الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

أخلاقية العطاء "بالبذل والتسامح"
قراءات | 12-06-2017

أَخْلاقِـيَّةُ الْعَطَاء
"بِالْبَذْلِ وَالتَّسَامُح"

لَيْسَ مِنَ السَّهْلِ أَنْ يَتُمَّ الْبَذْلُ وَالتَّسَامُحُ مَعَ الْمُسِيْئِيْنَ عِنْدَمَا تَكُوْنُ إِسَاءَاتُهُمْ شَدِيْدَةً غَيْرَ أَنَّ النُّفُوْسَ الْكَبِيْرَةَ الَّتِيْ تَتَمَتَّعُ بِثَرْوَةٍ أَخْلاقِيَّةٍ عَالِيَةٍ لا تَتَوَقَّفُ عِنْدَ حَدٍّ مِنْ حُدُوْدِ الْبَذْلِ، بَلْ تَتَّجِهُ نَحْوَ التَّسَامُحِ عَلَى الآخَرِيْنَ رُغْمَ كُلِّ مَا بَدَرَ مِنْهُمْ مِنْ إِسَاءَة خُصُوْصاً أَنَّهَا تَتَوَخَّى إِحْدَاثَ أَبْلَغِ الأَثَرِ عَلَى الإِنْسَانِ الآخَرِ، وَلا تَجِدُ بَاباً أَوْسَعَ مِنْ بَابِ التَّجَاوُزِ عَنِ الْمُسِيْءِ؛ مِمَّا يَعْنِي الْغَضَّ عَنْ ذَنْبِهِ، وَعَدَمَ الْمُؤَاخَذَةِ عَلَيْه..

مَنْشَأُ التَّسَامُحِ هُوَ ذَاتُهُ مَنْشَأُ الْبَذْلِ بِالْمَالِ، وَالْبَذْلِ بِالإِحْسَانِ إِنَّهَا مَظَاهِرُ الْكَمَالِ الإِنْسَانِيِّ عَلَى سُلَّمِ الارْتِقَاءِ الْمُتَّجِهِ تَقَرُّباً نَحْوُ اللهِ: )ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّآءِ وَٱلضَّرّآءِ  وَٱلْكَٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَٰفِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ(    [آل عمران : 134]

يُنْفِقُ وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مَالِيّاً (فِي السَّرَّاءِ)، وَيُنْفِقُ وَهُوَ فَقِيْرٌ (وَالضَّرَّاءِ) وَرُغْمَ ذَلِكَ يُنْفِقُ. لِمَاذَا؟ لِئَلّا تَمُوْتَ عِنْدَهُ مَلَكَةُ الْبَذْلِ، وَحَتَّى يَتَوَاصَلَ بِالْعَطَاءِ، فَيَكْتُمَ غَيْظَهُ، وَيَحْبِسَ مَشَاعِرَهُ رُغْمَ مَا يُعَانِي مِمَّنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ بِوَجْهِ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَرْتَقِي إِلَى دَرَجَةِ الْعَفْوِ عَنِ الْمُسِيْءِ حَتَّى يَبْلُغَ أَقْصَى الْمَرَاتِبِ فِي الإِحْسَانِ إِلَيْه.. 

هَذِهِ هِيَ الصُّوْرَةُ الْقُرْآنِيَّةُ الَّتِي يُرِيْدُهَا اللهُ -سُبْحَانَهُ-، وَيُجَسِّدُهَا الرَّسُوْلُ (صلى الله عليه وآله وسلم)هِيَ بِكَامِلِ أَجْزَائِهَا، وَهُوَ بِكَمَالِ أَخْلاقِهِ حَتَّى لَيَصِفَهُ اللهُ -تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ: )وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيْم  [القلم : 4]

أَيَّةُ صُوْرَةٍ مِنْ عَظَمَةِ الْخَلْقِ أَرْوَعُ مِنْ صُوْرَةِ تَجَاوُزِهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ وَهُوَ يَدْخُلُ مَكَّةَ فَاتِحاً مُنْتَصِراً لِيَغْمُرَ أَهْلَهَا بِخُلُقِهِ الْفَيَّاضِ، وَعَفْوِهِ الْغَامِر..

يَمْنَحُهُمْ الأَمْنَ تَحْتَ شِعَار: "اذْهَبُوْا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ"، "وَمَنْ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ فَهُوَ آمِنٌ"، "وَمَنْ دَخَلَ بَيْتَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ"، "وَمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ فَهُوَ آمِن".

مَنَحَهُمْ الأَمْنَ وَهُوَ الَّذِيْ لَمْ يَأْمَنْ شَرَّهُمْ، بَلِ الْقَائِلُ: "مَا أُوْذِيَ نَبِيٌّ بِمِثْلَ مَا أُوْذِيْت)"..

وَعَقْدُ الْمُقَارَنَةِ بَيْنَ مَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وَمَا قَامَ بِهِ طُغَاةُ الْقَرْنِ الْعِشْرِيْنَ كَالدِّكْتَاتُوْر ستالين فِيْ عَصْرِ مَا يُسَمَّى حُقُوْقَ الإِنْسَانِ، وَقَدْ أُلْقِيَ الْقَبْضُ عَلَى عَشَرَاتِ الآلافِ مِنَ الأَسْرَى الأَلْمَان إِثْرَ الْعَاصِفَةِ الثَّلْجِيَّةِ الَّتِي ضَرَبَتْ رُوْسِيَا فِي الْحَرْبِ الْعَالَمِيَّةِ الثَّانِيَة..

جَاءَتَهُ قَصَّاصَةُ وَرَقٍ كُتِبَ عَلَيْهَا تَمَّ أَسْرُ كَذَا أَلْفٍ مِنَ الْجُنُوْدِ الأَلْمَان مَعَ أَنَّ جَوَابَهُ كَانَ بِبُرُوْدٍ وَبِلا اكْتِرَاثٍ: "لَسْنَا بِحَاجَةٍ إِلَى ضُيُوْفٍ لا تَبْخَلُوْا عَلَيْهِمْ بِالرَّصَاص"..

هَذِهِ صُوْرَةٌ مِنْ صُوَرِ الْحَضِيْضِ الأَخْلاقِيِّ، أَمَّا صُوْرَةُ السُّمُوِّ الأَخْلاقِيِّ فَهِيَ مَا تَجَلَّى بِالرُّسُوْلِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وَمَا أَرَادَ الرَّسُوْلُ بِهَذَا السُّلُوْكِ إِلا أَنْ يَسَجِّلَ انْتِصَارَ الْمَبَادِئِ، وَتَجْسِيْدَ الْقِيَمِ لِيُخْرِجَهَا مِنْ حَيِّزِ الذَّاتِ إِلَى فَضَاءِ الإِنْسَانِيَّةِ الَّذِيْ لا يَخْتَنِقُ فِيْ مَكَانٍ مَا، وَلا يَتَحَيَّزُ فِيْ أَيِّ زَمَانٍ، وَلا يَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ لِتَأْخُذَ حَجْمَهَا مِنْ حَجْمِ رَسُوْلِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وَتَتَجَلَّى عَظَمَتُهَا مِنْ خِلالِ عَظَمَةِ أَخْلاقِه.

أَنْ تَغْطُسَ الْمَشَاعِرُ فِي رِمَالِ الذَّاتِ، وَوَحْلِهَا الآسِنِ غَيْرُ أَنْ تَتَجَلَّى بِصُوْرَتِهَا الْمَلائِكِيَّةِ الأَخَّاذَةِ لِتَبْقَى خَالِدَةً مَعَ خُلُوْدِ الزَّمَنِ، وَمُتَجَاوِزَةً بِالإِنْسَانِ بِالثَّبَاتِ رُغْمَ كُلِّ الْمِحَنِ؛ وَبِذَلِكَ تَدْخُلُ فِيْ مِعْيَارِ الْقُوَّةِ مُفْرَدَةٌ جَدِيْدَةٌ إِنَّهَا التَّجَاوُزُ وَالإِحْسَانُ لِلْمُسِيْءِ، وَصَدَقَ اللهُ الْعَظِيْمُ، وَهُوَ يَقُوْلُ: )وَلاَ تَسْتَوِى ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ(   [فصلت : 34]

الانْتِقَالُ بِالإِنْسَانِ مِنْ قُوَّةِ الْعَضَلَةِ إِلَى قُوَّةِ الْكَلِمَةِ، وَمِنْ مِعْيَارِ الأَخْذِ إِلَى مِعْيَارِ الْعَطَاءِ يَعْنِي تَحْقِيْقَ انْعِطَافَةٍ حَادَّةٍ فِيْ مَسِيْرِ الإِنْسَانِيَّةِ لِتَلْتَقِيَ فِي حَاضِرِهَا إِلَى مَا كَانَ يَصْبُو إِلَيْهِ كُلُّ أَنْبِيَاءِ اللهِ (عليهم السلام)، وَكُلُّ الْمُصْلِحِيْنَ عِبْرَ التَّارِيْخ..

 

السبت 22/رجب/1437

الموافق2016/4/30 
 

العودة إلى صفحة قراءات


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy