|
الرحيل من الصفر
قراءات | 12-06-2017
الرَّحِيْلُ مِنَ الصِّفْر أَقْصَرُ شَوْطٍ فِيْ طَرِيْقِ إِصْلَاحِ النَّفْسِ هُوَ شَوْطُ التَّحَرُّكِ مِنَ الصِّفْرِ إِلَى 1%، أَمَّا مُوَاصَلَةُ الْحَرَكَةِ عَلَى خَطِّهِ الصَّاعِدِ، وَالتَّدَرُّجُ فِي الارْتِقَاءِ عَلَيْهِ بُغْيَةَ الْوُصُوْلِ إِلَى 100% فَهُوَ تَرَاكُمٌ، وَيَحْتَاجُ إِلَى مُجَرَّدِ وَقْتٍ، وَإِعْمَالِ إِرَادَة.. الْحَرَكَةُ مِنَ الصِّفْرِ مَعْنَاهَا مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُوْدِ، وَهِيَ مَفْرَقُ الطَّرِيْقِ، وَعَلامَةُ الْوِلادَةِ.. وَأَمَّا التَّوَالِي بِالاسْتِمْرَارِ فَلا يَعْنِي أَنَّهَا عَمَلِيَّةٌ تَرَاكُمِيَّةٌ تَخْلُو مِنَ الْجُهْدِ، أَوْ مَضْمُوْنَةُ الاتِّجَاه.. تَبْقَى الْخُطْوَةُ الأُوْلَى فِي الاتِّجَاهِ الصَّحِيْحِ رَائِدَةَ الْخُطُوْاتِ، وَحَامِلَةَ الْبَشَائِر.. الإِقْدَامُ عَلَيْهَا يَحْتَاجُ إِلَى رُؤْيَةً وَاضِحَةٍ، وَقَرَارٍ شُجَاع.. الَّذِيْ اتَّخَذَ مَوْقِفاً بِتَرْكِ التَّدْخِيْنَ مَثَلاً كَانَ الإِقْلاعُ عَنِ السِّيَگارَةِ الأُوْلَى مِنْ قِبَلِ الْمُدَخِّنُ هُوَ الْخُطْوَةَ النَّوْعِيَّةَ الَّتِي كَسَرَ فِيْهَا طَوْقَ الضَّعْفِ، وَالاسْتِسْلامِ، وَشَعَرَ عِنْدَهَا بِلَذَّةِ الانْتِصَارِ عَلَى الذَّاتِ. وَكُلَّمَا مَضَى بِالثَّبَاتِ تَكَلَّلَ بِالنَّصْرِ أَكْثَرَ فَأَكْثَر.. التَهَيُّبُ مِنَ الإِقْدَامِ يُشَكِّلُ حَاجِزاً وَهْمِيّاً أَمَامَ الإِنْسَانِ بَيْنَ مَا يُقَرِّرُ وَمَا يُنَفِّذُ.. وَلَوْ جَرَّبَ فِي كُلِّ مَا اتَّخَذَ فِيْ حَيَاتِهِ مِنْ قَرَارَاتٍ أَنَّهُ يَمْضِي فِي الْخُطْوَةِ الأُوْلَى مِنَ التَّنْفِيْذِ عَلَى الطَّرِيْقِ الصَّحِيْحِ لاكْتَشَفَ رَوْعَةَ الإِرَادَةِ، وَقِيْمَةَ التَّوَاصُلِ؛ وَهُوَ مَا يُكْسِبُهُ احْتِرَامَ الذَّاتِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَالآخَرِيْن.. الْوَعْيُ، وَالإِرَادَةُ، وَالتَّنْفِيْذُ ثُلاثِيٌّ يَجْعَلُ صَاحِبَهُ دَائِمَ الإِقْدَامِ، وَدَائِبَ الْحَرَكَةِ، وَوَاثِقَ الْخُطَى.. مَا إِنْ يُسَلِّطُ أَشِعَّةَ وَعْيِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِيْ دَاخِلِهِ، وَمَا حَوْلَهُ إِلا وَيَجِدُ نَفْسَهُ أَمَامَ فُرَصِ اطِّرَادٍ مُسْتَمِرَّةٍ، وَحَرَكَةٍ لا تَتَوَقَّفُ.. مَا يُهَوِّنُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَمْضِي فِي الطَّرِيْقِ الصَّحِيْحِ، وَأَنَّهُ مُنْسَجِمٌ بِحَرَكَتِهِ بَيْنَ مَا يَدُوْرُ فِيْ دَاخِلِهِ، وَمَا يُحِيْطُهُ مِنْ حَوْلِه.. هَذَا الانْسِجَامُ فِيْ سُلُوْكِهِ الذَّاتِيِّ مَعَ سُلُوْكِهِ مَعَ رَبِّهِ وَالْمُجْتَمَعِ مِنْ كُلِّ مَا يُحِيْطُ بِهِ هُوَ الَّذِيْ يُكْسِبُهُ اسْتِقْرَاراً لا يُقَدَّرُ بِثَمَن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾ مِثْلُ هَذِهِ الانْطِلاقَةِ، وَهَذِهِ الاسْتِقَامَةِ تُعَزِّزُ لَدَيْهِ مَعْنَى حَقِيْقَةِ الْحَيَاةِ مَا بَيْنَ يَوْمِهِ وَغَدِهِ، وَالنَّظْرَةَ الشَّامِلَةَ لِكُلِّ مُفْرَدَاتِ مَا يَصْبُو إِلَيْهِ، وَتُكْسِبُهُ مَا يَسْعَى إِلَيْهِ مِنْ سَعَادَةٍ حَقِيْقِيَّةٍ لا شَقَاءَ فِيْهَا وَهُوَ يَعْبُرُ مِنْ دُنْيَاهُ لآخِرَتِهِ لَيْسَ مُنْقَطِعاً عَنْ حَيَاةِ دُنْيَاهُ، وَلا مُقَاطِعاً لآخِرَتِه.. يَتَكَامَلُ سُلُوْكُهُ مَعَ كُلِّ مُفْرَدَاتِ حَيَاتِهِ عَلَى هَدْيِ مَا يَحْمِلُ مِنْ مَفَاهِيْمَ تَتَكَفَّلُ مَنْظُوْمَتُهَا تَغْطِيَةَ مَا يُحِيْطُهُ مِنْ ظُرُوْفٍ، وَتَحَدِّيَاتٍ، وَتُلَبِّي مَا لَدَيْهِ مِنِ احْتِيَاجَاتٍ، وَطُمُوْحَات.. كُلُّ إِنْسَانٍ يُدْرِكُ مَدَى التَّرَابُطِ فِي حَلَقَاتِ حَيَاتِهِ الشَّخْصِيَّةِ، وَالأُسَرِيَّةِ، وَالْمِهْنِيَّةِ، وَالاجْتِمَاعِيَّةِ، وَالسِّيَاسِيَّةِ، كَمَا يُدْرِكُ مَآلَ حَيَاتِهِ إِلَى الْمَوْتِ مَهْمَا طَالَ عُمْرُهُ، وَبَلَغَتْ قُوَّتُهُ لَكِنَّهُ يَتَفَاوَتُ فِي دَرَجَةِ الانْسِجَامِ بَيْنَ حَلَقَاتِ هَذَا الْمُسَلْسَل.. أَقْصَى مَا يَتَمَنَّاهُ هُوَ خُلُوُّ حَيَاتِهِ مِنْ شَوَائِبِ الْحُزْنِ، أَوْ مَا يُهَدِّدُهَا مِنْ أَشْبَاحِ الْقَلَقِ، وَأَنْ يَحْظَى بَدُخُوْلِ الْجَنَّةِ وَهُوَ مَا وَعَدَهُ اللهُ -تَعَالَى-: )أَلاّ تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ( مَا بَيْنَ بَدْءِ حَيَاتِهِ، وَمَا تَتَجَدَّدُ لَدَيْهِ مِنْ قَنَاعَاتٍ عَلَى ضَوْءِ مَا يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ حَقَائِقَ يَحْتَاجُ إِلَى مُرَاجَعَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ تَتَوَلَّى انْتِقَالَهُ الْمُتَوَاصِلَ إِلَى شَاطِئِ الْحَقِيْقَة..
الإثنين 10/رجب/1437 الموافق 2016/4/18 |
|