|
همسة علوية
قراءات | 12-06-2017
هَمْسَةٌ عَلَوِيَّةٌ
مَعَ إِطْلالَةِ ذِكْرَى مَوْلِدِكَ.. وَشُرُوْقِ شَمْسِ عَطَاءَاتِكَ الَّتِيْ غَمَرْتَ بِهَا الْوُجُوْدَ كُلَّهُ مِنْ حَوْلِك.. أَثَرْتَ فِيْ عَالَمِنَا تَسَاؤُلاتٍ كَثِيْرَةً عَنْك أَنْتَ مَنْ أَنْتَ؟ لَمْ تَكُنْ إِلا كَمَا أَنْتَ! نَعْرِفُ أَرْجَاءً مِنْ عَالَمِكَ مِنْ دُوْنِ أَنْ نُحِيْطَ بِكَ، وَأَنَّى لَنَا ذَلِك؟! شَهِدَ لَكَ الْمُحِبُّوْنَ بِالْحَقِّ، وَكَادَ يَهْلَكُ فِيْكَ الْمُغَالُوْنَ مِنْهُمْ! وَهَلَكَ الْحَاقِدُوْنَ بِظُلْمِهِمْ لَكَ، وَتَجَاوُزِهِمْ عَلَيْك! أَيُّ شَرَفٍ هَذَا الَّذِيْ بلَغْتَ لِتَسْتَقْطِبَ الْمُحِبِّيْنَ مِنَ الْمُؤْمِنِيْنَ بِكَ، وَالْمُنْصِفِيْنَ لَكَ، وَالْمُتَعَامِلِيْنَ مَعَكَ، وَالْمُخْتَلِفِيْنَ إِلَيْكَ، وَالْمُخْتَلِفِيْنَ عَلَيْكَ، وَالْمُخْتَلِفِيْنَ مَعَكَ، وَالْمُخَالِفِيْنَ لِعَقِيْدَتِكَ؛ وَلِتَسْتَفِزَّ الْحَاقِدِيْنَ مِنَ النَّاكِثِيْنَ، وَالْقَاسِطِيْنَ، وَالْمَارِقِيْن.. وَسَيَبْقَى هَؤُلاءِ بِحِقْدِهِمْ عَلَى طُوْلِ زَمَنِكَ، وَتَوَالِي الأَزْمَانِ مِنْ بَعْدِكَ يُخَالِفُوْنَ نَهْجَكَ، وَيُحَارِبُوْنَ سَالِكِيْه.. قَدْ كُنْتَ بِجَدَارَةٍ مَنْطِقَ حَقٍّ، فَأَثَرْتَ ضِدَّكَ مَنْطِقَ بَاطِل! وَتَدَوَّرْتَ مَنْهَجاً مَعَ الزَّمَنِ، وَتَدَوَّرَ ضِدَّ مَنْهَجِكَ مَنْهَجُ أَعْدَائِك؛ لِتَتَعَاطَى أَجْيَالُ مُحِبِّيْكَ مَعَ ذَاتِ الأَصْنَافِ مِنْ مُعَادِيْكَ، وَمُحَارِبِيْك.. أَنْتَ كَفَتىً لَسْتَ كَبَاقِي الْفِتْيَان.. وَلا سَيْفُكَ كَبَاقِي السُّيُوْفِ.. وَلا مَنْطِقُكَ الْقُرْآنِيُّ كَبَاقِي الْمُدَّعِيْنَ لِمَنْطِقِ الْحَقّ.. وَلا سُلُوْكُكَ الْمُحَمَّدِيُّ كَبَاقِي سُلُوْكِ الْعَامَّةِ مِنَ الْمُؤْمِنِيْن.. كُلُّ ذَلِكَ لأَنَّ فَنَاءَكَ بِاللهِ لَمْ يُبْقِ فِيْكَ ذَرَّةً مِنْ وُجُوْدِكَ مِنْ دُوْنِ أَنْ تَذُوْبَ بِالْوُجُوْدِ الْمُقَدَّسِ (الله) تَعَالَى.. كُلُّ مُفْرَدَةٍ فِيْكَ تَتَمَيَّزُ عَمَّنْ سِوَاك مَاعَدَا سَيِّدِنَا الأَعْظَمِ الرَّسُوْلِ الأَكْرَمِ (صلى الله عليه وآله وسلم).. يَكْفِيكَ مَا يَقُوْلُهُ فِيْكَ رَبُّ الْعِزَّةِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَقُوْلُ فِيْ مُحْكَمِ التَّنْزِيْل: )إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ( [المائدة : 55] و)يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ( [المائدة : 67] و)وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ( [البقرة : 207] و)أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ( [التوبة : 19] وَآيَاتٌ، وَآيَات.. وَيَكْفِيكَ مَا يُخْبِرُ عَنْكَ حَبِيْبُ اللهِ، وَسَيِّدُ رُسُلِهِ، وَأَشْرَفُ أَنْبِيَائِهِ: ((حَقُّ عَلِيٍّ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ كَحَقِّ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ)) وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِيْ صَحِيْحِهِ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنِيْ سُهَيْلُ بْنُ سَعْد.. أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ يَوْمَ خَيْبَر: ((لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَداً رَجُلاً يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللهَ ورَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُوْلُه)) وَضَرْبَةٌ مِنْكَ تُعَادِلُ عِبَادَةَ الثَّقَلَيْنِ، وَسَاعَةَ بَرَزْتَ لابْنِ وِد: ((بَرَزَ الإِيْمَانُ كُلُّهُ إِلَى الشِّرْكِ كُلِّه)). ((مَا عَرَفَ اللهَ إِلا أَنَا وَأنْتَ، وَمَا عَرَفِنْي إِلا اللهُ وَأَنْتَ، وَمَا عَرَفَكَ إِلا اللهُ وَأَنَا)). وَ((أَنْتَ مِنِّيْ بِمَنْزِلَةِ هَارُوْنَ مِنْ مُوْسَى)) مَنِ انْفَتَحَ بِإِيْمَانٍ عَلَى بَعْضِ حِكَمِكَ تَفَجَّرَتْ فِيْهِ يَنَابِيْعُ حِكْمَة.. وَمَنْ تَأَمَّلَ خُطَبَكَ بِوَعْيٍ انْحَلَّتْ عِنْدَهُ عُقَدُ لِسَان.. وَمَنْ تَأَسَّى بِكَ بِصِدْقٍ سَلَكَ طَرِيْقَ الاسْتِقَامَة.. لَسْتَ حَكِيْماً وَبَلِيْغاً فَحَسْبُ، بَلْ أَنْتَ وَاهِبُ بَلاغَةٍ، وَصَانِعُ حِكْمَةٍ، وَمُفَجِّرٌ لِلْخَيْرِ مَلَكَة.. تَغَذَّيْتَ الْحِكْمَةَ مِنْ رُسْوِلِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وَهِيَ مِمَّا آتَاكُمَا اللهُ تَعَالَى: )يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ( [البقرة : 269] عَرَّفْتَ نَفْسَكَ خَيْرَ تَعْرِيْفٍ: ((مَا رَأَيْتُ شَيْئاً إِلّا وَرَأَيْتُ اللهَ قَبْلَهُ، وَبَعْدَهُ، وَمَعَهُ، وَفِيْه)). إِنَّ إِنْسَاناً يَغْمُرُ اللهُ وُجُوْدَهُ لِيَنْظُرَ إِلَى كُلِّ مَا فِي الوُجُوْدِ مِنْ خِلالِ الْمُوْجِدِ لَيَمْنَحُهُ أَسْرَارَ الْقُوَّةِ فِيْ كُلِّ مَيْدَانٍ، وَيَجْعَلَهُ حَاضِراً فِيْ كُلِّ زَمَانٍ، وَمُمْتَدّاً بِقُلُوْبِ الْمُنْصِفِيْنَ لِكُلِّ مَكَان.. سَيِّدِي.. هَا هِيَ الْمِحَنُ، وَالتَّحَدِّيَاتُ الَّتِيْ وَاجَهَتْكَ تَتْرَى، وَتَتَوَاصَلُ فِيْ عَالَمِنَا عَلَى سَعَتِهِ، وَبِزَمَنِنَا عَلَى طُوْلِهِ، وَعَلَى أُمَّتِنَا بِكُلِّ مُكَوِّنَاتِهَا.. غَيْرَ أَنَّكَ يَا مَوْلايَ لَنْ تَتَكَرَّرَ مَعَ الزَّمَن.. وَأَنَّى لِلزَّمَنِ أَنْ يَجُوْدَ بِمِثْلِكَ، وَلَيْسَ لَنَا مِثْلُكَ.. وَإِنْ لَمْ تَتَكَرَّرْ، وَلَنْ تَتَكَرَّرَ فَإِنَّ الْعَاشِقِيْنَ (مِمَّنَ يَتَأَسَّوْنَ بِكَ)، وَيَمْضُوْنَ عَلَى نَهْجِكَ يُصِرُّوْنَ أَنْ يَتَحَلَّوْا وَلَوْ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِكَ سَاعِيْنَ بِقُوَّةِ إِرَادَتِهِمْ، وَبِبَلاغَةِ كَلِمَتِهِمْ، وَبِيُتْمِ شَجَاعَتِهِمْ، وَبِكَفِّ كَرَمِهِمْ الْمِعْطَاءِ، وَبِنُبْلِ خُلْقِهِمْ الآسِرِ أَنْ يَصْبِرُوْا، وَيَثْبُتُوْا عَلَّهُمْ يَظْفَرُوْنَ بِالنَّصْرِ الْمُؤَزَّرِ بِهَدْيِ سِيْرَتِكَ قَوْلاً، وَفِعْلاً، وَتَقْرِيْراً.. سَيِّدِي.. نَظَرُوْا إِلَيْكَ بِعُيُوْنِ أَعْدَائِكَ، وَقَرَأُوْكَ بِأَقْلامِ حُسَّادِكَ؛ مَا أَعْظَمُ شَأْنِهِمْ؟ وَمَا أَعْظَمَ شَأْنَكَ! وَمَا أَبْلَغُ كَلامِهِمْ؟ وَمَا أَبْلَغَ كَلامَك! وَمَا أَرْوَعُ مَوَاقِفِهِمْ؟ وَمَا أَرْوَعَ مَوَاقِفَك! بَلْ أَنْتَ الْعَظَمَةُ، وَالْبَلاغَةُ، وَالرَّوْعَةُ كُلُّهَا.. لا غَرَابَةَ أَنْ تُحَارَبَ مَادُمْتَ الْحَقّ! بَلْ أَنْتَ مَنْ شَرَعْتَ تُحَارِبُ فُلُوْلَ الْبَاطِلِ، وَتَهْدِمَ قِلاعَ الْفَسَاد.. للهِ دَرُّكَ مَا أَعْظَمَكَ تُعَطِّرُ سَيْفَ قَاتِلِكَ بِرَائِحَةِ دَمِكَ الزَّكِيّ.. وَتَلْوِي أَعْنَاقَ أَعْدَائِكَ بِذِرَاعِ حِلْمِكَ (الْفَتَّالِ)، وَتَغْمُرُ قَاتِلَكَ بِفَيْضِ خُلُقِكَ النَّبَوِيّ.. أَنْتَ يَا سَيِّدِي يَتِيْمُ عَصْرِك، بَلْ وَحِيْدُ دُنْيَاك.. يَا وَلِيْدَ بَيْتِ اللهِ، وَيَا صَرِيْعَ مَسْجِدِه.. بَدَأْتَ صَلاتَكَ تَأْتَمُّ بِكَ جُمُوْعُ الْمُصَلِّيْن.. وَأَنْهَيْتَهَا لِتَحْتَفِيَ بِكَ جُمُوْعُ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِيْن.. أَيُّ شَرَفٍ هَذَا الَّذِيْ خَصَّكَ اللهُ بِه؟! وَأَيُّ مَقَامٍ ذَاكَ الَّذِيْ ارْتَقَيْتَ إِلَيْه؟! وَأَيُّ لِسَانٍ هُوَ الَّذِيْ طَرَّزْتَ فِيْهِ نَسِيْجَ وُجُوْدِكَ بِأَعْذَبِ الْكَلِمَات.. أَمِنَ الْمَعْقُوْلِ أَنْ تَعْمَى عُيُوْنُ الأَقْرَبِيْنَ فَلا تَرَى فِيْكَ مَا رَأَتْهُ عُيُوْنُ الأَبْعَدِيْنَ رُغْمَ تَقَادُمِ الزَّمَنِ، وَاخْتِلافِ الْفِكْر؟! لَقَدْ عَبَرْتَ إِلَى الآخَرِ الْبَعِيْدِ وَهُوَ الأَقْصَى بِالْفِكْرِ رُغْمَ كُلِّ خِلاف.. وَلَم يَعْتَبِرْ مِنْكَ الْقَرِيْبُ وَهُوَ الأَدْنَى رُغْمَ كُلِّ مُشْتَرَك.. هُوَ الْعَظِيْمُ مَنْ يَقِلُّ أَقْرَانُهُ، بَلْ يَضِيْقُ بِهِ زَمَانُه.. وَالأَعْظَمُ مَنْ يُزَلْزِلُ قِلاعَ أَعْدَائِهِ -أَعْدَاءِ الْحَقِّ- وَهُوَ رَاقِدٌ فِيْ قَبْرِهِ بِمُفَاعِلاتِ فِكْرِهِ، وَقِيَمِهِ، وَسِيْرَتِهِ، وَمُحِبِّيْه.. كَانَ قَاتِلُكُ قَاتِلَ بَدَنٍ بِبَاطِل.. وَكُنْتَ أَنْتَ قَاتِلَ بِدْعَةٍ بِحَقّ.. بَقِيْتَ، وَمَا بَقِيَ.. وَارْتَفَعَ بِكَ صَوْتُ الْحَقِّ، وَتَلاشَى بِهِ صَدَى الْبَاطِل.. هَا أَنْتَ يُنْبُوْعٌ لا يَنْضَبّ.. وَهُوَ سَرَابٌ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً: )وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ( [النور : 39] مَا سِرُّكَ؟ تَحْتَلُّ الصَّدَارَةَ فِيْ كُلِّ زَمَن.. وَتَتَقَدَّمُ الأَفْذَاذَ بِلا مُنَافِس.. وَتَتَبَوَّأُ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ فِيْ كُلِّ مِضْمَار.. تَزْدَحِمُ فِيْكَ أَعْذَبُ الْكَلِمَاتِ مُتَسَابِقَةً لِمَدْحِكَ، لَكِنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنِ الارْتِقَاءِ إِلَى سِرِّ مَقَامِك.. وَتَتَصَاغَرُ الْبَلاغَةُ عَاجِزَةً عَنْ بُلُوْغِ عُمْقِك.. وَتَعْتَلِجُ الْمَشَاعِرُ مِنْ فَرْطِ حُبِّكَ وَمَهَابَتِك لِنَشْعُرَ أَنّ لُغَةَ الْحُبِّ أَعْذَبُ مِنْ كُلِّ لُغَةٍ، وَمُفْرَدَاتِهَا أَرْوَعُ مِنْ كُلِّ بَيَانٍ مُحِاوِلَةً أَنْ تَنْتَقِلَ مِنَ الْكَلامِ بِحَقِّكَ إِلَى حَقِّ كَلامِكَ، وَأَنَّى يَتَأَتَّى لَهَا ذَلِك.. هَذَا بَعْضُ مَا أَنْتَ بَلْ بَعْضُ مَا فِيْك.. هُوَ أَنْتَ (الْمُوَكَّلُ) بِإِرَادَتِهِ، وَأَنْتَ هُوَ (الْمُتَكِّلُ) بِإِرَادَتِكَ فِيْمَا بَدَا مِنْ بَعْضِ أَفْعَالِكِ: )وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهََ رَمَى( [الأنفال : 17] وَمَا غَابَ مِنْ أَسْرَارِكَ فَعِلْمُهُ عِنْدَ رَبِّكَ، وَعِنْدَ رَسُوْلِهِ الَّذِيْ تَوَلَّى تَرْبِيَتَكَ، وَسَبَرَ غَوْرَك.. الْيَوْمَ يَوْمُ وِلادَةٍ مَيْمُوْنَةٍ عَمَّتِ الْوُجُوْدَ بَمَوْلِدِك.. وَغَداً ضَرْبةُ غَدْرٍ طَالَتْك.. وَبَعْدَهَا وِسَامُ شَرَفِ الشَّهَادَةِ قَلَّدَك.. وَأَنْتَ تُدَوِّي بِصَوْتِكِ: "فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَة".. سَيِّدِي.. أَيُّ يَقِيْنٍ أُسْطُوْرِيٍّ هَذَا الَّذِيْ تَرسَّخَ بِقَلْبِكَ، وَبِأَيِّ إِمْدَادٍ هَائِلٍ زَوَّدَك؟! كَبُرَ اللهُ فِيْ نَفْسِكَ بِعِزِّ الطَّاعَةِ، وَصَغُرَ فِيْ عَيْنِكَ مَا دُوْنَهُ؛ لِتَكُوْنَ الثَّانِيَ بَعْدَ حَبِيْبِهِ الْمُصْطَفَى (صلى الله عليه وآله وسلم).. كُنْتَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبِيْبَهُ، وَفِيْ حَمْلِ الأَمَانَةِ عَوْنَهُ، وَفِيْ الْجَنَّةِ رَفِيْقَه.. أَيَّةُ يَدٍ آثَمِةٍ تِلْكَ الَّتِي طَالَتْك؟! وَأَيَّةُ فِرْيَةٍ مُسْتَبِيْحَةٍ تِلْكَ الَّتِي تَطَاوَلَتْ عَلَيْكَ، وَأَيَّةُ لَحْظَةِ غَفْلَةٍ تِلْكَ الَّتِي اسْتَطَالَتْ عَلَى زَمَنِكَ؛ لِتَخْلُدَ فِيْ ضَمِيْرِ الإِنْسَانِ، وَتَأْبَى أَنْ تُبَارِحَ ذَاكِرَةَ الزَّمَان؟! سَيِّدِي.. أَيُّ مُصَابٍ جَلَلٍ حَلَّ بِالإِنْسَانِيَّةِ مِثْلُ هَذَا الْمُصَابِ؟! وَأَيُّ خَسَارَةٍ مُنِيَتْ بِهَا الرِّسَالاتُ بِفَقْدِك؟! حَكَمُوْا فِيْ دُنْيَاهُمُ وَهُمْ أَمْوَاتٌ، وَحَكَمْتَ فِيْ كُلِّ حَيَاتِهِمْ وَأَنْتَ حَيٌّ عِنْدَ رَبِّكَ شَهِيْداً؟! امْتَدَّتْ مَمْلَكَتُكُ فِي الْقُلُوْبِ لِتَحْتَكِمَ كُلُّهَا إِلَيْكَ رَاضِيَةً طَيِّعَةً.. وَاسْتَسْلَمَ الْكَثِيْرُوْنَ لِلْبَاطِلِ لأَنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ إِمَّعَة.. اخْتَزَنْتَ كُلَّ التَّارِيْخِ بِذَاكِرَتِك.. وَفَجَّرْتَ كُنْهَ الْحِكْمَةِ بِفِعْلِ بَلاغَتِك.. أَبَيْتَ إِلا أَنْ تُطَرِّزَ جِسْمَكَ بِأَوْسِمَةِ الْجِرَاحِ؛ لِتَخُطَّ مِنْهَا أُنْشُوْدَةَ خُلُوْدٍ؛ حَتَّى يَتَغَنَّى بِهَا الزَّمَنُ بِأَعْذَبِ لَحْنٍ، وَتُرَتِّلَهَا الأَجْيَالُ فِيْ قِيْثَارَةِ وُجُوْدٍ.. دَوِيٌّ لا يَهْدَأُ.. وَوَفَاءٌ لا يَفْتَرُ.. وَنَبْضٌ لا يَتَوَقَّفُ.. سَيِّدِي.. اشْفَعْ لِيْ عِنْدَ رَبِّكَ.. يَا ثُنَائِيِّي الْكَمَالِ الْبَشَرِيِّ أَخَاكَ وَأَنْت.. هُوَ مُحَمَّدٌ الرَّسُوْلُ (صلى الله عليه وآله وسلم)كَانَ الْكَمَالَ الْمُعْطِيَ وَأَنْتَ عَلِيٌّ الإِمَامُ (عليه السلام) كُنْتَ الْكَمَالَ الْمُتَلَقِّيَ..
الخميس 13/رجب/1437 الموافق 2016/4/21 |
|