الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقـيَّة يستقبل الدكتور أحمد أبو الغيط الأمين العامّ لجامعة الدول العربيَّة
أحمد أبو الغيط للجعفريّ: العراق لديه أجهزة أمنيَّة مُستعِدَّة للتضحية مُعَدَّة إعداداً جيِّداً.. ولم أفاجأ إطلاقاً في أنَّ يُحقـِّق الأهداف العسكريَّة باستعادة كامل السيطرة على أرضه.. آمل أن أعود مرَّة أخرى لأحتفل مع الدكتور الجعفريّ في الموصل تحديداً
الاخبار | 15-03-2017

استقبل الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقـيَّة الدكتور أحمد أبو الغيط الأمين العامّ لجامعة الدول العربيَّة، وجرى خلال اللقاء بحث سُبُل التعاون، والتنسيق في حلِّ القضايا المُشترَكة ذات الصلة، والتي تصبُّ في مصلحة العمل العربيِّ المُشترَك.

وأكـَّد الدكتور الجعفريّ: أنَّ العراق مُلتزم من طرفه بدعم الجامعة، وتطوير عملها، وأن يكون عنصراً أساسيّاً بنـَّاءً فيها، مُوضِحاً: العراق حريص جدّاً في وُجُوده بالجامعة العربيَّة على أن يُسجِّل حُضُوراً نوعيّاً يُضفي على قوة الجامعة قوة جديدة، ولا يختزل حجمه ببلد، أو بعلاقة ثنائيَّة، وإنـَّما يتسع لكلِّ أشقائه العرب؛ حتى يدفع بعربة جامعة الدول العربيَّة نحو الأمام في طريق الصعود.

مُضيفاً: العراق يعمل جهد إمكانه مع إخوانه العرب، ومع قيادة جامعة الدول العربيَّة؛ لتخفيف التوتر الحاليّ، والبحث عن حُلـُول لكلِّ مُشكِلة موجودة في البدن العربيِّ.

مُعرباً عن تطلـُّع الجامعة العربيَّة لأن تقف إلى جانب العراق؛ مُعلـِّلاً: لأنَّ الدول العربيَّة أقرب إلى العراق؛ فتكون حِصَّتها من المآسي بالإرهاب أكثر، ومُهدَّدة -لا سمح الله- بالمستقبل؛ لذا نتطلع أن تقف الجامعة العربيَّة إلى جانب العراق.

مُنوِّهاً: نتطلع لإخواننا العرب أن يقفوا إلى جانبنا، ويُبرهِنوا أنـَّهم مع العراق في كلِّ شيء، وأنـَّهم يُوصِلون صوتهم، وهناك بعض الشذاذ من بعض الدول العربيَّة جاؤوا إلى العراق -لا نقول عبَّروا عن شُعُوبهم، ودولهم، ولكن عبَّروا عن جنسيَّات عربيَّة مُعيَّنة- نحن نـُريد أن نسمع الصوت العربيَّ الإنسانيَّ الداعم للعراق الذي يقف إلى جانبهم، ويمدُّوا يد المُساعَدة للعراق الذي يمرُّ بظرف استثنائيَّة، مُشدِّداً: انتصار العراق هو انتصار لكلِّ العرب، وانتصار للأسرة الإنسانيَّة كلـِّها.

وأشار الدكتور الجعفريّ: مُواجَهتنا لداعش ليست أصالة عن العراق فقط، وإنـَّما هي عن دول العالم التي -لا سمح الله- قد تـُبتلى بداعش في المُستقـبَل؛ لأنَّ داعش لا تدخل إلى أيِّ بلد بفيزا، ولا  بترخيص، وإنـَّما تدخل بطرقها الخاصَّة التخريبيَّة..  وأرجو أن تـُدرَس التجربة العراقـيَّة كيف وقفت شامخة إزاء هذا الخطر الذي هدَّد دولاً كثيرة، وزلزل عواصمها، وحقق انتصارات باهرة؛ والسِرُّ في ذلك أنَّ القوات المسلحة العراقية وحَّدت صفـَّها، وكلمتها الحشد الشعبيّ، والبيشمركة، ومُكوِّنات القوات المسلحة العراقيَّة كافة ساهمت في ذلك، كما أنَّ المِظلة المعنويَّة والأخلاقيَّة للمرجعيَّة الدينيَّة ساهمت مُساهَمة فعَّالة في رصِّ الصفِّ الوطنيِّ، ودفع المُقاتِلين، وجعل العراق، وكرامة العراق أمانة، والحفاظ على ثروته، وهذه بعثت في عُرُوقهم الاستعداد للتضحية، والاستبسال.

وأفصح بالقول: المأمول هو تخفيف بُؤَر التوتـُّر، والبدء بصفحة جديدة، وطيّ صفحة الماضي للماضي، ونـُعيد للأسرة العربيَّة وحدتها، وكرامتها، ونشيع ثقافة المَحبَّة بدلاً من  ثقافة الكره، والانتقام التي أشاعتها داعش.

جاء ذلك في مُؤتمَر صحفيّ مُشترَك للدكتور إبراهيم الجعفريّ مع الأمين العامّ لجامعة الدول العربيَّة الدكتور أحمد أبو الغيط.

وفي الشأن العربيِّ قال الدكتور الجعفريّ: بالنسبة لسورية مازلتُ أعتقد أنَّ وُجُودها خارج الصفِّ العربيِّ وبتاريخها، وتضحياتها، وانتمائها ليست ظاهرة صِحَّة، كاشفاً: لا نفرِّق بين الدول العربيَّة، مُعبِّراً عن أمل العراق أن تشهد قِمَّة الأردن تحوُّلات نوعيَّة.

من جانبه أشار الدكتور أحمد أبو الغيط الأمين العامّ لجامعة الدول العربيَّة إلى أن العراق تصدَّى لتنظيم داعش، واستعاد السيطرة على الأرض العراقـيَّة.. وهذا مدعاة للسُرُور الشديد من قِبَلي شخصيّاً، وأعبِّر لك عن تهنئتي للنجاحات العسكريَّة المُحقـَّقة، ونأسف لضياع الأرواح سواء من مدنيِّين، أم من إخوتنا من القوات المسلحة، والشرطة، والأمن العراقيِّ، ولكن هناك ضرورات لهذه المعركة التي نـُناصِركم فيها بالكامل.. كلُّ التمنيات، وسنعود مرَّة أخرى للاحتفال بالاستعادة الكاملة للأرض العراقـيَّة من هؤلاء القتلة.

وبخصوص الانتهاك التركيّ للأراضي العراقيّة قال أبو الغيط: الجامعة لها أكثر من قرار يُطالِب تركيا بسحب قواتها من داخل عمق الأراضي العراقـيَّة، وعدم التدخـُّل في الشأن العراقيِّ؛ لأنه لا يُمكِن لدولة جارة أن تسمح لنفسها بالدخول إلى عمق أرض دولة أخرى من دون طلب منها، وإذا قِيلَ: إنَّ تواجُدنا تمَّ على أساس تراضيكم فالمُؤكـَّد أنَّ الحكومة العراقـيَّة كرَّرت أكثر من مرَّة في إطار الجامعة علناً أنـَّها رافضة لهذا التواجُد.. نتمنى أن تستجيب تركيا لهذا الموقف.. الجامعة العربيَّة تدعم مطالب العراق في هذا الشأن.

مُشيراً: القرارات الصادرة عن جامعة الدول العربيَّة تتصدَّى للإرهاب، وبتوافق جميع أعضاء جامعة الدول العربيَّة؛ ومن ثم فالجميع يقف، ويُكافِح ضدّ الإرهاب.. وسيُعقـَد في واشنطن خلال أيّام قليلة يوم 22 الجاري مُؤتمَر عن مكافحة داعش تحديداً، وتشارك فيه الجامعة العربيَّة، وكلُّ الأطراف العربيَّة؛ فالجميع يُحارب ضدّ داعش.

وأكـَّد الدكتور أحمد أبو الغيط أن العراق دولة عريقة، ولديها قوات مُسلـَّحة قادرة، ولديها جيش قويّ، ولديها أجهزة أمنيَّة مُستعِدَّة للتضحية مُعَدَّة إعداداً طيِّباً وجيِّداً.. الجنديّ العراقيّ أشاهده على التلفزيون، وفي الصحافة مُستعِدٌّ للتضحية بنفسه، وهو يتصرَّف كجنديٍّ.. الجنود تابعون لجُيُوش، والجُيُوش لديها أداء، ولديها انضباط؛ ومن ثم لم أفاجأ إطلاقاً في أنَّ العراق يُحقـِّق الأهداف العسكريَّة باستعادة كامل السيطرة على أرضه بدعم معنويّ ومادّي من المُجتمَع الدوليِّ؛ ومن ثم فهي مسألة وقت أسابيع، أو أشهُر قليلة قبل انقضاء 2017 آمل أن أعود مرَّة أخرى لأحتفل مع الدكتور إبراهيم في الموصل تحديداً.

وتمنى أبو الغيط للعراق كلَّ الخير، وللشعب العراقيِّ كلَّ النجاح، والانتصار في مكافحة الإرهاب، والتمتع بالحياة الطبيعيَّة في مُدُنه، وقـُراه، وأراضيه، وأن يكون العراق دولة قادرة على المُساهَمة الفعَّالة لدعم الجامعة العربيَّة في هذا النضال العربيِّ المُمتدِّ لتحقيق الأماني العربيَّة.

وبخصوص مشروع أشبه بمشروع مارشال الذي يُطالِب به الدكتور الجعفريّ لإعادة إعمار العراق قال الدكتور أحمد أبو الغيط: أراها فكرة برَّاقة.. أتصوَّر أنَّ الحكومة العراقـيَّة تستطيع أن تـُبادِر بطرح الفكرة على القِمَّة العربيَّة القادمة، ومن خلال التجاوب العربيِّ نسعى إلى المُجتمَع الدوليِّ؛ لتحقيق فكرة المشروع.. أراها فكرة برَّاقة فعلاً.

 

وإلى حضراتكم النصَّ الكامل للمؤتمر الصحفيّ: 

المُؤتمَر الصحفيّ للدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقـيَّة مع الدكتور أحمد أبو الغيط الأمين العامّ لجامعة الدول العربيَّة

15/3/2017

 

الدكتور إبراهيم الجعفريّ:     بسم الله الرحمن الرحيم

أتقدَّم بوافر الشكر والتقدير لأخينا الدكتور أحمد أبو الغيط أمين عام الجامعة العربيَّة في بلده الثاني العراق مُرحِّبين به أشدَّ الترحيب، ومُكبـِرين به دوره الذي اضطلع به مُؤخـَّراً في أمانة الجامعة العربيَّة بعد تجربة خاضها في السلك الدبلوماسيِّ، وكان من وزراء الخارجيَّة الناجحين، واستطاع أن يُحقـِّق إنجازات كبيرة جدّاً، واستفاد من تلك التجربة؛ ليُضيفها إلى تقوية الجامعة العربيَّة.

العراق كان من مُؤسِّسي الجامعة العربيَّة مُلتزم من طرفه بدعم الجامعة، وتطوير عملها، وأن يكون عنصراً أساسيّاً بنـَّاءً فيها.

موقفنا داعم للأخ أبو الغيط في تطوير عمل الجامعة، ونشدُّ على يده في هذا الأمر، وتقديم كلِّ ما من شأنه أن يضع العراق في المكان اللائق الذي يتناسب مع تاريخه مع حضارته، وإثراءاته المُتعدِّدة في كلِّ ما حباه الله -تبارك وتعالى- من خيرات.

العراق حريص جدّاً في وُجُوده بالجامعة العربيَّة على أن يُسجِّل حُضُوراً نوعيّاً يُضفي على قوة الجامعة قوة جديدة، ولا يختزل حجمه ببلد، أو بعلاقة ثنائيَّة، وإنـَّما يتسع لكلِّ أشقائه العرب؛ حتى يدفع بعربة جامعة الدول العربيَّة نحو الأمام في طريق الصعود نحو الأعلى.

نـُؤكـِّد على ضرورة الابتعاد بالنسبة لنا عن كلِّ مناطق التوتر؛ لذا كان العراق دائماً يبتعد.. نعم، فترة مُعيَّنة مضت كان عامل توتر في أثناء النظام المقبور، أمَّا الآن فالعراق لا يكتفي بأنه ليس عامل توتر، بل يعمل جهد إمكانه مع إخوانه العرب مع قيادة جامعة الدول العربيَّة الأخ أحمد أبو الغيط؛ لتخفيف التوتر الحاليّ، والبحث عن حُلـُول لكلِّ مُشكِلة مازالت موجودة في البدن العربيِّ.

نتطلع للجامعة العربيَّة بأن تقف إلى جانب العراق، وتدعمه وهو يمرّ بمعركة بالأصالة عن نفسه، وبالنيابة عن دول العالم كافة بما فيها الجامعة العربيَّة؛ لأنَّ الدول العربيَّة أقرب إلى العراق؛ فتكون حِصَّتهم من المآسي بالإرهاب أكثر، ومُهدَّدة -لا سمح الله- بالمستقبل؛ لذا نتطلع أن تقف الجامعة العربيَّة إلى جانب العراق.

العراق بلد الثروات المُتعدِّدة.. العراق بلد غنيّ لا يحتاج أحداً، لكنه الآن يمرُّ بظرف استثنائيٍّ؛ بسبب انتكاسة أسعار النفط الحادَّة، وارتفاع وتيرة المُوازَنة بسبب الاستحقاقات المترتبة على مُواجَهة الإرهاب، والاستحقاقات العسكريَّة؛ لذا نتطلع لإخواننا العرب أن يقفوا إلى جانبنا، ويُبرهِنوا أنـَّهم مع العراق في كلِّ شيء، وأنـَّهم يُوصِلون صوتهم، وهناك بعض الشذاذ من بعض الدول العربيَّة جاؤوا إلى العراق -لا نقول عبَّروا عن شُعُوبهم، ودولهم، ولكن عبروا عن جنسيَّات عربيَّة مُعيَّنة- نحن نريد أن نسمع الصوت العربيَّ الداعم للعراق الإنسانيّ الذي يقف إلى جانبهم، ويمدُّوا يد المُساعَدة للعراق الذي يمرُّ بظرف استثنائيَّة.

انتصار العراق هو انتصار لكلِّ العرب، وانتصار للأسرة الإنسانيَّة كلـِّها؛ لذا نـُؤكـِّد دائماً في كلِّ المحافل العربيَّة على هذا المفهوم.

بالنسبة للجامعة العربيَّة، ومُؤتمَرات القِمَّة سنشترك بقوة، ونتعاون مع أشقائنا العرب، وكذا نتعاون مع أخينا الدكتور أحمد أبو الغيط في كلِّ ما من شأنه النفع العامُّ للدول العربيَّة، ونتطلع لإغاثة النازحين؛ فلم يعُد النزوح ظاهرة عراقـيَّة، فإلى الأمس القريب كانت في سورية، وهكذا يجب أن نقف إلى جانب إخواننا وأعزائنا النازحين، ليس سهلاً على كلِّ نازح أن يترك بلده، ومسقط رأسه فارّاً بوجهه هنا وهناك.

يجب أن نسهِّل، ونوفـِّر كلَّ ما من شأنه استقطابهم، ونـُرجعهم مرَّة أخرى، ونتطلع للدعم السياسيِّ للعراق، والعراق -بدوره- سيقف إلى جانب تعزيز الصفِّ الوطنيِّ، وكان يعزُّ علينا أن نجد شقيقة من شقيقاتنا دولة عربيَّة غير مُمثـَّلة بالجامعة العربيَّة، وهي مُؤثـِّرة على الأرض العربيَّة، وعلى المُجتمَع، وعلى الحضارة، وعلى التاريخ، وعلى كلِّ شيء؛ لذا طالبنا بطرح هذا الموضوع، ونأمل من الجامعة العربيَّة أن تقف إلى جانبنا، وكذلك اليمن، ومناطق أخرى.

المأمول هو تخفيف بُؤَر التوتر، والبدء بصفحة جديدة، وطيِّ صفحة الماضي للماضي، ونـُعيد للأسرة العربيَّة وحدتها، وكرامتها، ونشيع ثقافة المَحبَّة بدلاً من  ثقافة الكره، والانتقام التي أشاعتها داعش.

كثير من هذه القضايا تحدَّثنا عنها مع معالي الأخ أحمد أبو الغيط مُضافاً إلى ذلك العلاقة بيننا وبين مصر، ولو هو الآن يتحدَّث باسم الجامعة العربيَّة بالحجم الكامل، ولكن تبقى مصر الأخ الأكبر، وتبقى الحاضنة للجامعة العربيَّة بتاريخها، وحاضرها، فمرحباً به في بلده الثاني.

الدكتور أحمد أبو الغيط: شكراً جزيلاً دكتور إبراهيم، وأودُّ بداية أن أعبِّر عن عميق السعادة والرضا لوُجُودي اليوم في بغداد، وقد كنتُ أرى أهمِّية أن تتمَّ هذه الزيارة قبل انعقاد القِمَّة القادمة في 29 مارس في الأردن، ولكن أودّ وبمُنتهى الوُضُوح أن أؤكـِّد دعم الجامعة العربيَّة للعراق دولة مُؤسِّسة.

نعي جميعاً أنَّ العراق مرَّ بظروف بالغة الصُعُوبة على مدى ما يقرب من 30 عاماً، ولكن الفترة الأخيرة تصدَّى لتنظيم داعش، واستعاد السيطرة على الأرض العراقـيَّة.. هذا مدعاة للسُرُور الشديد من قِبَلي شخصيّاً، وأعبِّر لك عن تهنئتي للنجاحات العسكريَّة المُحقـَّقة، ونأسف لضياع الأرواح سواء من مدنيِّين، أم من إخوتنا من القوات المسلحة، والشرطة، والأمن العراقيِّ، ولكن هناك ضرورات لهذه المعركة التي نـُناصِركم فيها بالكامل.

أشكر دكتور إبراهيم على الفرصة التي أتاحها لي للتشاور.. لقاءاتنا دائماً ليست فقط ذات بُعد سياسيّ، ولكني أتمتع -أيضاً- بالعمق الثقافيِّ، والمعرفيِّ، والحضاريِّ، والتاريخيِّ الذي يتمتع به، ويمتلك ناصيته.

لقائي الأوَّل بالدكتور إبراهيم الجعفريّ حين كان رئيساً للوزراء في القاهرة في مُؤتمَر أمن العراق، وكنتُ وزيراً للخارجيَّة.. منذ ذلك الحين أستمع بإمعان وبدقة لكلِّ ما يتحدَّث به؛ لأنه يتحدَّث بالمعرفة والحكمة.. لك كلُّ الشكر.

كلُّ التمنيات، وسنعود مرَّة أخرى للاحتفال بالاستعادة الكاملة للأرض العراقـيَّة من هؤلاء القتلة.

 

  • معالي الأمين العامّ لجامعة الدول العربيَّة.. هل لدى الجامعة العربيَّة مشروع أشبه بمشروع مارشال الذي يُطالِب به الدكتور الجعفريّ في أكثر من مُناسَبة تتبناه جامعة الدول العربيَّة لإعمار المناطق المُدمَّرة من قِبَل تنظيم داعش الإرهابيّ؟

الدكتور أحمد أبو الغيط: أراها فكرة برَّاقة.. أتصوَّر أنَّ الحكومة العراقـيَّة تستطيع أن تـُبادِر بطرح الفكرة على القِمَّة العربيَّة القادمة، ومن خلال التجاوب العربيِّ نسعى إلى المُجتمَع الدوليِّ؛ لتحقيق فكرة المشروع.. أراها فكرة برَّاقة فعلاً.

 

  • الدكتور إبراهيم الجعفري.. العراق خلال الفترة السابقة كان ساحة لإرادات خارجيَّة على أرضه ما إمكانيَّة أن تتحوَّل ساحة العراق إلى جسر عابر لهذه الخلافات، وفي الوقت نفسه باعث على الحوار بين الجهات المُختلِفة؟
  • معالي الأمين العامّ.. هناك تحدِّيات كبيرة تعترض عمل الجامعة العربيَّة، والدول العربيّة، ومنها: المشروع العراقيّ والقوى الوطنيّة، ومشروع الدولة الوطنيّة في ظلِّ تهديد الإرهاب، والتحدِّيات أصبحت ليست هاجساً، بل مُخطـَّطاً يُرسَمُ خطوة بخطوة في المنطقة، وهناك مُخطـَّط نقل السفارة الأميركيَّة إلى القدس، والصراع العربيّ-الإسرائيليّ، إضافة إلى القضايا العربيَّة.. ما وجهة نظر سعادتك للخُرُوج من هذه الأزمات الطاحنة التي تواجه الدول العربيَّة؟

الدكتور أحمد أبو الغيط: ليس سِرّاً تحدّثتُ مع الدكتور إبراهيم عن موضوع الدولة الوطنيَّة، والتهديدات التي تدور على الدولة الوطنيَّة العربيَّة، والمأساة الكبرى التي نشهدها في الكثير من الأقطار العربيَّة، والكثير من الأحاديث التي تتمُّ في دوائر لا أرى أنها تتمنى النجاح للأمة، أو لهذه الدولة.

يجب الحفاظ على الدولة الوطنيَّة، ولكنه يتمُّ من خلال دولة وطنيَّة رشيدة رحيمة تعطي كلَّ مُكوِّناتها، وكلَّ مُواطِنيها الحقوق الكاملة في المُواطنة من دون أيِّ قيود سوى احترام القوانين.

لا يُمكِن أن نقبل بتجزئة الدول العربيَّة، أو تغيير الحُدُود التي أنشئت على أساسها هذه الدولة الوطنيَّة.. كلُّ ما مطلوب هو أن تكون هذه الدولة الوطنيَّة قادرة على احتضان الجميع، وإعطاء الجميع حقوقهم في المُشارَكة الكاملة في هذه الدولة سواء أكانت دولة فيدراليّة، أم دولة مركزيَّة، أم دولة لامركزيَّة.. كلـُّها مُسمَّيات، لكنَّ الدول التي انضمَّت إلى الجامعة العربيّة، أو ساهمت في إنشائها كالعراق لها مُكوِّناتها، ويجب أن تكون مُطابقة، لكنَّ الحديث عن تدمير هذه الدول، أو إعادة تخطيط حُدُودها، أو إنشاء دُوَيلات، أو دول جديدة فهذا في تقديري أمر مرفوض بالكامل.

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا عالم بلا اختلافات، لكننا نـُصِرُّ على أن نـُشيع العلاقة تحت خيمة الانسجام، والمُشترَكات التي تجمعنا -وما أكثرها مع إخواننا في دول الخليج!- كجزء من العائلة العربيَّة، ونحن وإيَّاهم جزء من العائلة العربيَّة، وجزء من العائلة الإسلاميَّة، وجزء من العائلة الدوليَّة؛ لذا فالمُشترَكات بيننا وبينهم كثيرة جدّاً، ونسعى من أجل توظيف هذه المُشترَكات، والامتداد بها على الخلافات البسيطة والجزئيَّة، وقد أظهر العراق حِرصاً شديداً جدّاً على المُساهَمة في لملمة البيت العربيِّ، فضلاً عن أنه لا يُمكِن أن تبدر عنه أيُّ خطوة من شأنها المسُّ بسيادة أيِّ دولة من الدول؛ لذا تميَّزت السياسة العراقـيَّة الخارجيَّة طيلة هذه الفترة بأنـَّها وجَّهت خطاباً، ونمطيَّة سُلُوكيَّة، وكانت تكنُّ كلَّ الحُبِّ، وتلتقي مع أشقائها العرب فيما يُعزِّز وحدة صفـِّهم، وإعلاء كلمتهم.

وعلى الرغم من أننا يأتينا الإرهابيّون من بعض هذه الدول، لكننا نفرِّق بين الشخص وبين الشخصيَّة المعنويَّة لهذه الدولة، ولا نحكم على أيِّ دولة خليجيَّة من خلال شذاذها، ونتطلع أن يُبادِلنا الإخوة هذا الشُعُور، ويُوجِّهوا رسالة إلى الشعب العراقيِّ بأنَّ الدولة معكم بمُساعَداتها، ومعكم بمواقفها السياسيَّة، ومعكم نعبِّر عن دول الخليج، وليس الشذاذ الذين خرجوا عن الضوابط يُعبِّرون عن ذلك، ومازلتُ آمل أن تكون وقفتهم بالإجماع معنا كما في الموقف من التدخـُّل التركيِّ في بعشيقة الذي حصل لأوَّل مرة في تاريخ الجامعة العربيَّة، وهو شجب تدخـُّل القوات العسكريَّة في بعشيقة؛ لذا عرفت تركيا أنها ليست أمام موقف عراقيّ فقط على سعته الحضاريَّة والتاريخيَّة، وإنـَّما هي أمام موقف عربيّ.

الجميع لأوَّل مرَّة يقفون هذا الموقف معاً.

حافظنا على التوازن بالتمسُّك بالعلاقة مع تركيا، والتمسُّك الشديد بمسألة حفظ السيادة، وعدم السماح بالاختراق.

أعتقد أنَّ العراق ليس في أزمة تنظير، كما أنَّ رجالاته، وشخصيَّاته جميعاً ليسوا في أزمة تطبيق، نحن مُشبعون بهذا الفهم، وصادقون فيما نقول، ونصل -إن شاء الله- بالتعاون مع إخواننا العرب إلى هذه الحالةـ ونـُنهي هذه الخلافات الشكليَّة.

وما تميَّزت به السياسة العراقـيَّة الجديدة أنها ما مسَّت سيادة أحد، وما تدخـَّلت في شُؤُون بلد، على خلاف ما كانت عليه أيَّام النظام السابق الذي احتلَّ الكويت، وقصف السعوديَّة بالمدفعيَّة، وخاض حرباً على إيران استمرَّت ثماني سنوات، وهي أطول حرب في القرن العشرين، إضافة إلى الحُرُوب المحليَّة على الكرد، والتركمان، والشيعة.

سياسة الدولة العراقـيَّة الجديدة تقوم على أساس إيجاد حالة من التفاهم، والانسجام بين كلِّ المُكوِّنات، ونعكس ذلك على علاقتنا مع دول العالم.

 

  • معالي الأمين العامّ.. هل ستدخل الجامعة العربيَّة على خط الداعمين لمُبادَرات التسوية العراقـيَّة، وبعد الشجب للتدخـُّل التركيِّ هل هناك خطوات جدِّية فعليَّة على الأرض في هذا الشأن؟

الدكتور أحمد أبو الغيط: لها أكثر من قرار يُطالِب تركيا بسحب قواتها من داخل عمق الأراضي العراقـيَّة، وعدم التدخـُّل في الشأن العراقيِّ؛ لأنه لا يُمكِن لدولة جارة أن تسمح لنفسها بالدخول إلى عمق أرض دولة أخرى من دون طلب منها، وإذا قِيلَ: إنَّ تواجُدنا تمَّ على أساس تراضيكم فالمُؤكـَّد أنَّ الحكومة العراقـيَّة كرَّرت أكثر من مرَّة في إطار الجامعة علناً أنـَّها رافضة لهذا التواجُد.

نتمنى أن تستجيب تركيا لهذا الموقف.. الجامعة العربيَّة تدعم مطالب العراق في هذا الشأن.

 

  • معالي الأمين العامّ.. ما ستراتيجيَّة جامعة الدول العربيَّة لدعم النازحين، وإيوائهم؟

الدكتور أحمد أبو الغيط: ليس لديها صندوق، وقد اقترحتُ من جانبي في التاسع من أيلول/سبتمبر الماضي في الاجتماع الوزاريِّ إنشاء صندوق مدعوم عربيّاً؛ لنستطيع أن نقدِّم الخدمات للنازحين والمُهجَّرين، وكلِّ مَن ترك أراضيه سواء في سورية، أم في العراق، أم غيرهما من الدول العربيَّة التي تمرُّ بأزمة نزوح.

هناك أكثر من دولة لم يلقَ هذا الطرح قبولاً لديها -للأسف-؛ لأنها تقدِّر أن تقديم الدعم بشكل مُباشِر أصلح وأنجع عن أن تقدِّم الأموال إلى الجامعة العربيَّة؛ ومن ثم قمتُ من جانبي بالضغط في الاتجاهات كافة اتجاهات الأمم المتحدة أطلب منها دعماً، فأطلب الدعم لأهل اليمن؛ ثم الصومال، ثم سورية، ثم العراق، ثم ليبيا؛ للظروف الصعبة التي تمرُّ بها هذه الدول، وقد أرسلتُ عدداً كبيراً من الرسائل إلى الكثير من القوى العربيَّة وغير العربيَّة القادرة على الدعم، وتقديم الخدمات.

أنا مُستمِرٌّ بالاتصال مع أمين عامّ الأمم المُتحِدة، ومع الدول العربيَّة الغنيَّة، ومع الأطراف الدوليَّة، ونشارك في المُؤتمَرات التي تـُعقـَد لمناقشة هذه المسائل، وآمل أن تنتهي هذه السلسلة من الأوجاع بعودة النازحين إلى ديارهم؛ ومن ثم نستطيع أن نحقق الاستقرار على الأرض في المواقع نفسها.

 

  • معالي الأمين العامّ.. هناك دول عربيَّة معروفة تدعم الإرهاب.. ما موقف الجامعة العربيَّة منها؟

الدكتور أحمد أبو الغيط: لستُ على معرفة على الإطلاق بدول عربيَّة تدعم الإرهاب.. أقولها بمُنتهى الأمانة.

مُداخلة الدكتور إبراهيم الجعفريّ: معالي الأخ أحمد أبو الغيط يتكلم بحجم الجامعة العربيَّة اسأله ضمن مسؤوليَّـته مع حفظ نقاط الخلاف والتقاطعات، ولا تتوقع منه أن يُقِرَّ لك أنَّ فلان دولة عربيّة مُتورِّطة بهذا العمل، ونحن كذلك لا نقوله لك..

اسأل سؤالاً يعود بالنفع العامِّ على العراق، ويحفز العرب، ويضع الجامعة العربيَّة أمام مسؤوليَّة دعم العراق، ويُحمِّلها مسؤوليَّة مُواجَهة الإرهاب بغضِّ النظر عن الأسماء.

المُختلـَف عليه، وما شاكل ذلك لا نـُريده.

  • المقصود أن يقف دعم هذه الدول للإرهاب بواسطة جامعة الدول العربيَّة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هذا مطلب مشروع.

الدكتور أحمد أبو الغيط: القرارات الصادرة عن جامعة الدول العربيَّة تتصدَّى للإرهاب، وبتوافق جميع أعضاء جامعة الدول العربيَّة؛ ومن ثم فالجميع يقف، ويُكافِح ضدّ الإرهاب.

سيُعقـَد في واشنطن خلال أيّام قليلة يوم 22 الجاري مُؤتمَر عن مكافحة داعش تحديداً، وتشارك فيه الجامعة العربيَّة، وكلُّ الأطراف العربيَّة؛ فالجميع يُحارب ضدّ داعش.

 

  • معالي الأمين العامّ: الجميع كان يُراهِن على أنَّ الحرب مع قوى الظلام والتكفير ستكون طويلة.. هل فاجأتكم سرعة الانتصارات التي حققتها القوات الأمنيَّة، والحشد الشعبيّ على الإرهاب؟

الدكتور أحمد أبو الغيط: العراق دولة عريقة، ولديها قوات مُسلـَّحة قادرة، ولديها جيش قويّ، ولديها أجهزة أمنيَّة مُستعِدَّة للتضحية مُعَدَّة إعداداً طيِّباً وجيِّداً.. الجنديّ العراقيّ أشاهده على التلفزيون، وفي الصحافة مُستعِدٌّ للتضحية بنفسه، وهو يتصرَّف كجنديٍّ.. الجنود تابعون لجُيُوش، والجُيُوش لديها أداء، ولديها انضباط؛ ومن ثم لم أفاجأ إطلاقاً في أنَّ العراق يُحقـِّق الأهداف العسكريَّة باستعادة كامل السيطرة على أرضه بدعم معنويّ ومادّي من المُجتمَع الدوليِّ؛ ومن ثم فهي مسألة وقت أسابيع، أو أشهُر قليلة قبل انقضاء 2017 آمل أن أعود مرَّة أخرى لأحتفل مع الدكتور إبراهيم في الموصل.

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نتشرَّف بك.

الدكتور أحمد أبو الغيط: في الموصل تحديداً.

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: على الرحب والسعة.

 

  • معالي الأمين العامّ.. كيف تنظرون إلى دعوة العراق مُؤخـَّراً لعودة سورية إلى أحضان الجامعة العربيَّة من جديد؟

الدكتور أحمد أبو الغيط: أنا أتفهَّم وُجُود جميع أعضاء الجامعة العربيَّة في مقاعدهم.. سورية كانت دولة من الدول المُؤسِّسة لجامعة الدول العربيَّة.

المسألة ينبغي أن تكون هناك ظروف، واعتبارات، ومعايير تـُحقـِّق استعادة الدولة السوريَّة إلى مقعدها.. تصوَّرْ أنـَّه إذا ما كان هناك توافق، أو غالبيَّة واضحة تدفع في الاتجاه الذي اقترحه الدكتور إبراهيم في اجتماعات المجلس الوزاريِّ الأسبوع الماضي، فليكن في هذه اللحظة التي نتكلم فيها، ولا يجب أن يُغضبنا هذا؛ لأنه مازالت هناك رؤى مُختلِفة، وخلافات حول هذه النقطة تحديداً تقدم في اتجاه التسوية السياسيَّة، ولن يكون إلا تسوية سياسيَّة؛ لأنَّ الوضع في سورية لن يُحسَم إلا من خلال تسوية سياسيَّة، وعندما تتحقق في إطار تنفيذ الاتفاق السياسيِّ الذي سوف يتم التوصُّل إليه أتصوَّر أنَّ عودة الدولة السوريَّة بالشكل المتوافق عليه سوف يكون أمراً طبيعيّاً للغاية.

 

  • معالي الدكتور إبراهيم الجعفريّ.. هناك عدد من الدول العربيَّة تدعم اليوم مُؤتمَرات خارج العراق، وترعى كتلاً سياسيَّة داخل العراق، وتنتج عن هذه المُؤتمَرات الدعوة إلى تقسيم العراق إلى أقاليم، وإلغاء الحشد الشعبيِّ.. كيف يُمكِن أن نستثمر دور الجامعة العربيَّة في وقف مثل هكذا مُؤتمَرات، وإذا كانت هذه الكتل السياسيَّة بحاجة إلى حلِّ خلافاتها فلتلجأ إلى جامعة الدول العربيَّة، وليس إلى دول مُعيَّنة؟

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بالنسبة لهذه المُؤتمَرات نحن لا نستطيع أن نمنع أيَّ دولة أن تحتضن لقاءً عراقيّاً، ولا نستطيع أن نمنع أيَّ عراقيٍّ من أن يحضر لقاءً، لكننا نقيم بكلِّ صراحة من خلال البُعد الآليّ.

المشاكل العراقـيَّة تـُحَلُّ بسواعد عراقـيَّة، وبعقليَّة عراقـيَّة تستفيد من تجربة بقـيَّة الدول استفادة الواثق من نفسه، ولكن لا ينبغي أن تستبدل إرادات عراقـيَّة بإرادات أخرى.

يجب أن يكون الأداء عراقيّاً محضاً في منطلقاته، وأهدافه، وآليَّاته.

النظرة الأخرى: ما الهدف من هذه اللقاءات؟

إذا كان الهدف لملمة الصفِّ العراقيِّ، والمُساهَمة في مُساعَدة العراق، والتناغم والتجاوب مع إصرار الحكومة العراقـيَّة على وحدة الصفِّ الوطنيِّ، والتغلـُّب على المشاكل بالطرق السلميَّة الصحيحة، وإطفاء كلِّ الفتن فنحن نـُؤيِّد ذلك، ولكن عندما تتجه باتجاهات نحو التقسيم، ونحو التدخل الأجنبيِّ فهذا نرفضه بضرس قاطع.. العراق ليس في أزمة حوار، وأعطى الفرصة الكافية في كلِّ مُناسَبة لأن يتحاور بروح الواثق بنفسه، ويحتضن الجميع، ويُوجِّه رسالة إلى الجميع لأن يلتقوا، ويتفاعلوا مع الجميع.

أملنا أن يعلو هذا صوت وحدة الصفِّ الوطنيِّ، والتمسُّك، والالتصاق بالتراب الوطنيِّ العراقيِّ على بقيـَّة الأصوات.

 

  • معالي الأمين العامّ.. ما الرسالة التي تودُّون إيصالها إلى الرؤساء العرب الذين سيجتمعون على هامش القِمَّة العربيَّة المُزمَع عقدها في المملكة الأردنيَّة الهاشميَّة، والعراق على أعتاب نهاية العصابات الإرهابيَّة داعش؟

الدكتور أحمد أبو الغيط: أتصوَّر عندما تتناول القِمَّة الشأن العراقيَّ تتناوله بالكثير من الدعم، والكثير من التعبير عن الرضا؛ لما يشهدونه من تطوُّرات على الأرض.. أتوقـَّع أن يأتي هذا سواء في قرار، أم في الإعلان الذي سوف يصدر عن القِمَّة.

الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أحبُّ أن أذكـِّر بأنَّ مُواجَهتنا لداعش ليست أصالة عن العراق فقط، وإنـَّما هي عن دول العالم التي -لا سمح الله- قد تـُبتلى بداعش في المُستقـبَل؛ لأنَّ داعش لا تدخل إلى أيِّ بلد بفيزا، ولا  بترخيص، وإنـَّما تدخل بطرقها الخاصَّة التخريبيَّة.

أرجو أن تـُدرَس التجربة العراقـيَّة كيف وقفت شامخة إزاء هذا الخطر الذي هدَّد دولاً كثيرة، وزلزل عواصمها، وحقق انتصارات باهرة؛ والسِرُّ في ذلك أنَّ القوات المسلحة العراقية وحَّدت صفـَّها، وكلمتها الحشد الشعبيّ، والبيشمركة، ومُكوِّنات القوات المسلحة العراقيَّة كافة ساهمت في ذلك، كما أنَّ المِظلة المعنويَّة والأخلاقيَّة للمرجعيَّة الدينيَّة ساهمت مُساهَمة فعَّالة في رصِّ الصفِّ الوطنيِّ، ودفع المُقاتِلين، وجعل العراق، وكرامة العراق أمانة، والحفاظ على ثروته، وهذه بعثت في عُرُوقهم الاستعداد للتضحية، والاستبسال.

الحكومة من جانبها لا تألو جهداً، وتتحرَّك بشكل مُستمِرٍّ ودَؤُوب.. رئيس الوزراء الأخ العباديّ يتحرَّك من مكان إلى آخر، ويبعث هذه الرسالة سواء كان في الداخل العراقيِّ أم إلى الخارج، ويُوضِّح بما فيه الكفاية، وكذلك الخارجيَّة العراقـيَّة ما تركت فرصة إلا واستثمرتها سواء كان في الجامعة العربيَّة مع أشقائنا العرب، أم في دول أوروبا، أم دول العالم كافة؛ لتبيان، وتوضيح حقيقة ما يجري في العراق.. نحن نـُريد الدعم العربيّ، وأنا أحترم ما تفضَّل به أخي العزيز دكتور أحمد أبو الغيط.

يهمُّنا أن يصل الدعم، بل إننا تحرَّرنا حتى من فرض شُرُوط الطرف الداعم، ومَن  يُعجبه فليدعم بأسلحة خفيفة، أو بأموال، أو أدوية، أو دعم معنويّ، أو سياسيّ.. مادام الدعم يدخل في الصالح العراقيِّ العامِّ فنحن نرحِّب.

تـُوجَد محافظات الضحيَّة التي افترسها داعش على حين غفلة داعش  كالموصل، والأنبار، وصلاح الدين، وهناك محافظات التضحية التي قدَّمت أبناءها، وقدَّمت كلَّ ما لديها من أقصى منطقة من الجنوب البصرة ثغر العراق، ومحافظات الفرات الأوسط جميعاً يُقدِّمون ضحايا بشكل مُستمِرٍّ.

الحشد الشعبيّ، وكذلك القوات المسلحة العراقـيَّة، والبيشمركة من عِدَّة محافظات يُقدِّمون التضحية؛ لذا حجم الخسائر لا يقتصر على المحافظات التي افترسها داعش فقط.

بالنسبة لسورية مازلتُ أعتقد أنَّ وُجُود أيِّ دولة عربيَّة خارج الصفِّ العربيِّ وبتاريخها، وتضحياتها، وانتمائها ليست ظاهرة صِحَّة.

لا نفرِّق بين الدول العربيَّة، مثلما لا نفرِّق بين امرأة عربيَّة وامرأة عربيَّة أخرى؛ لاختلاف الدول العربيَّة، ولا نفرِّق بين طفل عربيٍّ وطفل عربيٍّ، وشابّ عربيٍّ وشابّ عربيّ.

إنها جامعة الدول العربيَّة بمعنى حكام، وحكومات، وشعوب، فنتطلع إلى لملمة الصفِّ العربيِّ، وعودة سورية..

عادة الخلاف أنه عندما يدبُّ فإنَّ أقصر طريق هو الحوار المُباشِر، ونصل إلى نتيجة.

المرأة العربيَّة لعبت دوراً كبيراً، وهذا درس من دُرُوس القوة، وسِرٌّ من أسرارها في الحرب ضدّ داعش أنَّ المرأة وقفت موقفاً مُشرِّفاً ورائعاً عندما تقبَّلت أن يُهدَّد زوجها بالقتل، بمعنى أن تكون أرملة، ويُهدَّد ابنها بالقتل، وتكون مثكولة، ويُهدَّد كلُّ شيء من حولها..

فالعراق عبَّأ كلَّ إمكاناته من أجل الوصول إلى هذه.

بالنسبة إلى القِمَّة في الأردن نحن نتطلع أن تشهد تحوُّلات نوعيَّة، وهذه أوَّل قِمَّة يكون فيها الأخ دكتور أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربيَّة، ونحن نتعاون معه، ومع أشقائنا العرب؛ من أجل تناسي الهُمُوم الجانبيَّة، وفتح آفاق التعاون، وسنتعاون معك، ونشدُّ على يدك لإنجاح هذه المَهمَّة.

الجعفريّ للأمين العام للجامعة العربيَّة: كلمة أخيرة؟

الدكتور أحمد أبو الغيط: أتمنى للعراق كلَّ الخير، وللشعب العراقيِّ كلَّ النجاح، والانتصار في مكافحة الإرهاب، والتمتع بالحياة الطبيعيَّة في مُدُنه، وقـُراه، وأراضيه، وأن يكون العراق دولة قادرة على المُساهَمة الفعَّالة لدعم الجامعة العربيَّة في هذا النضال العربيِّ المُمتدِّ لتحقيق الأماني العربيَّة.


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy