|
المسخ السياسي
قراءات | 02-07-2017
الْمَسْخُ السِّيَاسِيّ الشَّأْنُ السِّيَاسِيُّ مَفْهُوْمٌ عَامٌّ يَتَّسِعُ لِكُلِّ مُوَاطِنِي أَيِّ بَلَدٍ سَوَاءٌ أَكَانُوْا دَاخِلَ أَمْ خَارِجَ ذَلِكَ الْبَلَدِ؛ مِمَّا يَتَطَلَّبُ الاهْتِمَامَ بِهِ بِشَكْلٍ بَالِغٍ حَتَّى يَتِمَّ التَّعَامُلُ مَعَ كُلِّ مَا يَمِتُّ لَهُ بِصِلَةٍ مِنَ النَّاحِيَةِ الاقْتِصَادِيَّةِ، أَوْ الأَمْنِيَّةِ، أَوْ الثَّقَافِيَّةِ؛ لِتَكُوْنَ الْمُكَوِّنَاتُ الاجْتِمَاعِيَّةُ الْمُخْتَلِفَةُ أَمَامَ مَسْؤُوْلِيَّةِ تَضَافُرِ الْجُهُوْدِ، وَصَبِّهَا لِلصَّالِحِ الْوَطَنِيِّ الْعَامِّ، وَعَدَمِ تَضْيِيْعِ أَيِّ فُرْصَةٍ مِنْ شَأْنِهَا الْمُسَاهَمَةُ فِيْ دَعْمِ الْمَصْلَحَةِ الْوَطَنِيَّة.. وَهِيَ -بِالضَّرُوْرَةِ- تَسْتَلْزِمُ وَعْياً سِيَاسِيّاً يُحِيْطُ بِكُلِّ مَا يَنْفَعُ، أَوْ يُضِرُّ بِالْبَلَدِ، وَقَدْ قِيْلَ بِمَفْهُوْمِ الْوَعْيِ السِّيَاسِيِّ إِنَّهُ الْفَهْمُ الْعَامُّ لِلْمُنَاخِ السِّيَاسِيِّ، وَمَا يُحَرِّكُهُ مِنْ تَجَاذُبَاتٍ، وَمُخَطَّطَاتٍ مِنَ الْفَاعِلِيْنَ السِّيَاسِيِّيْنَ دَاخِلَ الْبَلَدِ، أَوْ حَتَّى خَارِجَهُ؛ نَظَراً لِلتَّرَابُطِ الْعَالَمِيِّ لِلأَحْدَاث.. وَيَتَعَلَّقُ مَفْهُوْمُ "الْوَعْيِ السِّيَاسِيِّ" بِالأَفْرَادِ، وَالْمُنَظَّمَاتِ، وَالْمُجْتَمَعَاتِ عَلَى حَدٍّ سَوَاء.. لا يَخْتَلِفُ الْمُوَاطِنُوْنَ أَيّاً كَانَتْ مُسْتَوَيِاتُهُمْ، وَاخْتِصَاصَاتُهُمْ عَلَى قَاسِمِ الْمَصَالِحِ الْعُلْيَا لِلْبَلَدِ مِنْ حِفْظِ الثَّرَوَاتِ الْوَطَنِيَّةِ إِلَى رِعَايَةِ الْكَفَاءَاتِ، وَكَذَلِكَ لا خِلافَ عَلَى قَاسِمِ الْمَخَاطِرِ الَّتِيْ تُهَدِّدُ أَمْنَ الْبَلَدِ، وَسِيَادَتَهُ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَاسِمَيْنِ يَتَحَدَّدُ مَدَى وَعْيِ، وَحِرْصِ أَيِّ مُوَاطِنٍ عَلَى شَعْبِه.. ثَمَّةَ ظَاهِرَةٌ شَاذَّةٌ طَفَحَتْ عَلَى السَّطْحِ تَسْتَهْدِفُ إِعَاقَةَ عَمَلِيَّةِ الْبِنَاءِ، بَلْ تَتَّجِهُ لِهَدْمِ الْعَمَلِيَّةِ السِّيَاسِيَّةِ، وَتَصْدِيْعِ الصُّرُوْحِ الأسَاسِيَّةِ لِلدَّوْلَة.. وَحِيْنَ تَتَّجِهُ الْعَمَلِيَّةُ بِمُرَكَّبِهَا الْمَشْبُوْهِ مِنْ خِطَابٍ، وَشِعَارٍ، وَرُمُوْزٍ، وَآليَّاتٍ، وَمُمَارَسَاتٍ بِهَذِهِ الْوِجْهَةِ يَكُوْنُ أَقَّلُ مَا يُوْصَفُ بِهِ ذَلِكَ الرَّكْبُ أَنَّهُ مُنِيَ "بِالْمَسْخِ السِّيَاسِيِّ" بِحَيْثُ يَرَى الصُّوْرَةَ مَقْلُوْبَةً عَمَّا هُوَ فِيْ الصَّالِحِ الْوَطَنِيِّ مِنْ إِعَاقَةِ الْبِنَاءِ، وَالإِصْلاحِ إِلَى التَّسَتُّرِ عَلَى الْفَسَادِ إِلَى تَرْوِيْجِ الثَّقَافَتَيْنِ الطَّائِفِيَّةِ، وَالْعُنْصُرِيَّةِ إِلَى التَّدَخُّلِ الأَجْنَبِيِّ عَلَى الصَّعِيْدَيْنِ الإِقْلِيْمِيِّ، وَالدَّوْلِيِّ، وَانْتِهَاكِ السِّيَادَةِ إلِىَ فَتْحِ ثَغَرَاتِ خَلَلٍ مُفْتَعَلَةٍ بِالْجَبْهَةِ الدَّاخِلِيَّةِ، وَتَصْدِيْعِ الصَّفِّ الدَّاخِلِيِّ مَعَ وُجُوْدِ مُوَاجَهَةٍ وَطَنِيَّةٍ حَادَّةٍ ضِدَّ الْعَدُوِّ الدَّاعِشِيِّ الْخَطِيْر.. رُبَّمَا يُمَارِسُ ذَلِكَ الطَّابُوْرُ الْخَامِسُ الَّذِيْ تَمَيَّزَ بِالنِّفَاقِ فِيْ طَرْحِهِ شِعَارَاتٍ وَطَنِيَّةً بَرَّاقَةً، وَانْطَوَى عَلَى تَحَرُّكَاتٍ مَشْبُوْهَةٍ تُحَاوِلُ أَنْ تَنْخَرَ بِمُؤَسَّسَاتِ الدَّوْلَةِ، وَالْبُنَى الاجْتِمَاعِيَّةِ كَافَّة.. وَمِثْلُ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ مَا سَلِمَتْ مِنْهَا الْكَثِيْرُ مِنْ بُلْدَانِ الْعَالَمِ عِبْرَ مَرَاحِلِ التَّارِيْخ.. إِلا أَنَّ الْغَرِيْبَ فِي الأَمْرِ أَنْ تَتَحَوَّلَ إِلى ثَقَافَةٍ، وَيَكُوْنَ لَهَا خِطَابٌ صَرِيْحٌ، وَمُدَافِعُوْنَ مُبَاشِرُوْنَ يُهَاجِمُوْنَ الْفَسَادَ، وَيُطَالِبُوْنَ بِالإِصْلاحِ كَشِعَارٍ، وَحِوَارٍ، لَكِنَّهُمْ مَطْبُوْعُوْنَ بِصِبْغَةٍ فَاسِدَة.. وَيُعَبِّرُوْنَ عَنْ وِجْهَةٍ مَقْلُوْبَةٍ بِالْمُحَصِّلَةِ رُغْمَ مَا يُبْدُوْنَ مِنْ حِرْصٍ، وَيُكَرِّسُوْنَ مِنْ جُهْدٍ إِنَّهُ "الْمَسْخُ السِّيَاسِيُّ" الَّذِيْ يَجْعَلُهُمْ يُضِرُّوْنَ مِنْ حَيْثُ يَرِيْدُوْنَ النَّفْعَ، وَيُفْسِدُوْنَ مِنْ حَيْثَ يَزْعُمُوْنَ الإِصْلاحَ، وَهُوَ أَخْطَرُ مَا يُمْنَى بِهِ الإِنْسَان.. {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 103 - 104] التَّفْكِيْرُ مِنْ وَحْيِ الْعَادَةِ، وَالتَّقْلِيْدِ يَجْعَلُ صَاحِبَهُ يُفَكِّرُ بِطَرِيْقَةٍ مَقْلُوْبَةٍ؛ فَيَجْعَلُهُ عُرْضَةً لازْدِوَاجِيَّةِ الْمَعَايِيْرِ، بَلْ لِلنِّفَاقِ السِّيَاسِيّ.. وَلَمَّا كَانَ الْوَسَطُ السِّيَاسِيُّ هُوَ الأَخْطَرَ مِنْ دُوْنِ الأَوْسَاطِ؛ لأَنَّهُ يَرْتَبِطُ بِسِيَاسَةِ الدَّوْلَةِ فَإِنَّهُ مِنَ الطَّبِيْعِيِّ أَنْ تُكَثَّفَ أَقْصَى الْجُهُوْدِ مِنْ أَجْلِ ألا تُشَوَّهَ صُوْرَتُهُ، فَيَحِلَّ الظُّلْمُ بَدَلاً مِنَ الْعَدْل..
الإثنين 3/ذو الحجة/1437 الموافق 5/9/2016 |
|