الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

لقاء قناة روداوو بالدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقـيَّة في أربيل
الجعفريّ لقناة روداوو: كان العراق في عُزلة واليوم تـُوجَّه له دعوات ودول العالم تأتي لبغداد ومُذكـَّرات تفاهم واتفاقـيَّات مع دول العالم واليوم يُـبادر ويُطِلُّ إطلالة عريضة على كلِّ العالم.. الخطاب العراقيُّ الآن يُسمَع له في المُنتدَيات الدوليَّة
الاخبار | 20-04-2017

الجعفريّ: لا تـُوجَد مُقارَنة -بشكل عامّ- بين ما نحن عليه، وما كنا عليه في زمن المُعارَضة..  كان أبناء الشعب مُطارَدين في مُختلِف مناطق العراق؛ وانتشروا في بلدان العالم، وخرج ملايين العراقـيِّين عرباً وأكراداً، سُنـَّة وشيعة، مُسلِمين ومسيحيِّين، أمَّا الآن فيتواجدون في بلادهم العراق، ويُساهِمون في بنائه..

الجعفريّ: نحن لا نكتفي بهذا الشيء، وأنـَّما نطمح، ونتطلـَّع لتحقيق المزيد من المكاسب، ونتطلـَّع أن يأخذ العراقـيُّون مسؤوليَّة بناء البلد بأيديهم، وتنفيذ المشاريع التي من شأنها جعله بمُستوى مُتقدِّم، ورفع مُستوى المعيشة لكلِّ العراقـيِّين، فإلى الآن لم نـُحقـِّق كلَّ الأهداف، ولكن -بكلِّ تأكيد- تحققت أهداف جيِّدة لم تكن موجودة سابقاً.. فقد كان العراق دولة الرجل الواحد، والآن دولة يُساهِم أبناؤها في بناء مُؤسَّساتها كلُّ القوى السياسيَّة المُختلِفة..

الجعفريّ: العراق اليوم أصبح في العالم قدوة لبقـيَّة الدول على مُستوى الإنجاز، وعلى مُستوى المُبادَرة، وعلى مُستوى مُواجَهة الإرهاب، ويحتلُّ الصدارة في أنـَّه استطاع أن يُواجه الإرهاب، ويدحره، ويفرض إرادته..

الجعفريّ: إلى الأمس القريب كانت ثلاث محافظات في قبضة الإرهاب، وهي: صلاح الدين، والأنبار، والموصل.. اليوم تمَّ تطهير هذه المناطق جميعاً باستثناء جزء من الجانب الأيمن من الموصل..

الجعفريّ: الشيء الرائع هو أنَّ الذي يُساهِم في دحر إرادة الإرهاب هم العراقـيُّون أنفسهم من الجيش، والحشد الشعبيِّ، والبيشمركة، وقوات مكافحة الإرهاب، والحشد العشائريِّ، وفي الوقت نفسه الخطاب العراقيّ توحَّد..

الجعفريّ: نحن لا ندَّعي عدم وُجُود خلافات، لكنَّ الخطاب السياسيَّ العراقيَّ يُمثـِّل مُشترَكاً التقت عليه القوى السياسيَّة العراقـيَّة كافة؛ وهذه -في تقديري- من أسرار النصر الحقيقيِّ، وتفاعل معنا الوضع الدوليُّ -أيضاً- عندما رأى كلمة العراقـيِّين مُوحَّدة، وقدَّم لنا مُساعَدات، وتدريباً، وبعض القضايا اللوجستـيَّة..

الجعفريّ: جرت العادة دائماً بأنَّ أيَّ حُكومة جديدة تتشكـَّل يكون هناك لقاء بين رئيس الوزراء العراقيِّ ورئيس جمهوريَّة أميركا؛ فعلى هذا السياق مع مجيء ترامب كرئيس جديد لأميركا وجَّه دعوة للسيِّد العباديِّ مع وفد له، وكنتُ ضمن الوفد..

الجعفريّ: لا أقول: لا تتغيَّر السياسة الأميركيَّة تجاه العراق، لكنَّ هامش المُرُونة في التغيير محدود، وليس مُطلقاً، وليس سِرّاً عليكم أنـَّه في البداية صُنـِّف العراق على أنـَّه من الدول التي مُنِعَت من التعامُل مع أميركا، لكنَّ العراق تحرَّك، وأوصل صوته، وله كلُّ الحقِّ، واستخدم الذرائع القانونيَّة الصحيحة، وأثبت للعالم أنـَّه ليس دولة إرهاب، وأنـَّه دولة ضحيَّة الإرهاب، بل دولة مُنتصِرة على الإرهاب.. نحن اعتبرنا أنـَّه حصل اشتباه في اتخاذ القرار، واستجابت الإدارة الأميركيَّة، واستـُثنِيَ العراق من هذه الحالة..

الجعفريّ: هناك بعض الخلافات لا ننتظر أن تأتينا وَصَفَات جاهزة لحلـِّها، بل يجب أن نصنع ما نعتقد به ليس فقط في الداخل العراقيِّ، وإنـَّما في الوضع العالميّ.. العراق اليوم صنع شيئاً جديداً في العالم، وفي الوضع الإقليميِّ..

الجعفريّ: اعقدوا مُقارَنة كيف كان العراق عام 2014 مع دول المنطقة؟.. كان في عُزلة، وكيف كان مع أميركا، وأوروبا؟.. كان في عُزلة.. العراق اليوم تتقاطر عليه الفرص بين استضافات، وتـُوجَّه له دعوات، وبين زيارات يأتون، وليست زيارات فقط، وإنـَّما صفقات تعامُل، وعقود، ومُذكـَّرات تفاهم، واتفاقـيَّات مُشترَكة بيننا وبين دول العالم الجديد؛ إذن العراق اليوم يأخذ زمام المُبادَرة، ويُطِلُّ إطلالة عريضة على كلِّ دول العالم.. العراق اليوم اختلف عن قبل.. الخطاب العراقيُّ الآن يُسمَع له في المُنتدَيات الدوليَّة..

الجعفريّ: عندما يأتي الدور للخطاب العراقيِّ الكلُّ يستمعون له؛ لماذا؟ لأنـَّه يتكلـَّم من موقع الميدان، ولأنـَّه يُواجه الإرهاب نيابة عن العالم؛ ولأنـَّه سجَّل انتصارات حقيقـيَّة على الإرهاب، في حين كثير من الدول انكسرت -للأسف- إرادتها مع الإرهاب..

الجعفريّ: للخطاب العراقيّ بالتأكيد تأثير بالغ الأهمِّية.. عندما يُوصِل العراق صوته إلى دول العالم بأنَّ الذي يحصل في العراق هو تعبير عن إرادة الشعب العراقيِّ للانتصار، وليس انتصار مذهب مُعيَّن، أو قوميَّة مُعيَّنة، أو كتلة سياسيَّة مُعيَّنة.. بدأوا الآن يُحِسُّون أنَّ الحراك العراقيَّ الجديد هو تعبير عن مُجمَل حركة القوى السياسيَّة العراقـيَّة بكلِّ قوميَّاتها، ومذاهبها.. الإخوة الأيزديَّة دافعنا عنهم؛ لأنـَّهم ضحايا الإرهاب، واعتـُدِيَ على بناتهم، وتمَّ تهجيرهم إلى مناطق بعيدة؛ لذا نهضنا بهذه المَهمَّة..

الجعفريّ: ما أعطينا العالم فرصة لأن يتحدَّث عن العراقـيِّين بدلاً عن المُؤسَّسات العراقـيَّة.. المُؤسَّسات العراقـيَّة عبَّأت الرأي العامَّ العالميَّ على أن ينتصر للعراق، لكنها أخذت على عاتقها زمام المُبادَرة.. نحن نـُدافِع عن أبناء شعبنا كافة..

الجعفريّ: العراق له فلسفة في العلاقات الدبلوماسيَّة تقوم على أساس القطبيَّة الثنائيَّة، أعني: العراق وإيران، العراق وتركيا، العراق وسورية، العراق والكويت، العراق والسعوديَّة، وهكذا.. نتعامل مع كلِّ قطب بشكل ثنائيٍّ بمعزل عن البقـيَّة.. نحن لا نـُؤمِن بسياسة المحاور، كذلك الحال مع الحوض الأوروبيِّ، والأميركيِّ نحن نتعامل مع بلدان أوروبا بقطبيَّة ثنائيَّة، ونتعامل مع أميركا بقطبيَّة ثنائيَّة..

الجعفريّ: تـُوجَد بيننا وبين أميركا مصالح مُشترَكة، وهناك فرص كثيرة للاستفادة من هذه العلاقة خُصُوصاً أنـَّنا تربطنا معها اتفاقـيَّة مُهمَّة ذات طابع أمنيٍّ، وعسكريٍّ، وذكـَّرناهم بها، وهي اتفاقـيَّة الإطار الستراتيجيِّ تدخل في الجانب الأمنيِّ، وفي حقول الوزارات المُتعدِّدة المُتناظِرة صناعيّاً، وتجاريّاً، وسياسيّاً نتعامل معها بكلِّ ثقة، وبشكل مُباشِر بيننا وبينهم..

الجعفريّ: السيِّد ترامب قالها بشكل صريح: دعمنا للعراق لن يتوقـَّف، بل يزيد.. أنا سمعتها منه مُباشَرة بوُجُود السيِّد رئيس الوزراء..

الجعفريّ: هناك تقاطعات بين دول الحوض الإقليميّ، ولكننا نتعامل مع كلِّ دولة على حدة، فلا نضع دولة تـُؤثـِّر علينا في التعامل خُصُوصاً في السياسة الخارجيَّة على حساب بقـيَّة الدول.. نحن نتعامل مع الدول بشكل يُحقـِّق مصلحة مُشترَكة ثنائيَّة: العراق وتلك الدولة، وعندما تكون هناك محاور اشتباك نحن نتجنـَّب هذه المحاور؛ لذا فإنَّ سياسة العراق مُستقِرَّة في التعامل مع هذه الدول..

الجعفريّ: الحشد الشعبيّ ظاهرة عراقـيَّة.. أنا لم أسمع من ترامب أنـَّه تحدَّث عن الحشد الشعبيِّ بالاسم بشيء مُعيَّن، ونحن -العراقيـِّين- مثلما لدينا جيش، وشرطة، وبيشمركة لدينا حشد شعبيّ، وحشد عشائريّ، وحُشُود محليَّة في كلِّ محافظة؛ هذه فرضتها ضرورة الميدان، والتحدِّيات الموجودة في الساحة العراقـيَّة، واستفدنا من تجارب العالم التي تـُؤسِّس جُيُوشاً في الظروف الاستثنائيَّة إذا لم تستطع الجُيُوش التقليديَّة وحدها أن تـُحقـِّق شيئاً، فتستنجد، وتستفيد، وتستعين بدول أخرى صديقة لها، وتنشئ شيئاً اسمه (حشد شعبيّ، أو الجيش الظهير) سمِّه ما شئت؛ لدعم الجيش في أثناء القتال..

الجعفريّ: عندما يتطلـَّب الأمن وُجُود حشد يحفظه، ويمنع انهيار المحافظات تكون الحاجة قائمة، فيكون الحشد الشعبيّ قائماً.. نحن لم نستورد الحشد الشعبيّ من الخارج، بل هو وليد من رحم الشعب العراقيِّ، وأبناء الشعب العراقيِّ يتواجدون لنفع العراق، ونتمنى أن يأتي ذلك اليوم الذي نجتاز التحدِّي الأمنيَّ، ومع ذلك سنستفيد من الحشد الشعبيِّ في مجالات أخرى..

الجعفريّ: أعتقد أنَّ المخاوف تجاه الحشد لا أساس لها من الواقع؛ لأنَّ نظريَّة الحشد الشعبيِّ لا تقوم على الاقتتال مع قوة عراقـيَّة، ولا البيشمركة لها نظريَّة اقتتال مع قوة عراقـيَّة، وإنـَّما هم الآن يُقاتِلون سويَّة، ويتعاونون، ودماؤهم تمتزج للدفاع عن شرف العراق، وهم الآن يُقاتِلون الإرهاب..

الجعفريّ: لماذا نفترض اقتتال بين الحشد الشعبيِّ والبيشمركة وأشياء لا أساس لها من الصِحَّة.. ليس من قِيَم الحشد الشعبيِّ الاقتتال مع قوة عراقـيَّة سواء كانت البيشمركة أم غيرها، ولا من قِيَم البيشمركة أن تقتتل مع قوات عراقـيَّة أخرى.. هؤلاء يُدافِعون، ويُقاتِلون إذا تعرَّضت سيادة البلد للخطر مثلما تعرَّضت الآن عملوا سويَّة..

الجعفريّ: السيِّد السيستاني -حفظه الله- وقف في أكثر من مرَّة في أيِّ خلافات تحدث، وأيِّ تعرُّض لأيِّ شريحة اجتماعيَّة عراقـيَّة كان يدخل بحكمة، ويُوصِي بالانسجام، والابتعاد عن أيِّ نقاط تقاطـُع من شأنها أن تـُسبِّب مشاكل في داخل العراق..

الجعفريّ: بادَرَ العراق كسياسة عامّة بتخفيف شِدَّة بُؤَر التوتـُّر بين دول المنطقة.. نحن نـُدرك أنَّ هناك حالة من التوتـُّر بين السعوديَّة، وهي غرب العراق، وبين إيران وهي شرق العراق، والاثنتان مجاورتان للعراق، وأمنهما ينعكس على أمننا، مثلما ينعكس أمننا على أمنهما..

الجعفريّ: نحن عملنا، وبذلنا جُهُوداً من أجل التقريب، ونعتقد أنَّ فرص التقريب مازالت قائمة، ومن مصلحة العراق أن يجد العلاقة بين الجارة الشرقـيَّة إيران مع الجارة الغربيَّة السعوديَّة، وأن تكون العلاقات مُنسجـِمة، والأمر نفسه بالنسبة لسورية وتركيا.. تركيا شمال العراق، وسورية دولة جوار جغرافيّ للعراق، هذه العلاقة بالنسبة لنا مُهمَّة أن تكون مُتجانِسة، وفيها حالة من التفاهم، والتعاون، ولكن لا يعني أنـَّنا دخلنا سياسة المحاور..

الجعفريّ: نـُقرِّب بين السعوديَّة وإيران على أساس تـُوجَد مصالح بينهم مُشترَكة.. السعوديَّة محضن الحرمين الشريفين مكة المُكرَّمة، والمدينة المُنوَّرة، ويؤمُّها سنويّاً أكثر من 30 مليون مُسلِم من مُختلِف مناطق العالم حجّاً، وعُمرة؛ لذا تنفتح على كلِّ العالم الإسلاميِّ، وإيران دولة مُجاورة للعراق، ويُوجَد بيننا وبينهم حُدُود 1400كم، وبعض مصادر المياه تأتي من إيران، وهناك مصالح تجاريَّة؛ وباعتبار أنَّ الجمهوريَّة الإسلاميَّة دولة غالبيَّتها العظمى شيعة، وهناك عدد كبير من أئمة أهل البيت -عليهم السلام- مراقدهم الشريفة موجودة في العراق، وهم يأتون للزيارة؛ فهناك تشابُك، وكلُّ هذه تدرُّ علينا بالنفع المعنويِّ، والنفع المادِّيّ.. فنحن نشعر بأنَّ مسؤوليتنا تقضي أن نعمل على التقريب، وفتح آفاق جديدة للتعاون، والحُضُور المُشترَك بيننا وبين إيران والسعوديَّة مثلما تركيا وسورية..

الجعفريّ: علاقتنا مع تركيا لاتزال قائمة، وما سجَّلنا موقف قطيعة، ولا انقطاع بيننا وبين تركيا، وهناك تبادل وجهات النظر.. نعم، هناك مُفرَدة نرفضها، وهي وُجُود قوات تركيا في منطقة بعشيقة [عمق 110كم] موجودون في العراق، لكنـَّنا لا نرفض العلاقة مع تركيا، ونتمسَّك بسيادتنا، والسيطرة على الأرض العراقـيَّة، والسماء العراقـيَّة، والثروة العراقـيَّة، والإنسان العراقيّ من قِبَل نفس العراقـيِّين وفق الدستور، ولكن نرفض أن نستبدل ذلك بحالة احتراب..

الجعفريّ: طرحنا الانتهاك التركيّ على الأمم المتحدة، وطرحناه على جامعة الدول العربيَّة، وكلـُّها طرق سلميَّة، وحضاريَّة، وحصلنا على إجماع عربيّ لخُرُوج القوات التركيَّة من بعشيقة، ولاتزال السفارة التركيَّة موجودة في بغداد، والسفارة العراقـيَّة مفتوحة في أنقرة..

الجعفريّ: الوُعُود التركيَّة بسحب قواتها من بعشيقة ما انقطعت، وتتفاوت الصيغة بين فترة وأخرى، ولكن ما انقطعت، ولم نسمع خطاباً مُتجرِّئاً على العراق بأنـَّهم لا يخرجون، وأنـَّه عندما يستتبُّ الأمن، ويتمُّ القضاء على داعش، وتتحرَّر المُدُن الثلاث: (الموصل، والأنبار، وصلاح الدين).. هذا الكلام نسمعه منهم؛ إذن تـُوجَد وُعُود بالانسحاب، أمَّا وُجُودها على المدى الدائم فهذا لا يُسمَح به على الإطلاق..

الجعفريّ: الدستور التركيّ وتعديله شأن تركيّ، مثلما يكون الدستور العراقيّ شأناً عراقيّاً، والدستور ليس كتاباً مُقدَّساً، وهو ليس توراة، ولا إنجيل، ولا قرآناً، وإنـَّما يعكس مُستوى من الفهم لدى كلِّ شعب، وهذا الفهم يتطوَّر، فيتطوَّر الدستور، فلا يُوجَد دستور في العالم لا يتبدَّل..

الجعفريّ: طَلَبُ عودة سورية إلى البيت العربيِّ أنا طرحته في الجامعة العربيَّة أكثر من مرة.. هذا شيء طبيعيّ.. العراق لا يضيق بأيِّ دولة، وهو بلد مُتحضِّر يفهم أنَّ التعدُّد، والتنوُّع لا يُضعِف، بل نعتقد أنَّ الجامعة العربيَّة يجب أن تتكامل بكلِّ دولها، ولو أنَّ الأردن الآن يُقصى من الجامعة العربيَّة لطالبنا بحُضُوره، ولو أنَّ لبنان يُقصى لطالبنا بحُضُوره، ولو أنَّ مصر تـُقصى نـُطالِب بحُضُورها، فعندما تـُقصى سورية نـُطالِب بحُضُورها..

الجعفريّ: ما يقوله السيِّد مقتدى الصدر بشأن سورية، فما قاله لا تملك الحكومة العراقـيَّة حقَّ منع أيِّ مُواطِن عراقيٍّ من أن يُصرِّح بما يعتقد.. هناك وجهة نظر لمُواطِنين عراقـيِّين نحن نحترمها، وحتى ولو كنا نختلف معها، ولكن لدينا سياقات قانونيَّة عراقـيَّة، ومجلس تشريعيّ، وحكومة، والحكومة تـُعبِّر عن نفسها كإرادة ضمن السياقات القانونيَّة، والتشريعيَّة العراقـيَّة.. نحن لا نمنع أحداً من أن يُصرِّح، وعندما نختلف نـُفرِّق بين وجهة النظر العراقـيَّة التي مرَّت بالبرلمان، وأمضاها القانون، وتبنتها الحكومة بوجهة نظر مُحترَمة تـُقال من هنا، وهناك..

الجعفريّ: البيت الشيعيّ كمصطلح نسمع به منذ السقوط، ولكننا لا نتعامل به.. عندنا التحالف الوطنيُّ العراقيُّ، وهو تحالف، ووطنيّ بحجم العراق، وعراقيّ نتشرَّف بكوننا من خلفيَّة شيعيَّة، مثلما نحترم كلَّ المُواطِنين من الخلفيَّات الأخرى..

الجعفريّ: كلُّ الخلفيَّات مُحترَمة بالنسبة للرُمُوز العراقـيَّة التي تصدَّت للتجربة، وساهمت في التاريخ بالتصدِّي للحكومات، ونترك الحكم للتاريخ ماذا يقول عمَّن أخطأ، ومَن أصاب، لكن -في تقديري- المُلاحَظات التي تتواجد على هذا وذاك لا تـُخِلُّ بأصل النظام السياسيِّ العراقيِّ الجديد..

الجعفريّ: لا يُوجَد دستور في العالم كـُتِبَ، وطـُبِّق 100%، ولكن يقترب من التطبيق بنسبة 60%، أو 70%، أو 80%.. أملنا أن نبني الواقع على ضوء الدستور، ونـُغيِّر الدستور بما ينسجم مع الواقع؛ لأنَّ الدستور ليس كائناً ثابتاً، وإنـَّما هو كائن مُتحرِّك يُحرِّكه الواقع، وكلـَّما تطوَّر الواقع السياسيُّ انعكس على الدستور.. لو رجعنا إلى دساتير العالم سنجد أنَّ الدستور الحاليَّ في كلِّ دول العالم من دون  استثناء يختلف عن الدستور الأوَّل الذي كـُتِبَ..

الجعفريّ: كنتُ مُصِرّاً على الدستور، وطبَّـقته سواء كان المحليّ، أم الدستور عندما تمَّ التصويت عليه في 2005، ومن مصاديق تطبيق الدستور أنـِّي طبَّـقته رغم أنَّ دول العالم كانت تسمح في وقتها أن نـُؤجِّل الانتخابات ستة أشهر، ورفضتُ، واتصل بي السيِّد كوفي عنان، وقال: من حقك أن تؤجِّل ستة أشهر.. فرفضتُ، وقلتُ له: أطبِّـقه كلـُّه في 2005 قبل أن أتصدَّى لرئاسة الوزراء ببضعة أشهر، وجرى التصويت على مُسوَّدة الدستور، ثم على الجمعيَّة الوطنيَّة، ثم المُصادَقة على الدستور..

الجعفريّ: الانتخابات جرت في 2005، وهو عام الانتخابات المُتعدِّدة التي حصلت عندما كنتُ مُتصدِّياً في رئاسة الوزراء، ومن المصاديق التي طبَّـقنا الدستور فيها هو المادّة 140، وقضيَّة كركوك.. هذه المادَّة 140 فيها ثلاث نقاط، أوَّلاً: الإعمار والبناء، وأعطينا 200 مليون دولار؛ حتى يُعاد الإعمار والبناء، أعطيناها عندما كنتُ في رئاسة الوزراء، ثانياً: التطبيع، عملنا خطوات عمليَّة؛ للتطبيع، أي: إنَّ الذين رُحِّلوا بالقوة من كركوك لاعتبارات عنصريَّة يجب أن يعودوا بحسب الوثائق الموجودة، أو الذين جيء بهم إلى كركوك، وهم ليسوا من أهل كركوك يجب أن يُعاد هذا التوازن، ويُطبَّع، وبقيت النقطة الثالثة، وهي الإحصاء، إذ نصَّت المادَّة 140 على أنَّ الإحصاء يجب أن يكون في نهاية 2007، وأنا كنتُ في رئاسة الوزراء في 2005 و2006..

الجعفريّ: كان هناك تسييساً، وتحريضاً من بعض القوى التي اشتبهت، وأصرَّت على أنـَّه لابُدَّ أن يكون الإحصاء في 2005-2006، بينما الدستور يقول: الإحصاء يجب أن يكون في نهاية 2007..

الجعفريّ: المكتب السياسيّ للاتحاد الوطنيِّ، والأكراد الذين  كانوا معنا لم يتخلـَّوا عن تطبيق الدستور خُصُوصاً فيما يتعلق بالمادَّة 140، ولكنهم أنصفوا رئاسة الوزراء التي أنا كنتُ فيها، وقالوا: لو كنا بدلاً عن الجعفريّ لا نقوم بهذا الإحصاء في 2005، أو 2006، لأنَّ المادَّة 140 تقول: نهاية 2007، هذا إنصاف من الأكراد، وعنصر قوة، وعلى بقـيَّة الأكراد أن يتعلـَّموا من إخوانهم كيف يُنصِفون العمليَّة السياسيَّة..

الجعفريّ: كركوك عراق مُصغـَّر، هذه المحافظة باقة ورد فيها ألوان مُتعدِّدة، فيها الكرديّ، والتركمانيّ، والعربيّ، فيها السنيّ، والشيعيّ، فيها المُسلِم، وفيها المسيحيّ؛ لذا كنتُ في وقتها أطالب أن تكون إدارة تختلف عن بقـيَّة المحافظات، إدارة مُلوَّنة بتلوُّن المُجتمَع الكرديِّ.. نحن لا نستطيع أن ننسخ الخارطة الديمغرافيَّة لكركوك، ولكن نستطيع أن نأتي بخارطة سياسيَّة، وإداريَّة لكركوك تنسجم مع مُكوِّناتها.. هذا مُلخـَّص نظريَّـتي، وإلى الآن أنا مُتمسِّك بها..

الجعفريّ: يجب أن تبقى كركوك بكلِّ مُكوِّناتها التركمانيِّ، والعربيِّ، والكرديِّ، والسنـِّي، والشيعيِّ، والمُسلِم، والمسيحيّ.. هذا ورثناه من واقع كركوك، ويجب أن نـُحافِظ عليه.. هذا أوَّلاً، والشيء الثاني هو أنـَّه مضى وقت طويل، ونحن نتكلم كثيراً عن كركوك، بينما يجب أن نـُوظـِّف خدماتنا، واهتمامنا، وشغلنا الشاغل لتطوير كركوك إلى جانب أخواتها من المحافظات العراقـيَّة..

الجعفريّ: من حق مجلس محافظة كركوك أن يعتقد ما يعتقد، ولكن عندما يُرفـَع العلم هل أهل كركوك جميعاً اتفقوا على أنَّ كركوك للأكراد فقط؟.. الجواب: لا، لا تستطيع أن تقول غير هذا، ومادام غير مُتفـَق عليه فمن غير الصحيح أن نفرضه على أهل كركوك.. مثلما لا نقبل من أحد أن يُقصي الأكراد من كركوك لا نقبل أنَّ أحداً يفرض ذوقاً واحداً، ورأياً واحداً، ومُكوِّناً واحداً على بقـيَّة الشرائح الاجتماعيَّة في كركوك.. هذا شيء غير صحيح..

الجعفريّ: بخصوص الاستفتاء أنا أنصحهم كأخ، وصديق صادق لهم يجب أن يُفكـِّروا كثيراً عندما يُقدِمون على هذا العمل.. هل الوضع الكرديّ الآن في العراق كما كان سابقاً في زمن الدكتاتوريّة.. في ذاك الزمن كان الإقصاء، وحلبجة، والأنفال، والمنع من التواجُد في الجيش، ومنع من الدوائر الرسميَّة.. هل هذا موجود الآن؟.. الجواب: لا..

الجعفري: الآن رئيس جمهوريَّة العراق السابق هو الأخ جلال الطالبانيّ، وهو كرديّ، ورئيس الجمهوريَّة الحاليّ هو دكتور فؤاد معصوم، وهو كرديّ أيضاً.. هناك وزارات سياديَّة على رأسها شخصيَّات كرديَّة يعملون سويَّة مع إخوانهم العرب، وفي الوقت نفسه لديهم برلمانهم في كردستان، وحكومتهم المحليَّة.. كما يجب أن يأخذوا بنظر الاعتبار مدى التجاوب الجيوسياسيّ، فالدول التي تـُحيطنا تركيا، وإيران، وسورية مُنفتِحة، ومُتجاورة، ومُتعاطية، وفيها أكراد..

الجعفريّ: القائد يُفكـِّر، ويستشرف المستقبل، ويمتدُّ مع حقائق الجغرافية؛ حتى ينصح شعبه بالشيء المُناسِب.. أعتقد أنَّ فرصة الإخوة الأكراد الآن أن يُثبتوا جدارتهم، وقد أثبتوا أنـَّهم يُواكِبون العمليَّة السياسيَّة العراقـيَّة، ويتعاملون مع بقـيَّة الشرائح إلى جانب إخوانهم العرب، والشيعة هم معدن العرب أمامهم فرص أن يُبرهنوا على التعاطي، والتعاطف بينهم وبين بقـيَّة المُكوِّنات..

 

لقاء قناة روداوو بالدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقـيَّة في أربيل

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ:                بسم الله الرحمن الرحيم

فرصة طيِّبة أن نـُطِلَّ على أبناء الشعب الكرديِّ الكريم، ونتحدَّث معه بهُمُومه،  وهُمُوم عُمُوم العراق، وهُمُوم المنطقة، والعالم.

لا تـُوجَد مُقارَنة -بشكل عامّ- بين ما نحن عليه، وما كنا عليه في زمن المُعارَضة..  كان أبناء الشعب مُطارَدين في مُختلِف مناطق العراق؛ وانتشروا في بلدان العالم، وخرج ملايين العراقـيِّين عرباً وأكراداً، سُنـَّة وشيعة، مُسلِمين ومسيحيِّين، أمَّا الآن فيتواجدون في بلادهم العراق، ويُساهِمون في بنائه.

الصورة اختلفت عمَّا كانت عليه سابقاً.. نحن لا نكتفي بهذا الشيء، وأنـَّما نطمح، ونتطلـَّع لتحقيق المزيد من المكاسب، ونتطلـَّع أن يأخذ العراقـيُّون مسؤوليَّة بناء البلد بأيديهم، وتنفيذ المشاريع التي من شأنها جعله بمُستوى مُتقدِّم، ورفع مُستوى المعيشة لكلِّ العراقـيِّين، فإلى الآن لم نـُحقـِّق كلَّ الأهداف، ولكن -بكلِّ تأكيد- تحققت أهداف جيِّدة لم تكن موجودة سابقاً.. فقد كان العراق دولة الرجل الواحد، والآن دولة يُساهِم أبناؤها في بناء مُؤسَّساتها كلُّ القوى السياسيَّة المُختلِفة.

أبناء الشعب العراقيِّ يُشاركون في الانتخابات، وهي مظهر حضاريّ لبناء السلطة التشريعيَّة، وبناء السلطة التنفيذيَّة، والتعامل مع المُستجدّات التي طرأت على العراق بروح جماعيَّة مسؤولة.

العراق اليوم أصبح في العالم قدوة لبقـيَّة الدول على مُستوى الإنجاز، وعلى مُستوى المُبادَرة، وعلى مُستوى مُواجَهة الإرهاب، ويحتلُّ الصدارة في أنـَّه استطاع أن يُواجه الإرهاب، ويدحره، ويفرض إرادته..

إلى الأمس القريب كانت ثلاث محافظات في قبضة الإرهاب، وهي: صلاح الدين، والأنبار، والموصل.. اليوم تمَّ تطهير هذه المناطق جميعاً باستثناء جزء من الجانب الأيمن من الموصل.

الشيء الرائع هو أنَّ الذي يُساهِم في دحر إرادة الإرهاب هم العراقـيُّون أنفسهم من الجيش، والحشد الشعبيِّ، والبيشمركة، وقوات مكافحة الإرهاب، والحشد العشائريِّ، وفي الوقت نفسه الخطاب العراقيّ توحَّد.

نحن لا ندَّعي عدم وُجُود خلافات، لكنَّ الخطاب السياسيَّ العراقيَّ يُمثـِّل مُشترَكاً التقت عليه القوى السياسيَّة العراقـيَّة كافة؛ وهذه -في تقديري- من أسرار النصر الحقيقيِّ، وتفاعل معنا الوضع الدوليُّ -أيضاً- عندما رأى كلمة العراقـيِّين مُوحَّدة، وقدَّم لنا مُساعَدات، وتدريباً، وبعض القضايا اللوجستـيَّة.

 

  • ماذا عن الاجتماع مع السيِّد ترامب؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: جرت العادة دائماً بأنَّ أيَّ حُكومة جديدة تتشكـَّل يكون هناك لقاء بين رئيس الوزراء العراقيِّ ورئيس جمهوريَّة أميركا؛ فعلى هذا السياق مع مجيء ترامب كرئيس جديد لأميركا وجَّه دعوة للسيِّد العباديِّ مع وفد له، وكنتُ ضمن الوفد.

 

  • ما السياسة الأميركيَّة تجاه العراق؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا أقول: لا تتغيَّر، لكنَّ هامش المُرُونة في التغيير محدود، وليس مُطلقاً، وليس سِرّاً عليكم أنـَّه في البداية صُنـِّف العراق على أنـَّه من الدول التي مُنِعَت من التعامُل مع أميركا، لكنَّ العراق تحرَّك، وأوصل صوته، وله كلُّ الحقِّ، واستخدم الذرائع القانونيَّة الصحيحة، وأثبت للعالم أنـَّه ليس دولة إرهاب، وأنـَّه دولة ضحيَّة الإرهاب، بل دولة مُنتصِرة على الإرهاب.

نحن اعتبرنا أنـَّه حصل اشتباه في اتخاذ القرار، واستجابت الإدارة الأميركيَّة، واستـُثنِيَ العراق من هذه الحالة.

هناك بعض الخلافات لا ننتظر أن تأتينا وَصَفَات جاهزة لحلـِّها، بل يجب أن نصنع ما نعتقد به ليس فقط في الداخل العراقيِّ، وإنـَّما في الوضع العالميّ.

العراق اليوم صنع شيئاً جديداً في العالم، وفي الوضع الإقليميِّ.. اعقدوا مُقارَنة كيف كان العراق عام 2014 مع دول المنطقة؟

كان في عُزلة، وكيف كان مع أميركا، وأوروبا؟

كان في عُزلة.. العراق اليوم تتقاطر عليه الفرص بين استضافات، وتـُوجَّه له دعوات، وبين زيارات يأتون، وليست زيارات فقط، وإنـَّما صفقات تعامُل، وعقود، ومُذكـَّرات تفاهم، واتفاقـيَّات مُشترَكة بيننا وبين دول العالم الجديد؛ إذن العراق اليوم يأخذ زمام المُبادَرة، ويُطِلُّ إطلالة عريضة على كلِّ دول العالم.. العراق اليوم اختلف عن قبل.. الخطاب العراقيُّ الآن يُسمَع له في المُنتدَيات الدوليَّة.

عندما يأتي الدور للخطاب العراقيِّ الكلُّ يستمعون له؛ لماذا؟ لأنـَّه يتكلـَّم من موقع الميدان، ولأنـَّه يُواجه الإرهاب نيابة عن العالم؛ ولأنـَّه سجَّل انتصارات حقيقـيَّة على الإرهاب، في حين كثير من الدول انكسرت -للأسف- إرادتها مع الإرهاب.

 

  • هل للخطاب العراقيِّ تأثير؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بالتأكيد.. تأثير بالغ الأهمِّية.. عندما يُوصِل العراق صوته إلى دول العالم بأنَّ الذي يحصل في العراق هو تعبير عن إرادة الشعب العراقيِّ للانتصار، وليس انتصار مذهب مُعيَّن، أو قوميَّة مُعيَّنة، أو كتلة سياسيَّة مُعيَّنة.. بدأوا الآن يُحِسُّون أنَّ الحراك العراقيَّ الجديد هو تعبير عن مُجمَل حركة القوى السياسيَّة العراقـيَّة بكلِّ قوميَّاتها، ومذاهبها.. الإخوة الأيزديَّة دافعنا عنهم؛ لأنـَّهم ضحايا الإرهاب، واعتـُدِيَ على بناتهم، وتمَّ تهجيرهم إلى مناطق بعيدة؛ لذا نهضنا بهذه المَهمَّة.

ما أعطينا العالم فرصة لأن يتحدَّث عن العراقـيِّين بدلاً عن المُؤسَّسات العراقـيَّة.. المُؤسَّسات العراقـيَّة عبَّأت الرأي العامَّ العالميَّ على أن ينتصر للعراق، لكنها أخذت على عاتقها زمام المُبادَرة.. نحن نـُدافِع عن أبناء شعبنا كافة.

 

  • ماذا عن العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركيَّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: العراق له فلسفة في العلاقات الدبلوماسيَّة تقوم على أساس القطبيَّة الثنائيَّة، أعني: العراق وإيران، العراق وتركيا، العراق وسورية، العراق والكويت، العراق والسعوديَّة، وهكذا.. نتعامل مع كلِّ قطب بشكل ثنائيٍّ بمعزل عن البقـيَّة.. نحن لا نـُؤمِن بسياسة المحاور، كذلك الحال مع الحوض الأوروبيِّ، والأميركيِّ نحن نتعامل مع بلدان أوروبا بقطبيَّة ثنائيَّة، ونتعامل مع أميركا بقطبيَّة ثنائيَّة..

تـُوجَد بيننا وبين أميركا مصالح مُشترَكة، وهناك فرص كثيرة للاستفادة من هذه العلاقة خُصُوصاً أنـَّنا تربطنا معها اتفاقـيَّة مُهمَّة ذات طابع أمنيٍّ، وعسكريٍّ، وذكـَّرناهم بها، وهي اتفاقـيَّة الإطار الستراتيجيِّ تدخل في الجانب الأمنيِّ، وفي حقول الوزارات المُتعدِّدة المُتناظِرة صناعيّاً، وتجاريّاً، وسياسيّاً نتعامل معها بكلِّ ثقة، وبشكل مُباشِر بيننا وبينهم.

ذكـَّرناهم بهذه الاتفاقـيَّة، وأكـَّدوا على التزامهم تجاه العراق، وقالها السيِّد ترامب بشكل صريح: دعمنا للعراق لن يتوقـَّف، بل يزيد.. أنا سمعتها منه مُباشَرة بوُجُود السيِّد رئيس الوزراء.

هناك تقاطعات بين دول الحوض الإقليميّ، ولكننا نتعامل مع كلِّ دولة على حدة، فلا نضع دولة تـُؤثـِّر علينا في التعامل خُصُوصاً في السياسة الخارجيَّة على حساب بقـيَّة الدول.. نحن نتعامل مع الدول بشكل يُحقـِّق مصلحة مُشترَكة ثنائيَّة: العراق وتلك الدولة، وعندما تكون هناك محاور اشتباك نحن نتجنـَّب هذه المحاور؛ لذا فإنَّ سياسة العراق مُستقِرَّة في التعامل مع هذه الدول.

 

  • ماذا طلب السيِّد ترامب حول الحشد الشعبيّ؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الحشد الشعبيّ ظاهرة عراقـيَّة.. أنا لم أسمع من ترامب أنـَّه تحدَّث عن الحشد الشعبيِّ بالاسم بشيء مُعيَّن، ونحن -العراقيـِّين- مثلما لدينا جيش، وشرطة، وبيشمركة لدينا حشد شعبيّ، وحشد عشائريّ، وحُشُود محليَّة في كلِّ محافظة؛ هذه فرضتها ضرورة الميدان، والتحدِّيات الموجودة في الساحة العراقـيَّة، واستفدنا من تجارب العالم التي تـُؤسِّس جُيُوشاً في الظروف الاستثنائيَّة إذا لم تستطع الجُيُوش التقليديَّة وحدها أن تـُحقـِّق شيئاً، فتستنجد، وتستفيد، وتستعين بدول أخرى صديقة لها، وتنشئ شيئاً اسمه (حشد شعبيّ، أو الجيش الظهير) سمِّه ما شئت؛ لدعم الجيش في أثناء القتال.

أميركا مرَّت بهذه التجربة عام 1775 إلى أن انتصرت عام 1783، واستفادت من هذه الظاهرة، وعبَّأت الناس، واستفادت من دول أخرى، ومنها: فرنسا، وإيطاليا.

 

  • هل الحشد الشعبي شيء مُؤقـَّت؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هذا تـُقرِّره الحقائق الميدانيَّة، لا أقرِّره أنا، ولا يستطيع أحد أن يُقرِّره.. عندما يتطلـَّب الأمن وُجُود حشد يحفظه، ويمنع انهيار المحافظات تكون الحاجة قائمة، فيكون الحشد الشعبيّ قائماً.

نحن لم نستورد الحشد الشعبيّ من الخارج، بل هو وليد من رحم الشعب العراقيِّ، وأبناء الشعب العراقيِّ يتواجدون لنفع العراق، ونتمنى أن يأتي ذلك اليوم الذي نجتاز التحدِّي الأمنيَّ، ومع ذلك سنستفيد من الحشد الشعبيِّ في مجالات أخرى.

أعتقد أنَّ المخاوف لا أساس من الواقع؛ لأنَّ نظريَّة الحشد الشعبيِّ لا تقوم على الاقتتال مع قوة عراقـيَّة، ولا البيشمركة لها نظريَّة اقتتال مع قوة عراقـيَّة، وإنـَّما هم الآن يُقاتِلون سويَّة، ويتعاونون، ودماؤهم تمتزج للدفاع عن شرف العراق، وهم الآن يُقاتِلون الإرهاب.

 

  • بخُصُوص افتراض اقتتال بين الحشد الشعبيِّ والبيشمركة ما رأي السيِّد السيستانيّ؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لماذا نفترض أشياء لا أساس لها من الصِحَّة.. ليس من قِيَم الحشد الشعبيِّ الاقتتال مع قوة عراقـيَّة سواء كانت البيشمركة أم غيرها، ولا من قِيَم البيشمركة أن تقتتل مع قوات عراقـيَّة أخرى.. هؤلاء يُدافِعون، ويُقاتِلون إذا تعرَّضت سيادة البلد للخطر مثلما تعرَّضت الآن عملوا سويَّة.

السيِّد السيستاني -حفظه الله- وقف في أكثر من مرَّة في أيِّ خلافات تحدث، وأيِّ تعرُّض لأيِّ شريحة اجتماعيَّة عراقـيَّة كان يدخل بحكمة، ويُوصِي بالانسجام، والابتعاد عن أيِّ نقاط تقاطـُع من شأنها أن تـُسبِّب مشاكل في داخل العراق.

 

  • بخُصُوص السياسة الخارجيَّة، والعلاقات مع السعوديَّة، وإيران؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بادَرَ العراق كسياسة عامّة بتخفيف شِدَّة بُؤَر التوتـُّر بين دول المنطقة.. نحن نـُدرك أنَّ هناك حالة من التوتـُّر بين السعوديَّة، وهي غرب العراق، وبين إيران وهي شرق العراق، والاثنتان مجاورتان للعراق، وأمنهما ينعكس على أمننا، مثلما ينعكس أمننا على أمنهما.

نحن عملنا، وبذلنا جُهُوداً من أجل التقريب، ونعتقد أنَّ فرص التقريب مازالت قائمة، ومن مصلحة العراق أن يجد العلاقة بين الجارة الشرقـيَّة إيران مع الجارة الغربيَّة السعوديَّة، وأن تكون العلاقات مُنسجـِمة، والأمر نفسه بالنسبة لسورية وتركيا.. تركيا شمال العراق، وسورية دولة جوار جغرافيّ للعراق، هذه العلاقة بالنسبة لنا مُهمَّة أن تكون مُتجانِسة، وفيها حالة من التفاهم، والتعاون، ولكن لا يعني أنـَّنا دخلنا سياسة المحاور.

 

  • وماذا بخصوص التقريب؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نـُقرِّب بينهم على أساس تـُوجَد مصالح بينهم مُشترَكة.. السعوديَّة محضن الحرمين الشريفين مكة المُكرَّمة، والمدينة المُنوَّرة، ويؤمُّها سنويّاً أكثر من 30 مليون مُسلِم من مُختلِف مناطق العالم حجّاً، وعُمرة؛ لذا تنفتح على كلِّ العالم الإسلاميِّ، وإيران دولة مُجاورة للعراق، ويُوجَد بيننا وبينهم حُدُود 1400كم، وبعض مصادر المياه تأتي من إيران، وهناك مصالح تجاريَّة؛ وباعتبار أنَّ الجمهوريَّة الإسلاميَّة دولة غالبيَّتها العظمى شيعة، وهناك عدد كبير من أئمة أهل البيت -عليهم السلام- مراقدهم الشريفة موجودة في العراق، وهم يأتون للزيارة؛ فهناك تشابُك، وكلُّ هذه تدرُّ علينا بالنفع المعنويِّ، والنفع المادِّيّ.. فنحن نشعر بأنَّ مسؤوليتنا تقضي أن نعمل على التقريب، وفتح آفاق جديدة للتعاون، والحُضُور المُشترَك بيننا وبين إيران والسعوديَّة مثلما تركيا وسورية.

 

  • والعلاقة مع تركيا؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: علاقتنا مع تركيا لاتزال قائمة، وما سجَّلنا موقف قطيعة، ولا انقطاع بيننا وبين تركيا، وهناك تبادل وجهات النظر.. نعم، هناك مُفرَدة نرفضها، وهي وُجُود قوات تركيا في منطقة بعشيقة [عمق 110كم] موجودون في العراق، لكنـَّنا لا نرفض العلاقة مع تركيا، ونتمسَّك بسيادتنا، والسيطرة على الأرض العراقـيَّة، والسماء العراقـيَّة، والثروة العراقـيَّة، والإنسان العراقيّ من قِبَل نفس العراقـيِّين وفق الدستور، ولكن نرفض أن نستبدل ذلك بحالة احتراب.

طرحنا ذلك على الأمم المتحدة، وطرحناه على جامعة الدول العربيَّة، وكلـُّها طرق سلميَّة، وحضاريَّة، وحصلنا على إجماع عربيّ لخُرُوج القوات التركيَّة من بعشيقة، ولاتزال السفارة التركيَّة موجودة في بغداد، والسفارة العراقـيَّة مفتوحة في أنقرة.

 

  • كيف تتعامل مع الوُعُود التركيَّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الوُعُود التركيَّة بسحب قواتها من بعشيقة ما انقطعت، وتتفاوت الصيغة بين فترة وأخرى، ولكن ما انقطعت، ولم نسمع خطاباً مُتجرِّئاً على العراق بأنـَّهم لا يخرجون، وأنـَّه عندما يستتبُّ الأمن، ويتمُّ القضاء على داعش، وتتحرَّر المُدُن الثلاث: (الموصل، والأنبار، وصلاح الدين).. هذا الكلام نسمعه منهم؛ إذن تـُوجَد وُعُود بالانسحاب، أمَّا وُجُودها على المدى الدائم فهذا لا يُسمَح به على الإطلاق.

 

  • ما رأيك بتعديل الدستور في تركيا؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الدستور التركيّ شأن تركيّ، مثلما يكون الدستور العراقيّ شأناً عراقيّاً، والدستور ليس كتاباً مُقدَّساً، وهو ليس توراة، ولا إنجيل، ولا قرآناً، وإنـَّما يعكس مُستوى من الفهم لدى كلِّ شعب، وهذا الفهم يتطوَّر، فيتطوَّر الدستور، فلا يُوجَد دستور في العالم لا يتبدَّل.

 

  • ماذا عن سورية، وعودتها إلى الجامعة العربيَّة، وطلب السيِّد مقتدى الصدر من الرئيس السوريِّ بشار الأسد التنحِّي؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: طَلَبُ عودة سورية إلى البيت العربيِّ أنا طرحته في الجامعة العربيَّة أكثر من مرة.. هذا شيء طبيعيّ.. العراق لا يضيق بأيِّ دولة، وهو بلد مُتحضِّر يفهم أنَّ التعدُّد، والتنوُّع لا يُضعِف، بل نعتقد أنَّ الجامعة العربيَّة يجب أن تتكامل بكلِّ دولها، ولو أنَّ الأردن الآن يُقصى من الجامعة العربيَّة لطالبنا بحُضُوره، ولو أنَّ لبنان يُقصى لطالبنا بحُضُوره، ولو أنَّ مصر تـُقصى نـُطالِب بحُضُورها، فعندما تـُقصى سورية نـُطالِب بحُضُورها.

أمَّا ما يقوله السيِّد مقتدى الصدر، فما قاله لا تملك الحكومة العراقـيَّة حقَّ منع أيِّ مُواطِن عراقيٍّ من أن يُصرِّح بما يعتقد.. هناك وجهة نظر لمُواطِنين عراقـيِّين نحن نحترمها، وحتى ولو كنا نختلف معها، ولكن لدينا سياقات قانونيَّة عراقـيَّة، ومجلس تشريعيّ، وحكومة، والحكومة تـُعبِّر عن نفسها كإرادة ضمن السياقات القانونيَّة، والتشريعيَّة العراقـيَّة.

نحن لا نمنع أحداً من أن يُصرِّح، وعندما نختلف نـُفرِّق بين وجهة النظر العراقـيَّة التي مرَّت بالبرلمان، وأمضاها القانون، وتبنتها الحكومة بوجهة نظر مُحترَمة تـُقال من هنا، وهناك.

 

  • بخُصُوص البيت الشيعيّ، وحيدر العباديّ، والمالكيّ، والجعفريّ مع مسعود البارزاني؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: البيت الشيعيّ كمصطلح نسمع به منذ السقوط، ولكننا لا نتعامل به.. عندنا التحالف الوطنيُّ العراقيُّ، وهو تحالف، ووطنيّ بحجم العراق، وعراقيّ نتشرَّف بكوننا من خلفيَّة شيعيَّة، مثلما نحترم كلَّ المُواطِنين من الخلفيَّات الأخرى.

كلُّ الخلفيَّات مُحترَمة بالنسبة للرُمُوز العراقـيَّة التي تصدَّت للتجربة، وساهمت في التاريخ بالتصدِّي للحكومات، ونترك الحكم للتاريخ ماذا يقول عمَّن أخطأ، ومَن أصاب، لكن -في تقديري- المُلاحَظات التي تتواجد على هذا وذاك لا تـُخِلُّ بأصل النظام السياسيِّ العراقيِّ الجديد.

 

  • ماذا عن الدستور العراقيّ؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا يُوجَد دستور في العالم كـُتِبَ، وطـُبِّق 100%، ولكن يقترب من التطبيق بنسبة 60%، أو 70%، أو 80%.

أملنا أن نبني الواقع على ضوء الدستور، ونـُغيِّر الدستور بما ينسجم مع الواقع؛ لأنَّ الدستور ليس كائناً ثابتاً، وإنـَّما هو كائن مُتحرِّك يُحرِّكه الواقع، وكلـَّما تطوَّر الواقع السياسيُّ انعكس على الدستور.

لو رجعنا إلى دساتير العالم سنجد أنَّ الدستور الحاليَّ في كلِّ دول العالم من دون  استثناء يختلف عن الدستور الأوَّل الذي كـُتِبَ.

 

  • وماذا عن الحكومات المحليَّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هناك انطباعات مُتبادَلة، ويُوجَد مَن يُعطي انطباعات بأنَّ هذه الحكومة المحليَّة طبَّـقت، أو لم تـُطبِّق، لكنَّ التجاوز مفهوم آخر.. فعدم القدرة على التطبيق ينشأ بعض الأحيان من الفرق بين العمليِّ والنظريِّ، وليس كلُّ شيء تقوله نظريّاً تستطيع أن تطبِّـقه 100%، أمَّا التجاوز فمعناه تـُوجَد نصوص دستوريَّة باتجاه، وتـُوجَد إرادات مُضادَّة لتلك النصوص، هذا يُدان، وقد يُحاكـَم، ويُحاسَب الطرف المُتجاوز على الدستور.

كنتُ مُصِرّاً على الدستور، وطبَّـقته سواء كان المحليّ، أم الدستور عندما تمَّ التصويت عليه في 2005، ومن مصاديق تطبيق الدستور أنـِّي طبَّـقته رغم أنَّ دول العالم كانت تسمح في وقتها أن نـُؤجِّل الانتخابات ستة أشهر، ورفضتُ، واتصل بي السيِّد كوفي عنان، وقال: من حقك أن تؤجِّل ستة أشهر.. فرفضتُ، وقلتُ له: أطبِّـقه كلـُّه في 2005 قبل أن أتصدَّى لرئاسة الوزراء ببضعة أشهر، وجرى التصويت على مُسوَّدة الدستور، ثم على الجمعيَّة الوطنيَّة، ثم المُصادَقة على الدستور.

كلُّ هذه الانتخابات جرت في 2005، وهو عام الانتخابات المُتعدِّدة التي حصلت عندما كنتُ مُتصدِّياً في رئاسة الوزراء، ومن المصاديق التي طبَّـقنا الدستور فيها هو المادّة 140، وقضيَّة كركوك.. هذه المادَّة 140 فيها ثلاث نقاط، أوَّلاً: الإعمار والبناء، وأعطينا 200 مليون دولار؛ حتى يُعاد الإعمار والبناء، أعطيناها عندما كنتُ في رئاسة الوزراء، ثانياً: التطبيع، عملنا خطوات عمليَّة؛ للتطبيع، أي: إنَّ الذين رُحِّلوا بالقوة من كركوك لاعتبارات عنصريَّة يجب أن يعودوا بحسب الوثائق الموجودة، أو الذين جيء بهم إلى كركوك، وهم ليسوا من أهل كركوك يجب أن يُعاد هذا التوازن، ويُطبَّع، وبقيت النقطة الثالثة، وهي الإحصاء، إذ نصَّت المادَّة 140 على أنَّ الإحصاء يجب أن يكون في نهاية 2007، وأنا كنتُ في رئاسة الوزراء في 2005 و2006.

هذا كان تسييساً، وتحريضاً من بعض القوى التي اشتبهت، وأصرَّت على أنـَّه لابُدَّ أن يكون الإحصاء في 2005-2006، بينما الدستور يقول: الإحصاء يجب أن يكون في نهاية 2007.

 

  • وماذا بخُصُوص المكتب السياسيِّ للاتحاد الوطنيّ؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: المكتب السياسيّ للاتحاد الوطنيِّ، والأكراد الذين  كانوا معنا لم يتخلـَّوا عن تطبيق الدستور خُصُوصاً فيما يتعلق بالمادَّة 140، ولكنهم أنصفوا رئاسة الوزراء التي أنا كنتُ فيها، وقالوا: لو كنا بدلاً عن الجعفريّ لا نقوم بهذا الإحصاء في 2005، أو 2006، لأنَّ المادَّة 140 تقول: نهاية 2007، هذا إنصاف من الأكراد، وعنصر قوة، وعلى بقـيَّة الأكراد أن يتعلـَّموا من إخوانهم كيف يُنصِفون العمليَّة السياسيَّة.

 

  • ماذا عن كركوك؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كركوك عراق مُصغـَّر، هذه المحافظة باقة ورد فيها ألوان مُتعدِّدة، فيها الكرديّ، والتركمانيّ، والعربيّ، فيها السنيّ، والشيعيّ، فيها المُسلِم، وفيها المسيحيّ؛ لذا كنتُ في وقتها أطالب أن تكون إدارة تختلف عن بقـيَّة المحافظات، إدارة مُلوَّنة بتلوُّن المُجتمَع الكرديِّ.. نحن لا نستطيع أن ننسخ الخارطة الديمغرافيَّة لكركوك، ولكن نستطيع أن نأتي بخارطة سياسيَّة، وإداريَّة لكركوك تنسجم مع مُكوِّناتها.. هذا مُلخـَّص نظريَّـتي، وإلى الآن أنا مُتمسِّك بها.

يجب أن تبقى كركوك بكلِّ مُكوِّناتها التركمانيِّ، والعربيِّ، والكرديِّ، والسنـِّي، والشيعيِّ، والمُسلِم، والمسيحيّ.. هذا ورثناه من واقع كركوك، ويجب أن نـُحافِظ عليه.. هذا أوَّلاً، والشيء الثاني هو أنـَّه مضى وقت طويل، ونحن نتكلم كثيراً عن كركوك، بينما يجب أن نـُوظـِّف خدماتنا، واهتمامنا، وشغلنا الشاغل لتطوير كركوك إلى جانب أخواتها من المحافظات العراقـيَّة.

 

  • ماذا بخُصُوص علم كردستان الذي رُفِعَ فوق مبنى محافظة كركوك، وأنَّ كركوك كردستانيَّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: من حقـِّه أن يعتقد ما يعتقد، ولكن عندما يُرفـَع العلم هل أهل كركوك جميعاً اتفقوا على أنَّ كركوك للأكراد فقط؟

الجواب: لا، لا تستطيع أن تقول غير هذا، ومادام غير مُتفـَق عليه فمن غير الصحيح أن نفرضه على أهل كركوك.

مثلما لا نقبل من أحد أن يُقصي الأكراد من كركوك لا نقبل أنَّ أحداً يفرض ذوقاً واحداً، ورأياً واحداً، ومُكوِّناً واحداً على بقـيَّة الشرائح الاجتماعيَّة في كركوك.. هذا شيء غير صحيح.

 

  • ماذا بخُصُوص الاستفتاء وجدِّية الأكراد؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أن تكون لديهم جدِّية، أو لا تكون ينبغي أن تسأل عنها الإخوة الأكراد؛ حتى يُجيبوك.

أنا أنصحهم كأخ، وصديق صادق لهم يجب أن يُفكـِّروا كثيراً عندما يُقدِمون على هذا العمل.

هل الوضع الكرديّ الآن في العراق كما كان سابقاً في زمن الدكتاتوريّة.. في ذاك الزمن كان الإقصاء، وحلبجة، والأنفال، والمنع من التواجُد في الجيش، ومنع من الدوائر الرسميَّة..

هل هذا موجود الآن؟

الجواب: لا.

الآن رئيس جمهوريَّة العراق السابق هو الأخ جلال الطالبانيّ، وهو كرديّ، ورئيس الجمهوريَّة الحاليّ هو دكتور فؤاد معصوم، وهو كرديّ أيضاً.

هناك وزارات سياديَّة على رأسها شخصيَّات كرديَّة يعملون سويَّة مع إخوانهم العرب، وفي الوقت نفسه لديهم برلمانهم في كردستان، وحكومتهم المحليَّة.

كما يجب أن يأخذوا بنظر الاعتبار مدى التجاوب الجيوسياسيّ، فالدول التي تـُحيطنا تركيا، وإيران، وسورية مُنفتِحة، ومُتجاورة، ومُتعاطية، وفيها أكراد.

القائد يُفكـِّر، ويستشرف المستقبل، ويمتدُّ مع حقائق الجغرافية؛ حتى ينصح شعبه بالشيء المُناسِب.

أعتقد أنَّ فرصة الإخوة الأكراد الآن أن يُثبتوا جدارتهم، وقد أثبتوا أنـَّهم يُواكِبون العمليَّة السياسيَّة العراقـيَّة، ويتعاملون مع بقـيَّة الشرائح إلى جانب إخوانهم العرب، والشيعة هم معدن العرب أمامهم فرص أن يُبرهنوا على التعاطي، والتعاطف بينهم وبين بقـيَّة المُكوِّنات.

 

  • بخصوص موافقة تركيا، وإيران هل سيُوافِق العراق على الاستفتاء؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أنا لم أطلع على هذا الشيء، ولم أسمع به.


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy