الجعفري: لابد من وقفة واعية ومسؤولة لتقييم التظاهرات المستمرة لأكثر من مائة يوم التي لم تسجل أيَّ سابقة مثيلة لها.. تقادم الزمن لا يسقط الحقوق ولا يعذر الجناة ممّا يستدعي تحديدا دقيقا في معرفتهم ومساءلتهم والابتعاد عن التوصيفات الغامضة كمصطلح الطرف الثالث الجعفريّ: جرائم الاغتيال والقتل والتمثيل بجُثث الموتى انتهاك سافر لحُقوق الإنسان وهو جرس إنذار بتهديد السلم المُجتمَعي وزرع الفتنة ونشر الفوضى في وقت يجب أن يتحمَّل الجميع مسؤوليته الوطنية عبر التعاون على حفظ وحدة الصفِّ الوطني وعدم زعزعة الأمن والاستقرار الجعفريّ: يجب مُحاسَبة كلّ من تورَّط في إراقة دماء أبنائنا المُتظاهِرين والقوات الأمنيّة وإنزال القصاص العادل بحقهم.. الردّ العراقيّ الوطنيّ المُوحَّد هو الذي جعل الهمَّ العراقيَّ فوق كلِّ الهُمُوم وإنسانه فوق كلِّ اعتبار وساهم في تجنب المزيد من الأزمات الجعفريّ: التظاهرات تعبيرٌ عن المُطالَبة عن كلِّ حقّ مهدور وكرامة مُنتهَكة ومال مسروق وسياسة فاسدة وتدخّل أجنبيّ فاحش!!.. يجب منع استخدام السلاح ضدّ المُتظاهِرين وتفقُّد عوائل الشهداء ورعايتهم.. وإلغاء بدعة المُحاصَصة "سيِّئة الصيت" في التشكيلات الحكوميّة رسائل الأيام للدكتور إبراهيم الجعفري الجعفريّ للعرب: لا تنظروا إلى حجم سكاننا بل انظروا إلى قوة إرادتنا وإصرارنا على حقوقنا.. المطلوب من الجامعة العربية أن ترسم أولوياتها على ضوء المصالح والمخاطر وتُفكـِّر بحجم الإنسان العربيِّ والقدر العربيِّ.. وأن ننتهي بنتائج ولا نكتفي بالكلمات والخطب الجعفريّ للعرب: أصبح صوت العراق مسموعاً وأصبحت إنجازاته موضع احترام العالم.. نحتاج إلى وُقوفكم إلى جانبنا ونحن لا نطلب دماء أبنائكم بدلاً من دماء أبنائنا ولكن عليكم مُساعَدتنا في مُواجَهة داعش خُصُوصاً أنَّهم جاؤوا من بلدانكم ومن أكثر من مئة دولة الجعفريّ لوزراء الخارجيَّة العرب: نحن لا نـُمثـِّل حُكـَّاماً وحكومات فقط، بل نـُمثـِّل شُعُوباً عربيَّة وإضعاف أيِّ دولة إضعاف لنا جميعاً.. داعش يستهدف كلَّ دول العالم خُصُوصاً الدول العربيَّة؛ لذا عليكم أن تُتابعوا ما يجري في العراق خطوة خطوة الجعفريّ من جنيف: العراق من الدول التي تعاني من نار الإرهاب ومن الدول المنتصرة على الإرهاب وحاولتْ بعض الجهات الدوليَّة التي تدعم الإرهاب إلى إرباك جهدنا و‏تزييف الحقائق واتهام مُؤسَّسة الحشد الشعبيِّ وبلا دليل، وهي لا تخدم في حقيقتها بذلك إلا الإرهاب الجعفريّ: تـُوجَد الآن دول عظمى تفكِّر بعقليَّة (كاوبوي) -رُعاة البقر-، بينما العراق يتعامل بطريقة إنسانيَّة حتى مع خصمه؛ لأنه تعلـَّم على شيء اسمه كيفيَّة غضِّ النظر عن الجزئيَّات، ويفكر بالحلول أكثر ما يفكر بالمشاكل

كلمة جمهوريّة العراق في اجتماع القِمَّة العربيّة الـ27 على مُستوى القادة، والرؤساء والمُنعقِدة في العاصمة الموريتانيّة نواكشوط التي ألقاها الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقـيّة
الجعفريّ للرؤساء العرب: أبطالنا الشجعان من القوات المسلحة، والقوات الأمنيّة، وأبطال الحشد الشعبيّ، والحشد العشائريّ استطاعت أن تـُنجـِز هذا النصر العظيم في الفلوجة، وأن تـُنقِذ أرواح عشرات الآلاف من المدنيِّين داخل المدينة بأقلِّ التضحيات، والخسائر
الاخبار | 25-07-2016

الجعفريّ: رغم كلِّ ما شهده العمل العربيّ المُشترَك على مُختلِف الصُعُد من نقلات نوعيّة، ومُتنوِّعة فإننا مازلنا نجد أنها لم ترقَ إلى مُستوى الطموح المرجوّ..

الجعفريّ: علينا جميعاً التمسُّك بالأواصر المُشترَكة، والخروج بقرارات استثنائيّة تـُلبِّي آمال شُعُوبنا العربيّة، مُضافاً إلى تطوير آليات العمل العربيِّ المُشترَك، وترتيب أوراق البيت العربيِّ، وإنضاج عمل جامعتنا العتيدة بما يتلاءم وحجم المُتغيِّرات التي تعصف بالأمّة العربيَّة، والمُجتمَع الدوليِّ عُمُوماً..

الجعفريّ: في العراق تعمل قواتنا البطلة بجهد مُتواصِل على تحقيق انتصارات جديدة كلَّ يوم. فبعد النصر الكبير الذي حققته في تحرير الفلوجة رغم كلِّ الصعوبات، والتحدِّيات المتمثلة بتمترس الإرهاب بالمُواطِنين، ومحدوديَّة القدرات العسكريَّة للعراق؛ بسبب ظرفه الاقتصاديِّ الصعب..

الجعفريّ: أبطالنا الشجعان من أبناء القوات المسلحة، والقوات الأمنيّة، وأبطال الحشد الشعبيّ، والحشد العشائريّ استطاعت -وبفضل الله سبحانه وتعالى- أن تـُنجـِز هذا النصر العظيم، وتـُنقِذ أرواح عشرات الآلاف من المدنيِّين داخل المدينة بأقلِّ التضحيات، والخسائر، وها هي محافظة الأنبار تشهد عودة جماعيَّة لأهلها الذين نزحوا منها بعد احتلال داعش لأكبر مُدُنها وهي الفلوجة..

الجعفريّ: حسب تقرير وزارة الهجرة والمُهجَّرين الأخير فإنَّ ما يقرب من 50 ألف عائلة عادت حتى الآن إلى منازلها في محافظة الأنبار بعد عمليّات التحرير، وقد سبقهم إعادة أكثر من 95% من أهالي تكريت إلى منازلهم بعد تحريرها..

الجعفريّ: العمل جارٍ على إعادة جميع النازحين، والبدء بصفحة التنمية، والإعمار جنباً إلى جنب مع برنامج بسط الاستقرار، والتعايش، وتقليل آثار الدمار الاقتصاديِّ، والاجتماعيِّ الذي خلـَّفه تنظيم داعش الإرهابيِّ في بعض محافظاتنا..

الجعفريّ: الأمل بالله -سبحانه وتعالى- كبير، وبنصره للشعب العراقيِّ على أعدائه الدواعش، وإعلان العراق بلداً خالياً من سيطرة داعش بالكامل -إن شاء الله- في نهاية هذا العام..

الجعفريّ: الحكومة العراقيّة تـُنسِّق بشكل فعَّال مع أبناء العشائر في محافظتي صلاح الدين، والأنبار فقد تمَّ تجهيز هذه العشائر بالسلاح لتأمين انخراطها في مقاتلة هذه الجماعات الإرهابيَّة ضمن تشكيلات الحشد العشائريِّ، وهي تقاتل جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة، والأجهزة الأمنيَّة..

الجعفريّ: إنَّ عملية التحرير ستعقبها مشاريع ضروريّة تتعلق بإعادة الإعمار، والتنمية، وهي -بالتأكيد- تحتاج لمزيد من الدعم الدوليِّ، والعربيّ..

الجعفريّ: ندعو الأشقاء لتفعيل برامج دعم الاستقرار في المناطق المُحرَّرة، ودعم برنامج إعادة النازحين للحكومات المحليّة من خلال الحكومة المركزيّة بما يُساهِم في تأمين ظروف الحياة الضروريَّة لهذه المناطق من خلال الإعمار، والاستثمار..

الجعفريّ: في الوقت الذي جرى فيه التأكيد على الرفض بكلِّ عبارات الإدانة، والشجب للهجمات الإرهابيَّة التي ضربت بعض المُدُن الأوروبيَّة مثل: نيس، وميونخ، وغيرها فإنَّ العالمين العربيَّ والإسلاميَّ مُطالـَبان بوقفة جادَّة تنسجم مع حجم رغبتيهما في إدامة، وتطوير العلاقات مع دول العالم أجمع..

الجعفريّ: علينا أن لا نقتصر على بيانات الاستنكار، وأن نعمل من خلال جهد عربيٍّ وإسلاميٍّ مُكثـَّف، ومُشترَك وفقاً لبرنامج مُتـَّفـَق عليه في الجوانب الثقافيَّة، والاقتصاديَّة، والأمنيَّة، والسياسيَّة من خلال نبذ الفكر المُتطرِّف، وتجريمه مُرُوراً بتجفيف منابع الإرهاب، وتبادل المعلومات، والتنسيق الاستخباريِّ، وانتهاءً بقتاله على الأرض، وتقديم الدعم للدول التي تخوض الحرب ضدَّ الإرهاب، وفي مُقدَّمتها العراق الذي يقف في خط المُواجَهة الأوَّل دفاعاً عن مُحيطنا العربيِّ، والإسلاميِّ، والإنسانيّ..

الجعفريّ: لا يخفى عليكم الجرائم التي ارتكبتها عصابات داعش الإرهابيَّة في العراق. فمن قتل للأبرياء، وسبي للنساء الإيزيديّات في سنجار، وحرق نساء الشيعة في تلعفر، وجرائم إبادة كبرى بحقِّ أبناء بلدي كجريمة سبايكر، والبو نمر، وتفجير الكرادة الإجراميِّ، واستهداف المراقد الدينيّة، وبُيُوت العبادة، وقصف المدنيِّين بالسلاح الكيمياويِّ كما حصل في ناحية تازة في آذار من العام الحالي، والإعدامات البشعة، والجماعيَّة للمدنيِّين الرافضين لوُجُود داعش في الموصل، فضلاً عن المفخخات التي تستهدف المُواطِنين في بغداد، وعدد من المحافظات..

الجعفريّ: إنَّ اتـِّباع العراق سياسة حُسن الجوار، وعدم التدخـُّل في الشُؤُون الداخليّة للدول الأخرى، وحرصه على العلاقات الطيِّبة مع الجارة تركيا لا يعني أنه على استعداد للتفريط بسيادته التي مازالت مُنتهَكة من قِبَل الحكومة التركيَّة من خلال توغـُّل قواتها في الأراضي العراقيّة من دون مُوافـَقة، أو تنسيق..

الجعفريّ: رغم مطالبات العراق المُتكرِّرة للحكومة التركيَّة باحترام سيادته، وسحب قواتها من الأراضي العراقيّة، ورغم الإجماع العربيِّ الذي تجلـَّى بالقرار الداعم للموقف العراقيِّ ورغم الوعود المُتكرِّرة التي أطلقها الجانب التركيُّ فإنه لم يفِ بتلك الوعود، والقرارات العربيّة ذات الصلة..

الجعفريّ: إذ نـُثمِّن الموقف العربيَّ المُوحَّد إزاء هذا الانتهاك ندعو الأشقاء إلى موقف أقوى يفرض على تركيا احترام السيادة العراقيّة، والقرارات العربيّة، وعدم الاستخفاف بها..

الجعفريّ: نجاح العراق في ضمِّ الأهوار، وبعض المُدُن الأثريّة على لائحة التراث العالميِّ لليونسكو يُعَدُّ إنجازاً كبيراً يُسجَّل للبيت العربيِّ باعتبار العراق عضواً مُؤسِّساً وفاعلاً فيه، وبهذه المناسبة أتقدَّم بالشكر الجزيل لكلِّ الدول التي صوَّتت لصالح هذا القرار، ومنها: الدول العربيَّة الشقيقة..

الجعفريّ: يحتفظ العراق بموقفه الثابت والمبدئيِّ من القضيَّة الفلسطينيَّة من خلال تقديم أشكال الدعم كافة للأشقاء في فلسطين لنيل حُقوقهم المشروعة التي انتهكها الكيان الصهيونيّ الغاصب، وندعم كلَّ ما من شأنه إعادة القضيّة الفلسطينيّة لتأخذ حقها من الأهمّية التي تراجعت -للأسف- بفعل تعقيدات الوضع العربيِّ الراهن..

الجعفريّ: نـُؤكـِّد على موقف العراق الثابت، والجليِّ من الأزمة السوريَّة، والمتمثل بإيجاد حلٍّ سلميٍّ للأزمة، وإيقاف نزيف الدم وإدانة أشكال العنف كافة، كما يدعم العراق الحلَّ السلميَّ، والحوار الوطنيَّ بين جميع الأطراف، ويُؤكـِّد أنه ضدُّ التدخـُّل الأجنبيِّ؛ حفاظاً على وحدة سوريا، وسلامة شعبها..

الجعفريّ: ندعم حلَّ الأزمة بالحوار السياسيِّ المُفضِي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنيّة تشمل جميع أطياف الشعب اليمنيِّ، ونـُثمِّن في هذا المجال جهود دولة الكويت الشقيقة لاستضافتها مُفاوَضات الأشقاء اليمنيِّين للتوصُّل إلى حلٍّ يُنهي القتال بين أبناء الوطن الواحد، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنيّة تـُعيد الأمن، والاستقرار إلى اليمن الشقيق..

الجعفريّ: ندعم حكومة الأخ فايز السراج في جُهُودها لتوطيد الاستقرار، ومدِّ سلطتها إلى رُبُوع ليبيا كافة، ومكافحة الإرهاب، كما ندعم القرارات الأمميَّة كافة التي من شأنها تمكين الحكومة الليبيّة من فرض سلطتها على كامل التراب الليبيّ..

الجعفريّ: عالمانا العربيُّ والإسلاميُّ مُلتقى الثروات شئنا أم أبينا، ولا يختلف اثنان ممَّن يكتبون في شُؤُون الاقتصاد، وعلم الاجتماع السياسيّ إلا وأقرُّوا هذه الحقيقة..

الجعفريّ: العراق وباقي الدول العربيَّة في منطقة الشرق الأوسط حظوا بهذه الكفاءة الرائعة، والثروات المُتعدِّدة فيها. فالثروة المادّية مثمثلة بالنفط، والثروة الزراعيّة، والأنهر، والموقع الستراتيجيّ، ومُلتقى القارَّات الثلاث، وفيها الثروة المعنويّة فمن هذه المنطقة شعَّت الحضارة، والمفاهيم، والقِيَم. اليوم تتعرَّض هذه المنطقة لشيء آخر تتميَّز به، ولم تعُد فقط هي مُلتقى الثروات المادّية والمعنويّة فقد أصبحت اليوم مُلتقى التحدِّيات المعنويّة منها، والمادّية كذلك..

الجعفريّ: هناك مُخطـَّط أن تعيش هذه المنطقة ورغم كلِّ ما حباها الله -سبحانه وتعالى- من ثروات أن تعيش الحالة التي تعيش بها حاليّاً..

الجعفريّ: إذا كنا معذورين أننا لم نتسبَّب بهذه الأزمات فلسنا معذورين أبداً في أن لا نرتقي بمُستوى الجامعة العربيّة؛ حتى ترتقي، وتصعد، وتتألق، وتكون بمُستوى هذه التحدِّيات..

الجعفريّ: طموحات الأمّة العربيّة تتعلق، والأنظار مشدودة لكم في كلِّ خطاب، وفي كلِّ علاقة بينكم، فالوقت ليس وقتاً لفتح المشاكل، والملفات، وإثارة مشاكل بين الدول العربيَّة، فنحن بأمسِّ الحاجة اليوم لرصِّ الصفِّ العربيّ..

 

وإلى حضراتكم النص الكامل لكلمة جمهوريّة العراق في اجتماع القِمَّة العربيّة الـ27 على مُستوى القادة، والرؤساء والمُنعقِدة في العاصمة الموريتانيّة نواكشوط ألقاها الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقـيّة

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة الأخ محمد ولد عبد العزيز رئيس الجمهوريّة الموريتانيّة رئيس القِمَّة العربيَّة في دورتها السابعة والعشرين

أصحاب الجلالة، والفخامة، والسُموّ السادة الملوك، والأمراء، والرؤساء العرب الموقرين

أصحاب المعالي، والسعادة الأفاضل 

معالي الأمين العامِّ لجامعة الدول العربيّة المُحترَم

السيِّدات، والسادة الحضور الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

في البدء أتقدَّم بوافر الشكر، وعظيم الامتنان للجمهوريَّة الإسلاميَّة الموريتانيَّة الشقيقة رئيساً، وحكومة، وشعباً على كرم الضيافة العربيّة الأصيلة، وجميل الترحاب، وحسن الاستقبال، مُضافاً إلى جزيل شكرنا للجهود المُخلِصة في تنظيم هذه القِمَّة المُبارَكة في دورتها العاديّة، والعمل على إنجاحها بما يخدم العمل العربيَّ المُشترَك، ويُلبِّي طموحات شُعُوبنا التي تنتظر منا الكثير.

والشكر موصول إلى جمهوريّة مصر العربيّة، وفخامة رئيس الجمهوريّة السيِّد عبد الفتاح السيسي على جُهُودهم في رئاسة القِمَّة السابقة، ودعم العمل العربيِّ المُشترَك.

كما أتقدَّم بوافر الشكر والتقدير للأمين العامِّ السابق الأخ الدكتور نبيل العربيِّ؛ لما بذله من عمل حثيث لإنجاح هذه المُؤسَّسة في ظروف استثنائيَّة، وحسَّاسة.

وفي الوقت ذاته أقدِّم التهنئة لأخي الدكتور أحمد أبو الغيط بمناسبة تسنـُّمه منصب الأمين العامِّ للجامعة العربيَّة، داعيا المولى العليَّ القدير أن يُوفـِّقه على أداء مَهمَّته.

الحضور الكريم.. رغم كلِّ ما شهده العمل العربيّ المُشترَك على مُختلِف الصُعُد من نقلات نوعيّة، ومُتنوِّعة فإننا مازلنا نجد أنها لم ترقَ إلى مُستوى الطموح المرجوّ؛ الأمر الذي يُحتـِّم علينا جميعاً التمسُّك بالأواصر المُشترَكة، والخروج بقرارات استثنائيّة تـُلبِّي آمال شُعُوبنا العربيّة، مُضافاً إلى تطوير آليات العمل العربيِّ المُشترَك، وترتيب أوراق البيت العربيِّ، وإنضاج عمل جامعتنا العتيدة بما يتلاءم وحجم المُتغيِّرات التي تعصف بالأمّة العربيَّة، والمُجتمَع الدوليِّ عُمُوماً.

أصحاب الجلالة، والفخامة، والسُموّ..

في العراق تعمل قواتنا البطلة بجهد مُتواصِل على تحقيق انتصارات جديدة كلَّ يوم. فبعد النصر الكبير الذي حققته في تحرير الفلوجة رغم كلِّ الصعوبات، والتحدِّيات المتمثلة بتمترس الإرهاب بالمُواطِنين، ومحدوديَّة القدرات العسكريَّة للعراق؛ بسبب ظرفه الاقتصاديِّ الصعب فإنَّ أبطالنا الشجعان من أبناء القوات المسلحة، والقوات الأمنيّة، وأبطال الحشد الشعبيّ، والحشد العشائريّ استطاعت -وبفضل الله سبحانه وتعالى- أن تـُنجـِز هذا النصر العظيم، وتـُنقِذ أرواح عشرات الآلاف من المدنيِّين داخل المدينة بأقلِّ التضحيات، والخسائر، وها هي محافظة الأنبار تشهد عودة جماعيَّة لأهلها الذين نزحوا منها بعد احتلال داعش لأكبر مُدُنها وهي الفلوجة، وحسب تقرير وزارة الهجرة والمُهجَّرين الأخير فإنَّ ما يقرب من 50 ألف عائلة عادت حتى الآن إلى منازلها في محافظة الأنبار بعد عمليّات التحرير، وقد سبقهم إعادة أكثر من 95% من أهالي تكريت إلى منازلهم بعد تحريرها، والعمل جارٍ على إعادة جميع النازحين، والبدء بصفحة التنمية، والإعمار جنباً إلى جنب مع برنامج بسط الاستقرار، والتعايش، وتقليل آثار الدمار الاقتصاديِّ، والاجتماعيِّ الذي خلـَّفه تنظيم داعش الإرهابيِّ في بعض محافظاتنا.

الأمل بالله -سبحانه وتعالى- كبير، وبنصره للشعب العراقيِّ على أعدائه الدواعش، وإعلان العراق بلداً خالياً من سيطرة داعش بالكامل -إن شاء الله- في نهاية هذا العام، ومن المُهمِّ الإشارة في هذا المقام إلى أنَّ الحكومة العراقيّة تـُنسِّق بشكل فعَّال مع أبناء العشائر في محافظتي صلاح الدين، والأنبار فقد تمَّ تجهيز هذه العشائر بالسلاح لتأمين انخراطها في مقاتلة هذه الجماعات الإرهابيَّة ضمن تشكيلات الحشد العشائريِّ، وهي تقاتل جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة، والأجهزة الأمنيَّة.

إنَّ عملية التحرير ستعقبها مشاريع ضروريّة تتعلق بإعادة الإعمار، والتنمية، وهي -بالتأكيد- تحتاج لمزيد من الدعم الدوليِّ، والعربيّ.

من هنا ندعو الأشقاء لتفعيل برامج دعم الاستقرار في المناطق المُحرَّرة، ودعم برنامج إعادة النازحين للحكومات المحليّة من خلال الحكومة المركزيّة بما يُساهِم في تأمين ظروف الحياة الضروريَّة لهذه المناطق من خلال الإعمار، والاستثمار.

السادة الحضور..

في الوقت الذي جرى فيه التأكيد على الرفض بكلِّ عبارات الإدانة، والشجب للهجمات الإرهابيَّة التي ضربت بعض المُدُن الأوروبيَّة مثل: نيس، وميونخ، وغيرها فإنَّ العالمين العربيَّ والإسلاميَّ مُطالـَبان بوقفة جادَّة تنسجم مع حجم رغبتيهما في إدامة، وتطوير العلاقات مع دول العالم أجمع، وعدم الاقتصار على بيانات الاستنكار، والعمل حثيثاً من خلال جهد عربيٍّ وإسلاميٍّ مُكثـَّف، ومُشترَك وفقاً لبرنامج مُتـَّفـَق عليه في الجوانب الثقافيَّة، والاقتصاديَّة، والأمنيَّة، والسياسيَّة من خلال نبذ الفكر المُتطرِّف، وتجريمه مُرُوراً بتجفيف منابع الإرهاب، وتبادل المعلومات، والتنسيق الاستخباريِّ، وانتهاءً بقتاله على الأرض، وتقديم الدعم للدول التي تخوض الحرب ضدَّ الإرهاب، وفي مُقدَّمتها العراق الذي يقف في خط المُواجَهة الأوَّل دفاعاً عن مُحيطنا العربيِّ، والإسلاميِّ، والإنسانيّ.   

ولا يخفى عليكم -أيُّها السادة الكرام- الجرائم التي ارتكبتها عصابات داعش الإرهابيَّة في العراق. فمن قتل للأبرياء، وسبي للنساء الإيزيديّات في سنجار، وحرق نساء الشيعة في تلعفر، وجرائم إبادة كبرى بحقِّ أبناء بلدي كجريمة سبايكر، والبو نمر، وتفجير الكرادة الإجراميِّ، واستهداف المراقد الدينيّة، وبُيُوت العبادة، وقصف المدنيِّين بالسلاح الكيمياويِّ كما حصل في ناحية تازة في آذار من العام الحالي، والإعدامات البشعة، والجماعيَّة للمدنيِّين الرافضين لوُجُود داعش في الموصل، فضلاً عن المفخخات التي تستهدف المُواطِنين في بغداد، وعدد من المحافظات.

السادة أصحاب الفخامة، والسيادة، والسُموّ، والدولة، والمعالي..

إنَّ اتـِّباع العراق سياسة حُسن الجوار، وعدم التدخـُّل في الشُؤُون الداخليّة للدول الأخرى، وحرصه على العلاقات الطيِّبة مع الجارة تركيا لا يعني أنه على استعداد للتفريط بسيادته التي مازالت مُنتهَكة من قِبَل الحكومة التركيَّة من خلال توغـُّل قواتها في الأراضي العراقيّة من دون مُوافـَقة، أو تنسيق. ورغم مطالبات العراق المُتكرِّرة للحكومة التركيَّة باحترام سيادته، وسحب قواتها من الأراضي العراقيّة، ورغم الإجماع العربيِّ الذي تجلـَّى بالقرار الداعم للموقف العراقيِّ رقم 7987 الصادر عن الجلسة الطارئة في 24/12/2015، والقرار رقم 8024 الصادر عن اجتماع مجلس الجامعة على المُستوى الوزاريِّ في دورته العاديّة 145 في 11/3/2016، ورغم الوعود المُتكرِّرة التي أطلقها الجانب التركيُّ فإنه لم يفِ بتلك الوعود، والقرارات العربيّة ذات الصلة؛ ونحن إذ نـُثمِّن الموقف العربيَّ المُوحَّد إزاء هذا الانتهاك ندعو الأشقاء إلى موقف أقوى يفرض على تركيا احترام السيادة العراقيّة، والقرارات العربيّة، وعدم الاستخفاف بها.

الإخوة الكرام..

إنَّ نجاح العراق في ضمِّ الأهوار، وبعض المُدُن الأثريّة على لائحة التراث العالميِّ لليونسكو يُعَدُّ إنجازاً كبيراً يُسجَّل للبيت العربيِّ باعتبار العراق عضواً مُؤسِّساً وفاعلاً فيه، وبهذه المناسبة أتقدَّم بالشكر الجزيل لكلِّ الدول التي صوَّتت لصالح هذا القرار، ومنها: الدول العربيَّة الشقيقة. 

السادة الرؤساء، وممثلي الدول العربيّة الشقيقة المُحترَمين..

يحتفظ العراق بموقفه الثابت والمبدئيِّ من القضيَّة الفلسطينيَّة من خلال تقديم أشكال الدعم كافة للأشقاء في فلسطين لنيل حُقوقهم المشروعة التي انتهكها الكيان الصهيونيّ الغاصب، وندعم كلَّ ما من شأنه إعادة القضيّة الفلسطينيّة لتأخذ حقها من الأهمّية التي تراجعت -للأسف- بفعل تعقيدات الوضع العربيِّ الراهن.

كما نـُؤكـِّد على موقف العراق الثابت، والجليِّ من الأزمة السوريَّة، والمتمثل بإيجاد حلٍّ سلميٍّ للأزمة، وإيقاف نزيف الدم وإدانة أشكال العنف كافة، كما يدعم العراق الحلَّ السلميَّ، والحوار الوطنيَّ بين جميع الأطراف، ويُؤكـِّد أنه ضدُّ التدخـُّل الأجنبيِّ؛ حفاظاً على وحدة سوريا، وسلامة شعبها.

وفيما يتعلق بتطوُّرات الأوضاع في اليمن فإننا ندعم حلَّ الأزمة بالحوار السياسيِّ المُفضِي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنيّة تشمل جميع أطياف الشعب اليمنيِّ، ونـُثمِّن في هذا المجال جهود دولة الكويت الشقيقة لاستضافتها مُفاوَضات الأشقاء اليمنيِّين للتوصُّل إلى حلٍّ يُنهي القتال بين أبناء الوطن الواحد، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنيّة تـُعيد الأمن، والاستقرار إلى اليمن الشقيق.

وكذلك الحال بخصوص تطوُّرات الأوضاع في ليبيا فإننا ندعم حكومة الأخ فايز السراج في جُهُودها لتوطيد الاستقرار، ومدِّ سلطتها إلى رُبُوع ليبيا كافة، ومكافحة الإرهاب، كما ندعم القرارات الأمميَّة كافة التي من شأنها تمكين الحكومة الليبيّة من فرض سلطتها على كامل التراب الليبيّ.

أيها الإخوة..

عالمانا العربيُّ والإسلاميُّ مُلتقى الثروات شئنا أم أبينا، ولا يختلف اثنان ممَّن يكتبون في شُؤُون الاقتصاد، وعلم الاجتماع السياسيّ إلا وأقرُّوا هذه الحقيقة.. العراق وباقي الدول العربيَّة في منطقة الشرق الأوسط حظوا بهذه الكفاءة الرائعة، والثروات المُتعدِّدة فيها. فالثروة المادّية مثمثلة بالنفط، والثروة الزراعيّة، والأنهر، والموقع الستراتيجيّ، ومُلتقى القارَّات الثلاث، وفيها الثروة المعنويّة فمن هذه المنطقة شعَّت الحضارة، والمفاهيم، والقِيَم. اليوم تتعرَّض هذه المنطقة لشيء آخر تتميَّز به، ولم تعُد فقط هي مُلتقى الثروات المادّية والمعنويّة فقد أصبحت اليوم مُلتقى التحدِّيات المعنويّة منها، والمادّية كذلك، فهناك مُخطـَّط أن تعيش هذه المنطقة ورغم كلِّ ما حباها الله -سبحانه وتعالى- من ثروات أن تعيش الحالة التي تعيش بها حاليّاً؛ لذلك إذا كنا معذورين أننا لم نتسبَّب بهذه الأزمات فلسنا معذورين أبداً في أن لا نرتقي بمُستوى الجامعة العربيّة؛ حتى ترتقي، وتصعد، وتتألق، وتكون بمُستوى هذه التحدِّيات. فطموحات الأمّة العربيّة تتعلق، والأنظار مشدودة لكم في كلِّ خطاب، وفي كلِّ علاقة بينكم، فالوقت ليس وقتاً لفتح المشاكل، والملفات، وإثارة مشاكل بين الدول العربيَّة، فنحن بأمسِّ الحاجة اليوم لرصِّ الصفِّ العربيّ.

أملنا بكم، ولعلّ هذه الجلسة في جمهوريّة موريتانيا الإسلاميّة بارقة أمل كبير بالنسبة لي فهي أوَّل قِمّة تـُعقـَد هنا، وأرجو أن لا تكون الأخيرة هنا.

أشكر لكم حُسن استماعكم..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


العودة إلى صفحة الأخبار


 الرئيسية  |  الأخبار  |  إبراهيم الجعفري  |  تيار الإصلاح الوطني  |  رسائل الأيام  |  كلمات  |  الصور  |  المكتبة  |  الفيديو  |  اتصل بنا 
E-mail : med@al-jaffaary.net
جميع الحقوق محفوظة لـموقع الدكتور ابراهيم الجعفري©2010 - 2024
استضافة وتصميم وبرمجة ويب اكاديمي

Powered by web academy