحدَّثتَ أثناء كلمتك عن مُواجَهة داعش والتكفيريِّين. هل سيكون له أثر في المُستقبَل، هل سننتظر حدثاً سعيداً أو قراراً مُشترَكاً لإيقاف تقدُّم داعش؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن اتفقنا على أنَّ الثقافة تلعب دوراً كبيراً جدّاً في مُكوِّن داعش، ومُرتـَكزها الثقافيّ لعب دوراً خطيراً إذ حوَّل هؤلاء الشُذّاذ إلى مُقاتِلين من الطراز الأوّل على الرغم من عدم مشروعيّتهم، وخروجهم عن الطبع البشريِّ، ولكن لأنَّ لديهم قاعدةً ثقافيّةً تـُبيح لهم أن يُقاتِلوا؛ إذن يجب أن نبحث عن مُعادِل ثقافيٍّ يواجـِه هذه الثقافة، ويُعيد الشباب إلى الطريق الصحيح. مُؤتمَر طهران فرصة لإثراء الخطاب، وإثراء القاعدة المعرفيّة والثقافيّة، وإيجاد المُعادِل الطبيعيِّ لهذه الحالات، ومن دون شكٍّ سيُشارك عدد كبير من إخواننا من أبناء السُنّة؛ وهذا بالنسبة إلينا مُهِمٌّ جدّاً؛ لأنَّ داعش تدَّعي بأنَّها سُنّيّة الخلفيّة، وسُنّيّة الاتجاه، والسُنّة منهم بَراء.

السُنّة هم مَن يلتزم بأدب القرآن الكريم، والسُنّة المُطهَّرة، كما أنَّ لدينا عدداً كبيراً من أبطالنا الجنود والضباط والعشائر السُنّيّة يُقاتِلون ضدَّ داعش دفاعاً عن العراق؛ لذا أعتبر المُؤتمَر بادرة طيِّبة جدّاً.

وبالنسبة إلينا هو فرصة طيِّبة لأن نُلقِي خطاباً، ونُوضِح، ونُجيب عن الأسئلة؛ حتى ننقل حقيقة ما يجري في العراق، والتقدُّم العسكريِّ الفعليِّ، والتقدُّم السياسيِّ لحكومة الأخ العبادي، والتآخي والانسجام بين أبناء السُنّة والشيعة في العراق، وتعبئة القبائل العربيّة السُنّيّة في منطقة الأنبار، وفي الوقت نفسه نستمع إلى خطابهم، وإلى مُلاحَظاتهم، ونتفاعل معها.

 

مُحمَّد جواد ظريف: المجموعات التكفيريّة، والمُتطرِّفة رُبَّما كان يُعتقـَد بأنَّ لديهم مصالح، أو لديهم منافع خلال هذه الفترة القصيرة، ولكنهم أدركوا أنَّ هذه المجموعات المُتطرِّفة ليس لديها أيُّ شيء سوى الضرر، وليس هناك أيُّ مصالح ومنافع خلال هذه الفترة القصيرة.

هذا الخطر الاستراتيجيّ يجب أن لا ينتشر.

أعتقد أنَّ هذا الإدراك ظاهرة مُبارَكة، وهذا التحوُّل مُهِمٌّ جدّاً في المنطقة، ولكن يجب علينا أن ننتظر، ونرى آثار هذا الإدراك على تصرُّفات أصدقائنا وسلوكهم بالمنطقة، وإن كان هناك أرضيّة للتفاؤل وهي توقـُّف داعش، والهزائم المُتكرِّرة لداعش سواءً في العراق، أم بحضور الشعب العراقيِّ بجميع طوائفه من الشيعة والسُنّة، من العرب والكرد، وكذلك الحضور المُؤثـِّر للمرجعيّة الدينيّة والحضور المُفيد والمُؤثـِّر لحكومة السيِّد العباديّ.

أعتقد أنَّ المُستقبَل سوف يكون مُشرِقاً بإيقاف هذا الخطر الشامل، وهذا سوف يبعث فينا الأمل. أمّا المُواجَهة فستكون عسكريّة، وثقافيّة، وسياسيّة، ودوليّة.

 

  • كيف ترون دور الدول الخليجيّة في مُحارَبة الإرهاب بخاصّة أنَّ بعض هذه الدول أعضاء في التحالف الدوليّ، وقد كانت من أبرز المُموِّلين للمجاميع الإرهابيّة، وما هي رسالتكم من حوار المنامة في البحرين؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الدول الخليجيّة وقفت موقفاً جيِّداً، ومن خلال زيارتي إلى عِدّة دول خليجيّة وجدتُها جميعاً مُتفِقة، وتُصرِّح في الإعلام بأنَّها تُدين داعش كخطوة أولى، ومُستعِدّة لمدِّ يد المُساعَدة، والمُسانَدة للعراق.

بالنسبة لآفاق المُساعَدة أختصرها بثلاثة، الأفق الأوَّل: هو العسكريّ والأمنيّ، والأفق الثاني هو الأفق الخدميّ والإنسانيّ، والأفق الثالث هو البنية التحتيّة، والإعمار، والبناء؛ لأنَّ داعش تقوم بتحطيم البنية التحتيّة في أيِّ مدينة تحتلها؛ وهذا يُورِّث تركة ثقيلة من التخريب، فساهمت بعض الدول، وأعطت بعض الشيء. المملكة السعودية أعطت مُساعَدات ماليّة، وكذلك بعض الدول.

أثناء زيارتي أيضاً أبدت بعض هذه الدول استعدادها لتقديم مزيد من المُساعَدات، وبعض الدول وعدت، ووصلت صفقة أولى من بعض السلاح، وإن كنا نطمح لأن يكون أكثر من ذلك.

هذا بالنسبة إلى الدول الخليجيّة.

أمّا ما يتعلق بلقاء المنامة فقد أخذ طابعاً فكريّاً، وكان لي خطاب حُدِّد عنوانه سلفاً، وهو: (سورية والعراق والأمن الإقليميّ)، ورحَّبت بهذا العنوان؛ لأنَّ الأمن بين مناطق الجوار مُترابـِط، وعادة الإرهاب يعبر من دولة إلى أخرى من دون فيزا، وباشَرَ الإرهاب جولته الأولى في سورية، وكنا نتوقـَّع أن ينفذ إلى العراق؛ هذا ذكَّرني بحرب الثلاثين عاماً في القرن السابع عشر بين الشمال والجنوب الألمانيّ بين البروتستانت والكاثوليك ثمَّ عبر إلى الدنمارك والسويد؛ لذا على الدول المُتجاورة أن تحسب حساب أيِّ خطر، وأيِّ فتنة تشتعل ذات طابع طائفيّ فإنَّها سرعان ما تنتقل إلى دول الجوار الجغرافيِّ؛ لذا فمن الطبيعيِّ جدّاً أن تستنهض الدول جميعاً، وتواجه هذا الخطر المُشترَك.

أجبنا في مُؤتمَر المنامة عن أسئلة كثيرة، منها ما يتعلق بإيران، ومنها ما  يتعلّق بوجود مليشيات.

تحدَّثنا بكلِّ صراحة، وقلنا لهم: إنَّ إيران دولة جوار جغرافيّ، وساعدتنا، ووقفت إلى جانبنا منذ وقت مُبكِّر، وبيننا وبينهم حدود أكثر من ألف كيلومتر، ودافعنا عن فصائل الحشد الشعبيِّ في الداخل العراقيِّ، وقلنا لهم: إنَّ هؤلاء مُناضِلون، وبعضهم عملوا في المُعارَضة، وقدَّموا شهداء، واختارهم الشعب، ودخلوا إلى البرلمان، ومنه إلى الحكومة ومنها مُنظَّمة بدر، وبقيّة المُنظـَّمات؛ فنحن لا يُمكِن أن نتقبَّل بأن تُوصَف مُنظـَّمات هي ضحيّة الإرهاب بأنَّها مُنظَّمات إرهابيّة.


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy